بينما عقد وزراء داخلية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اجتماعا في بروكسل أمس حول أزمة اللاجئين، واصل رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، الكثير من اللقاءات والاتصالات على مستويات متعددة لتكثيف عملية البحث عن حل للانقسامات الحالية بين الدول الأعضاء حول التعامل مع ملف اللاجئين، بينما شددت بودابست مرة جديدة تدابيرها للتصدي للهجرة بالسماح خصوصا للجيش باستخدام أسلحة غير فتاكة حيالهم.
وأفادت مصادر مقربة من رئاسة الاتحاد الأوروبي التي تتولاها حاليا لوكسمبورغ لـ«الشرق الأوسط» أن الدول الـ28 قد تتفق على نص لا يشير إلى توزيع «إلزامي» للمهاجرين فيما يتعلق بنظام الحصص.
وغداة اجتماع وزراء الداخلية يعقد رؤساء الدول والحكومات قمة استثنائية اليوم، تعتبر بمثابة اختبار صعب للقادة بل فرصة أخيرة للأوروبيين، بحسب الكثير من المراقبين.
ومنحت المجر التي عبرها منذ بداية السنة 225 ألف مهاجر، الشرطة والجيش الاثنين صلاحيات جديدة في إطار «وضع الأزمة الناتج عن هجرة كثيفة».
وأجاز البرلمان المجري للجيش استخدام الرصاص المطاط ضد المهاجرين الذين يحاولون دخول البلاد بطريقة غير قانونية. وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان أمام البرلمان إن «حدودنا في خطر، المجر وأوروبا برمتها في خطر»، معتبرا أن المهاجرين «يغرقوننا». وقال إنهم «لا يقرعون بابنا بل يقتحمونه».
وأعربت منظمة «لجنة هلسنكي» غير الحكومية عن قلقها لهذا التدابير الجديدة مشيرة إلى أنها تستهدف لاجئين هربوا من الحرب والإرهاب وتعرضوا لتجاوزات الشرطة والجيوش في بلدانهم. وحسبما جاء على لسان المتحدث باسم المفوضية الأوروبية في بروكسل ماغريتس شيناس «مخططنا ليس مثاليًا، لكننا لا نملك غيره حاليًا»، وأكد المتحدث على ضرورة أن تتوصل الدول الأعضاء إلى اتفاق على رؤية شاملة للتعامل مع مشكلة اللاجئين، «نحن نرفض الدخول في لعبة تبادل الاتهامات والمهاترات، فالأمر لن يسهم في حل الأزمة»، ويتضمن مخطط المفوضية إجراءات من أجل إعادة توزيع 120 ألف طالب لجوء على الدول الأعضاء بموجب حصص إلزامية، وكذلك إقامة مراكز تسجيل في الدول التي يدخلها المهاجرون أولاً، بالإضافة إلى الكثير من الإجراءات المتعلقة بترحيل من لا يستحقون الحماية الدولية في أوروبا وتتضمن مقترحات المفوضية أيضًا بعض الإجراءات «المشددة» ضد الدول التي ترفض الانصياع للقوانين الأوروبية.
من جانبه انتقد جياني بيتيلا زعيم كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية في البرلمان الأوروبي مشروع القرار الذي أقره البرلمان المجري والذي يتضمن تحميل الاتحاد الأوروبي مسؤولية موت المهاجرين، وينص أيضا على السماح بتدخل الجيش باستخدام القوة غير المفرطة ضد المهاجرين على الحدود بين المجر وصربيا، وفي بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، قال بيتيلا إن «رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان وحزبه، ذهبا بعيدا بالموافقة على مشروع قرار مثل هذا وكان من الأفضل ألا يفعل أوروبان مثل هذا الأمر، ويجب أن يشعر بالعار مما فعله، لأنه تسبب في تعطيل التوصل إلى اتفاق حول سياسية موحدة للهجرة واللجوء، خلال العامين الماضيين، وبدلا من البحث على حلول اختار بناء الجدار العازل، ونشر الجيش على الحدود».
وقال بيتيلا إن «مسألة المهاجرين هي مسألة إنسانية وليست عسكرية ومسألة نشر قوات عسكرية لمراقبة الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي كانت تجرى فقط في الماضي»، ودعا جياتبي وزراء الداخلية في دول الاتحاد للموافقة على خطط المفوضية الأوروبية.
وحول اجتماع أمس وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال جان بيرناس، المتحدث ومدير مكتب رئيس كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية في البرلمان الأوروبي، إنه «يتوقع أن تظهر حكومات الدول الأعضاء خلال الاجتماع الوزاري المزيد من التضامن وتقاسم المسؤوليات، من خلال الموافقة على المقترحات التي تقدمت بها المفوضية الأوروبية، وبالتالي يمكن أن يشكل الاجتماع الجديد فرصة لإنهاء خلافات سابقة».
وحول التحرك المقبل في حال فشل الوزراء من جديد في اتخاذ قرار مشترك، وهل هناك حاجة إلى عقد القمة الأوروبية الطارئة، قال المتحدث باسم كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين، إنه لا يريد أن يسبق الأحداث، ويفضل انتظار ما سوف يسفر عنه الاجتماع الوزاري. وعن القمة الطارئة لمناقشة الأزمة قال «أعتقد أن الوزراء يمكن لهم اتخاذ قرار، والأمور تحتاج إلى التحرك بشكل سريع لمواجهة الوضع الحالي، والنظر في الخطوات القادمة في إطار رد أوروبي موحد وقوي».
وأكدت بلدان أوروبا الوسطى المتحفظة على فرض نظام حصص إلزامية لتوزيع المهاجرين في أوروبا، حرصها الاثنين على التوصل إلى اتفاق أوروبي حول هذه المسألة. وزير الخارجية التشيكي لوبومير زاوراليك في ختام لقاء مع نظرائه من لوكسمبورغ وبولندا والمجر وسلوفاكيا ولاتفيا في براغ، أن «جميع المشاركين في الاجتماع متمسكون جدا بفكرة التوصل إلى موقف مشترك». وأضاف أن «أوروبا تحتاج إلى عمل جماعي لمعالجة وضع ضاغط جدا بأسرع ما يمكن».
وتبنى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لهجة شديدة حيال الدول التي ترفض مبدأ الحصص، معتبرا أنه «لا يمكن لأي بلد (أوروبي) إعفاء نفسه»، من هذا التقاسم للمهاجرين «عملا بحق اللجوء»، بينما أخفق الاتحاد الأوروبي في التوافق على توزيع 120 ألف لاجئ. لكن بولندا أبدت استعدادها لاستقبال عدد من اللاجئين يتجاوز الحصص المقترحة، شرط أن يكثف الاتحاد الأوروبي مراقبة حدوده الخارجية ويضع «قائمة مشتركة بالدول التي تعتبر آمنة». ويعتبر هذا الموقف بمثابة طلب ضمني للسماح بإعادة المهاجرين الاقتصاديين الذين وفدوا من دول البلقان مثل كوسوفو وألبانيا إلى بلدانهم. وإضافة إلى قضية توزيع المهاجرين الشائكة، سيبحث الأوروبيون تدابير أخرى عاجلة لاحتواء هذه الأزمة. وفي هذا السياق، دعا رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز إلى تخصيص «أكبر قدر من الأموال» لمساعدة البلدان الثلاثة التي تستقبل نحو أربعة ملايين لاجئ سوري على أراضيها، أي الأردن وتركيا ولبنان. وفي مؤشر إلى خطورة أزمة المهاجرين في أوروبا والتي تضاف إلى التوتر داخل منطقة اليورو، أعلن شولتز أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيقومان بـ«زيارة تاريخية» للبرلمان الأوروبي في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
واعتبرت المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة أن مجلس أوروبا الذي يجتمع اليوم سيكون على الأرجح «الفرصة الأخيرة لأوروبا للتوصل إلى رد موحد ومتماسك» على أخطر أزمة هجرة تواجهها أوروبا منذ 1945. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن «قلقه البالغ لتدهور وضع اللاجئين والمهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا»، ودعا «البلدان الأوروبية إلى احترام التزاماتها الدولية، بما فيها الحق في البحث عن بلد لجوء ومنع الطرد والإبعاد».
من جهته، شدد مدير وكالة فرونتكس الأوروبية لمراقبة حدود الاتحاد الخارجية فابريس ليغيري أمس على ضرورة «الإسراع» في إقرار سياسة أوروبية حدودية «متجانسة» مطالبا الاتحاد الأوروبي أيضا بتقديم مزيد من «الدعم البشري» لمراقبة الحدود.
خطة الاتحاد الأوروبي لحل أزمة اللاجئين تواجه انتقادات عنيفة
قمة اليوم الطارئة تشكل الفرصة الأخيرة للخروج من الأزمة
خطة الاتحاد الأوروبي لحل أزمة اللاجئين تواجه انتقادات عنيفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة