الملك عبد العزيز والإعلام.. عبقرية فطرية للتعامل مع الأحداث والزعامات

حوارات صحافية للمؤسس وظفها لخدمة بلاده الناشئة وتعزيز مراكز قوته مع الدول

الملك عبد العزيز يوقع في سجل الزيارات خلال زيارته للمتحف الزراعي المصري
الملك عبد العزيز يوقع في سجل الزيارات خلال زيارته للمتحف الزراعي المصري
TT

الملك عبد العزيز والإعلام.. عبقرية فطرية للتعامل مع الأحداث والزعامات

الملك عبد العزيز يوقع في سجل الزيارات خلال زيارته للمتحف الزراعي المصري
الملك عبد العزيز يوقع في سجل الزيارات خلال زيارته للمتحف الزراعي المصري

في ما يمكن اعتباره تاريخا مرئيا يوثق جزءًا من تاريخ السعودية ومؤسسها الملك عبد العزيز، يملك باحث سعودي متخصص في الصور القديمة، صورًا نادرة للملك عبد العزيز، بالإضافة إلى عدد من الصحف والمجلات العربية والأجنبية والمحلية، التي تمثل زيارات الملك المؤسس ولقاءاته قادة ومسؤولي دول عالمية وإسلامية وعربية، فيما يمكن اعتباره تاريخا مرئيا يوثق هذه الأحداث.
وقال الباحث عدنان الطريف لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الصور توثق رحلة من العقود تحققت فيها على يد الملك المؤسس إنجازات عظيمة وأمر مذهل في فترات ذات شأن من تاريخ المنطقة والعالم، ولعل أبرزها تحقيق وحدة الجزيرة العربية بعد أن أنهى الملك عبد العزيز كل أشكال الصراعات والنزاعات فيها، وتوجها بتأسيس السعودية، وإقامة دعائم دولة عظيمة سجلت حضورها الديني والسياسي والاقتصادي على خريطة العالم، مشيرًا إلى أن الصور تضم أول صورة التقطت للملك في الكويت عام 1910م، وحتى وفاته عام 1953م، وكان ذلك حافزًا له لجمع هذه الصور، لافتًا إلى الصعوبات التي واجهها في الحصول على الصور والصحف والمجلات، حيث استلزم ذلك جهودًا مضنية من خلال زيارة مراكز الأبحاث والمتاحف والمكتبات، ولقاء أحفاد المصورين والرحالة والمؤرخين الذين زاروا السعودية في فترات متباعدة، بالإضافة إلى زيارة المزادات العالمية المتخصصة في مثل هذا النشاط والحصول على الصور والصحف والمجلات التي أبرزت لقاءات الملك المؤسس، وذلك عن طريق الشراء المباشر بمبالغ كبيرة.
وعدّ الطريف أن دافعه لجمع هذه الصور وإقامة معارض لها، وكان آخرها المعرض الذي أقامه في مارس (آذار) من عام 2010، وحضره الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، يأتي في سياق إعجابه الشديد ومحبته للملك المؤسس الذي يعد من أعظم شخصيات العالم في العصر الحديث، بالإضافة إلى تقديره لأبنائه من بعده الذين ساروا على نهج والدهم بالحفاظ على هذا الكيان ومكتسباته وتحقيق النماء والتطور له، كما يقدم المعرض لأبناء الوطن تاريخًا مرئيًا يوثق فترة مهمة في مسيرته الطويلة وجهود الملك المؤسس وأبنائه من بعده.
وذكر الباحث السعودي أن الملك عبد العزيز التقى خلال فترة حكمه عددًا كبيرًا من الشخصيات العربية والإسلامية والأجنبية البارزة خلال زيارتهم له، أو زيارته لهم، أو ممن جاءوا للحج ونزلوا في ضيافته، مركزًا على الزيارات الخارجية للملك إلى البحرين والبصرة ومصر، موردًا قائمة بأهم الشخصيات العالمية والإسلامية والعربية التي غطاها المعرض؛ وهم: الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في البحيرات المرة بقناة السويس بمصر عام 1945م، وونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا، ووزير خارجيته أنطوني إيدن، في الفيوم بمصر عام 1945م، والملك فاروق الأول مللك مصر، ومحمود فهمي النقراشي باشا رئيس وزارته، في ينبع عام 1945م وفى القاهرة مرة أخرى عام 1946م، والملك فيصل الأول ملك العراق في عرض الخليج العربي في فبراير (شباط) 1930م، وشكري القواتلي الرئيس السوري الذي وصل إلى مكة المكرمة في فبراير 1926م لتهنئة الملك عبد العزيز بفتح الحجاز.. ثم التقاه مرات كثيرة واحدة منها في مكة وأخرى في القاهرة عام 1945م، ونورى السعيد رئيس وزراء العراق، ثم وزير الخارجية التقاه عدة مرات، آخرها بمخيم الملك في «روضة التنهات» شرق نجد في أبريل (نيسان) 1940م.
وضمت قائمة الشخصيات أيضا، توفيق السويدي وزير الخارجية العراقي، الذي التقاه الملك المؤسس عدة مرات، ورشيد عالي الكيلاني رئيس وزراء العراق الذي لجأ إلى الملك عبد العزيز وأقام في حماه ضيفا لأكثر من خمس سنوات، والحاج أمين الحسيني مفتى فلسطين ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى، والأمير أحمد وحيد الدين حفيد السلطان العثماني عبد العزيز، أحد أمراء آل عثمان، وقد حل ضيفا على الملك عبد العزيز في موسم الحج، وأشار إليه الملك في خطبته أمام ضيوفه في موسم الحج بقوله: «لقد أوذينا في سبيل الدعوة إلى الله وقوتلنا قتالا شديدا، ولكنا صبرنا وصمدنا. إن أظلم من حاربناهم أجداد هذا الرجل (وأشار إليه)»، والسيد أحمد الشريف السنوسي، المجاهد الليبي (المولود في 1290هـ) الذي وصل إلى مكة في 5 شعبان عام 1343هـ، وأدى فريضة الحج، ثم سافر إلى اليمن وعسير في أواخر شوال عام 1345هـ/ مايو (أيار) 1927م، وبقى في الحجاز مأجورا، في كنف الملك عبد العزيز، وكان موضع عنايته، حتى توفي بالمدينة المنورة في 13 من ذي القعدة 1351هـ/ 10 مارس 1933م، وأمان الله خان ملك أفغانستان المخلوع، عندما جاء إلى الحج عام 1349هـ/ 1931م، قادمًا من نابولي بإيطاليا، وشيوخ الكويت مثل الشيخ مبارك، والشيخ أحمد جابر، والشيخ سلمان الحمود، والشيخ عبد الله سالم. وقدم وفد منهم إلى الرياض في أول أبريل 1932م، برئاسة الشيخ أحمد الجابر الصباح، وبقي وفد آخر توجه للحج ونزلوا ضيوفا على الملك.
وشيوخ البحرين؛ منهم الشيخ مبارك، والشيخ بن علي، والشيخ أحمد بن عيسي، ومحمد بن عيسي، ومبارك بن عيسى وغيرهم. وعبد الله بن قاسم بن ثاني، أمير قطر الذي زار الرياض عام 1933م، والملك عبد الله بن الحسين ملك الأردن، الذي زار الرياض عام 1948م، والملك طلال بن عبد الله ملك الأردن، الذي زار الرياض في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 1953م، والملك الحسين بن طلال ملك الأردن الذي زار الرياض في 12 يوليو (تموز) عام 1952م.
واللواء أركان حرب محمد نجيب، أول رئيس لجمهورية مصر، وزار الملك أثناء موسم الحج عام 1372هـ/ سبتمبر (أيلول) 1953م، وكميل شيمعون رئيس الجمهورية اللبنانية، الذي وصل إلى الرياض في 7 فبراير 1953م، وأمين الريحانى الأديب اللبناني المعروف، والتقى السلطان عبد العزيز عام 1340هـ، وكتب عنه فصلا في كتابه «ملوك العرب».
والأمير شكيب أرسلان الأديب والداعية الإسلامي، المعروف بـ«أديب البيان»، وقد التقاه عندما قدم إلى الحج عام 1347هـ/ 1929م. وعبد الرحمن باشا عزام، أول أمين عام لجامعة الدول العربية، والتقاه قبل هذا المنصب مرات كثيرة، والدكتور عبد الوهاب عزام، التقى الملك مرارا في مكة وفى الرياض، ثم عمل سفيرًا لمصر لدى السعودية وأصبح لاحقًا أول مدير لجامعة الملك سعود، وحمد باشا الباسل الزعيم المصري المشهور، حيث قدم إلى الحج.
عباس محمود العقاد، رافق الملك عبد العزيز أثناء رحلته من جدة إلى مصر، حيث كان ضمن بعثة الشرف المرافقة، وإبراهيم عبد القادر المازني، الأديب المعروف.
طلعت باشا حرب، الاقتصادي المصري المعروف، ومؤسس «بنك مصر». ذكر الزركلي أنه التقى الملك عبد العزيز عند زيارته المملكة عام 1935م، كما أوردت جريدة «أم القرى» خبرا بوصول طلعت حرب للمملكة في فبراير 1937م.
ويعد اللقاء الصحافي الذي نشرته صحيفة «الدستور» العراقية، في طبعتها العربية عام 1913 وأجراه المثقف السعودي إبراهيم بن عبد العزيز الدامغ، أول لقاء صحافي يتم مع الملك المؤسس، ضمن لقاءات أخرى أجراها ساسة ومؤرخون ومستشرقون وصحافيون.
وتم لقاء «الدستور» مع الملك بعد أن استعاد منطقة الأحساء من السلطة العثمانية، إلى الحظيرة العربية، وأورد المؤرخ عبد الرحمن بن سليمان الرويشد في كتابه «قصر الحكم في الرياض.. أصالة الماضي وروعة الحاضر» هذا الحوار مقدمًا قراءة له، حيث أشار إلى أن القارئ يستشف من خلال كلمات الحدث روح رجل الدولة المسؤول في شخص الملك عبد العزيز، وهو يعدد أخطاء الإدارة العثمانية الجسيمة، هذه الأخطاء التي وصلت إلى حد الاتجاه إلى التنازل عن السيادة على سواحل المنطقة لبريطانيا التي كانت تعمل جاهدة للاستيلاء على جميع المناطق الواقعة على الخليج العربي، فكانت مبادرة الملك عبد العزيز لإبعاد هذا الخطر عن الأحساء، واستعادتها من بين أيدي من لم يحسنوا الحفاظ عليها، سببًا في إحباط الخطط الاستعمارية التي كانت تستهدف الخليج، ومنطلقًا لتطبيق البرامج الإصلاحية التي يؤمن بها ويضعها موضوع التطبيق - بحكمة وحزم - في كل مكان وصلت إليه.
وقال الملك عبد العزيز للمحرر: «إن الدولة العلية - حفظها الله - غصبت آبائي هذا اللواء (الأحساء) بدون أمر مشروع، لحجة دعوة عبد الله السعود شقيق والدي، ومن بعد أن أخذته لم تحسن صنعًا، وكان والدي - يومئذ - ولي العهد بعد أخيه على إمارة نجد التي يدخل فيها هذا اللواء وما يتبعه.
ولما اشتد الخصام بين سعود وعبد الله آل سعود، على الإمارة، أرسل الأخير مندوبًا إلى بغداد لمفاوضة واليها في مسألته مع أشقائه، وبقي ينتظر من الدولة إسعافه ونجدته لإخماد نار الفتنة المتأججة، غير أن الدولة قد رأت أنه قد آن زمن الاحتلال، فوضعت يدها منذ ذلك الوقت على الأحساء، وأبعدت أمراءها عنها مع أنه لم تبدر عنهم بادرة تستوجب ما أتته، وليت الدولة احتلت ما يداني الأحساء من البلاد التي تركتها هملا ومكنت الدول الأجنبية من أن تقذف فيها نار الفتن لتحصل على ما تنويه.
ومنذ ذلك، الوقت أخذ سكان هذا اللواء بالسقوط والهوي لتغلب قطاع الطرق عليه لكثرتهم هناك، وكان الأهلون يرفعون خلافاتهم إلى مقام الولاية ويذكرون له عجز أصحاب الأمر في ذلك الموطن، فما كان يسمع صدى لأصواتهم المتكررة، فراجعوني فضربت عنهم صفحًا إذعانًا لدولتي، وإنما كان يسوءني نظري إياهم في تلك الحالة لأن مجتمع الإسلام كالجسد إذا أصيب عضو منه بآفة انتقل الألم إلى الجسد كله.
ثم جاءتني محاضر فيها تواقيع كثيرة من العلماء والوجوه قائلين: إن لم تسعفنا نضطر إلى ما لا تحمد عقباه. وفي تلك المطاوي سمعت أن الدولة تنازلت عن حقوقها في الخليج وسواحله، فاستندت حينئذ إلى ما لي من الحقوق الشرعية بمنزلة أساس، فبادرت إلى تلبية طلب الأهالي ليكونوا في حرز حريز من فتك أرباب الفساد فيهم وإبعاد الأجانب عن ديارهم، فهذه هي الأمور التي ساقتني إلى ما أتيت، فقدمت الأهم على المهم، وسرحت موظفي الإمارة محافظًا على حياتهم بدون أن ينالهم أذى. وعليه، إذا أنعم النظر رجال الدولة المخلصون في هذه المسائل وفكروا في مآلها أحسن التفكير وأعطوا لكل ذي حق حقه، ولاحظوا الأمن الضارب أطنابه في البلاد، وتثبتوا ما انتشر من مرافق العمران بين العباد، حبذوا عملي هذا، لا سيما إذا علموا أني قطعت دابر الأشقياء والمفسدين وحقنت دماء الأهلين، وبسطت أروقة الراحة بين العالمين».
وقد ألف الباحث والإعلامي السعودي، عبد الرحمن الشبيلي، عن الملك المؤسس في عام 2002 كتابًا بعنوان: «الملك عبد العزيز والإعلام»، تناول فيه بدايات وسائل الإعلام السعودية الحديثة، المطبوعة والمسموعة، التي وصلته بالإعلام داخليّه وخارجيّه، وموضوعات ذات علاقة، مثل تعليقاته على نهج رجال الإعلام الغربيين في تعاملهم مع القضايا القومية العربية، واهتمامه بكسب الرأي العام الخارجي، وآرائه المتجردة بالسينما والراديو في بلد كان لبعض شرائح مجتمعه المحافظة موقف من اللاسلكي حتى أواخر العشرينات من القرن الماضي.
وبيّن الكتاب كيف أن عبقريّته الفطرية التي لم تصُغها أكاديمية سياسية أو عسكرية، في أسلوب تعامله السياسي مع الأحداث والزعامات المعاصرة له، قد تجلّت في أسلوب توظيفه للإعلام بإمكاناته المحدودة آنذاك، توظيفًا ذكيًّا يخدم برنامجه التوحيدي والتنموي، ويكرّس علاقاته السياسية، ويعزّز مراكز قوته مع الدول، مع زهدٍ واضحٍ بأي بريقٍ يعود بمجد شخصي وذاتي، لم يكن هو في عَوَزٍ إليه.
وأورد الشبيلي خمسة نماذج من لقاءات الملك المؤسس الصحافية، مسلسلة حسب تاريخ النشر، موضحًا أن اللقاء الصحافي الذي نشرته صحيفة «الدستور» في طبعتها العربية التي صدرت في البصرة عام 1330هـ (1912م)، وكان يملك امتيازها المهاجر النجدي الأصل عبد الله الزهير (من حريملاء القريبة من الرياض) ويحررها عبد الوهاب الطباطبائي، كان أول لقاء صحافي من نوعه أُجري مع الملك عبد العزيز، وكان المثقف النجدي إبراهيم بن عبد العزيز الدامغ، الذي أجرى اللقاء، قد قابله في الأحساء بُعيد انضمام هذا الإقليم إلى سلطنة نجد أكتوبر (تشرين الأول) 1913.
جدير ذكره أن الدامغ (وهو من أهالي عنيزة بالقصيم، المقيمين في العراق) كان موضوع ثلاث حلقات متسلسلة نشرها المؤرخ الدكتور عبد الله العثيمين في جريدة «الجزيرة السعودية»، يناير (كانون الثاني) 2000م، وجمعها مع غيرها في كتاب صدر له في هذا العام بعنوان: «أنتِ يا فيحاء مُلهمتي» عن «مركز ابن صالح الثقافي» بعنيزة.
وقد نقلت مجلة «لغة العرب» البغدادية (3 - 273) نص الحديث، الذي أوضح فيه أسباب استيلاء الملك على الأحساء في جمادى الأولى 1331هـ، وطرد الحامية التركية منها، مشيرًا إلى تردّي الأوضاع الأمنية في الإقليم في ظل الحكم العثماني، وإلى دعوة أعيان الأحساء له لحُكم المنطقة.
كما أورد خير الدين الزركلي أجزاء من المقابلة في كتابه ذي الأجزاء الأربعة: «شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز» (ط3، دار العلم للملايين، لبنان 1986م)، نقلاً على ما يبدو من مجلة «لغة العرب».
وتقديرًا للأهمية الإعلامية والتاريخية التوثيقية لهذه المقابلة، فإن السعي جارٍ للعثور على هذا العدد بخاصة، وعلى كل أعداد الجريدة بعامة، وكان الدكتور علي أباحسين، مدير مركز الوثائق بديوان ولي عهد البحرين، سبق أن أهداني أحد أعدادها، فوجدت الجريدة مصدرًا مهمًا لأخبار نجد والأحساء وعموم بلدان الخليج.
وزاد الشبيلي بالقول أن النموذج الثاني من هذه اللقاءات، هو حوار صحافي أجرته صحيفة «صوت الحجاز»، أول صحيفة أهلية سعودية (صدرت في مكة المكرمة سنة 1350هـ/ 1932م)، وقد ظهر اللقاء في عددها الصادر بتاريخ 11/ 5/1351هـ (12/ 9/ 1932م)، أي بعد أيام فقط من إعلان توحيد السعودية، وقد أجراه منشئ «صوت الحجاز» محمد صالح نصيف.
وتضمن الحوار أجوبة مستفيضة عن الحكومات المجاورة، وعن رأيه في المؤتمرات العربية التي عُقدت في تلك الفترة، وآماله في وحدة عربية تحقق عزة الأمة وقوتها.
وأشار الشبيلي إلى أن الناشر اللبناني المعروف رياض الريّس قد أورد في كتابه: «شخصيات عربية من التاريخ» الصادر في لندن عام 1987م تعليقًا للملك عبد العزيز على وسائل الإعلام والسينما، وذلك في الحوار الذي أجراه معه الكاتب البريطاني روم لاندو، في مخيم بين مكة المكرمة وجدة في شهر مارس (آذار) عام 1937م، ونشره في كتابه «البحث عن غد» الصادر في لندن في العام نفسه، وكان قد بعث برسالة إلى جريدة «سبكتاتور» اللندنية نشرتها في 22/ 4/ 1937م قال فيها: «إنني مقتنع بصحة مقولة (إن ابن سعود أصبح أقوى حارس يحمي روح الإسلام وجوهره)».
ومما ورد في الحوار قناعاته بالأسس الدينية التي تحكم علاقاته مع الدول، وأن الإسلام من أكثر الأديان عمليةً، وأنه – أي الدين – يعترف بكل ما يؤدي إلى تحسين وضع الإنسان، و«أننا لن نقبل من الغرب إلا منافعه المادية».
وعدّ الشبيلي أن من أبرز تلك اللقاءات الصحافية للملك المؤسس، الحديث الشهير الذي نشرته مجلة «لايف (LIFE) » الأميركية بتاريخ 31/ 5/ 1943م، مع ظهور صورته كاملة على غلافها.
وكان محرر المجلة نويل بوش (Noel Bosch) ومصورها روبرت لاندري (R. Landry) قد زارا الرياض بتاريخ 21/ 3/ 1943م لإجراء المقابلة والتقطا صورًا تاريخية للعاصمة وما حولها في تلك الفترة، وقامت الجريدة الرسمية «أم القرى» بنشر تفاصيل المقابلة في عددها رقم «963» في العام نفسه.
وقد خصصت المجلة أكثر من خمس عشرة صفحة تحدث فيها محررها عن مشاهداته وانطباعاته في زيارته التي امتدت عبر السيارات من جدة إلى الرياض، وينقل في آخرها آراء الملك عبد العزيز في مختلف القضايا العربية وسخطه من وعد بلفور بإعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وجعل القدس، موطن الديانات الثلاث، حكرًا على الديانة اليهودية.
وذكر الباحث الشبيلي، أن من أبرز تلك اللقاءات ذلك الحديث الذي نشرته مجلة «المصور» المصرية في عددها الصادر في 4 يناير (كانون الثاني) 1946م، وأجراه مندوبها (السيد سماحة) مع الملك عبد العزيز، في أثناء زيارته الرسمية لمصر، وكان مما جاء في المقابلة أن كل ما يهم العرب، يجب أن تكون الكلمة فيه للعرب، و«أننا لا نخشى أحدًا ولا نخاف إلا الله»، وأن الجامعة العربية ينبغي أن تكون لسان العرب ويجب عليهم تأييدها.
وبالإضافة إلى ما تقدم، هناك إيماءات وردت في الجريدة الرسمية السعودية (أم القرى) عن مقابلات صحافية أخرى، أجرتها صحيفة «صنداي إيفنينغ بوست» (Sunday Evening Poast) اللندنية (1926م)، وصحيفة «الأهرام» المصرية (1937م)، وصحيفة «المقطم» القاهرية (1938م).


الملك عبد العزيز متصدرًا  غلاف مجلة الـ«تايم» الأميركية في عددها الصادر  في 5 مارس عام1945



السعودية تجدد دعوتها دول العالم للانضمام لتحالف «حل الدولتين»

الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)
TT

السعودية تجدد دعوتها دول العالم للانضمام لتحالف «حل الدولتين»

الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)

جددت السعودية دعوتها دول العالم إلى الانضمام للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين الذي أطلقته اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية برئاسة السعودية وبالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والنرويج، مؤكدة وقوفها إلى «جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان، لتجاوز التبعات الإنسانية الكارثية جراء العدوان الإسرائيلي».

الموقف السعودي جاء خلال جلسة لمجلس الوزراء برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في الرياض، الثلاثاء. وأشاد المجلس بما توصلت إليه القمة العربية الإسلامية في الرياض من نتائج ستسهم في تعزيز العمل المشترك ومواصلة التعاون مع المجتمع الدولي لوقف الحرب على قطاع غزة، وبما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.

كما رحب المجلس بالتوقيع على «وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين» بين منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الأفريقي، وذلك إثر تناوله مضامين القمة العربية والإسلامية غير العادية التي عقدت بالرياض، الاثنين، ومجمل لقاءات ولي العهد السعودي بقادة عدد من الدول الشقيقة.

وأطلع ولي العهد السعودي، في مستهل الجلسة، مجلس الوزراء على مضمون الرسالتين اللتين تلقاهما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من عمر سيسوكو أمبالو، رئيس غينيا بيساو، وعثمان غزالي، رئيس جمهورية القُمر المتحدة.

كما أحاط ولي العهد المجلس بفحوى محادثاته مع كل من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس وزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، وما اشتمل عليه الاتصال الهاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من التأكيد على تطلُّع السعودية إلى تعزيز العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين.

الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)

واستعرض مجلس الوزراء إسهامات السعودية ومبادراتها الداعمة للعمل الدولي المتعدد الأطراف، ليكون أكثر فاعلية وسرعة في معالجة تحديات الحاضر والمستقبل والاستجابة للقضايا الملحة على المستوى العالمي؛ بما يرسخ التنمية والازدهار، ويعزز الأواصر الثقافية والاجتماعية المشتركة.

وأشار المجلس إلى ما أكدته السعودية خلال مشاركاتها في الاجتماعات الدولية التي عُقدت في الأيام الماضية؛ بشأن ما توليه من أهمية لتعزيز التعاون مع جميع دول العالم، وتوطيد أوجه التنسيق المشترك في مختلف المجالات، والاستمرار بدورها الإنساني والتنموي في مساعدة البلدان الأكثر احتياجاً والشعوب المتضررة من الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية.

جدد مجلس الوزراء السعودي التأكيد على وقوف بلاده إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان (واس)

وأوضح سلمان الدوسري، وزير الإعلام السعودي، أن مجلس الوزراء أكد اهتمام السعودية بدعم التواصل الحضاري بين مختلف الثقافات حول العالم، معرباً في هذا السياق عن شكره لكل من أسهم في نجاح مبادرة «الأسبوع العربي في (اليونسكو)» التي أطلقتها المملكة في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بالعاصمة الفرنسية باريس.

وفي الشأن المحلي، ثمّن أعضاء المجلس استقبال ولي العهد للفريق الطبي السعودي الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم، ودعمه الدائم للكفاءات الوطنية وتمكينها من تحقيق الريادة في جميع المجالات، وذلك انطلاقاً من أن الإنسان هو محور التنمية وأساسها.

وأشاد مجلس الوزراء، بما شهدته النسخة (العاشرة) لملتقى «بيبان 24» الذي أقيم بالرياض؛ من توقيع اتفاقيات وإطلاقات بقيمة تجاوزت 35.4 مليار ريال (9.44 مليار دولار) لدعم ريادة الأعمال في عدد من القطاعات، وتحقيق المستهدفات الوطنية في رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بإجمالي الناتج المحلي.

المجلس أشاد بما توصلت إليه القمة من نتائج ستسهم في تعزيز العمل المشترك (واس)

واطّلع المجلس، على الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، من بينها موضوعات اشترك مجلس الشورى في دراستها، كما اطّلع على ما انتهى إليه كل من مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية، واللجنة العامة لمجلس الوزراء، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء في شأنها.

وأصدر المجلس عدداً من القرارات، تضمنت الموافقة على مذكرة تفاهم بين وزارة الاقتصاد والتخطيط في السعودية والوزارة الاتحادية للعمل والاقتصاد في النمسا للتعاون في المجال الاقتصادي. وعلى اتفاقية خدمات النقل الجوي بين حكومة السعودية وحكومة موزمبيق في مجال خدمات النقل الجوي. وعلى مذكرة تفاهم بين حكومة السعودية والبنك الإسلامي للتنمية للتعاون في تنفيذ مبادرات برنامج استدامة الطلب على البترول.

وفوَّض المجلس وزير التعليم بوضع القواعد والضوابط في شأن الاتحاد السعودي للرياضة المدرسية، بينما قرر المجلس أن يكون تطبيق لائحة الاتصالات الرسمية والمحافظة على الوثائق ومعلوماتها استرشادياً لمدة سنة من تاريخ نفاذها، واعتمد الحسابين الختاميين لصندوق البيئة ومكتبة الملك فهد الوطنية لعامين ماليين سابقين، ووافق على ترقيات إلى المرتبتين (الخامسة عشرة) و(الرابعة عشرة).

كما اطّلع مجلس الوزراء على عدد من الموضوعات العامة المدرَجة على جدول أعماله، من بينها تقارير سنوية لوزارتي (التجارة، والنقل والخدمات اللوجيستية)، وهيئة تطوير المنطقة الشرقية، وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، والهيئة العامة للمنافسة، وهيئة السوق المالية، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والبرنامج الوطني لتنمية قطاع تقنية المعلومات، والمكتب الاستراتيجي لتطوير منطقة الباحة، وقد اتخذ المجلس ما يلزم حيال تلك الموضوعات.