ثقافة واشنطن تغزو تدريجيًا المدن الصينية

مراهقوا بكين يرتدون الماركات الأميركية ويقفون مع سياسة بلدهم

ثقافة واشنطن تغزو تدريجيًا المدن الصينية
TT

ثقافة واشنطن تغزو تدريجيًا المدن الصينية

ثقافة واشنطن تغزو تدريجيًا المدن الصينية

تشاو يشيانغ شاب صيني يبيع ماركة أميركية من ألواح التزحلق في شوارع بكين لكسب عيشه، وهو معجب كثيرا بالولايات المتحدة، حيث يرتدي سترة تحمل شعار الدولار الأميركي، ويستمع إلى موسيقى الراب الأميركية الصاخبة، ويعترف داخل متجره في وسط العاصمة بكين بأن أميركا «دولة تتمتع بحرية التعبير لأنك تستطيع أن تقول ما تشاء، وأن تذهب حيث تريد، وتختار أسلوب حياتك. إنني معجب بذلك كثيرا. ولكن فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والعسكرية فإننا منفصلون أشد الانفصال».
ويتابع تشاو (26 عاما) قائلا: «أعتقد أن الكثير من الشباب من أبناء جيلي يفكرون بتلك الطريقة. إننا نحب الثقافة الأميركية كثيرا، ولكننا نفضل الحكومة التي لا تعبر عن ضعفها في الخارج».
ويمثل الشباب الصيني الناشئ، من أمثال تشاو، مأزقا لدى صناع السياسة الأميركيين، حيث يأمل السياسيون الأميركيون أن يمهد المد الثقافي الكبير لبلادهم موطئ قدم لهم لكي يكون الرأي العام الداخلي هناك أكثر تقبلا، إن لم يكن متعاطفا نحو الولايات المتحدة الأميركية. وقد وصل التأثير الثقافي الأميركي في بعض النواحي إلى أعماق المجتمع الصيني وبمستويات لم يبلغها من قبل.
ورغم الرقابة الحكومية الصينية، والقيود المفروضة على الواردات الثقافية، والحواجز العالية أمام الإنترنت، فإن التلفزيون والأفلام، والموسيقى والتكنولوجيا الأميركية أصبحت تستهلك على نطاق كبير داخل مدن الصين. وقد أشار الرئيس الصيني خلال زيارته إلى ذلك التأثير، مشيرا إلى المؤلفين الأميركيين، والمسلسل التلفزيوني الشهير «منزل من ورق» على شبكة نيتفليكس الأميركية، وغيره من مختلف أفلام هوليوود، فضلا عن الاجتماع مع كبار رجال الأعمال في وادي السيلكون بكاليفورنيا.
ولكن الدراسات والمسوح تظهر أن المواطنين الصينيين، بما فيهم الشباب صغير السن، لا يزالون متخوفين من الولايات المتحدة، ولديهم عداء حيال النوايا الخارجية لواشنطن، وخصوصا عندما تكون المطالب الإقليمية الصينية ونفوذها الخارجي المتصاعد على المحك. ولا تعتبر الصين متفردة بذاتها في هذا الصدد، ولكن أهميتها المتزايدة تجعل من المقابلة بين الجذب الثقافي، وانعدام الثقة السياسية مثيرة لتناقض صارخ.
وبهذا الخصوص يقول شيه تاو، أستاذ الدراسات الأجنبية في جامعة بكين الذي يتابع الرأي العام والعلاقات الصينية - الأميركية إنه «حتى مع وجود الجاذبية والقوة الثقافية الناعمة، فإن ذلك لا يعني أن الناس يوافقون أو يؤيدون سياساتك». وتابع يقول وسط طلابه «يمكنكم الإحساس بأن الطلاب الجامعيين ينساقون مع الثقافة الأميركية من حيث التعليم العالي، ولعبة كرة السلة وخلافه. ولكن عندما تناقشهم في السياسات الأميركية، فإن عددا كبيرا من الناس، أي جل الشخصيات المتأثرة بالثقافة الأميركية، ينتقدونها».
وتابع الصينيون لساعات طويلة التغطية الإخبارية لزيارة رئيس البلاد للولايات المتحدة، التي تخللتها صور وتصريحات الزعيم، ووصفته بالزعيم القوي، ورجل الدولة رابط الجأش الذي حاز احترام الرئيس الأميركي باراك أوباما، وكبار رجال الأعمال الأميركيين وحتى المواطنين العاديين.
وتابع البروفسور شيه بقوله إن «الزيارات الرسمية الصينية إلى الولايات المتحدة الأميركية تعتبر من قبيل الاحتفاليات الفلكلورية الشعبية بالنسبة للجماهير في الصين، وزيارة الرئيس الرسمية الأخيرة، التي نالت اهتمام الرئيس الأميركي ووسائل الإعلام هناك، تعبر عن أن الرئيس الصيني يحمل مكانة دولية كبرى، ويتلقى الاحترام الذي يستحقه». وقد جرى اختيار بعض الطلاب الأجانب لتقديم المديح العميق بصورة يومية للسيد شي خلال زيارته الأخيرة في مشهد نقلته الكثير من مقاطع الفيديو، كما زعمت صحيفة «تشاينا ديلي» أن هناك مسحا أجري وخلص إلى أن نحو 80 في المائة من الشباب الأميركي كانوا مهتمين بزيارة الرئيس الصيني.
وهناك الكثير أيضا من استطلاعات الرأي التي تفيد بدعم شرائح كثيرة من الجمهور الصيني لوجهات النظر الحكومية حيال قضايا العلاقات الدولية، حتى مع إعجابهم الشديد بجوانب أخرى من الحياة الأميركية، حيث تشير الأبحاث الصادرة عن مركز بيو للأبحاث وغيره من المؤسسات إلى أن حالة الإعجاب بالحياة الأميركية، وببعض القيم الأميركية، كثيرا ما تمتزج بقدر من الحذر، وخصوصا حيال نوايا الحكومة في الخارج. كما تظهر ذات الاستطلاعات أن الكثير من المواطنين الأميركيين يحملون ذات القدر من القلق أيضا حيال أميركا.

* خدمة «نيويورك تايمز»



مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

قُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، الأربعاء، جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا إن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.