معماري يقتحم واشنطن بأبنية مصنوعة من حاويات الشحن

صاحب الفكرة يعتقد أنها «أفضل شيء منذ اختراع الطوب»

المهندس المعماري ترافيس برايس أمام إحدى الوحدات السكنية المصنوعة من حاويات الشحن في واشنطن (واشنطن بوست)
المهندس المعماري ترافيس برايس أمام إحدى الوحدات السكنية المصنوعة من حاويات الشحن في واشنطن (واشنطن بوست)
TT

معماري يقتحم واشنطن بأبنية مصنوعة من حاويات الشحن

المهندس المعماري ترافيس برايس أمام إحدى الوحدات السكنية المصنوعة من حاويات الشحن في واشنطن (واشنطن بوست)
المهندس المعماري ترافيس برايس أمام إحدى الوحدات السكنية المصنوعة من حاويات الشحن في واشنطن (واشنطن بوست)

جلس ترافيس برايس على مقعده في كافيتريا مدرسة ماينر الابتدائية في شمال شرقي ولاية واشنطن الأميركية، عاقدا ذراعيه أمام صدره، ويحمل وجهه نظرة من التركيز الشديد.
كانت لجنة الحي الاستشارية الممثلة لحي روزديل تنظر في تصميمات برايس لبناء 22 منزلا، مصنوعة بالكامل من حاويات الشحن المستخدمة، والتي يمكن أن تنتقل إلى قطعة أرض مملوكة لمجلس المدينة في شارع كرامر بشمال شرقي المدينة.
كان برايس متحمسا، وفي بعض الأحيان من الدعاة المفرطين في الحماس لتصاميم الحاويات المعمارية، وهو يسمي حاويات الشحن «أفضل شيء منذ اختراع الطوب»، وذلك لأن الصناديق المعدنية تلك توفر أسلوبا رخيصا للبناء، وسريعا وأكثر استدامة من غيره.
يعمل برايس على جلب مزيد من الوحدات في حي روزديل، بما في ذلك 10 وحدات تباع بأسعار معقولة، لقاء القليل من المال وفي أقل وقت ممكن من العروض الأخرى قيد النظر، التي يقدم أحدها بناء 12 منزلا تقليديا والآخر يعرض بناء 10 من المنازل العادية.
وقال دان غولدن، رئيس لجنة «إيه إن سي» الفرعية للتنمية الاقتصادية، أمام تجمع من نحو 60 مواطنا في أبريل (نيسان) الماضي، إن المأخذ الوحيد على حاويات برايس كان في التصميمات الجمالية بها. ويعرف برايس تماما ما يقصده غولدن بذلك، حيث ظن بعض الجيران أن الحاويات سوف تأخذ مكانها بين المنازل التقليدية بالحي، وليس بطريقة جيدة أيضا.
رفع المهندس المعماري برايس، البالغ من العمر 66 عاما، ذو الشعر الرمادي واللكنة الجورجية الخفيفة، يده طالبا الحديث ليقول: «ربما لا يكون من الضرورة النظر إلى أحد جوانب النزعة الجمالية دون غيره».
كان موقفا غريبا من جانب المهندس المعماري، حيث دعا الناس إلى عدم الاهتمام بمنظر المبنى الخارجي. ولكن المدينة طالبت بما هو أكثر من التصميم الجميل، حيث طلبت منه وجود قدر معين من المواد الصديقة للبيئة وكفاءة استخدام الطاقة.
أراد برايس تحويل الانتباه إلى المميزات الاقتصادية والبيئية لتصميماته بدلا من ذلك. وقال معبرا عن غضبه في الردهة بعد ذلك: «إن ذلك محض هراء».
لا تملك اللجنة القول الفصل حول المشروع، بل الكلمة الأخيرة هي لمجلس المدينة. ولكن مع ذلك كان رد الفعل مخيبا لآمال برايس. لقد عمل على تصميم أول مبنى سكني من حاويات الشحن في المدينة على موقع خاص بالقرب من الجامعة الكاثوليكية، الذي افتتح في سبتمبر (أيلول) الماضي. وأطلق عليه اسم «سي يو إيه»، مشيرا إلى كل من المبنى والجامعة، ولقد اجتذب المبنى، المكون من أربعة مستويات من الصناديق المعدنية الزرقاء المجعدة ذات الواجهات من النوافذ الممتدة من السقف حتى الأرضيات، اهتمام وسائل الإعلام والمكالمات ورسائل البريد الإلكتروني إلى برايس من عدد من المطورين في مختلف أنحاء البلاد. ولقد أصيب طلاب الجامعات، الذين انتقلوا للحياة في الشقق الأربع ذات الـ6 غرف نوم، بالإرهاق من تحديق الناس والمارة.
جيمي يونغ، هو أحد المواطنين من كبار السن ممن انتقلوا إلى الطابق الأعلى برفقة سبعة من زملاء فريق كرة القدم، ويقول: «في أول الأمر، كان الأمر مضحكا. وبعد أن طلب الشخص الـ20 الحضور لجولة في المكان، قلنا له: إنه منزلنا، إنه ليس بمتحف».
ويتابع يونغ قائلا إنه على الرغم من أن بعض رفاق السكن الذين يتقاسمون غرفة النوم يجدون الوضع مزدحما بعض الشيء، فإنهم يجعلون من تقاسم الغرف أمرا ممتعا. ويونغ نفسه، الذي ينفرد بغرفته الخاصة، يقول إنه صار محبا للمبنى: «أستطيع القول إنني أعيش في مكان خاص للغاية. لسوف تكون قصة عظيمة يمكنني إخبار الآخرين عنها في كل مكان».
كان استقبال الناس لمبنى «سي يو إيه» خارج واشنطن علامة على وصول هندسة الحاويات المعمارية أخيرا إلى الولايات المتحدة، وهو الاستنتاج الذي تؤيده مقالات مجلة دويل، وبرامج «إتش جي تي في»، وعدد لا يحصى من الصور على موقع «بينتيريست» الشهير. وصار الأمر من الموضات العصرية في مختلف أرجاء العالم، ففي لندن تم إنشاء كثير من مباني الحاويات المؤقتة، ومن بينها استوديوهات البث الخاصة بهيئة الإذاعة البريطانية، لتغطية فعاليات دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية لعام 2012. وفي أمستردام، استخدمت الحاويات في بناء منازل للطلاب. وفي أغسطس (آب)، فازت شركة «غانتي وشركاه» بمسابقة دولية لتصميم المساكن المؤقتة لأجل بناء ناطحة سحاب مشيدة من حاويات الشحن بالكامل. ويقول برايس عن ذلك: «عندما تبدأ في التعامل مع المجال العام تشعر أن شيئا ما سوف يحدث».
وبعد أسابيع من الاجتماع في مدرسة ماينر الابتدائية، استقر السيد برايس داخل مبنى الهندسة المعمارية بالجامعة الكاثوليكية، حيث كان يدرس هناك منذ عام 1991، لمراجعة وتنقيح تصميمات الطلاب لحديقة صناعية مقترحة من الحاويات في مدينة سوينفورد في آيرلندا. استخدم الطلاب الحاويات مثل قطع لعبة الليغو الضخمة، واصطفافها لتكوين أشكال صندوقية أو نثرها حول الحديقة في زوايا غير اعتيادية.
وتوفر الحاويات في تكاليف عمال البناء، كما توفر الوقت والمرونة. وبعد معالجتها وإعادة دهانها وقطعها، والتي تكلف ما بين 1100 إلى 3500 دولار لكل وحدة. يجري إعداد الموقع وترصيص الوحدات، ووضع الأثاثات في الداخل، وتصل التكلفة النهائية إلى نحو 160 دولارا للقدم المربع الواحد، كما يقول برايس، وذلك مقارنة بمبلغ 225 دولارا للقدم المربع الواحد بالنسبة للبنايات التقليدية.
وينبع التوفير في التكاليف بصورة رئيسية من عدم ضرورة إنفاق كثير من المال على الواجهة الخارجية للمبنى، وذلك بسبب أن 40 إلى 50 في المائة من الجدران يمكن إزالتها من دون الإضرار بالسلامة الهيكلية للمبنى، ويمكن للمصممين إضافة النوافذ أو تجميع الحاويات لإيجاد مساحات داخلية أكبر وغير مقصورة على أبعاد الحاويات بمقاييس 8 أقدام عرضا و9 أقدام و6 بوصات ارتفاعا مع 40 قدما طولا. والمبنى الذي يمكن تشييده من الحاويات المستعملة يمكن إقامته في نصف الوقت المستغرق لبناء المبنى التقليدي.
كما يمكن للسيد برايس أن يطيح بكل تلك الحقائق والأرقام، وهو الأمر الذي لا يبرع فيه طلابه حتى الآن. فلقد قال لأحد الطلاب: «إنك تبيعها بأقل من قيمتها الحقيقية». وهو يريد لطلابه أن يكونوا ماهرين في الترويج للأفكار الجديدة في أوساط المطورين، ومجالس تقسيم المناطق، والجيران المتشككين.
يسهل ذلك كثيرا على السيد برايس، إذ إنه متحدث جيد، وحينما ينخرط في حديثه عن أمر ما قد يتسم بالحدة، مثل قوله «إن حجارة التبليط تلك تبدو مثل الأفنية المفتوحة في ضواحي المدن».. وقد يتسم أيضًا بالملل مثل قوله: «ديكورات الواجهات التي تجذبنا بشدة إلى الماضي سوف تشكل شخصيتنا الإنسانية، وتحولها إلى همس أحادي خفيف ولطيف».
تعرف برايس للمرة الأولى على مساكن الحاويات في نيو مكسيكو خلال فترة السبعينات، حينما كانت تستخدم في المساكن الشمسية السلبية. ولقد عفا عليها الزمن إثر أزمة الطاقة، ثم انتقل للعيش في تاكوما بارك بولاية ماريلاند في عام 1980، ثم أسس لممارسة في المحافظة على وتصميمات المباني الحديثة مع قليل من الديكورات الداخلية وكثير من الزجاج. ومن بينها منزله الخاص الذي بناه في عام 2004 في منطقة فورست هيلز بشمال غربي واشنطن، مع واجهة من النحاس المغلف، وجسر زجاجي وجدار رباعي الطوابق من النوافذ في الخلفية.
وأدت شعبية الطراز الصناعي والتصميمات المستدامة إلى إحياء «ثقافة الحاويات» في العقود الأولى من القرن العشرين. وبحلول ذلك الوقت خلقت القوى الاقتصادية العالمية فائضا مزمنا من الحاويات الفارغة. ووفقا لمارك ليفنسون، خبير الاقتصاد ومؤلف كتاب «الصندوق»، فإن توحيد حجم الحاويات قلل وبشكل كبير من تكاليف شحن البضائع من مراكز العمالة المنخفضة في آسيا إلى الأسواق في الغرب. واليوم، بسبب العجز التجاري الغربي الهائل مع الصين، يمكن أن يكون الأمر أكثر فعالية من حيث التكلفة لإرسال الحاويات الجديدة مليئة بالبضائع أفضل من سداد رسوم الحاويات المستعملة لإرجاعها فارغة. وفي أي وقت من الأوقات، ووفقا لتقديرات الخبراء، هناك نحو 2.5 مليون حاوية فارغة حول العالم. بما في ذلك مئات الآلاف من الحاويات في الموانئ الأميركية مثل ميناء بالتيمور، والتي تعاملت مع 126 ألف حاوية فارغة في عام 2014، كما أفاد ريتشارد شير الناطق الرسمي باسم إدارة ميناء ماريلاند. وأصبح العثور على استخدامات للحاويات الفارغة أمرا ملحا ولا يُقاوم بالنسبة للمعماريين والمستهلكين من أصحاب التوجهات البيئية.
الاستثناء الوحيد الجدير بالذكر هو لويد التر، الكاتب في موقع «تري هاغر»، الذي يدير والده شركة لتأجير الحاويات ويستخدمها في مشروعات الهندسة المعمارية بالكليات. وقال التر إن استخدام الحاويات يمكن أن يكون من قبيل الإسراف نظرا لأن المبنى المكون من ثلاث حاويات فقط يحمل من الصلب ما يكفي لبناء مبنى تقليدي مكون من 16 طابقا. ومع ازدياد مستوى الاستدامة في المباني التقليدية، كما يقول التر، فإن «هناك طرقا أكثر صداقة للبيئة للبناء من ذلك».
ويقول برايس إن قيمة الحاويات رخيصة، وإن نماذج وحدات البناء المتاحة بسهولة لا ينبغي التقليل من شأنها. كما يعتقد أنها في يوم من الأيام سوف تحل محل أغلب الأنماط الشائعة لنماذج المباني الرخيصة في الولايات المتحدة، وعلى نطاق كبير. وأضاف قائلا: «إذا جمعت، في أبسط الأنماط، ما بين ليغوس وإيكيا، فستجد نفسك فجأة في مجال جديد تماما»، بسبب أن «المواطن والمواطنة العاديين من الطبقة العاملة سوف يكونون قادرين على تحمل تكاليف السكن الخاصة بهم».
واعتبارا من مطلع سبتمبر، لم تكن هناك أخبار من المسؤولين في العاصمة واشنطن حول مصير حاويات شارع كرامر. فإذا لم تتم الموافقة على تصميمه، كما يقول برايس، فسوف يُعزى الأمر إلى «استبداد بعضهم».
وقضى برايس جزءا من الصيف يعمل على تصاميم لسوق مفتوحة في الهواء الطلق تقع في الطريق الشمالي الشرقي من نيويورك. كما خرج ببدائل لهيكل حاوية مؤقت أطلق عليه اسم «افتتاح سيرك الشمس»، حيث يمكن للناس فيه تناول الوجبات أو الاستماع للموسيقى على طريق محطة مترو ويل ريستون الشرقية. وقال إن المشروع لن يكون مماثلا لأرض المعارض في شارع هالف بالقرب من ناشيونالز بارك، الذي وصفه بأنه غير متطور.
كما بدأ برايس العمل مع سيلفر سبرينغ في ماريلاند، وهي الأسرة التي تستخدم الحاويات في بناء شقق سكنية ومتاجر فاخرة ملحقة بمبنى طبي قديم يمتلكونه في شارع 12 وفرانلكين شمال شرقي المقاطعة في حي بروكلاند.
ولقد كان رد الفعل الأولي من السيدة الينز هيندز، عميدة العائلة، هو: «لا يريد أحد أن يعيش داخل حاوية»، وذلك حينما جاء بها نجلها الفنان روب وابنتها مغنية الأوبرا لورين، الذين يعيشون في بروكلين بنيويورك، إلى الجوار لمشاهدة مساكن الحاويات.
كانت لورين واضحة تماما في سبب توجه أسرتها نحو مساكن الحاويات، حيث قالت: «إننا لا نعتقد فعلا أن الحاويات جميلة أو أنيقة، بل إننا نحبها لأنها قوية، وحديثة، وصديقة للبيئة، ولطيفة، وموفرة للطاقة، وأسرع في البناء من المباني التقليدية، وأخيرا وليس آخرا فعالة من حيث التكاليف».
ولا يعتبر برايس ذلك من قبيل الإساءة، حيث قال: «ما الشيء غير الجمالي فيها؟». وأضاف أن المعماريين اليوم جعلوا من الحاويات مكانا أكثر جمالا وبأسعار معقولة، كما أنها تحولت إلى وسيلة معيارية للبناء. متابعا: «ولكن القادم هو المقدرة على تشكيلها بصورة أكثر إبداعا، وليس بطريقة ساذجة. ليست لدي الإجابة على ذلك الآن، ولكنه أمر في خططي المستقبلية».
* خدمة: واشنطن بوست خاص بـ {الشرق الأوسط}



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».