دهش المستشار النمساوي، فيرمر فايمن، خلال زيارته جزيرة ليسبوس اليونانية، هذا الأسبوع، برفقة رئيس الوزراء اليوناني، ألكسيس تسيبراس، من شقاء الرحلة التي يقطعها المهاجرون سيرًا على الأقدام عند وصولهم إلى اليونان، والتي تصل إلى ستين كيلومترا من جزيرة ليسبوس إلى مخيمات التسجيل.
وتشكل هذه الجزيرة المرحلة الأولى في أوروبا لقسم كبير من المهاجرين الذين يأتون من تركيا. وقد وصل أكثر من 400 ألف شخص إلى اليونان منذ بداية السنة، معظمهم على زوارق متهالكة.
ومن المتوقع أن يزور ليسبوس، اليوم وغدا، المفوض الأعلى للأمم المتحدة للاجئين أنطونيو غيتيريس. وفي موريا، أكبر مخيمات الجزيرة، التقى المستشار مع فايمن قائدة شرطة الهجرة في اليونان التي أبلغته أن عددا كبيرا من المهاجرين يضطرون بعد وصولهم، مرهقين ومبللين ومذعورين بعد رحلة محفوفة بالمخاطر، إلى السير عشرات الكيلومترات، وغالبا مع أطفال، لتسجيل أسمائهم في موريا، أو في «كارا تيبي» للسوريين، حتى يتمكنوا من متابعة رحلتهم.
ورغم أن السلطات المحلية خصصت لهم حافلات منذ أسابيع، إضافة إلى أن متطوعين ينقلونهم في سياراتهم، إلا أن ذلك لا يكفي العدد الكبير الذي يتوافد يوميا إلى الجزيرة اليونانية.
ويقول ألبرت روما، المتطوع في هيئة «برو - اكتيفا» الإسبانية: «عندما يعرفون أنهم سيضطرون إلى مشي هذه المسافة كلها، يصاب بعضهم بالانهيار ويبدأون بالبكاء». وتوضّح قائدة شرطة الهجرة، زاهارولا تسيريغوتي: «يصلون منهكين، مع أربعة أطفال على الأقل لكل عائلة. نريد أن نوفر عليهم هذه الصعوبة الإضافية عبر فتح مخيم آخر للتسجيل في شمال الجزيرة، لأن 90 في المائة منهم يصلون إلى هنا، ومرفأ آخر في غرب الجزيرة»، تمهيدا للإسراع في نقلهم بالسفن إلى أوروبا.
وقرر المسؤولون الأوروبيون الشهر الماضي إقامة مراكز لاستقبال المهاجرين على حدود الاتحاد الأوروبي. فبالإضافة إلى أخذ البصمات والتقاط الصور في ليسبوس، سيجري فرز دقيق بين طالبي اللجوء والمهاجرين الاقتصاديين. ويفترض أن تكون هذه المراكز جاهزة في اليونان وإيطاليا أواخر نوفمبر (تشرين الثاني).
ورغم إقرار هذه الإجراءات لتسهيل عملية التسجيل للاجئين، عاد فايمن إلى فيينا بخيبة أمل. وقال في تصريح للإذاعة العامة النمساوية: «يكفي أن يذهب المرء إلى المخيم ليلاحظ أنه يفتقر إلى كل شيء، وأن الأمور لا تصبح حقيقة ملموسة لمجرد اتخاذ قرار». وأضاف: «حتى بالنسبة إلى تأمين هذه المراكز، أعتقد أنها لن تكون جاهزة أواخر السنة، إلا إذا تأمن تنسيق مركزي وتم تخصيص مزيد من الوسائل والعناصر». وقد تعهدت النمسا تأمين 100 شخص لهذه المهمة، فيما وعدت وكالة «فرونتكس» الأوروبية لمراقبة الحدود الخارجية بتخصيص 600 شخص لهذه المراكز.
وسيصبح مخيم موريا الذي كان مخصصا لانتظار المهاجرين، واحدا من هذه المراكز. غير أن تسيريغوتي لا تزال قلقة وتقول إن «أعداد الواصلين تتزايد، وأن هناك مليونين ونصف مليون سوري ما زالوا ينتظرون على الجانب الآخر». ويتم إرسال معظم السوريين إلى موقع «كارا تيبي» عند المخرج الشمالي لميتيليني، عاصمة الجزيرة.
وفي هذا الموقع، تقوم الشرطة التي يؤازرها مترجمون متطوعون، بالتدقيق في جوازات السفر، وتصورهم وتأخذ بصمات أصابعهم.
وحتى بداية أكتوبر (تشرين الأول)، كانت العائلات قادرة على انتظار دورها في ظل أشجار الزيتون، فيما يلهو الأطفال حولها. ولكن «كيف سنؤويهم عندما تمطر؟»، تساءل أحد المتطوعين. وتأمل المفوضية العليا للاجئين بدورها في أن تزيد عدد عناصرها في اليونان من 120 إلى 200.
من جانبه، قال رون ردموند، المتحدث الإقليمي باسم المفوضية العليا للاجئين، إنه «يجب أن ندقق في هوية كل شخص. وفي اليونان، ننطلق من الصفر. تتعامل إيطاليا مع مجموعات مثل هؤلاء منذ فترة لا بأس بها، ولكن ثمة عمل كثير يجب القيام به في اليونان».
ويؤكد المتطوعون أن آلافًا من غير السوريين والأفغان والباكستانيين والإيرانيين والعراقيين أيضًا، يستقلون الزوارق من ليسبوس إلى أوروبا.
وأحيانًا، تندلع مواجهات مع عناصر الشرطة المرهقين. وقد تكرر الأمر بعد ساعات من زيارة تسيبراس وفايمن، على ما روى متطوعون، حتى إن الشرطة اضطرت إلى استخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات مع أفغان، مما أدى إلى إصابة أحدهم ونقله إلى المستشفى.
بعد عناء رحلات البحر.. المهاجرون يصطدمون بواقع البيروقراطية الأوروبية
الآلاف يقطعون 60 كيلومترًا سيرًا على الأقدام باتجاه مخيمات اللجوء
بعد عناء رحلات البحر.. المهاجرون يصطدمون بواقع البيروقراطية الأوروبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة