لبنان: أهالي العسكريين المختطفين إلى «التصعيد الموجع» خوفًا من انعكاس التطورات السورية

سيغلقون طرقات وسط بيروت بعدما تأكدوا أن المفاوضات مع الخاطفين متوقفة

لبنان: أهالي العسكريين المختطفين إلى «التصعيد الموجع» خوفًا من انعكاس التطورات السورية
TT

لبنان: أهالي العسكريين المختطفين إلى «التصعيد الموجع» خوفًا من انعكاس التطورات السورية

لبنان: أهالي العسكريين المختطفين إلى «التصعيد الموجع» خوفًا من انعكاس التطورات السورية

يعود أهالي العسكريين اللبنانيين المختطفين منذ أغسطس (آب) 2014 مجددا إلى الشارع اليوم الأحد، ملوّحين ما وصفوه «التصعيد الموجع»، للدفع بملف أبنائهم إلى سلم الأولويات في ظل انشغال الدولة بملفات حياتية أخرى، وخوفا من انعكاس التطورات السورية الأخيرة، وبالتحديد الدخول الروسي، على خط الأزمة سلبا على الملف.
الأهالي أعلنوا في بيان أنه «بعد التحركات الحاصلة التي حملت مطالب وأوجاع الناس المحقة، وبعد انشغال الدولة في التوجه لمعالجة الملفات المطروحة وإهمال ملف العسكريين المخطوفين ووضعه في الأدراج المنسية، قرّرنا التحرك التصعيدي الموجع بهدف إعادة ملف العسكريين وأرواحهم إلى أولويات البحث والحل».
وحسب الأهالي، ستنطلق التحركات اليوم الأحد من منطقة ساحة رياض الصلح، في وسط العاصمة بيروت، على أن يصار إلى تحديد شكلها وأهدافها في حينه. ويأمل الأهالي أن يتمكنوا من حشد المواطنين في هذه التحركات على غرار ما حصل أخيرًا خلال المظاهرات التي نفذتها مجموعات المجتمع المدني لحل أزمة النفايات، إلا أن المعطيات المتوافرة لا توحي بقدرتهم على الحشد بعد مرور 12 شهرًا على عملية الاختطاف.
وكان الجيش اللبناني قد تصدّى لمحاولة تنظيمي داعش وجبهة النصرة السيطرة على بلدة عرسال الحدودية الواقعة شمال شرقي لبنان في أغسطس 2014، مما أدّى لخطف التنظيمين عشرات عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي، ومن ثم قتل 4 منهم وما زالوا يحتجزون 25 آخرين.
حسين يوسف والد العسكري المخطوف لدى تنظيم داعش محمد يوسف، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «العودة إلى الشارع بعد مرحلة من الانصراف لمحاولة معالجة الملف بهدوء وبالسياسة، سببها الرئيسي أننا بتنا مدركين تمامًا أن الملف لم يعد أولوية، وأن المفاوضات متوقفة مع الخاطفين»، لافتا إلى أن «التحركات الأخيرة التي نظمها المجتمع المدني، والتي نشدد على أحقيتها، غطت على قضية أبنائنا التي من الواجب أن تبقى الملف رقم 1 المفتوح على طاولة الرسميين اللبنانيين».
واعتبر يوسف أن التطورات الأخيرة التي شهدها الميدان السوري، في إشارة إلى التدخل الروسي المباشر في الصراع المحتدم منذ عام 2011: «وضعت أبناءنا مجددًا في دائرة الخطر، مما يستدعي تحركًا من أجهزة الدولة لطمأنتنا حول مصيرهم، ولتكثيف جهودها للإفراج عنهم». وأردف يوسف: «غدا (اليوم) سنعمد إلى إغلاق الطرقات، ونأمل أن تتم الاستجابة إلى مطالبنا كي لا نضطر إلى الذهاب أبعد في تحركاتنا وفي التصعيد المؤذي الذي لا نحبذه».
ولا يزال التعاطي مع ملف المختطفين لدى «النصرة» جاريًا بمعزل عن ملف المختطفين لدى «داعش»، وهذا ما أكده في وقت سابق مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يمسك بالملف من الطرف اللبناني. ولقد تحدث إبراهيم عن أن «الاتصالات أثمرت لدى «جبهة النصرة» لجهة تبادل المخطوفين بموقوفين، وكل شيء كان معدا لتنفيذ الاتفاق، غير أن الجبهة توقفت عند هذا الحد»، لافتًا إلى أنه «لا اتصالات أو مفاوضات لتحرير المختطفين لدى (داعش)».
وبعكس «جبهة النصرة» التي تتعمد البقاء على تواصل مع الأهالي وتبثّ الفيديوهات وصور للعسكريين كل فترة، يتعمّد «داعش» الغياب التكتيكي، وقد بثّ فيديو واحد بعد عملية الاختطاف في ديسمبر (كانون الأول) 2014 أظهر 3 من العسكريين بلباس الإعدام البرتقالي وأحد العناصر المتشددة يتحدث باللغة الفرنسية، محذّرًا رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع من «تعاونهم» مع «حزب الله».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».