تركيا تحتجز 1500 عراقي هاربين من «داعش» وتعتزم إعادتهم

فروا بمساعدة مهربين من الموصل والأنبار وصلاح الدين عبر سوريا

تركيا تحتجز 1500 عراقي هاربين من «داعش» وتعتزم إعادتهم
TT

تركيا تحتجز 1500 عراقي هاربين من «داعش» وتعتزم إعادتهم

تركيا تحتجز 1500 عراقي هاربين من «داعش» وتعتزم إعادتهم

ينتظر 1500 مواطن عراقي هربوا من مدينة الموصل والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في محافظتي صلاح الدين والأنبار بمخيم في مدينة أنطاكيا المحاذية للحدود السورية موافقة السلطات التركية على طلبهم للعيش في تركيا، فيما قررت أنقرة تسليمهم إلى بغداد.
وذكر اللاجئون العراقيون، في اتصال مع «الشرق الأوسط» من داخل المخيم، أن أوضاعهم سيئة جدا بعد أن اعتقلهم الجيش التركي أثناء محاولتهم التسلل إلى الأراضي التركية، معلنين رفضهم العودة إلى العراق.
وقالت رندة سلطان، الفتاة الموصلية البالغة من العمر 21 عاما: «خرجنا من مدينة الموصل بعد أن دفعنا مبلغ مليون دينار عن كل فرد من العائلة لأحد المهربين الذي أبلغنا أنه يستطيع أن يخرجنا من الموصل، وذلك بعد فشلنا في الخروج منها بداعي العلاج إلى سوريا، لذا دفعنا هذا المبلغ إلى المهرب وهربنا من الموصل إلى الرقة ومنها إلى مدينة منبج الحدودية مع تركيا، وعند وصولنا إلى الحدود تمكن أفراد عائلتي من الدخول إلى الأراضي التركية عدا أنا وأختي حيث اعتقلنا من قبل الجيش التركي وتم تسفيرنا إلى هذا المخيم، وهناك 1500 مواطن من الموصل وصلاح الدين والأنبار محتجزون منذ أسبوعين في هذا المخيم». وتابعت: «السلطات التركية أبلغتنا بأنها لا تريدنا في أراضيها، وإنها سترحلنا إلى العراق، لكننا لا نريد العودة إلى العراق، ونريد البقاء في تركيا حالنا حال العراقيين الآخرين الموجودين فيها الذين دخلوا إلى تركيا مثلما دخلنا نحن».
وعن أوضاع الموصل في ظل سيطرة «داعش» عليها منذ أكثر من عام، قالت اللاجئة: «هربنا من الموصل لأن الأوضاع فيها كانت سيئة جدا، وكنا نحن الفتيات لا نستطيع الخروج من المنزل، وفرض التنظيم قوانين صارمة على لبسنا وحرمنا من الدراسة. مثلا أنا كنت في المرحلة الثالثة من كلية الإعلام ولم أستطع بسبب (داعش) تكملة الدراسة، بالإضافة إلى شحة الخدمات الرئيسية والمواد الغذائية وتجاوزات التنظيم على المواطنين».
من جانبه، قال الضابط في الجيش العراقي السابق، الرائد سنان محمد، الذي هرب هو الآخر مع عائلته المكونة من عشرة أفراد من الموصل إلى تركيا: «هربت مع عائلتي من الموصل في سيارة حمل إلى سوريا، بعد أن دفعت مبلغ 12 مليون دينار عن العائلة كلها لأحد المهربين، وبعد وصولنا إلى الرقة انطلق بنا المهرب إلى المعبر الحدودي مع تركيا، لكن الحظ لم يحالفنا وتم اعتقالنا من قبل الجيش التركي الذي يحتجزنا في هذا المخيم الذي يفتقد لأبسط الخدمات. نطالب المجتمع الدولي بنجدتنا والضغط على تركيا للسماح لنا بالدخول إلى مدنها». وأضاف محمد: «عند خروجنا من الموصل الحياة فيها كانت متوقفة تماما، لا مدارس ولا أسواق ولا جامعات، ولا دوائر ولا عمل، وكان التنظيم يضغط علينا نحن الضباط السابقين في الموصل كثيرا، ويخيرنا بين الانضمام إلى صفوفه أو تصفيتنا، لأنهم كانوا يريدون خبراتنا، فكان التنظيم يساوم الضابط العراقي على أهله وعائلته مقابل العمل معه، وبعد هروبنا من الموصل صادر التنظيم منازلنا وسياراتنا».
بدوره، قال الناشط السياسي الموصلي، غانم العابد: «اتصلنا منذ علمنا بهذا الموضوع، بالتنسيق مع محافظ نينوى المقال أثيل النجيفي، بالقنصلية التركية في مدينة أربيل، وأبلغناها بمشكلة هؤلاء اللاجئين، فطلبت القنصلية في البداية تزويدها بعنوان المخيم، ورقم أحد الموجودين فيه، فزودناهم بكل ما طلبوه، وعندما سألناهم عن النتيجة أبلغونا بأنهم أبلغوا الحكومة التركية في أنقرة وينتظرون الجواب».
في غضون ذلك، شهدت مدينة الموصل أمس أحداثا أمنية عديدة. وأفاد سعيد مموزيني، مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل، بأن معارك ضارية اندلعت أمس بين مجموعة النقشبنديين المسلحة التابعة لحزب البعث ومسلحي «داعش» جنوب المدينة بسبب خلافات حول توزيع الأموال بين الجانبين، وأسفرت هذه المعارك التي استمرت عدة ساعات عن مقتل 25 مسلحا من الجانبين. كما كشف أن التنظيم أعدم أمس 30 مسلحا من مسلحيه رميا بالرصاص وسط الموصل بتهمة التخطيط لانقلاب على قيادته، فيما قتل 23 مسلحا آخر من مسلحي التنظيم بينهم سبع نساء من «مجموعة الخنساء» في غارات لطيران التحالف الدولي استهدفت مقرات التنظيم في قرية خورسيباد التابعة لمحور ناوران (شرق الموصل)، وتزامنت مع قصف لقوات البيشمركة.
من جهته، قال المتحدث الإعلامي لمركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في محافظة نينوى، غياث سورجي، إن تنظيم داعش فرض رسوما مالية على الدراسة في الموصل، تتمثل في أن تدفع كل عائلة مبلغ 25 ألف دينار شهريا عن كل طفل من أطفالها في المدارس الابتدائية، فيما بلغت رسوم الدراسة المتوسطة 50 ألف دينار، والدراسة الإعدادية 75 ألف دينار. وحذر التنظيم ذوي الطلبة من عقوبات قاسية في حال مخالفة هذا القرار.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».