يتمتع الرئيس بشار الأسد في الفترة الأخيرة بفرصة الانتقال من طرف معزول على الساحة الدولية إلى شريك محتمل في المساعي المبذولة لتسوية النزاع في بلاده، بفضل دعم حليفيه الروسي والإيراني، وفي ظل تردد الدول الغربية التي كانت تطالب برحيله.
وأمس، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن «اللاعبين الرئيسين» في النزاع السوري كالولايات المتحدة وروسيا والسعودية وإيران وتركيا ومصر سيجتمعون في أكتوبر (تشرين الأول). وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف «سيتم تشكيل أربع مجموعات عمل في جنيف، كما أن لقاء مجموعة الاتصال التي تضم اللاعبين الرئيسيين سيكون الشهر المقبل، بعد انتهاء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن بوغدانوف، قوله، إن واشنطن وموسكو والرياض وطهران وأنقرة والقاهرة سترسل ممثلين عنها، معربا عن الأمل في عقد لقاء لمجموعة الاتصال «في أقرب وقت ممكن». وأكد بوغدانوف «لم يحسم مستوى التمثيل حتى الآن. اعتقد أن العمل يمكن أن يكون على عدة مستويات، الخبراء ونواب وزراء أو الوزراء أنفسهم، إذا لزم الأمر».
ومن المفترض أن يشارك وسيط الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا في هذا الاجتماع، بعد أن اجتمع الشهر الحالي مع رؤساء أربع مجموعات عمل محددة المواضيع شكلتها الأمم المتحدة لإعادة إطلاق المفاوضات بين السوريين.
وفرق العمل الأربع هذه تشكل أساس المقاربة الجديدة التي اقترحها دي ميستورا أواخر يونيو (حزيران) لإحلال السلام في سوريا، في حين فشل مؤتمرا جنيف في إنهاء النزاع.
إلى ذلك، أكدت الحكومة الألمانية حرصها على عدم وضع الأزمة السورية والأوكرانية في سلة واحدة خلال التفاوض مع روسيا. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت، أمس الاثنين في برلين، إن ألمانيا تسعى بكل قوة إلى التوصل إلى حل سلمي في النزاع في شرق أوكرانيا، لكن هذا الحل «ليست له أي علاقة» بضرورة التوصل إلى حل سياسي في سوريا بمشاركة روسيا.
ودعا وزير الخارجية الألماني الأحد إلى تشكيل حكومة انتقالية في سوريا للخروج من المأزق، وأعرب عن استعداده للقيام بوساطة بين الموالين والمعارضين لحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد. وقال فرانك فالتر شتاينماير، لمحطة التلفزيون «اي آر دي» الألمانية الرسمية: «إذا توصلنا إلى أن نجمع أبرز أقطاب المنطقة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا حول جامع مشترك واحد (...) فهذا يعني أننا نسير نحو تشكيل حكومة انتقالية، وسيكون تحقق الكثير».
ومن جانبه، قال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الخضر الألماني المعارض، جيم أوزدمير، في تصريحاته لصحيفة «راينيشه بوست» الألمانية الصادرة أمس، ردا على سؤال حول ما إذا كان من المناسب إجراء حوار مع الأسد أيضًا: «يتعين أن نكون مستعدين لكثير من الأمور عندما يكون الهدف هو التوصل إلى هدنة، لكن يجب أن يكون من الواضح أيضًا أن الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من حكومة جديدة في سوريا».
ولم يطرح نظيره الفرنسي لوران فابيوس، السبت، تنحي الرئيس السوري شرطا مسبقا لأي تفاوض. واعتبر فابيوس أن بشار الأسد لا يستطيع أن يحكم سوريا إلى الأبد، لكنه أشار إلى أن المسألة الأساسية في الوقت الراهن هي بدء مفاوضات حول عملية انتقال سياسي، ودعا هو أيضًا إلى تشكيل حكومة تضم عناصر من النظام وأعضاء من المعارضة «يرفضون الإرهاب».
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد ذهبت لأبعد من ذلك الخميس الماضي، عندما اعتبرت أنه «من الضروري التحدث مع عدد كبير من الأقطاب، وهذا يشمل الأسد».
وحاول الوزير الألماني أن يوضح هذه التصريحات، مشيرا إلى أن المستشارة «لم تقل إنها أو الحكومة الألمانية ستتحاور مع الأسد»، لكن موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي مستورا هو الذي «يتحدث إلى النظام» السوري.
ونقلت صحيفة تركية، أمس، عن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، قوله إن بلاده لا تزال تعارض أي انتقال سياسي في سوريا يكون فيه دور للرئيس بشار الأسد. وجاءت تصريحاته موضحة موقف تركيا في ما يبدو. لكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ردد الأسبوع الماضي الفكرة التي تقول إن الأسد يمكن أن يكون جزءا من فترة انتقالية. وفي وقت لاحق، قال إردوغان إن تصريحاته لا تمثل تغييرا في سياسة أنقرة.
وقالت صحيفة «حرييت» إن داود أوغلو الموجود في نيويورك لحضور دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الأحد إن تركيا تقبل أي حل سياسي يوافق عليه السوريون، لكن يجب ألا يكون الأسد جزءا منه. ونقلت عنه قوله: «مقتنعون بأن بقاء الأسد في السلطة خلال الفترة الانتقالية لن يجعلها انتقالية. نعتقد أن هذا الوضع سيتحول إلى أمر واقع دائم. ما نقتنع به في هذا الشأن لم يتغير». وأصرت تركيا منذ وقت طويل على أن إزاحة الأسد ضرورية لحل الأزمة الإنسانية في سوريا. وفي تركيا أكبر تجمع للاجئين في العالم يزيد عدده على مليوني شخص.
وكان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس شتولتنبرغ، قد صرح مساء أول من أمس بأنه على استعداد لمناقشة الشأن السوري مع روسيا، وأكد على ضرورة التنسيق لتجنب أي «حوادث» بين القوات الروسية وقوات تقودها الولايات المتحدة في مواجهة تنظيم داعش.
وفي مقابلة مع «رويترز»، على هامش اجتماعات الجمعية العام للأمم المتحدة في نيويورك، قال شتولتنبرغ رئيس الوزراء النرويجي السابق إنه «من المبكر جدا الجزم» بما تخطط له روسيا في سوريا، لكنها زادت وجودها العسكري هناك بما يشمل طائرات ودفاعات جوية.
واجتمع شتولتنبرغ بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في نيويورك، أمس، وقبل ذلك حث روسيا على «لعب دور بناء ومتعاون في قتال (داعش)»، مضيفا أن دعم الرئيس السوري بشار الأسد «لا يمثل مساهمة فعالة لإيجاد حل». وأضاف شتولتنبرغ أن «صمود» وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا كان «مشجعا»، حيث تدعم روسيا انفصاليين مناوئين لكييف، لكنه قال إنه «سيتوخى الحذر في التكهن بأي علاقة بين أوكرانيا والوجود الروسي في سوريا».
التردد الغربي والدعم الروسي يخرجان الأسد من عزلته الدولية
داود أوغلو: بقاء الأسد في السلطة خلال الفترة الانتقالية.. لن يجعلها انتقالية
التردد الغربي والدعم الروسي يخرجان الأسد من عزلته الدولية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة