رفض الجنرال جيلبير ديانديريه، زعيم الانقلابيين في بوركينا فاسو، أمس، الاستسلام بناء على طلب الجيش، الذي انتشر في وقت متأخر من مساء أول من أمس في العاصمة، لكنهم وعدوا بأنهم سيقبلون بقرارات وساطة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي تجتمع اليوم في نيجيريا.
وقال الجنرال ديانديريه، قائد لواء الأمن الرئاسي، الذي قاد الانقلاب للصحافيين أمس: «نحن لا نرغب في القتال، لكن سندافع عن أنفسنا بالتأكيد.. لقد بدأنا محادثات وتبادلنا آراء مثمرة جدًا، وهذه المحادثات تواصلت صباح اليوم (أمس) لنجد حلاً لهذه المشكلة».
وأضاف ديانديريه مؤكدًا رغبته في حقن الدماء: «نحن لا نرغب في سفك الدماء للبقاء في أي سلطة، وسفك الدماء والمجازر لا تفيد في شيء.. نريد أن نناقش وأن نجد معهم أرضية للتفاهم بشكل سلمي قدر الإمكان لتجنب التسبب في مشكلات للسلام».
وقبل ساعات على هذه التصريحات، أفرج الانقلابيون عن رئيس الوزراء الانتقالي إسحاق زيدا، إذ قالت مصادر رسمية إن زيدا الذي كان من الشخصيات الأساسية في المرحلة الانتقالية، غادر القصر الرئاسي، حيث كان يخضع «للإقامة الجبرية» إلى مقر إقامته الرسمي في حي الوزارات بالعاصمة.
وكان زيدا قد تولى منصب رئيس الدولة لفترة قصيرة بعد سقوط الرئيس كومباوري، الذي أطاحته مظاهرات الشارع في 2014، وكان قبل الانقلاب على خلاف مع لواء الحرس الرئاسي، مع أنه كان مساعد قائده.
وكان ديانديريه قد صرح لوكالة الصحافة الفرنسية بأنه يجري مفاوضات مع القادة العسكريين في البلاد لضمان انسحاب الوحدات العسكرية من العاصمة، وقال بهذا الخصوص: «نحن نواصل المفاوضات لدفعهم إلى الرحيل»، مؤكدًا أن الانقلابيين سيدافعون عن أنفسهم إذا تعرضوا لهجوم، وأن مئات العسكريين الذين تدفقوا على العاصمة «تأثروا سلبًا ببعض الأشخاص، ولم يتم إطلاعهم بشكل صحيح على المعلومات»، لكن من دون أن يضيف أي تفاصيل.
إلا أن الجنرال ديانديريه، الذي وصل إلى السلطة بانقلاب في 17 سبتمبر (أيلول) الحالي، أكد بالمقابل أنه «سيأخذ في الاعتبار أي قرار تتبناه المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا».
وينص مشروع الخروج من الأزمة، الذي تقدمت به مجموعة غرب أفريقيا، وتم تدارسه أمس في قمة طارئة في أبوجا، على إعادة السلطة الانتقالية، والعفو عن الانقلابيين، ومشاركة مقربين من الرئيس السابق بليز كومباوري في الانتخابات، وهو مطلب أساسي للانقلابيين.
لكن مشروع الاتفاق هذا يثير غضب المجتمع المدني، حيث أكد معظم السكان الذين تم استجوابهم بهذا الخصوص أن الخطة «غير مقبولة».
وأفادت حصيلة طبية أن أعمال العنف التي رافقت الانقلاب أسفرت عن سقوط عشرة قتلى على الأقل، و113 جريحًا، بينما انتشرت القوات التابعة للجيش، التي دخلت العاصمة ليل الاثنين من دون مقاومة، والتي تلقى دعمًا شعبيًا، في ثكنات واغادوغو.
وفي هذا الشأن قال الكولونيل سيرج الآن ويدراوغو، نائب قائد الدرك، إن «كل الوحدات التي تحركت الاثنين لدخول العاصمة دخلت إلى واغادوغو، والآن يجب الحصول على استسلام لواء الحرس الرئاسي من دون إطلاق نار». من جهته، أعلن ديانديريه أن جنديًا من لواء الأمن الرئاسي قتل مساء أول من أمس، وجرح آخر في هجوم في محيط واغادوغو، موضحًا أن الأمر لا يتعلق بأي اشتباك مع الجيش.
وساد الهدوء أمس محيط القصر الرئاسي، الذي تحميه قوات لواء الأمن الرئاسي في أجواء من الانفراج. وفي ساحة الثورة، التي كانت مركز الحركة الاحتجاجية في 2014 للمطالبة برحيل كومباوري، تجمع مئات الأشخاص للتعبير عن دعمهم للجيش الموالي للنظام الانتقالي، وشجعوا بهتافاتهم الجنود عند مرورهم.
وبهذا الخصوص قال فوسيني تراوري، العاطل عن العمل: «نحن هنا لتشجيع القوات ونحن مستعدون للموت. أريد بالتأكيد أن أقاتل في صفوف الجيش. نحن نموت حاليًا وعلى الأقل سيكون لموتي معنى».
ومنذ الانقلاب بقي الجيش متحفظًا، وقد استولى الجنرال ديانديريه القريب من كومباوري على السلطة، نافيًا في الوقت نفسه أن يكون يتحرك بأوامر من الرئيس المخلوع. وخلال تقدمه في المناطق خارج العاصمة، لقي الجيش ترحيبًا من السكان، الذين اصطفوا على جانبي الطريق لتحيته، كما ذكر شهود عيان على الطرق من الشرق والغرب.
من جهته، دعا الاتحاد الأوروبي أفراد الحرس الرئاسي إلى «تسليم أسلحتهم بلا شروط»، إذ قالت وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني في بيان، إن «الاتحاد الأوروبي يوجه نداء من أجل فعل كل شيء لتجنب مواجهات مسلحة»، مضيفة أن الاتحاد «يطلب من أعضاء لواء الحرس الرئاسي تسليم أسلحتهم بلا شروط، وتسليم السلطة فورًا إلى السلطات المدنية الشرعية»، مشيرة إلى «رفض الاتحاد الأوروبي لأي استيلاء على السلطة بالقوة».
الانقلابيون في بوركينا فاسو يرفضون الاستسلام.. ويؤكدون قبولهم بالوساطة
الاتحاد الأوروبي يطالب بتسليم السلطة فورًا إلى السلطات المدنية الشرعية
الانقلابيون في بوركينا فاسو يرفضون الاستسلام.. ويؤكدون قبولهم بالوساطة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة