الأمم المتحدة تعلن عن حكومة {وفاق} في ليبيا

تتكون برئاسة السراج وتساؤلات حول مكان عمل الحكومة الجديدة.. والميليشيات ترفض تسليم السلاح

الأمم المتحدة تعلن عن حكومة {وفاق} في ليبيا
TT

الأمم المتحدة تعلن عن حكومة {وفاق} في ليبيا

الأمم المتحدة تعلن عن حكومة {وفاق} في ليبيا

حققت الأمم المتحدة الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل الهادفة لحل عقد الأزمة الليبية بعدما أعلن الوسيط الدولي في ليبيا برناردينو ليون، الليلة قبل الماضية، عن قائمة بأسماء تشكيلة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، النائب في المؤتمر الوطني العام (برلمان طرابلس) غير المعترف به دوليًا. بيد أن الخطوة لاقت على الفور انتقادات من الطرفين الأساسيين المعنيين.
وشملت القائمة أسماء الأعضاء الستة الذين يشكلون مجلس رئاسة وزراء حكومة الوفاق الوطني 17 اسمًا مقترحًا كوزراء، إلى جانب اسمين آخرين مقترحين لترؤس مجلسي الدولة والأمن الوطني.
وقال ليون في مؤتمر صحافي عقده مباشرة بعد انتهاء جلسة مغلقة مع أعضاء الحوار الليبي في منتجع الصخيرات المغربي، حضرها سفراء عدد من الدول العربية والأجنبية المعتمدين في ليبيا، وممثلي منظمات دولية، إنه «بعد سنة من الجهود في عملية شارك فيها أكثر من 150 شخصية ليبية تمثل كل المناطق، آن الأوان الذي نستطيع فيه اقتراح تشكيلة حكومة وفاق وطني».
ودعا ليون الليبيين إلى تبني هذا الاقتراح الذي لن يصبح نافذًا قبل إقراره من المجلس الرئاسي، موضحًا أنه جرى الاتفاق على أن يضم مجلس رئاسة وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية ستة أعضاء بدل خمسة كما كان مقترحًا في السابق، وهم إضافة إلى السراج، أحمد معيتيق وفتحي المجبري وموسى الكوني (نواب الرئيس)، يمثلون مناطق الغرب والشرق والجنوب، إلى جانب وزيرين آخرين هما عمر الأسود من الزنتان، ومحمد العماري، عضو فريق الحوار الممثل للمؤتمر الوطني العام في طرابلس.
وقدم الوسيط الدولي أيضًا قائمة أسماء باقي الوزراء المقترحين لتشكيل الحكومة وهم: آمال الحاج، وفتحي الهنغاري، وعبد السلام الحاسي، وطارق يوسف، وأسامة سيالة، وخليل البكوش، وأسامة السيد، والطاهر السني، وشيباني بو حمود، ومصطفى أبو شاقور، وعاشور شواي، وإبراهيم النايض، وإمام بن يونس، وأبو عجيلة سيف النصر، وسلام كنعان، ومحمود بن شعبان، ومراد حمايمة، إلى جانب اقتراح إسناد رئاسة مجلس الأمن الوطني لفتحي بشاغة، ورئاسة مجلس الدولة خلال الفترة الانتقالية لعبد الرحمن السويحلي.
وشدد ليون على أن قائمة أسماء الوزراء هي مقترحات ويمكن لمجلس رئاسة الوزراء قبولها أو رفضها، مشيرًا إلى أنه تم في اختيار أسماء هؤلاء الوزراء المقترحين مراعاة تمثيل المناطق والمدن، وكذا مراعاة لمبدأ الشمولية في التمثيلية.
ودعا ليون كل الليبيين وممثليهم في مختلف المؤسسات والمجتمع المدني إلى دعم حكومة الوفاق الوطني، وقال: «أنا متأكد أنه سيكون هناك كثير من الدعم المقدم من المجتمع الدولي».
وفي رده على سؤال بشأن تمثيلية المؤتمر الوطني العام (برلمان طرابلس)، أشار ليون إلى أن هذا الأخير قرر عدم تقديم أسماء، وإنما تعديلات على نص الاتفاق النهائي، بينما المجتمع الدولي كان واضحًا في موقفه.. «لن يكون من الممكن بعد الجهود وجولات الحوار والمراحل المختلفة من التعديلات في الاتفاق السياسي، القيام بإدخال تعديلات أخرى لأنها ستكون عملية لا نهائية».
وأوضح ليون أن المؤتمر الوطني العام لم يقترح أسماء في النهاية، ما دفعه إلى اعتماد أسماء رشحها أعضاء في المؤتمر ومحاورون بشكل فردي.
وكان المؤتمر العام الليبي قد طالب بإدخال مجموعة من التعديلات على مسودة اتفاق الصخيرات الأخيرة منها التنصيص على أن تكون الشريعة الإسلامية مصدر التشريع الأساسي في البلاد، وإزاحة اللواء خليفة حفتر، حسب ما ذكر مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط».
من جهة أخرى، أوضح ليون أن مجلس رئاسة وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية يتضمن اسمين هما أحمد معيتيق ومحمد العماري مقترحين من أعضاء من المؤتمر الوطني العام بطرابلس لكن بشكل فردي وليس كمؤسسة.
وفور إعلان عن تشكيلة حكومة الوفاق الوطني، قال عبد السلام بلاشهير من المؤتمر الوطني العام (برلمان طرابلس) لتلفزيون «بي بي سي»: «لسنا جزءًا من هذه الحكومة. لا تعني شيئًا بالنسبة إلينا، ولم يتم التشاور معنا في شأنها».
وقال إبراهيم الزغيات عضو مجلس النواب (برلمان طبرق) للقناة نفسها: «هذه الحكومة المقترحة ستقود إلى تقسيم ليبيا وستتحول إلى مهزلة»، واصفًا خيار ليون بأنه «يفتقر إلى الحكمة».
وأشار ليون إلى أن الحوار «لم يكن سهلاً»، مقرًا بأن لائحة الأسماء كان يمكن أن تكون أفضل. وأضاف: «فقد الكثير من الليبيين حياتهم، وعانى عدد كبير من الأمهات. واليوم نحو 2.4 مليون ليبي في حاجة إلى مساعدة إنسانية. أعتذر من كل هؤلاء إذا لم أتمكن من اقتراح هذه الحكومة في وقت سابق». من جهته، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بالتوصل إلى الاتفاق، ودعا الأطراف المتنازعين إلى توقيعه. وحض في بيان موجه القادة الليبيين على «عدم إضاعة هذه الفرصة لإعادة البلاد إلى المسار الصحيح الذي يعكس روح ثورة 2011 التي أطاحت بالعقيد الراحل معمر القذافي وطموحاتها». وقال: «على أطراف الحوار السياسي أن يقروا هذا الاقتراح أو يوقعوه من دون تأخير». وهنأت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديركا موغيريني في بيان رسمي المفاوضين الليبيين، مؤكدة أنهم أثبتوا «حس المسؤولية والقيادة وروح التوافق في وقت حاسم من تاريخ ليبيا».
من جهة أخرى، انقسم أمس الرأي العام الليبي، ما بين مؤيد ومعارض لحكومة الوفاق الوطني التي أعلن عنها رئيس بعثة الأمم المتحدة برناردينو ليون، في حين حث القائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر، قواته داخل مدينة بنغازي بشرق ليبيا، على تحرير المدينة من قبضة الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي لا تزال تتحصن فيها في غضون الأسابيع الثلاثة المقبلة. وقال أعضاء في مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرًا، إنه في ظل استمرار وجود الميلشيات المسلحة في العاصمة طرابلس فإن الحكومة الجديدة لن تكون قادرة على العمل في المدينة.
ولفتوا إلى أن هذه الميلشيات تسببت في إفشال كل الحكومات التي تعاقبت على السلطة في ليبيا عقب الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 بمساعدة من حلف شمال الأطلنطي (الناتو). وقال مسؤول كبير في الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني لـ«الشرق الأوسط»، إنه سيصعب على الثني الموافقة على تسليم السلطة إلى حكومة لا تجد لها مكانًا مقبولاً من الجميع لممارسة أعمالها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.