اتهامات للاتحاد الديمقراطي الكردي بإحداث تغيير ديموغرافي في الحسكة

قيادي في الحزب: قانون إدارة ممتلكات النازحين العرب والمسيحيين صدر عن 13 تنظيمًا في المنطقة والاعتراض عليه هو لمراعاة المصالح التركية

اتهامات للاتحاد الديمقراطي الكردي بإحداث تغيير ديموغرافي في الحسكة
TT

اتهامات للاتحاد الديمقراطي الكردي بإحداث تغيير ديموغرافي في الحسكة

اتهامات للاتحاد الديمقراطي الكردي بإحداث تغيير ديموغرافي في الحسكة

اتهم «الائتلاف الوطني السوري» وجمعيات لحقوق الإنسان، حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي»، بممارسات تهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي في منطقة الجزيرة السورية وإنهاء تنوعها القومي والديني والمذهبي عبر مصادرة أموال السوريين العرب النازحين من الحسكة وممتلكاتهم.
وجاءت هذه الاتهامات، غداة إقرار حزب
الاتحاد الديمقراطي (PYD) ما سماه «قانون إدارة وحماية أموال المهاجرين والغائبين»، الذي يشمل إدارة الأموال والممتلكات المنقولة وغير المنقولة العائدة للسوريين النازحين من عرب ومسيحيين من مدينة الحسكة، ووضعها في خدمة المجتمع والسكان.
هذا القرار لم ير فيه المحامي ياسر الفرحان، عضو «الائتلاف» السوري وعضو اللجنة القانونية في «الائتلاف»، أمرا غريبا؛ إذ عدّ أن «سلوك حزب الاتحاد الديمقراطي ليس جديدًا، بل يندرج ضمن حالة ممنهجة تهدف إلى مصادرة ممتلكات كل العرب المؤيدين للثورة من مسلمين ومسيحيين وحتى الأكراد الذين ينخرطون في صفوف المعارضة». وقال الفرحان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا السلوك يهدف إلى خدمة نظام الرئيس بشار الأسد، ويؤدي إلى تغيير ديموغرافي قسري، وهذه الأفعال تعدّ جرائم ضدّ الإنسانية، وعلى المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية التصدي لها». وأردف: «لا يخفى على أحد أن حزب الاتحاد يقاتل مع النظام ويُسلّح من قبله، وقبل أيام سلمه مجموعة من الدبابات»، محذرا من أن «سلوك هذا الحزب يزرع الحقد في النفوس ويؤسس لحرب أهلية طويلة في سوريا». وكشف الفرحان أن «مئات الشباب الكردي الناشطين في صفوف الثورة يهاجرون من مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي لأنه يمارس العنف ضدّهم ويعتقلهم ويجبرهم على الالتحاق بالخدمة الإلزامية، عدا عن التذكير بالمجازر التي ارتكبها في القرى العربية في الأراضي الزراعية وتل حميد ومجازر ريف الحسكة، والآن يكمل مشروعه بالاستيلاء على ممتلكات العرب».
في المقابل، لم يجد القيادي الكردي أحمد شيخو، الرئيس المشترك لحركة المجتمع الديمقراطي، في موقف «الائتلاف» إلا «مراعاة واسترضاء للمصالح التركية»؛ إذ قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «قانون إدارة وحماية أموال المهاجرين والغائبين لم يصدر عن حزب الاتحاد الديمقراطي، بل عن الإدارة الذاتية التي تتألف من 13 تنظيمًا حزبيًا من العرب والأكراد والسريان والآشوريين موجودة في المنطقة». وأردف: «كل هذه المكونات موجودة الآن في مناطقها، وهي راضية عن الوضع الحالي، وإذا كان لديهم خوف، فهو من عودة تنظيم داعش إلى مناطقهم المحررة». وثم تساءل شيخو: «أين كانت مواقف الائتلاف عندما كانت هذه المناطق محتلة من (داعش)؟، لكن بعد طرد (داعش) من كوباني (عين العرب) وتل أبيض والحسكة بدأوا يتهمون الأكراد بالتطهير العرقي، من أجل التحريض ضدّ الأكراد خدمة للمصالح التركية». وتابع: «كل أبناء هذه المناطق من عرب وآشوريين وسريان وأكراد موجودون في مناطقهم ويمارسون أعمالهم بشكل طبيعي، وبالتالي كل هذه الاتهامات مردودة لأصحابها».
يذكر أن عضو الهيئة السياسية في «الائتلاف» السوري فؤاد عليكو، أدان ممارسات حزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سوريا، عادّا أنها «تهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي في منطقة الجزيرة السورية، الغزيرة بالتنوع القومي والديني والمذهبي». ووصف هذا القانون بـ«عملية سرقة وابتزاز للمواطنين»، مشيرًا إلى أن «هذه الممارسات منافية لأبسط حقوق الإنسان الشخصية، والملكية الخاصة، ومخالفة للقانون الدولي الإنساني، وتساعد على إثارة الفتنة وزيادة العنف والمشكلات الاجتماعية».
بدوره عبر «المرصد الآشوري لحقوق الإنسان» عن قلقه البالغ حيال «الممارسات والانتهاكات اللاقانونية التي يقوم بها حزب الاتحاد الديمقراطي في محافظة الحسكة السورية»، التي قال إنها «تدل على إحداث تغيير ديموغرافي خطير في المنطقة، وتساهم بإنهاء الوجود التاريخي للآشوريين المسيحيين في معاقلهم الرئيسية في سوريا». ورأى «المرصد» في بيان أن «هذا القانون غير شرعي، وهو حلقة في سلسلة الانتهاكات التي تمارسها قوات هذا الحزب التي من شأنها زعزعة الاستقرار والسلم الأهلي في المنطقة، تمهيدًا لإحداث تغيير ديموغرافي»، مشيرًا إلى أن القانون الذي صدر عن الحزب «ﻻ أساس قانونيًا له من حيث اﻻختصاص، لأنه هيئة تشريعية أنشئت بقرار سياسي من سلطة الأمر الواقع، وﻻ وﻻية لها، مما يجعل القوانين التي تصدرها معدومة من الناحية القانونية».
وناشد «المرصد الآشوري لحقوق الإنسان» المجتمع الدولي المتمثل في هيئة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان وكل المؤسسات الدولية التي تعنى بشؤون حقوق الإنسان، بالإضافة إلى الدول التي تدعم وتمول حزب الاتحاد الديمقراطي، العمل على «منع تنفيذ هذا القانون اللاشرعي، الذي يشكل سابقة خطيرة في حياة السوريين، كون هذه الانتهاكات ترتقي لتكون كنوع من أنواع التطهير العرقي، والتمييز بحق المنطقة وسكانها».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.