رئيس جنوب السودان يؤكد التزامه بتنفيذ اتفاق السلام

شدد على السرعة في تطبيق بنوده لوضع حد لإطلاق النار

رئيس جنوب السودان يؤكد التزامه بتنفيذ اتفاق السلام
TT

رئيس جنوب السودان يؤكد التزامه بتنفيذ اتفاق السلام

رئيس جنوب السودان يؤكد التزامه بتنفيذ اتفاق السلام

حث رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت هيئة التنمية الحكومية لدول شرق أفريقيا (الإيقاد) والشركاء الدوليين على تنفيذ اتفاق السلام الذي وقعه مع زعيم المعارضة المسلحة رياك مشار، وذلك بتشكيل الآليات التي نصت عليها الاتفاقية، في وقت دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كلا من كير ومشار إلى حضور اجتماع في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستبدأ اليوم، والتي سيخصص أحدها لتنفيذ اتفاقية التسوية السلمية التي تم التوقيع عليها الشهر الماضي، بحضور عدد من رؤساء الدول.
وتعهد رئيس جنوب السودان أمس بتطبيق اتفاق السلام الذي يهدف إلى إنهاء الصراع القائم في البلاد منذ 21 شهرا، وقال كير في تصريح بثته الإذاعة الرسمية للبلاد أمس: «أنا مستعد الآن لتطبيق هذا الاتفاق، كما أنني قد وقعت عليه»، مضيفا أن «تنفيذ بعض الأحكام سيواجه بعض الصعوبات»، وهو ما دفع زعيم المعارضة لام أكول لانتقاد تصريحه بوصفه «مربكا».
وأضاف كير في خطابه أمس أن حكومته تنتظر دول «الإيقاد» لبدء تنفيذ اتفاق السلام الذي وقعه في أغسطس (آب) الماضي، لكنه ذكر «الإيقاد» بالتحفظات التي كان قد أثارها كتابة، وسلمها لرؤساء الدول الذين شهدوا على توقيعه لاتفاق السلام في جوبا، مشيرا إلى أن بعض بنود الاتفاق تحتاج إلى السرعة في تنفيذها لتنفيذ وقف إطلاق النار على الأرض، وقال بهذا الخصوص «نحن نأمل أن تأخذ دول (الإيقاد) والشركاء الدوليون بعين الاعتبار التحفظات التي أوضحناها في ورقة منفصلة»، مشددا على أن اتفاق التسوية السلمية سيواجه صعوبات كثيرة وتحديات كبيرة عند التنفيذ.
وبينما شدد كير على التزامه بتنفيذ اتفاق السلام، قال إن الاتفاق في بعض بنوده سيقود إلى الانقسام، مشددا على أن «طريقة توزيع السلطة في الوزارات بين المجموعات الثلاث في الحركة الشعبية لا تعكس روح أعضاء الحزب الواحد وفق دستور وضوابط الحزب»، كما أوضح أن تحفظات حكومته تشمل أيضا نصوص (الإيقاد) لبنود اعتبرها تنتقص من سيادة واستقلال بلاده، وقال إنها «ليست ضد سيادة البلاد فحسب، بل تعتبر أيضا دليلا على عدم وجود اتفاق سلام حقيقي... لذلك توجد لدينا تخوفات حقيقية عند تنفيذ هذه الاتفاقية»، مشيرا إلى أن لجنة التقييم والرصد المشترك، تم تشكيلها برئاسة أجنبي يمارس صلاحيات مطلقة، بما في ذلك سلطة الاعتراض على قرارات الحكومة، حتى في حال وجود اتفاق بين طرفي الاتفاقية، وهو ما عده انتهاكا لسيادة واستقلال البلاد.
وقال كير إن زعيم المعارضة المسلحة رياك مشار ورئيس مجموعة المعتقلين السابقين باقان أموم وقعا على الاتفاقية في 17 من أغسطس (آب) الماضي في أديس أبابا، لكنهما لم يعلنا تحفظاتهما على البنود التي تمس سيادة وسلامة أراضي جنوب السودان، معتبرا أن عددا من الدول، التي لم يسمها بالاسم، تريد التحكم في شؤون بلاده من عواصمها، وعبر عن خيبة أمله في طريقة تعامل «الإيقاد» في عملية الوساطة رغم احتجاجاته بصوت عال، ومناداته بضرورة فتح المفاوضات مرة أخرى.
من جهته، قال وزير خارجية جنوب السودان برنابالا مريال بنجامين، لـ«الشرق الأوسط»، إن نائب الرئيس جيمس واني سيقود وفد بلاده في اجتماعات الدورة الـ69 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنعقد في نيويورك اليوم الأربعاء، مؤكدا عقد اجتماع مشترك على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، بدعوة من الأمين العام للمنظمة الدولية، بين (إيقاد) وزعيم المعارضة المسلحة رياك مشار، وتوقع أن يكون الاجتماع المشترك إيجابيا وليس لفرض عقوبات على بلاده، داعيا الأمم المتحدة للاعتراف بالجهود التي يقوم بها رئيس جنوب السودان من أجل تحقيق السلام في البلاد، وأوضح أنه «من المهم الاستماع إلى رؤيتنا ومواقفنا، ونحن على استعداد أيضا للاستماع إلى أصدقائنا في المجتمع الدولي الذي ننتظر منه دورا أكبر في تنفيذ اتفاق السلام».
ومن جهته، قال مسؤول العلاقات الخارجية في المعارضة المسلحة ازيكيل جاتكواث لول إن زعيم حركة رياك مشار سيشارك في الاجتماع الذي دعا إليه كي مون. وأعرب عن أمله في أن تقف دول العالم مع اتفاق السلام الذي تم توقيعه، وتساعد على تنفيذه وإعادة بناء ما دمرته الحرب، وإعادة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم، مؤكدا استعداد حركته للعمل بقوة من أجل تنفيذ الاتفاقية، ومواجهة تحديات بناء الدولة وإجراء المصالحة الشاملة.
من جهة أخرى، يتجه مجلس الأمن الدولي إلى فرض عقوبات على رئيس هيئة أركان جيش جنوب السودان بول مولنق أوان، وقائد التمرد جونسون أولنغ، في وقت شهد فيه هذا البلد معارك جديدة رغم وقف إطلاق النار.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.