الحكيم يدعو إلى مؤتمر «الجوار» لانتشال العراق من الفوضى

تشكيك من قوى سياسية في جدية الخطوة وسط خلافات تصل لحد التناقض

رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق عمار الحكيم يؤم المصلين من الشيعة في أول أيام عيد الأضحى المبارك في بغداد أمس (أ.ب)
رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق عمار الحكيم يؤم المصلين من الشيعة في أول أيام عيد الأضحى المبارك في بغداد أمس (أ.ب)
TT

الحكيم يدعو إلى مؤتمر «الجوار» لانتشال العراق من الفوضى

رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق عمار الحكيم يؤم المصلين من الشيعة في أول أيام عيد الأضحى المبارك في بغداد أمس (أ.ب)
رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق عمار الحكيم يؤم المصلين من الشيعة في أول أيام عيد الأضحى المبارك في بغداد أمس (أ.ب)

بدأت بعض القوى السياسية في العراق برفع صوتها عاليًا في مطالبة بعودة العلاقات العراقية إلى الدول العربية، وخصوصًا دول الجوار بعد اختطافه من قبل بعض السياسيين أو الجماعات الإرهابية، لتطلق مبادرات بمؤتمر دولي لانتشال العراق.
ودعا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق عمار الحكيم الدول المجاورة للعراق والتي من أهمها السعودية ومصر وتركيا بالإضافة إلى إيران إلى دعم العراق في حربه ضد الإرهاب والذي يتزامن مع عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب.
وقال الحكيم أمس إن «العراق جزء مهم وحساس من هذه المنطقة الحيوية من العالم، وكل دول المنطقة تعاني من أزمات كبيرة وصراعات مفتوحة»، مبينًا أن «العراق أصبح مدخلاً لهذه الصراعات ومحطًا للأزمات». وأضاف الحكيم، أن «الصراعات في المنطقة وصلت إلى أعلى درجاتها التصعيدية.. ودول بأكملها أصبحت دولاً متعثرة ومفككة».
وأعرب الحكيم، عن أمله بأن «تستجيب القوى الكبيرة والمؤثرة لتلك الدعوة»، مؤكدًا أن «صراعات المنطقة لم تعد مشكلات أحادية أو ثنائية وإنما أصبحت مشكلات وصراعات إقليمية لا حل لها إلا بتضافر الجهود الإقليمية بمساندة دولية».
وجاءت دعوة الحكيم للسعودية بعد أن أعلنت فيه الرياض عن مباشرة طاقمها الدبلوماسي العمل في السفارة السعودية في بغداد بعد العيد، فيما أعلنت دولة قطر عن تسمية سفير لها في بغداد، وهو أمر يعده المراقبون السياسيون في العاصمة العراقية بغداد بأنه أول محاولة لكسر الجمود في العلاقات العراقية - الخليجية منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003.
إلى ذلك أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الوقت الذي تتطلع القوى العراقية إلى بناء علاقات حقيقية مع دول الجوار ودول المنطقة على أساس المصالح المشتركة، إلا أن هنالك اختلافات في وجهات النظر تصل إلى حد التناقض مما يجعل أي كلام عن تصحيح العلاقات مع هذه الدولة أو تلك يدخل في إطار من الجدل والشكوك والاتهامات.
وأضاف كربولي أن الزيارة التي قام بها رئيس البرلمان الدكتور سليم الجبوري إلى قطر التي تزامنت مع عقد مؤتمر لعدد من قوى المعارضة العراقية في الدوحة أثير حولها كثير من الشكوك والملابسات والتي وصلت حد جمع تواقيع لإقالة الجبوري.
وأشار الكربولي إلى أن «الحاجة لا تزال ماسة لإعادة الثقة المفقودة بين الأطراف العراقية بحيث تكون لدى العراقيين رؤية موحدة يمكن أن تقدم لدول الجوار التي لديها هي الأخرى مواقف متباينة من الشأن العراقي».
وأوضح الكربولي أن «دول الجوار لن تستطيع فعل شيء للعراق في ظل استمرار الخلافات والتنصل من الالتزامات وأبرزها قانون الحرس الوطني الذي اتفق عليه ضمن وثيقة الاتفاق السياسي، الذي شكلت الحكومة الحالية بموجبه، وأنه لا يوجد الآن إرادة لتشريعه، وهو ما يعني زيادة الفجوة على صعيد أزمة الثقة بين الأطراف السياسية.
وبالعودة إلى الحكيم، فقد دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى أن يكون أكثر صبرًا على السياسيين. مشيرًا إلى أن انشغال القوى السياسية بالصراعات الفئوية والحزبية الضيقة والسماح بالتدخلات الخارجية ضيع فرصًا كبيرة كان من الممكن تعويضها.
وقال الحكيم إن الحكومة تسعى لإنتاج رؤية لمشروع دولة ولديها الإرادة لبناء دولة وتحتاج الدعم والمساندة من الجميع، مطالبًا الحكومة بأن تكون أكثر وضوحًا وصريحة وشفافة مع القوى الأخرى، وشدد الحكيم على ضرورة استثمار الدعم الذي تقدمه المرجعية الدينية في خلق شراكات حقيقية من أجل الانطلاق بالإصلاحات الجذرية المهمة.
ودعا الحكيم، رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى أن يكون أكثر صبرًا على السياسيين، وأكثر إقدامًا في إجراء الإصلاحات الجذرية الفعالة، وأكثر تواصلاً كي يشرح سياساته ويوضح خطواته ويفسر رؤيته وبرنامج عمله، مشيرًا إلى أن التواصل سيخلق تفاهمًا مشتركًا؟
وحمل الحكيم، التيارات الإسلامية مسؤولية عدم تقديمهم نماذج كافية من شخصيات قيادية متمكنة في إدارة الدولة ووضع الخطط الصحيحة، وعدم اتفاقهم على مشروع موحد لبناء الدولة، وعدم إنشاء مؤسسات سياسية داخل أحزابهم وتياراتهم غير القادرة على إنتاج جيل سياسي متمكن من أدوات السلطة وإدارة الدولة.
وفي هذا السياق، أكد عضو البرلمان العراقي عن دولة القانون صادق اللبان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة التي تواجههم أنه لا توجد جدية لدى كل الأطراف في التعامل مع الإصلاحات، حيث إن كل الكتل السياسية تعمل على الحفاظ على وضعها ومكتسباتها وحين تتحدث عن الإصلاحات فإنها تكتفي بركوب الموجة الجماهيرية فقط دون أن يكون لديهم مشروع متكامل لدعم الإصلاحات».
وأضاف اللبان أن «الكتل السياسية تفتقر إلى الجدية في دعم الحكومة التي تريد أن تعمل وفقًا لحزم الإصلاحات التي قدمتها والتي من شأنها تلبية جزء كبير من حاجة الشارع العراقي إلى التغيير لو لم تقف إرادة غالبية الكتل السياسية بالضد من الإصلاحات التي لا يراد لها أن تكون جادة وحقيقية وبالتالي تبقى الحاجة ماسة إلى وضع آليات مناسبة لتطبيق الإصلاحات في مختلف الميادين لا سيما الخدمية والاقتصادية».



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.