مستشار هادي لـ«الشرق الأوسط»: ملفات شائكة أمام الحكومة ولا حل سياسيًا إلا بتطبيق 2216

المقاومة تفشل محاولة تسلل الحوثيين إلى لودر بمحافظة أبين الجنوبية

ياسين مكاوي (في الاطار)، و الرئيس عبد ربه منصور هادي في عدن أول من أمس (ا ف ب)
ياسين مكاوي (في الاطار)، و الرئيس عبد ربه منصور هادي في عدن أول من أمس (ا ف ب)
TT

مستشار هادي لـ«الشرق الأوسط»: ملفات شائكة أمام الحكومة ولا حل سياسيًا إلا بتطبيق 2216

ياسين مكاوي (في الاطار)، و الرئيس عبد ربه منصور هادي في عدن أول من أمس (ا ف ب)
ياسين مكاوي (في الاطار)، و الرئيس عبد ربه منصور هادي في عدن أول من أمس (ا ف ب)

قال ياسين مكاوي، مستشار الرئيس اليمني: «أمام الرئاسة اليمنية ملفات شائكة كثيرة لمعالجتها في عدن، بعد عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن، الأربعاء الماضي».
وقام هادي، أمس، بزيارة تفقدية إلى عدد من مديريات وأحياء مدينة عدن، التي شهدت قتالا عنيفا، بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة والمسلحين الحوثيين وقوات المخلوع صالح من جهة أخرى، وهي المناطق التي لحق بها دمار كبير جراء الصراع المسلح. وقال ياسين مكاوي لـ«الشرق الأوسط»: «في مقدمة الملفات التي تعمل الرئاسة اليمنية على معالجتها، يأتي الملف الأمني وملف استيعاب المقاومين في مؤسسات الدولة وملف العيش الكريم لأسر الشهداء والملف السياسي، إضافة إلى ملف كبير وضخم هو إعادة الإعمار واستعادة سلطات الدولة»، مشيرا إلى أن وجود الرئيس عبد ربه منصور هادي في عدن يصب في هذا الاتجاه.
وفي الجانب السياسي، أكد مكاوي استمرار مساعي الأمم المتحدة لإيجاد الحلول السياسية في اليمن «المرتكزة على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216»، وأضاف: «نحن اليوم موجودون على الأرض، وأعتقد أن الأمر يتطلب أن تصب الجهود في اتجاه تحقيق السلم والسلام بتنفيذ قرار 2216»، مؤكدا أنه «بغير تنفيذ القرار، فإن الأمور تجري في غير سياقها الصحيح، وأن من يفكر في الالتفاف على القرار الأممي، لا يجانبه الصواب».
وحول الملف الأمني وغياب أجهزة الأمن والشرطة من عدن وانتشار ظاهرة حمل السلاح، قال مستشار هادي لـ«الشرق الأوسط» إن «عدن مدينة مدنية، وقد وجد فيها السلاح نتيجة لظرف العدوان عليها، وقد اضطر أبناء هذا الشعب ومقاومته أن يحملوا هذا السلاح، وإن هناك بداية لعودة الحياة الطبيعية إلى عدن، من خلال عودة رجال المرور، وهذا يؤسس لعودة رجال الأمن إلى الشارع واختفاء مظاهر السلاح من الشارع». وأعرب المستشار مكاوي عن اعتقاده أن الأمور التي تجري حاليا، في ظل توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي، تصب في اتجاه أن يختفي السلاح من الشوارع في عدن، وقال إن «أبناء هذه المدينة ليسوا بحاجة إلى حمل السلاح في الشارع أو في أي مكان آخر، إلا دفاعا عن أرضهم وعرضهم ولكنهم سيجنحون إلى طبيعتهم وتركيبتهم في السلم، وستختفي مظاهر السلاح في أول ظهور لمراكز الشرطة وقوى الأمن». وشدد مكاوي على ضرورة سرعة استيعاب المقاومة في الاتجاهات الثلاثة؛ الأول إلحاق من يريد منهم بقوات الجيش الوطني، والثاني إلحاق من يرغب منهم في الالتحاق بقوات الأمن، والثالث في ما يتعلق بمن يريد الالتحاق بالوظائف المدنية العامة. كما شدد على ضرورة المسارعة في هذه الخطوات، وعلى أن المواطن بحاجة إلى الأمن والسلم والغذاء والنفط وغيرها من المتطلبات الضرورية والعاجلة.
على صعيد آخر، أفشلت المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني، أمس، محاولة للميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح للتسلسل إلى محافظة أبين الجنوبية، وقالت مصادر خاصة في محافظة أبين اليمنية الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» الجمعة إن «قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، تمكنت من إفشال محاولة تسلل قام بها مسلحون حوثيون وقوات موالية للمخلوع صالح، في منطقة عقبة ثرة»، حيث أفادت المصادر بأن عناصر الميليشيات حاولوا النزول من الجبل نحو مدينة لودر بمحافظة أبين الجنوبية، قادمين من المناطق المتاخمة في محافظة البيضاء الشمالية، وذكرت المصادر أيضا أن قوات الجيش الوطني والمقاومة استخدمت المدفعية والكاتيوشا لصد محاولة التسلل، وعززت مواقعها في تلك المنطقة التي تعد استراتيجية من الناحية العسكرية في الصراع الدائر في اليمن. وقد شهدت هذه المنطقة مواجهات عنيفة، الفترة الماضية، حيث تعد تلك العقبة الجبلية، طريقا مهما لإيصال إمدادات الحوثيين بين شمال وجنوب البلاد. وأشارت مصادر في أبين لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحوثيين تكبدوا خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات أثناء محاولاتهم المتكررة، أمس.
إلى ذلك، واصلت طائرات التحالف بقيادة السعودية، غاراتها على عدد من مواقع الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح في عدد من المحافظات، فقد سقط عدد من القتلى في صفوف الميليشيات في قصف استهدف مقر هيئة تطوير تهامة، بمحافظة الحديدة، في غرب البلاد، كما شنت طائرات التحالف مزيدا من الغارات على مواقع للحوثيين وقوات الرئيس السابق صالح في العاصمة صنعاء في صعدة، حيث استهدف التحالف بطائراته عددا كبيرا من مواقع الميليشيات في مديريتي كتاف ورازح، حيث أفادت مصادر محلية وقوع عشرات الغارات في تلك المناطق، التي تتخذ منها الميليشيات مواقع للاختباء وتخزين الأسلحة وشن الهجمات على الأراضي السعودية. واستهدفت الغارات، أيضا، معسكر المشاة والتدريب الجبلي في مدينة ذمار، وبحسب مراقبين في اليمن، فإن ضربات التحالف الجوية المتواصلة، تحد من تحركات الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح وتحركاتها بين المحافظات، إضافة إلى أنها تطاردها من مواقع تمركزها في العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات والمديريات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.