بعد سيطرتها على «الطلعة الحمراء».. القوات المشتركة على بعد عشرات الكيلومترات من صنعاء

مقاومة مأرب تعثر على وثائق تحتوي على خرائط للألغام.. والحوثيون يمنون بعناصرهم بـ«مفاتيح الجنة»

عناصر تابعة للجان المقاومة الشعبية، بعد نجاح القوات المشتركة في السيطرة على مناطق استراتيجية  في محافظة مأرب أمس (أ.ف.ب)
عناصر تابعة للجان المقاومة الشعبية، بعد نجاح القوات المشتركة في السيطرة على مناطق استراتيجية في محافظة مأرب أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد سيطرتها على «الطلعة الحمراء».. القوات المشتركة على بعد عشرات الكيلومترات من صنعاء

عناصر تابعة للجان المقاومة الشعبية، بعد نجاح القوات المشتركة في السيطرة على مناطق استراتيجية  في محافظة مأرب أمس (أ.ف.ب)
عناصر تابعة للجان المقاومة الشعبية، بعد نجاح القوات المشتركة في السيطرة على مناطق استراتيجية في محافظة مأرب أمس (أ.ف.ب)

واصلت القوات المشتركة، المكونة من قوات التحالف وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، تقدمها الكبير أمس في محافظة مأرب، بشرق البلاد، وذلك في مقابل تقهقر الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح.
وقالت مصادر محلية في مأرب لـ«الشرق الأوسط» إن القوات المشتركة سيطرت، أمس، على مدينة مأرب ومنطقة «الطلعة الحمراء» التابعة لها، بشكل كامل، وكذا مناطق مثلث السد والفاو والمنين، فيما تستمر العمليات لتحرير مديرية صرواح ومنطقة قبائل الجدعان، وهما من أهم جبهات القتال في مأرب وقريبتان من حدود صنعاء المحافظة، ثم العاصمة.
واعتبر مصدر قيادي في المقاومة الشعبية بمأرب أن «صرواح أصبحت في مرمى المقاومة وأن مدينة مأرب أصبحت في مأمن، بعد قطع أهم منافذ تعزيزات للجيوب في الفاو والمنين والتي انهارت، أمس، بقوة وتم تحرير مثلث السد»، مشيرا إلى أن هذا المثلث «يربط المدينة بطريق السد وطريقي صافر وحريب، ويعتبر المثلث مركز تحكم في منطقة الفاو والأشراف».
وأضاف المصدر القيادي أن القوات المشتركة حققت تقدما كبيرا، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، حيث وصلت تلك القوات إلى مشارف محطة كوفل لتصدير وضخ النفط إلى ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر في محافظة الحديدة، بغرب البلاد.
وأكد المصدر أن معسكر كوفل أصبح في مرمى مدفعية قوات التحالف والجيش الوطني اليمني، وبحسب مصادر المقاومة المأربية لـ«الشرق الأوسط»، فإن «عمليات القوات المشتركة متجهه إلى تطهير صرواح وتنوي التوجه بعد تطهير صرواح أو بالتزامن معها، في تطهير مديرية مجزر الجدعان، في الجبهة الغربية، التي لم تبدأ فيها عمليات التطهير من القوات المشتركة».
وتعتبر الجبهة الغربية المعروفة بجبهة الجدعان من أقوى جبهات المقاومة في مأرب، حيث شهدت مواجهات عنيفة ومتقطعة طوال الأشهر الستة الماضية، وتمكنت فيها المقاومة الشعبية من تحقيق صمود كبير لم تسجل فيه ميليشيات الحوثي - صالح أي تقدم يذكر وما زالت، حتى اللحظة، من أقوى الجبهات، رغم الخسائر البشرية التي سجلتها هذه الجبهة.
وذكرت مصادر في المقاومة أن الجيش والمقاومة سيطروا على الطلعة الحمراء بعد فرار ميليشيات المتمردين من مناطق الفاو، ومنطقة مأرب القديمة ومفرق السد تحت وقع الضربات القوية التي تلقوها من نيران الجيش وطيران التحالف، مشيرة إلى أنهم عثروا على جثث للحوثيين منتشرة في محيط المنطقة، وبعضهم وجد حول أعناقهم سلاسل توزعها الميليشيات على أنها مفاتيح الجنة، وتغرر بمقاتليها بمنحهم هذه السلاسل لإبقائهم في متاريسهم حتى الموت.
وبحسب المقاومة فإن من بين الأسرى الذين تم اعتقالهم في مواجهات الطلعة الحمراء جنودا يتبعون اللواء الثالث مشاه جبلي وهو أحد الألوية التابعة للحرس الجمهوري التي كان يقودها العميد أحمد علي نجل صالح.
وأكدت المصادر استعادة الجيش والمقاومة لمناطق «الفاو ومأرب القديم ومفرق السد في الجبهة الجنوبية الغربية» ظهر أمس، وتمكنوا من قتل وأسر عدد من مسلحي الحوثي بعد معارك عنيفة استخدم فيها المدفعية والأسلحة الرشاشة، كما تم تحرير «تبة ماهر والطلعة الحمراء وصولا إلى منطقة الزور».
ودعا ناشطون في مأرب إلى حماية المناطق التي حررها الجيش وحفظ منازل وأملاك المواطنين خاصة في قبيلة الإشراف التي يتهم مشايخها بتأييد الحوثيين وسماحهم بدخول قوات صالح عبر منطقتهم.
وتعد منطقة «الطلعة الحمراء» منطقة إستراتيجية لتحرير آخر معاقل الانقلابيين هناك، فهي تمثل بوابة الدخول إلى مركز مديرية صرواح التي تبعد عن صنعاء بنحو 50 كلم تقريبا، ويوجد فيها معسكر كوفل الذي تم تسليمه للحوثيين بتوجيهات من الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وذكر قائد ميداني أن طائرات الأباتشي كان لها الدور الكبير في كسر شوكة المتمردين بعد ضرب مواقعهم بالصواريخ والرشاشات وملاحقة جيوبهم، وهو ما أجبرهم على الانسحاب إلى مناطقهم الخلفية في مديرية صرواح، مشيرا إلى أنهم غنموا عتادا عسكريا كبيرا من مختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إضافة إلى مخازن أسلحة كانت مخبئة في مواقع المتمردين، فيما لا تزال الجبهة الشمالية لمحافظة مأرب هادئة حيث يتمركز المتمردون في مناطق الجدعان بالقرب من مفرق الجوف، ومعسكر ماس التابع للحرس الجمهوري.
وترتبط مأرب وصنعاء من طريقين الأول من الشمال بمنطقة الجدعان حيث يوجد فيها معسكر ماس ويمر فيه خط أسفلتي يصل صنعاء بمحافظات مأرب وحضرموت، والطريق الثاني من جهة الغرب حيث يربط صنعاء من منطقة خولان ثم صرواح، وهو الطريق الذي يستخدمه المتمردون كخط إمداد لقواتهم في مأرب.
إلى ذلك قصفت طائرات قوات التحالف في صنعاء عددا من المواقع العسكرية والأمنية، في وقت متأخر من مساء الاثنين، من أهمها كلية الشرطة ونادي ضباط الشرطة في وسط العاصمة، حيث تستخدمها الميليشيات كمراكز لإدارة عملياتهم الأمنية والعسكرية وإدارة المؤسسات الأمنية في صنعاء، وطال القصف أيضا مخازن الأسلحة في فج عطان ومعسكر الحفا ومعسكر 48 جنوب صنعاء، ومعسكر 26 التابع للحرس الجمهوري في محافظة البيضاء.
ومن جهة ثانية عثرت المقاومة الشعبية في محافظة مأرب على وثيقة هي الأهم من بين الوثائق التي حصلت عليها منذ بدء حرب الميليشيات على المحافظة قبل عدة شهور.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».