لا يزال سوق العقارات بالعاصمة الأميركية واشنطن مشتعلاً، حتى خلال الفترة بين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب)، وهي فترة عادة ما يتضاءل خلالها النشاط بدرجة بالغة، حسبما أوضح خبراء.
عن هذا، قالت دونا إفرز، مالكة شركة «إفرز آند كو ريال استيت» في واشنطن: «تعتبر واشنطن العاصمة سيدة السوق، حيث لم يشهد الطلب على المنازل داخل المدينة أي تباطؤ على الإطلاق هذا الصيف، على عكس المعتاد، ونتوقع من جانبنا استمرار الزخم خلال الخريف».
واستطردت إفرز أن المخزون حتى الآن لم يرتفع، ما خلق في الغالب ثقة في نفوس البائعين تجاه طرح منازلهم بالسوق بأسعار متواضعة لعلمهم أن المتسابقين على الشراء سيطرحون أسعارًا أعلى. وقالت إن «مواليد الفترة بين ثمانينات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي، إضافة لمواليد الفترة بين عامي 1946 و1964 يدفعون السوق العقارية بالمدينة. واكتسبت مسألة توافر وسائل النقل العامة وتوافر الخدمات الأساسية على مسافة قريبة أهمية أكبر عن أي وقت مضى، بسبب الازدحام المروري بالمنطقة».
من جهته، أشار جوناثان هيل، نائب رئيس شؤون التسويق والاتصالات بشركة «ماريس» في روكفيل لخدمات الإدراج المتعدد، إلى أن جميع المؤشرات ارتفعت حتى الآن خلال العام الحالي داخل العاصمة واشنطن. وتكشف الأرقام أن إجمالي المبيعات ارتفع بنسبة 5.4 في المائة ما بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2014. كما ارتفع متوسط سعر البيع بنسبة 5 في المائة، كما ارتفعت أعداد الوحدات المباعة بنسبة 2.7 في المائة، وبلغ متوسط عدد الأيام التي تراجعت خلالها السوق 0.75 في المائة. وأضاف هيل: «تمثل جميع هذه الأرقام دليلاً إضافيًا على مدى اشتعال السوق العقارية بالعاصمة بسبب عدم توافر مخزون»، واستطرد بأنه «حتى حال ارتفاع المخزون قليلاً، فإنه سيبقى بعيدًا للغاية عن نقطة الذروة بالنسبة للسوق».
من جهتها، أوضحت نيلا ريتشاردسون، الخبيرة الاقتصادية البارزة لدى مؤسسة «ريدفين» في واشنطن، أن العاصمة تعد أقل الأسواق موسمية في المنطقة. وأضافت: «تباطأت وتيرة المبيعات قليلاً في أغسطس نظرًا لسفر الكثيرين، لكن يبدي الكثير من المشترين هنا عدم اهتمامهم بالجدول الزمني للدراسة بالمدارس، الذي يحدد جزءًا كبيرًا من الطابع الموسمي للمبيعات في نورزرن فيرجينيا وماريلاند». وأعربت عن اعتقادها بأنه «من المحتمل أن نشهد ارتفاعًا في المنازل المدرجة للبيع بعد عيد العمل عندما يعود الناس من عطلاتهم. ولا أتوقع أن تتباطأ وتيرة السوق مطلقًا داخل المدينة حتى أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) أو ديسمبر (كانون الأول)».
وقالت ريتشاردسون إن «المنازل المخصصة لأسرة واحدة هي أكثر فئات المنازل التي تشهد إقبالاً عليها داخل المدينة والأكثر صعوبة في الحصول عليها». وأضافت: «إننا نعاين زيادة أكبر قليلاً في الشقق الصغيرة التي تضم غرفة نوم واحدة في المدينة، لأن المشترين يرغبون في مساحة أكبر قليلاً.. وربما نشهد في نهاية الأمر انخفاضًا في أسعار هذه الشقق الصغيرة».
أما هيل فيرى أن الشريحة الأكبر من المبيعات تتمثل في المنازل المنفصلة المخصصة لأسرة واحدة، التي تضم ما بين أربع وخمس غرف نوم، وتتراوح أسعارها بين مليون دولار و2.5 مليون دولار.
ويوضح مؤشر متابعة السوق السكنية لدى «ريدفين» أن الأسعار استمرت في الارتفاع داخل المدينة، وأن المنازل لا تزال تباع بسرعة. وتعد منطقة ماونت بليزنت أسرع ضواحي المدينة من حيث بيع المنازل، حيث تباع المنازل المعروضة في غضون أقل من أسبوع. أما متوسط عدد الأيام التي يبقى خلالها المنزل في السوق قبل بيعه على مستوى المدينة بأسرها فيبلغ 10 أيام فقط.
كما ارتفعت أسعار المبيعات بنسبة 50 في المائة في مناطق بيلفو وكونغرس هايتس وواشنطن هيلاندز، مقارنة بما كانت عليه في أغسطس 2014. كما ارتفعت أسعار المنازل المعروضة حديثًا للبيع بنسبة تقارب 60 في المائة في بليزنت بلينز مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. ورغم أن جورج تاون قد تبدو أقل نشاطًا مقارنة بيو ستري كوريدور وفورتينث ستريت نورث ويست، فإن قرابة نصف المنازل المباعة في جورج تاون بيعت بأكثر من السعر المطلوب خلال يوليو (تموز)، مما يكشف أن هذه الضاحية لا تزال مرغوبة من قبل الكثيرين.
وتكشف الأدلة الشفهية التي جمعتها «ريدفين» عن أن ثمة تغييرًا نفسيًا ربما قد طرأ على المشترين داخل العاصمة.
في هذا الصدد، قالت ريتشاردسون: «سمعنا أن المشترين سئموا من قلة المخزون ودخلوا في حروب مزايدة ضد بعضهم البعض. في مطلع العام وخلال العام السابق، شاهدنا مشترين يسعون لشراء أي شيء يقع تحت أيديهم، لكن المشترين أقل احتمالاً لأن يقدموا أسعارًا أعلى لشراء منزل. وقد اتسمت معدلات الرهن بالانخفاض لفترة طويلة للغاية لدرجة أن المشترين الآن يبدون أكثر استعدادًا للانتظار حتى يعثروا على العقار المناسب».
وتتوقع ريتشاردسون أن تتراجع تقديرات الأسعار في وقت لاحق من العام الحالي داخل العاصمة نظرًا لأن الأسعار ظلت ترتفع لفترة طويلة للغاية. أما إفرز، فأوضحت أنه منذ عام حتى الآن، بلغ متوسط أسعار المنازل 643 ألف دولار.
من ناحية أخرى، أشار دان فولتون، نائب رئيس شركة «جون بيرنز ريال استيت كونسلتينغ»، إلى أن «الطلب على المنازل يتحرك بصورة أساسية بدافع من التوظيف وثقة المستهلكين وتكوين الأسر الجديدة، وهي جميعها مؤشرات إيجابية بالمنطقة».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»