«سانتيني».. مذاق البندقية في لندن ومطعم فرانك سيناترا المفضل

ثلاثة عقود من النكهة الإيطالية التقليدية في بلغريفيا

طبق الكوسا المقلي من أشهر المقبلات على لائحة الطعام، الحديقة تفتح أبوابها أمام الزبائن طيلة فترة الصيف، الفوكاشيا من أنواع الخبز الذي يقدمه سانتيني
طبق الكوسا المقلي من أشهر المقبلات على لائحة الطعام، الحديقة تفتح أبوابها أمام الزبائن طيلة فترة الصيف، الفوكاشيا من أنواع الخبز الذي يقدمه سانتيني
TT

«سانتيني».. مذاق البندقية في لندن ومطعم فرانك سيناترا المفضل

طبق الكوسا المقلي من أشهر المقبلات على لائحة الطعام، الحديقة تفتح أبوابها أمام الزبائن طيلة فترة الصيف، الفوكاشيا من أنواع الخبز الذي يقدمه سانتيني
طبق الكوسا المقلي من أشهر المقبلات على لائحة الطعام، الحديقة تفتح أبوابها أمام الزبائن طيلة فترة الصيف، الفوكاشيا من أنواع الخبز الذي يقدمه سانتيني

«سانتيني» في لندن ليس مجرد مطعم إيطالي، إنه قصة نجاح مستمرة بدأت مع جينو سانتيني عام 1984 الذي جلب إلى منطقة بلغريفيا الراقية في لندن نكهة البندقية، وجعلها تتأقلم مع أجواء العاصمة اللندنية بسلاسة واضحة، ليصبح هذا العنوان من أهم عناوين أكل المشاهير ورجال الأعمال وسكان لندن الباحثين عن الجودة والنكهة الإيطالية الأصلية والتقليدية، ولكن في أجواء مريحة وبعيدة عن التكلف.
وإذا أردت الوصول إليه بواسطة سيارة أجرة «تاكسي» لن تكون بحاجة لإعطاء السائق العنوان، لأن المطعم أشهر من أن يعرف أو أن يبحث عنه على الخريطة، ولن تنجو من سماع قصة سائق التاكسي وهو يروي لك بأن «سانتيني» هو مطعم فرانك سيناترا المفضل على الإطلاق.
ما يميز سانتيني هو أنه، على الرغم من موقعه في واحدة من أغلى مناطق لندن من حيث أسعار العقارات الخيالية، فإنه استطاع بأن يمزج ما بين البساطة والرقي. ففي بعض الأحيان، تؤثر الديكورات المبالغ فيها على الزبائن لأنها تجعلهم أسرى تلك المبالغة، وبدل أن يتلذذ الزبون بالأكل في أجواء مريحة يتعين عليه الالتزام بما يدور من حوله بشكل مصطنع وبعيد كل البعد عن الطبيعية.
أفضل ما يميز سانتيني هو فريق العمل، بمعظمه من إيطاليا، فجميع العاملين يتحلون بحيوية إيطالية لافتة، الخدمة سريعة، طريقة شرح لائحة الطعام وعرض الأطباق اليومية واضحة جدًا ومفعمة بالحيوي. وبرأيي، فإن هذه ميزة مهمة جدًا لا يجوز الاستهانة بها أبدًا، ففي كثير من الأحيان نصاب بخيبة أمل عندما يحاول النادل بأن يشرح لنا خلفية الطبق الذي يعرضه علينا، ولكن في سانتيني تشعر وكأن النادل تذوق الطبق للتو وباستطاعته وصفه بطريقة وافية ودقيقة.
توجد في سانتيني جلسات في الداخل، ولكن لا تفوت عليك فرصة الجلوس في الحديقة الخارجية المزودة بمدفآت تقيك نسمات لندن الصيفية اللاسعة، وفيها تشعر وكأنك في أحد البلدان المتوسطية، شجرة تتوسط الحديقة تزينها الإنارة الخافتة، طاولات بأغطية بيضاء تختلف من حيث الحجم لتؤمن الخصوصية للأزواج والمجموعات، وهذه النقطة مهمة، لأن بعض المطاعم تبدو وكأنها صممت للرومانسيين فقط.
ميزة الأطباق المعروضة على لائحة الطعام أنها سهلة ومفسرة بشكل جيد، وبعيدة عن الفذلكات والتعقيدات، ولكن يبقى طبق الكوسا المقلي Zucchine Fritte مفتاح الشهية على الطاولة بالإضافة إلى طبق الخبز المقرمش مع زيت الزيتون، وأنواع الخبز الأخرى والفوكاشيا لا تقاوم، ومن ألذ السلطات التي يمكن أن تتذوقها، سلطة جبن البوراتا مع الطماطم أو سلطة سانتيني Santini Salad التي تضم جبن الموتزاريلا مع الفراولة والخس والشمام، فهي عبارة عن خلطة غريبة للخضار والجبن مع الفاكهة، ولكنها في الوقت نفسه متناسقة ومتناغمة، وإذا كنت من محبي السمك فأنصحك بسمك «السي باس» أو Branzino Santini، هنا يصعب حصر الأطباق اللذيذة ووصفها بالكامل لأنها كثيرة، ولكن من السهل القول بأن جميع الأطباق مفعمة بالنكهات الإيطالية التقليدية.
عندما يتوالى أفراد عائلة على إدارة مطعم إيطالي على وجه الخصوص، يكون الأمر واضحًا، وهذه هي ميزة سانتيني، فعندما تزوره تشعر بجو عائلي ولو أنك على الأرجح لن تلتقي على سبيل المثال بحفيدة العائلة لورا سانتيني صاحبة أكثر كتب الطبخ مبيعًا في المملكة المتحدة، ولكن ستشعر بدفء العائلة في المطعم والمطبخ من خلال تدريب العاملين على نظام معين للخدمة والتعامل مع الزبائن الدائمين الذين يشعرون بالأهمية في كل مرة يزورون فيها المطعم، لأن العاملين يتذكرون الأسماء ويتذكرون حتى الأطباق المفضلة لدى الزبائن.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».