سوق العقارات «مشتعل» في واشنطن رغم برودة الطقس

استمرار الرواج في الأشهر الماضية مؤشر لـ«خريف» عقاري جيد

منزل يعود إلى عام 1914 في نورثويست بالعاصمة الأميركية واشنطن يقدر ثمنه بنحو 1.25 مليون دولار (واشنطن بوست)
منزل يعود إلى عام 1914 في نورثويست بالعاصمة الأميركية واشنطن يقدر ثمنه بنحو 1.25 مليون دولار (واشنطن بوست)
TT

سوق العقارات «مشتعل» في واشنطن رغم برودة الطقس

منزل يعود إلى عام 1914 في نورثويست بالعاصمة الأميركية واشنطن يقدر ثمنه بنحو 1.25 مليون دولار (واشنطن بوست)
منزل يعود إلى عام 1914 في نورثويست بالعاصمة الأميركية واشنطن يقدر ثمنه بنحو 1.25 مليون دولار (واشنطن بوست)

لا يزال سوق العقارات بالعاصمة الأميركية واشنطن مشتعلاً، حتى خلال الفترة بين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب)، وهي فترة عادة ما يتضاءل خلالها النشاط بدرجة بالغة، حسبما أوضح خبراء.
عن هذا، قالت دونا إفرز، مالكة شركة «إفرز آند كو ريال استيت» في واشنطن: «تعتبر واشنطن العاصمة سيدة السوق، حيث لم يشهد الطلب على المنازل داخل المدينة أي تباطؤ على الإطلاق هذا الصيف، على عكس المعتاد، ونتوقع من جانبنا استمرار الزخم خلال الخريف».
واستطردت إفرز أن المخزون حتى الآن لم يرتفع، ما خلق في الغالب ثقة في نفوس البائعين تجاه طرح منازلهم بالسوق بأسعار متواضعة لعلمهم أن المتسابقين على الشراء سيطرحون أسعارًا أعلى. وقالت إن «مواليد الفترة بين ثمانينات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي، إضافة لمواليد الفترة بين عامي 1946 و1964 يدفعون السوق العقارية بالمدينة. واكتسبت مسألة توافر وسائل النقل العامة وتوافر الخدمات الأساسية على مسافة قريبة أهمية أكبر عن أي وقت مضى، بسبب الازدحام المروري بالمنطقة».
من جهته، أشار جوناثان هيل، نائب رئيس شؤون التسويق والاتصالات بشركة «ماريس» في روكفيل لخدمات الإدراج المتعدد، إلى أن جميع المؤشرات ارتفعت حتى الآن خلال العام الحالي داخل العاصمة واشنطن. وتكشف الأرقام أن إجمالي المبيعات ارتفع بنسبة 5.4 في المائة ما بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2014. كما ارتفع متوسط سعر البيع بنسبة 5 في المائة، كما ارتفعت أعداد الوحدات المباعة بنسبة 2.7 في المائة، وبلغ متوسط عدد الأيام التي تراجعت خلالها السوق 0.75 في المائة. وأضاف هيل: «تمثل جميع هذه الأرقام دليلاً إضافيًا على مدى اشتعال السوق العقارية بالعاصمة بسبب عدم توافر مخزون»، واستطرد بأنه «حتى حال ارتفاع المخزون قليلاً، فإنه سيبقى بعيدًا للغاية عن نقطة الذروة بالنسبة للسوق».
من جهتها، أوضحت نيلا ريتشاردسون، الخبيرة الاقتصادية البارزة لدى مؤسسة «ريدفين» في واشنطن، أن العاصمة تعد أقل الأسواق موسمية في المنطقة. وأضافت: «تباطأت وتيرة المبيعات قليلاً في أغسطس نظرًا لسفر الكثيرين، لكن يبدي الكثير من المشترين هنا عدم اهتمامهم بالجدول الزمني للدراسة بالمدارس، الذي يحدد جزءًا كبيرًا من الطابع الموسمي للمبيعات في نورزرن فيرجينيا وماريلاند». وأعربت عن اعتقادها بأنه «من المحتمل أن نشهد ارتفاعًا في المنازل المدرجة للبيع بعد عيد العمل عندما يعود الناس من عطلاتهم. ولا أتوقع أن تتباطأ وتيرة السوق مطلقًا داخل المدينة حتى أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) أو ديسمبر (كانون الأول)».
وقالت ريتشاردسون إن «المنازل المخصصة لأسرة واحدة هي أكثر فئات المنازل التي تشهد إقبالاً عليها داخل المدينة والأكثر صعوبة في الحصول عليها». وأضافت: «إننا نعاين زيادة أكبر قليلاً في الشقق الصغيرة التي تضم غرفة نوم واحدة في المدينة، لأن المشترين يرغبون في مساحة أكبر قليلاً.. وربما نشهد في نهاية الأمر انخفاضًا في أسعار هذه الشقق الصغيرة».
أما هيل فيرى أن الشريحة الأكبر من المبيعات تتمثل في المنازل المنفصلة المخصصة لأسرة واحدة، التي تضم ما بين أربع وخمس غرف نوم، وتتراوح أسعارها بين مليون دولار و2.5 مليون دولار.
ويوضح مؤشر متابعة السوق السكنية لدى «ريدفين» أن الأسعار استمرت في الارتفاع داخل المدينة، وأن المنازل لا تزال تباع بسرعة. وتعد منطقة ماونت بليزنت أسرع ضواحي المدينة من حيث بيع المنازل، حيث تباع المنازل المعروضة في غضون أقل من أسبوع. أما متوسط عدد الأيام التي يبقى خلالها المنزل في السوق قبل بيعه على مستوى المدينة بأسرها فيبلغ 10 أيام فقط.
كما ارتفعت أسعار المبيعات بنسبة 50 في المائة في مناطق بيلفو وكونغرس هايتس وواشنطن هيلاندز، مقارنة بما كانت عليه في أغسطس 2014. كما ارتفعت أسعار المنازل المعروضة حديثًا للبيع بنسبة تقارب 60 في المائة في بليزنت بلينز مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. ورغم أن جورج تاون قد تبدو أقل نشاطًا مقارنة بيو ستري كوريدور وفورتينث ستريت نورث ويست، فإن قرابة نصف المنازل المباعة في جورج تاون بيعت بأكثر من السعر المطلوب خلال يوليو (تموز)، مما يكشف أن هذه الضاحية لا تزال مرغوبة من قبل الكثيرين.
وتكشف الأدلة الشفهية التي جمعتها «ريدفين» عن أن ثمة تغييرًا نفسيًا ربما قد طرأ على المشترين داخل العاصمة.
في هذا الصدد، قالت ريتشاردسون: «سمعنا أن المشترين سئموا من قلة المخزون ودخلوا في حروب مزايدة ضد بعضهم البعض. في مطلع العام وخلال العام السابق، شاهدنا مشترين يسعون لشراء أي شيء يقع تحت أيديهم، لكن المشترين أقل احتمالاً لأن يقدموا أسعارًا أعلى لشراء منزل. وقد اتسمت معدلات الرهن بالانخفاض لفترة طويلة للغاية لدرجة أن المشترين الآن يبدون أكثر استعدادًا للانتظار حتى يعثروا على العقار المناسب».
وتتوقع ريتشاردسون أن تتراجع تقديرات الأسعار في وقت لاحق من العام الحالي داخل العاصمة نظرًا لأن الأسعار ظلت ترتفع لفترة طويلة للغاية. أما إفرز، فأوضحت أنه منذ عام حتى الآن، بلغ متوسط أسعار المنازل 643 ألف دولار.
من ناحية أخرى، أشار دان فولتون، نائب رئيس شركة «جون بيرنز ريال استيت كونسلتينغ»، إلى أن «الطلب على المنازل يتحرك بصورة أساسية بدافع من التوظيف وثقة المستهلكين وتكوين الأسر الجديدة، وهي جميعها مؤشرات إيجابية بالمنطقة».

* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».