النظام يقصف مستشفى السل بريف دمشق.. والمعارضة تسيطر على الدفاع الجوي في القنيطرة

تقرير يوثّق مجازر قوات الأسد في المراكز الحيوية والأحياء السكنية في الغوطة الشرقية

سكان يحملون جريحا أصيب جراء قصف قوات النظام على مدينة دوما بريف دمشق الأسبوع الماضي (رويترز)
سكان يحملون جريحا أصيب جراء قصف قوات النظام على مدينة دوما بريف دمشق الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

النظام يقصف مستشفى السل بريف دمشق.. والمعارضة تسيطر على الدفاع الجوي في القنيطرة

سكان يحملون جريحا أصيب جراء قصف قوات النظام على مدينة دوما بريف دمشق الأسبوع الماضي (رويترز)
سكان يحملون جريحا أصيب جراء قصف قوات النظام على مدينة دوما بريف دمشق الأسبوع الماضي (رويترز)

على الرغم من اشتعال معظم الجبهات في سوريا، فإن مدينة دوما في الغوطة الشرقية كان لها الحصة الأكبر من العنف، فقد تعرّضت أحياؤها أمس لغارات مكثّفة ترافقت مع قصف مدفعي وصاروخي على المدينة، كما استهدفت بلدتا جسرين وزبدين بصواريخ أرض - أرض.
ويأتي هذا التصعيد غداة صدور تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، حمل عنوان «من اللون الأخضر إلى اللون الأحمر»، يوثق الانتهاكات والمجازر التي ارتكبها النظام السوري في الغوطة الشرقية، وخصوصًا في مدينة دوما والدمار الهائل الذي «شكّل استهتارًا من النظام السوري بقرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصًا القرار رقم 2139»، وفق ما أشارت إليه الشبكة.
وأمس، قصف الطيران المروحي بثمانية براميل متفجرة مناطق في مدينة داريا في الغوطة الغربية، كما نفذ غارات عدة على مدينة دوما في الغوطة الشرقية، بالتزامن مع قصف قوات النظام أحياء المدينة بالمدفعية والصواريخ، واستهداف بلدتي جسرين وزبدين في الغوطة الشرقية بصواريخ أرض - أرض، ما أدى إلى سقوط جرحى، وقد ردت فصائل المعارضة بإطلاق صاروخين موجهين استهدفا دبابتين لقوات النظام في محيط مخيم الوافدين عند أطراف مدينة دوما ما أدى إلى إعطابهما، وفق ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان. وليس بعيدًا عن دوما، تواصلت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى، في محيط ضاحية الأسد والتلال المطلة عليها قرب مدينة حرستا في الغوطة الشرقية، وسط تجدد قصف القوات النظامية لمناطق الاشتباك وسقوط قذائف على الضاحية.
من جهته، أعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض أن الطيران الحربي للنظام قصف بأربع غارات متتالية مستشفى السل في بلدة كفر بطنا الواقعة في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص من الكادر الطبي بالمستشفى ومدني واحد، بالإضافة إلى أضرار مادية كبيرة في بناء المستشفى ومعداته، ما أخرجه من الخدمة.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أصدرت دراسة موسعة تحت عنوان «من اللون الأخضر إلى اللون الأحمر»، وثقت فيها الانتهاكات المرتكبة من قبل أطراف النزاع في الغوطة الشرقية في محافظة ريف دمشق، بدءًا من الأول من يناير (كانون الثاني) 2015 حتى 30 يونيو (حزيران) 2015. وكشف التقرير الذي جاء في 26 صفحة أن الغوطة الشرقية «تعرضت خلال 6 أشهر لعمليات قصف وتدمير ممنهجة، كان أغلبها على المراكز الحيوية والأحياء المأهولة بالسكان، التي تبعد عشرات الكيلومترات عن خطوط المواجهة، والمؤشر على ذلك نسبة الضحايا من المدنيين مقارنة مع المسلحين».
وعززت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها بصور أقمار صناعية، تظهر مدينة دوما قبيل قرار مجلس الأمن رقم 2139 الصادر في 22 فبراير (شباط) 2014 وبدايات عام 2015، وأثبتت الصور مدى تجاوز النظام السوري للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، من خلال مضاعفة الدمار مرات كثيرة. ووثّق التقرير ارتكاب القوات الحكومية 25 مجزرة، 14 منها في مدينة دوما، و4 في مدينة عربين، و3 في منطقة المرج، ومجزرة واحدة في كل من عين ترما وكفر بطنا وحرستا وحمورية.
وفي الجنوب السوري، سيطرت فصائل المعارضة ليل أول من أمس على مواقع عسكرية جديدة تابعة لقوات النظام قرب قرية طرنجة شمال القنيطرة، وذلك بعد هجوم شنّته الفصائل على السرية الرابعة المختصة بالدفاع الجوي التابعة للواء 90، وحاجز مزارع الأمل العسكري، قُتل خلاله عدد من جنود النظاميين والمقاتلين المعارضين، لينتهي الهجوم بسيطرة المعارضة على الموقعين العسكريين وما بداخلهما من أسلحة وذخائر. أما في الجبهة الشمالية فقد ألقى الطيران المروحي عدة براميل متفجرة على بلدة التمانعة في ريف إدلب الجنوبي، ونفذ غارات على بلدة الزيارة وقريتي المنصورة والقاهرة في سهل الغاب، في حين قصفت المعارضة بعدد من القذائف تمركزات لقوات النظام في حي الخالدية شمال حلب، ثم فتحت نيران رشاشاتها على مواقع النظام في الحي نفسه.
على صعيد آخر، واصل عناصر الهلال الأحمر السوري فرع حماه، لليوم الثالث على التوالي، تحضيراتهم لاستقبال المدنيين الذين سيتم إجلاؤهم من بلدتي الفوعة وكفريا الخاضعتين لسيطرة القوات النظامية في ريف إدلب الشمالي، إلى قرية معردس الخاضعة أيضًا لسيطرة النظام في ريف حماه الشمالي. وعد الناشط الإعلامي المعارض محمد الحموي أن ذلك جزء من الهدنة التي تم الاتفاق عليها بين فصائل المعارضة المنضوية في غرفة عمليات «جيش الفتح» التي تحاصر البلدتين من جهة، والقوات النظامية التي تحاصر مدينة الزبداني الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف دمشق الغربي من جهة أخرى، والتي تشمل أيضًا إجلاء الأهالي من الزبداني.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.