عمارة «الإيموبيليا».. شاهدة على تاريخ القاهرة الحديثة

عمارة «الإيموبيليا» في وسط القاهرة
عمارة «الإيموبيليا» في وسط القاهرة
TT

عمارة «الإيموبيليا».. شاهدة على تاريخ القاهرة الحديثة

عمارة «الإيموبيليا» في وسط القاهرة
عمارة «الإيموبيليا» في وسط القاهرة

شيدت عمارة «الإيموبيليا» في وسط القاهرة عام 1940، على مساحة شاسعة من الأرض تبلغ 5444 مترا مربعا، وذلك عند نقطة التقاء شارعي شريف وقصر النيل لتكون الأضخم من نوعها وقت بنائها في العاصمة المصرية.
والإيموبيليا عبارة عن مبنى له جناحان، يتوسطهما فناء فسيح به حديقة ونافورة، وتطل على الفناء الواجهات الداخلية للجناحين. وتتكون البناية من برجين أحدهما بحري ويتكون من 11 طابقا، والآخر قبلي ويرتفع لنحو 13 طابقا ويضم البرجان 370 شقة.
وقد بدأ العمل في إنشاء العمارة في 30 أبريل (نيسان) عام 1938 وتكلف بناؤها مليونا ومائتي ألف جنيه مصري، وهو مبلغ ضخم جدًا بمقاييس العصر الذي بنيت فيه، حيث طرح مشروع تشييدها في مسابقة معمارية كبرى في ذلك الوقت، فاز بجائزته الأولى المهندسان المعماريان ماكس أدرعي وغاستين روسيو.
وقد كان للبناية نظام تدفئة خاص، حيث كان يتم وضع نفايات الشقق في مواسير ضخمة تصل إلى «بدروم» العمارة، حيث تحرق وتمد كل الشقق بوسائل تدفئة عبر مجموعة مواسير ضخمة موجودة حتى الآن، لكن النظام نفسه توقف، كما تحتوي البناية علي موقف كبير يسع لأكثر من مائة سيارة.
وعقب بناء العمارة، نشرت الشركة المالكة إعلانا في الصحف لتشجيع الناس على السكن بها، نظرا لارتفاع سعر إيجار الشقق بها في ذلك الوقت، والذي بلغ 12 جنيها مصريا للشقق الكبيرة، فيما كانت أغلب الشقق السكنية في ذلك الوقت تتراوح إيجاراتها ما بين جنيهين إلى ثلاثة جنيهات.
ومن بين النقاط الهامة التي ركزت عليها الشركة المالكة لترويج السكن بعمارة الإيموبيليا، كان وجود عدد كبير من المصاعد يقدر بنحو 27 مصعدا تخدم مختلف الفئات والمتطلبات، وبينها مصاعد مخصصة للزوار وأخرى مخصصة للأثاث.
وفي أعوامها الأولى، شهدت عمارة الإيموبيليا إقبالا كبيرا من صفوة المجتمع المصري للسكن بها، فسكنها المشاهير من السياسيين والأدباء وكبار الصحافيين والفنانين اللامعين ورجال المجتمع، ليطلق عليها المصريون «عمارة الزمن الجميل». لكن مع الوقت، ومع حركة الانتقال التي شهدها سوق العقارات المصرية إلى مناطق أخرى على أطراف العاصمة نتيجة ازدحام وسط القاهرة وتحوله إلى منطقة تجارية وإدارية، صار أغلب مستأجري شقق العمارة الشهيرة من المكاتب التجارية والشركات ومكاتب المحاماة والأطباء، وإن احتفظت البناية بشكل عام برونقها الخارجي حتى اليوم.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».