قتيل وعشرات الجرحى في احتجاجات على ترشح رئيس ساحل العاج لانتخابات الرئاسة

معارضوه يشككون في أصوله الوطنية.. وقدرته على تسيير البلاد

قتيل وعشرات الجرحى في احتجاجات على ترشح رئيس ساحل العاج لانتخابات الرئاسة
TT

قتيل وعشرات الجرحى في احتجاجات على ترشح رئيس ساحل العاج لانتخابات الرئاسة

قتيل وعشرات الجرحى في احتجاجات على ترشح رئيس ساحل العاج لانتخابات الرئاسة

قال شهود عيان، أمس، إن الاحتجاجات العنيفة تواصلت لليوم الثاني في اثنتين على الأقل من مدن ساحل العاج، مساء أول من أمس، بسبب ترشح الرئيس الحالي الحسن واتارا في الانتخابات، المزمع إجراؤها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ولقي شخص حتفه وأصيب آخرون في اشتباكات عنيفة وقعت بين أنصار واتارا ومعارضيه، فتدخلت الشرطة وأطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق الجانبين خلال اليومين اللذين شهدا الاحتجاجات بين الجانبين.
وكان قد تم استبعاد واتارا مرتين من الترشح للرئاسة قبل فوزه بالسلطة في انتخابات عام 2010، وذلك بعد أن شكك معارضوه في أصوله الوطنية. كما ظهرت خلافات كبيرة حول قدراته، وكانت من بين الأسباب الرئيسية للاضطرابات التي شهدتها البلاد على مدى السنوات الماضية، بما في ذلك الحربان الأهليتان في 2002 و2011.
وتهدف الانتخابات المقبلة إلى إنهاء أزمة سياسية استمرت منذ نحو عشر سنوات. وفي هذا الصدد قررت المحكمة الدستورية يوم الأربعاء السماح لعشرة مرشحين، بينهم واتارا المرشح بقوة للفوز بولاية ثانية، بالمشاركة في الانتخابات المقررة في 25 أكتوبر المقبل. لكن القرار أثار احتجاجات عدد كبير من المعارضين، بينهم فصيل من حزب الجبهة الشعبية الإيفوارية، وهو حزب الرئيس السابق لوران غباغبو.
واندلعت اشتباكات مساء أول من أمس بين مجموعات متنافسة من أنصار غباغبو وواتارا في بلدة جاجنوا في منطقة إقامة غباغبو، وفي بلدة بونوا مسقط رأس السيدة الأولى السابقة ليدي سيمون غباغبو. وقال شاهد عيان في جاجنوا، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن «أنصار غباغبو عمدوا إلى إقامة المتاريس، فحاول أنصار واتارا رفعها، ومن هنا تدهور الوضع، حيث تبادلوا الرشق بالحجارة ومقذوفات أخرى».
من جهته، قال أحد عمال الصليب الأحمر إن شخصا واحدا على الأقل قتل وأصيب آخرون خلال الاحتجاجات بسبب قبول أوراق ترشيح الرئيس الحالي الحسن واتارا لانتخابات الرئاسة المقبلة، والتي يرجح، حسب مراقبين، أن تبرز حالة الاضطراب السياسي المستمرة منذ أعوام، وأن ترسخ من الانتعاش الاقتصادي الذي يأخذ خطى مسرعة جذبت انتباه المستثمرين الأجانب.
وخرج المتظاهرون إلى شوارع أبيدجان العاصمة التجارية للبلاد، وإلى مناطق في غرب البلاد، بعد يوم من قرار المحكمة الدستورية السماح لعشرة مرشحين من ضمنهم واتارا بخوض انتخابات الرئاسة. وقد دعا إلى هذه الاحتجاجات تكتل معارض جديد، هو التحالف الوطني من أجل التغيير، الذي ينتمي بعض أعضائه إلى فصيل تابع لحزب الرئيس السابق لوران غباغبو، الذي يرى أنه لا يحق لواتارا الترشح بسبب أمور تتعلق بجنسيته.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.