كانت النساء في مدينة الزبداني السورية يعشن حياة طبيعية. كانت منال (42 عاما) ناشطة وتراعي أطفالها الثلاثة في المنزل برفقة زوجها. ونور (38 عاما) كانت تعيش مع طفليها وكانت تعمل ناشطة ورسامة. أما سارة (37 عاما) فكانت أما لخمسة أطفال وتعمل معلمة. وكانت مؤمنة وغادة معلمتين في إحدى مدارس رياض الأطفال، وكن يعشن في مكان قريب برفقة أطفالهن. وهناك أيضا رغد (26 عاما) وهي مهندسة، وأمل الطبيبة التي كانت تعمل في المستشفي الحكومي بالمدينة، وتعيش في ذات المنطقة أيضا.
واليوم، لا يمكن وصف حياة أولئك النساء السبع بأنها طبيعية قط؛ فلقد تعرضت منازلهن للدمار بسبب الغارات الجوية والبراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات النظام إلى جانب الهجمات البرية من ميليشيا حزب الله. أوقف نظام الأسد إمدادات الغذاء والمساعدات الإنسانية إلى المدينة، الواقعة على مقربة من دمشق العاصمة، ومنع الناس من مغادرة المنطقة. وأولئك الذين تمكنوا من الفرار كانوا يتعرضون للمضايقات الكثيرة وربما الاعتقال أو الاغتيال في كثير من الأحيان.
وتوفي زوج منال بسبب القصف الجوي. ووقع زوجا نور وغادة رهن الاعتقال بواسطة قوات النظام في عام 2013. ولا يزال زوج سارة يعيش في المدينة المحاصرة برفقة طفلها. ولا يستطيعون المغادرة لأنهم قد يتعرضون للاعتقال عند نقاط التفتيش المنتشرة هناك.
كما نزحت النساء السبع إلى بعض القرى الصغيرة المجاورة والتي تتعرض هي الأخرى للقصف الشديد.
وقالت النساء لموقع (باز فيد) الإخباري "إننا أمهات، وأخوات، وبنات، فقدن أحباءهن، ولقد تضررنا بشدة من ذلك الصراع الدموي المستمر"، كما أنهن طلبن من الموقع نشر صورهن.
من جهتها، طرحت منال فكرة جذبت اهتمام المئات من النساء في المنطقة وانضممن إليها في اتخاذ موقف جاد ضد العنف الرهيب الذي اجتاح مدينتهن المحاصرة. وإنهن يخاطرن بحياتهن كثيرا جراء ذلك. ففي أغسطس (آب)، كتبت النساء ووقعن علانية على بيان يطالبن فيه بوضع حد للدمار في مدينتهن، وإيقاف فوري وطويل الأجل لإطلاق النار هناك، والسماح بالوصول إلى المساعدات الطبية لأولئك الذين هم في أشد الحاجة للرعاية الصحية.
وفي الأسبوع الماضي، لقيت تلك المبادرة تأييدا كبيرا من جانب وزارة الخارجية الأميركية.
وانتشرت أخبار الحملة الشعبية التي تقودها النساء السوريات السبع في جميع أرجاء العالم. ومع نمو الدعم الكبير لهن، جذبت تلك الأخبار انتباه القادة في الولايات المتحدة والذين باركوا تلك الجهود.
من جانبه، قال جون كيربي المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تعرب عن عميق قلقها إزاء الآلاف من المدنيين السوريين المحاصرين في مدينة الزبداني. وأضاف في بيانه قائلا "في مواجهة تلك المذابح المستمرة والمخاطر الشخصية الكبيرة، وقع المئات من النساء من أهل الزبداني على بيان مشترك مؤخرا يطالبن فيه بوقف إطلاق النار والذي من شأنه أن يلقى احتراما للمبادئ الإنسانية، ويسمح بالمرور الآمن وإخلاء الجرحى والمصابين، وتوفير المساعدات الإنسانية غير المشروطة، وإنهاء الاعتقالات التعسفية، والتفاوض من أجل إحلال السلام. إننا نقدر أولئك النساء السوريات الشجعان اللاتي يعملن من أجل إنهاء العنف، وإننا ندعم جهودهن الهادفة إلى إحلال الاستقرار واحترام حقوق الإنسان في مجتمعهن".
تمكنت النساء، اللاتي كن يعشن حياة طبيعية قبل أربع سنوات، من جذب اهتمام وتأييد بعض أقوى الشخصيات على مستوى العالم والانتباه لما يجري في مدينتهن المنكوبة.
وقالت النساء إنهن يرغبن في جذب انتباه العالم الخارجي والحكومات المعنية لمبادرتهن ودعمها بصورة جماعية حتى ينتبه الناس إلى أن التهديد الحقيقي الذي يواجههن ليس من قبل تنظيم داعش الإرهابي فحسب، ولكن من النظام السوري الحالي، ومن إيران، ومن حزب الله كذلك.
كيف جذبت سبع نساء سوريات انتباه العالم إلى العنف الدائر في مدينتهن؟
كيف جذبت سبع نساء سوريات انتباه العالم إلى العنف الدائر في مدينتهن؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة