مجلس الأمن الدولي يجيز استخدام القوة ضد مهربي المتوسط

مخاوف أوروبية من «مأساة إنسانية» في الشتاء

لاجئون إريتريون بعد وصولهم إلى مطار لوليا، شمال السويد، على متن طائرة إيطالية ضمن برنامج إعادة توزيع المهاجرين بين بلدان الاتحاد الأوروبي، أمس (رويترز)
لاجئون إريتريون بعد وصولهم إلى مطار لوليا، شمال السويد، على متن طائرة إيطالية ضمن برنامج إعادة توزيع المهاجرين بين بلدان الاتحاد الأوروبي، أمس (رويترز)
TT

مجلس الأمن الدولي يجيز استخدام القوة ضد مهربي المتوسط

لاجئون إريتريون بعد وصولهم إلى مطار لوليا، شمال السويد، على متن طائرة إيطالية ضمن برنامج إعادة توزيع المهاجرين بين بلدان الاتحاد الأوروبي، أمس (رويترز)
لاجئون إريتريون بعد وصولهم إلى مطار لوليا، شمال السويد، على متن طائرة إيطالية ضمن برنامج إعادة توزيع المهاجرين بين بلدان الاتحاد الأوروبي، أمس (رويترز)

أعطى مجلس الأمن الدولي، أمس، الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لضبط ومداهمة السفن التي تقل مهاجرين غير شرعيين من ليبيا باتجاه أوروبا. وتم تبني القرار بغالبية 14 دولة من أصل 15. فيما امتنعت فنزويلا عن التصويت. وأطلق الأوروبيون الأربعاء عمليتهم العسكرية البحرية ضد مهربي البشر في المياه الدولية قبالة السواحل الليبية. وكانت هذه العملية، التي أطلق عليها اسم صوفيا تيمنا بفتاة أبصرت النور بعد إنقاذ مهاجرين على مركب كان يواجه صعوبات، منوطة فقط بمراقبة شبكات اللاجئين. ويمكن الآن لست سفن حربية أوروبية، إيطالية وفرنسية وألمانية وبريطانية وإسبانية، استخدام القوة والاستيلاء وتدمير الزوارق المستخدمة من قبل المهربين.
ويطالب القرار الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتعاون مع ليبيا، وملاحقة المهربين بصورة منتظمة. ويشدد على أنه تجب معاملة المهاجرين «بإنسانية وكرامة» في إطار احترام حقوقهم. وسيكون القرار ساريا لمدة عام واحد، ويطبق فقط ضد المهربين في المياه الدولية قبالة ليبيا. كما وضع القرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حيث يمكن استخدام القوة لضمان السلام والأمن.
في سياق متصل، غادر 19 إريتريا من طالبي اللجوء، صباح أمس، روما متجهين إلى السويد في إطار أول عملية لتوزيع 160 ألف لاجئ على مدى عامين على دول الاتحاد الأوروبي، التي وصلها العام الحالي 570 ألف مهاجر. وغادرت المجموعة التي شملت 5 نساء تم إنقاذهن في المتوسط وتسجيلهن في جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، صباحا، على متن طائرة تابعة لشرطة الحدود الإيطالية. وفيما تستمر عمليات الإنقاذ قبالة السواحل الليبية، أشارت المنظمة الدولية للهجرة، أمس، إلى ارتفاع في عدد الواصلين إلى اليونان، حيث تخطى العدد سبعة آلاف شخص في اليوم مقارنة مع 4500 نهاية سبتمبر (أيلول).
وقال وزير خارجية لوكسمبورغ، يان اسلبورن في روما، الذي تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي «إنهم 19 شخصا فقط، لكن هذا دليل على أنه يمكن لأوروبا أن تواجه المشاكل». وحضر وزير الداخلية الإيطالي، انجيلو الفانو، والمفوض الأوروبي المكلف بشؤون الهجرة، ديمتريس أفراموبولوس، لوداعهم. وصرّح الفانو في لقاء صحافي بعد مغادرتهم أن «هذه الطائرة تمثل انتصار أوروبا التي تعرف كيف تكون متضامنة ومسؤولة وتنقذ أرواحا». وفي السويد، أعلن رئيس الوزراء، ستيفان لوفن، أمس، أن 150 ألف شخص قد يطلبون اللجوء هذا العام في بلاده، مشيرا إلى أن الحكومة أجازت نصب خيم مدفأة لإيواء اللاجئين.
وهؤلاء المهاجرون الـ19 هم طليعة 160 ألف طالب لجوء، يفترض أن يستفيدوا في السنتين المقبلتين من برنامج «إعادة إسكان» غير مسبوق في الاتحاد الأوروبي. ويستعد نحو مائة آخرين من طالبي اللجوء للمغادرة في الأسابيع المقبلة إلى ألمانيا وهولندا و«دول أخرى عبرت عن استعدادها» لاستقبالهم، بحسب الفانو. وأعلنت المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة أن الرحلات التالية ستجري جوا في مطلع الأسبوع المقبل.
من جهة أخرى، طالب نائب المستشارة الألمانية ووزير الخارجية بمراقبة تدفق المهاجرين غير المسبوق إلى ألمانيا ودعوا إلى «الحد» منه، في مقال صدر أمس في مجلة «دير شبيغل» الألمانية. وكتب نائب المستشارة، سيغمار غابرييل، الذي يشغل أيضا منصب وزير الاقتصاد، والوزير، فرانك فالتر شتاينماير، اللذان ينتميان إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي المتحالف مع المحافظين بزعامة أنجيلا ميركل: «لا نستطيع أن نتولى أمر أكثر من مليون شخص كل عام».
وكانت الدول الأعضاء الـ28 في الاتحاد الأوروبي قد شكّلت جبهة موحدة لدعم ترحيل منهجي للمهاجرين لأسباب اقتصادية. وقال اسلبورن إن الذين «لا يحتاجون إلى حماية دولية ينبغي أن يعودوا إلى بلدهم». وتكتسي هذه المسألة حساسية خاصة في إيطاليا، حيث يشكل السوريون والإريتريون والعراقيون الذين خصوا وحدهم ببرنامج إعادة الإسكان الأوروبي، ثلث المهاجرين الـ132 ألفا الذين وصلوا منذ مطلع العام.
وطلب مجلس الاتحاد الأوروبي من المفوضية الأوروبية إعداد تقرير شامل، مطلع العام المقبل، لتقييم الإجراءات التي اتخذت فيما يتعلق ببرامج العودة وإعادة القبول.
وقالت ناتاشا برتود، المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن برامج العودة نوقشت سابقا ونشرتها المفوضية على موقعها الإلكتروني قبل أسابيع، مشيرة إلى أن بنود الخطة هذه كانت ضمن خطة عمل المفوضية التي جرى الإعلان عنها في 9 من سبتمبر (أيلول) الماضي للتعامل مع ملف أزمة الهجرة واللجوء.
وفي الإطار نفسه، أعلن المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل عن موافقة الدول الأعضاء في الاتحاد على تخصيص مبالغ مالية إضافية من موازنة 2015 للاستجابة لأزمة الهجرة، وذلك بهدف تسريع تنفيذ الالتزامات التي تعهد بها المجلس في قمة 23 سبتمبر الماضي.
وبعد التوقف في روما، زار أفراموبولوس واسلبورن أمس لامبيدوزا، الجزيرة الإيطالية الأقرب إلى السواحل الأفريقية، ليصلوا إلى أثينا اليوم لرصد التقدم في إنشاء مراكز الاستقبال للاجئين وتسجيلهم.
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى إجراء «فرز» أول بين المهاجرين الذين ليست حياتهم مهددة في بلدانهم والذين يحق لهم طلب وضع لاجئ، لكن ذلك يتعارض مع القانون الإيطالي الذي يوفر حماية كبيرة لطالبي اللجوء. وصرحت المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين لجنوب أوروبا، كارلوتا سامي: «اليوم يوم مهم لأنه بداية الخطة الأوروبية. نأمل أن تحرز تقدما، لكن ينبغي بذل مزيد من الجهود»، مطالبة «بإجراءات لوصولهم إلى أوروبا بأمان».
وتشير إحصاءات المفوضية إلى أن الإريتريين يمثلون 26 في المائة من 132 ألف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا هذا العام، بعد إنقاذهم في المتوسط. لكن العبور أدى إلى مصرع 3080 شخصا على الأقل بين رجال ونساء وأطفال، أغلبهم قبالة سواحل ليبيا.
وفي جنيف، دعا المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس، الاتحاد الأوروبي أمس إلى الإسراع في إيجاد حلول لازمة الهجرة عبر توفير مساعدة كبيرة لليونان، لتجنب «مأساة» هذا الشتاء. وجاء تصريحه بعد إعلان وزارة البحرية التجارية اليونانية أن طفلا، يبلغ عاما واحدا، توفي على مركب خلال عبوره من السواحل التركية إلى جزيرة ليسبوس اليونانية في شرق بحر إيجه. وقال غوتيريس في لقاء صحافي في جنيف: «نعلم كيف ندير مخيما، خيمة، مبنى في الشتاء، لكننا نجهل كيف يمكن أن نحمي في الشتاء حشدا يتنقل يوميا من بلد إلى آخر. الأمر مستحيل. مع الطقس في منطقة البلقان يمكن حدوث مأساة في أي وقت». وتابع: «من الضروري أن يدعم الاتحاد الأوروبي اليونان»، مطالبا بـ«استثمارات ضخمة» من بروكسل من أجل استقبال المهاجرين واللاجئين في مراكز مناسبة.



بايرو يحقق نصف حلمه بتسميته رئيساً للحكومة الفرنسية

رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)
TT

بايرو يحقق نصف حلمه بتسميته رئيساً للحكومة الفرنسية

رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو (يمين) ورئيس الحكومة المغادر ميشال بارنييه بعد عملية التسلم والتسليم مساء الجمعة (أ.ف.ب)

يدين إيمانويل ماكرون بالكثير لفرنسوا بايرو، السياسي المخضرم البالغ من العمر 73 عاماً، الذي اختاره أخيراً وبعد تردد شغل الإعلام والمعلقين طوال الأسبوع الماضي، لتشكيل الحكومة الجديدة. فمن دون بايرو ما كان ماكرون ليصبح في عام 2017 رئيساً للجمهورية. فقط دعم بايرو المتمترس دوماً وسط الخريطة السياسية؛ أي قريباً من تموضع ماكرون صاحب نظرية تخطي الأحزاب والعمل مع اليمين واليسار في وقت واحد؛ سمح للرئيس الحالي بأن يحقق قفزة من سبع نقاط في استطلاعات الرأي، وأن يتأهل للجولة الثانية (الحاسمة) ويفوز بها بفارق كبير عن منافسته مارين لوبن، زعيمة اليمين المتطرف.

ومنذ سبع سنوات، وقف بايرو، دوماً وبقوة، إلى جانب ماكرون في المحن. وبعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، عندما انطلقت من اليسار المتشدد المطالبة باستقالة ماكرون من رئاسة الجمهورية، وجد الأخير في شخص بايرو السد المنيع والشخصية البارزة التي ساندته ودافعت عنه. كذلك، فإن بايرو، النائب والوزير السابق والرئيس الحالي لمدينة «بو» الواقعة غرب سلسلة جبال البيرينيه، سخّر حزبه «الحركة الديمقراطية» (اختصاره «موديم» بالفرنسية)، في خدمة ماكرون، وهو أحد الأحزاب الثلاثة الداعمة للرئيس. ولحزب بايرو بـ36 نائباً في البرلمان، حيث لا أكثرية مطلقة؛ ما يفسر سقوط حكومة سابقه ميشال بارنييه الأسبوع الماضي بعد ثلاثة أشهر فقط على رئاسته للحكومة، وهي أقصر مدة في تاريخ الجمهورية الخامسة.

ماكرون يوفّي ديناً قديماً لبايرو

ثمة قناعة جامعة وعابرة للأحزاب قوامها أن ماكرون أخطأ مرتين: الأولى، عندما حل البرلمان لأسباب لم يفهمها أحد حتى اليوم. والمرة الثانية عندما كلف بارنييه، القادم من مفوضية الاتحاد الأوروبي، بتشكيل الحكومة المستقيلة يمينية الهوى، في حين أن تحالف اليسار والخُضر حلّ في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية؛ لذا اتُّهم ماكرون بـ«احتقار الديمقراطية»؛ لأنه لا يحترم نتائج الانتخابات، ولأنه يفضل التعامل مع اليمين التقليدي (حزب اليمين الجمهورية، وسابقاً الجمهوريون)، واليمين المتطرف (حزب التجمع الوطني بزعامة لوبن)، على الانفتاح على اليسار، لا بل إنه وضع حكومة بارنييه تحت رحمة لوبن التي ضمّت أصواتها إلى أصوات اليسار والخُضر لإسقاطه.

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)

وفهم ماكرون الدرس؛ لذا سعى إلى العثور على شخصية قادرة على اجتذاب الحزب الاشتراكي ونوابه، وربما الخُضر، وحتى الشيوعيين. وطيلة سبعة أيام، تواصلت مسرحية البحث عن «العصفور» النادر. طُرحت أسماء كثيرة قبل أن يقع الخيار على بايرو؛ منها برنار كازنوف آخر رئيس حكومة في العهد الاشتراكي، وسيباستيان لو كورنو وزير الدفاع، والوزير السابق جان إيف لودريان الذي اعتذر بسبب السن (73 عاماً)، ورولان ليسكور، وحتى احتمال المجيء بحكومة من التكنوقراط. وللوصول إلى نتيجة، أكثر ماكرون من المشاورات الفردية والجماعية.

والمسرحية المتأرجحة بين الهزلية والدرامية، كانت زيارته الخميس إلى بولندا وعودته سريعاً إلى باريس للوفاء بوعد إعلان اسم رئيس الحكومة العتيدة مساء الخميس. لكن الإعلان لم يأتِ، وظل المرشحون يتقلبون على نار القلق، حتى أعلن القصر الرئاسي أن الاسم سيصدر صباح الجمعة. ومنذ الصباح الباكر، تجمهرت وسائل الإعلام قبالة قصر الإليزيه، وامتدت الساعات ولم يخرج الدخان الأبيض إلا بعد ثلاث ساعات من خروج بايرو من الإليزيه عقب اجتماع مع ماكرون قارب الساعتين.

وذهبت وسائل إعلامية، ومنها صحيفة «لو موند» الرصينة، إلى إعلان أن ماكرون «لن يسمي بايرو». كذلك فعلت القناة الإخبارية «إل سي إي»؛ والسبب في ذلك معارضة رئيس الجمهورية اليميني الأسبق نيكولا ساركوزي هذه التسمية. ولهذه المعارضة قصة طويلة لا مجال لعرضها اليوم. واختصارها أن ساركوزي وبعض اليمين «حاقد» على بايرو الذي «خان» ساركوزي؛ لأنه دعا للتصويت لمنافسه الاشتراكي فرنسوا هولاند في عام 2012. وهذا يبين أن الحقد السياسي لا يُمحى بسهولة. ومن الروايات التي سارت في الساعات الأخيرة، أن ماكرون اتصل ببايرو لإخباره بأنه لن يسميه لتشكيل الحكومة، لكنه عدل عن ذلك لاحقاً، مخافة إغضابه والتوقف عن دعمه.

بايرو ترشح ثلاث مرات للرئاسة

بتكليفه تشكيل الحكومة، يكون بايرو قد حقق نصف حلمه الكبير، وهو أن يصبح يوماً رئيساً للجمهورية. فهذا السياسي الذي ولج الحياة السياسية في ثمانينات القرن الماضي، وكان نائباً في البرلمانين الفرنسي والأوروبي، ورئيساً لمدينة متوسطة (بو) ولمنطقتها، ووزيراً في عدة حكومات... ترشح للرئاسة ثلاث مرات وكاد يتأهل مرتين للجولة النهائية في عامي 2007 و2012، حيث حصل على أكثر من 18 في المائة من الأصوات، وانسحب في ترشحه الرابع. وتسلم، في أولى حكومات ماكرون في عام 2017، وزارة العدل. بيد أنه اضطر للاستقالة منها بعد أشهر قليلة بعد أن انطلقت فضيحة استخدام نواب حزبه في البرلمان الأوروبي الأموال الأوروبية لأغراض محض حزبية؛ ما حرمه من أي منصب حقيقي في السنوات السبع الماضية، إلا أن قضاء الدرجة الأولى سحب الدعوى لعدم توفر الأدلة. لكن المسألة نُقلت إلى محكمة الاستئناف. واللافت أن الاتهامات نفسها وُجّهت لمارين لوبن ولحزبها. وإذا تمت إدانتها، فإنها ستُحرم من الترشح لأي منصب انتخابي، ومن رئاسة الجمهورية تحديداً لمدة خمس سنوات.

مهمة مستحيلة؟

بارنييه وزوجته إيزابيل بعد عملية التسلم والتسليم في ماتينيون مساء الجمعة (إ.ب.أ)

وبعيداً عن الجوانب الشخصية، تعود تسمية بايرو لقدرته، على الأرجح، على التعامل مع اليمين واليسار معاً. ومهمته الأولى أن ينجح في تشكيل حكومة لا تسقط خلال أشهر قليلة، وأن تبقى على الأقل حتى الصيف القادم، وربما حتى نهاية ولاية ماكرون في عام 2027. وقالت رئيسة البرلمان يائيل براون ـ بيفيه، إن بايرو هو «رجل المرحلة السياسية التي نعيشها، ونحن بحاجة إلى رصّ الصفوف السياسية حول مشروع موحد».

من جانبه، ربط اليمين التقليدي مشاركته في الحكومة بطبيعة «المشروع» الذي يحمله بايرو، والمهم بالنسبة إليه «خريطة الطريق». بالمقابل، فإن حزب «معاً من أجل الجمهورية» (حزب ماكرون) أعرب عن تأييده لبايرو ووقوفه إلى جانبه، في حين قال بوريس بوالو، رئيس الكتلة البرلمانية للاشتراكيين: «لن ندخل الحكومة، وسنبقى في المعارضة». بيد أن الاشتراكيين تعهّدوا بعدم التصويت على سقوط الحكومة إذا امتنعت عن اللجوء إلى تمرير مشاريع قوانين، وعلى رأسها موازنة عام 2025، من غير تصويت. أما الخُضر، فربطوا سحب الثقة بتجاهل بايرو لمخاوفهم بشأن الضرائب والمعاشات، وهو ما عبّر عنه رئيس «التجمع الوطني» جوردان بارديلا الذي وعد بأنه «لن يحصل حجب ثقة مبدئياً»، لكن الظروف يمكن أن تتغير.

يبقى أن الرفض المطلق جاء من حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد الذي يقوده جان لوك ميلونشون، والذي أعلن كبار مسؤوليه أنهم سيسعون إلى إقالة بايرو في البرلمان، في أقرب فرصة.

وفي تصريح صحافي له، قال بايرو إن «هناك طريقاً يجب أن نجده يوحّد الناس بدلاً من أن يفرقهم. أعتقد أن المصالحة ضرورية». إنه طموح كبير بمواجهة تحديات أكبر، والأصعب أن ينجح في دفع أحزاب ذات توجهات ومطالب متناقضة إلى العمل معاً. صحيح أن العجائب غير موجودة في السياسة، ولكن من يدري؟!