عدد متزايد من المنشقين عن التنظيمات المتطرفة يتحدثون عن قرارهم التخلي عنها

الفساد المالي والأخلاقي متفشٍ بين قادة «داعش».. والتمادي في الوحشية يخيف الجميع

عدد متزايد من المنشقين عن التنظيمات المتطرفة يتحدثون عن قرارهم التخلي عنها
TT

عدد متزايد من المنشقين عن التنظيمات المتطرفة يتحدثون عن قرارهم التخلي عنها

عدد متزايد من المنشقين عن التنظيمات المتطرفة يتحدثون عن قرارهم التخلي عنها

ذكر تقرير غربي أن عدد المنشقين عن التنظيمات المتطرفة في تزايد مستمر منذ عام 2014، مشيرا إلى أن وحشية تنظيم داعش، والفساد المتفشي بين قادة التنظيم وسعيهم وراء الأهداف المادية أصاب المنشقين بخيبة أمل ودفعهم إلى الانشقاق عن التنظيم.
وجاء في تقرير أصدره مركز دراسات التطرف في كلية كينغز التابعة لجامعة لندن أن عددا متزايدا من المنشقين عن التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم «الدولة الإسلامية» يتحدثون علنا عن قرارهم التخلي عن التنظيم والعودة إلى بلدانهم.
ويقول التقرير بأن الانشقاق عن التنظيم يعتبر مغامرة بالنسبة لهم، فهم معرضون للاعتقال من حكوماتهم، أو للقتل من قبل أعضاء التنظيم الذي يعتبر المنشق عنه أنه «مرتد». ويقول القائمون على هذه الدراسة بأن 85 منشقا على استعداد للظهور للعلن وللتكلم عن التنظيم لوسائل الإعلام، الأمر الذي اعتبروه إيجابيا وقد يردع من يحاول أن ينضم إلى «داعش»، ويهدم فكرة أن أعضاء التنظيم متحدون.
وتشير الدراسة إلى أن هنالك المئات من المنشقين الذين هرب بعضهم عن طريق الحدود مع تركيا، وبعضهم من قام التنظيم بتصفيته، والكثير ممن ما زالوا يفكرون بالانشقاق. وبحسب تقديرات المركز الدولي لدراسة التطرف الذي نشر التقرير، فقد انشق - أو حاول الانشقاق - المئات من عناصر التنظيم السابقين. وتعدد الدراسة مجموعة من الأسباب التي دعت مقاتلي «داعش» إلى الانشقاق، إلا أن السبب الذي اتفق عليه أغلبهم هو وحشية «داعش» المفرطة ضد كل من لا ينتمي إلى التنظيم، الأمر الذي سبب لهم خيبة أمل.
ومن الأسباب الأخرى يذكر التقرير الفساد المالي والأخلاقي المتفشي بين قادة التنظيم الأمر الذي شكل صدمة لهم، لاعتقادهم بقدسية الرسالة التي تقوم عليها فكرة الخلافة وبعدها عن المكاسب المادية.
واعترف بعض منهم بأن أملهم خاب بنوعية الحياة تحت حكم «داعش». ويقول التقرير «إن هذه المشاعر وجدت بالدرجة الرئيسية عند أولئك الذين التحقوا بالتنظيم لدوافع مادية وأنانية، ولكنهم اكتشفوا بسرعة أن السلع والسيارات الفاخرة التي وعدوا بها لن تقع في أياديهم». وقال اثنان من المنشقين إنهما قررا ترك التنظيم بعد أن علما بأنهما سيصبحان انتحاريين.
وكان منشق قد قال لـ«بي بي سي» العام الماضي - شريطة عدم ذكر اسمه - إن «وحشية «داعش» تخيف الجميع.
وأضاف: «يحرمون أي شيء يخالف عقيدتهم، وأي أحد يتبع ما يحرمونه يعتبر مرتدا ويقتل».
كما يؤكد التقرير بناء على مقابلات أجرتها «بي بي سي» مع بعض المنشقين، أن الكثير منهم قرروا الانشقاق بعد أن تم تدريبهم على أن يكونوا قنابل بشرية، حيث قال أحدهم في المقابلة: «إن داعش يرعب كل العالم، فأي شيء يتناقض مع فكرهم ممنوع، وأي مقاتل يفعل ما ينهون عنه هو مرتد وجب قتله».
وقال منشق غربي آخر لشبكة «سي بي إس»: «الكثير من الذين يلتحقون بداعش يشعرون بحماس نتيجة ما رأوه في الإنترنت، ولكن سرعان ما يكتشفون أن الأمر يتعدى كثيرا الاستعراضات العسكرية والانتصارات المستمرة».
وتشن الولايات المتحدة فعلا حربا إعلامية ضد التنظيم، من أدواتها حساب خاص في «تويتر» تديره وزارة الخارجية الأميركية تحت عنوان «فكر ثانية وأدر وجهك» مكرس لنشر الرسائل المناوئة للتنظيم. ولكن المركز الدولي لدراسة التطرف يحث الحكومات المختلفة على بذل المزيد من الجهد لتشجيع العناصر المنشقة عن التنظيم على الإدلاء بشهاداتهم، بما في ذلك إزالة العوائق القانونية كاتهامهم بالإرهاب. ويعترف التقرير بأن الكثير من المنشقين يشعرون أن من مصلحتهم «قول ما يعتقدون أنه يجنبهم الملاحقة». ولكنه يقول إن الشهادات التي جمعها المركز «من القوة والتوافق» مع غيرها من الشهادات بحيث يمكن اعتبارها ذات مصداقية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.