ألمانيا تؤكد قدرتها على استقبال نصف مليون لاجئ سنويًا.. والبرازيل تبسط ذراعيها للسوريين

ميركل تدعو إلى اعتماد نظام أوروبي مشترك للتعامل مع الأزمة

طفل راقد على الأرض بينما تسجل أمه لدى مركز للاجئين في ميتيلين بجزيرة ليسبوس أمس - و طفلان فلسطينيان يلعبان قرب مجسم على شاطئ غزة يرمز للطفل السوري إيلان كردي الذي قضى مع معظم أفراد عائلته في غرق قارب أثناء محاولتهم الوصول من تركيا إلى اليونان (أ.ب)
طفل راقد على الأرض بينما تسجل أمه لدى مركز للاجئين في ميتيلين بجزيرة ليسبوس أمس - و طفلان فلسطينيان يلعبان قرب مجسم على شاطئ غزة يرمز للطفل السوري إيلان كردي الذي قضى مع معظم أفراد عائلته في غرق قارب أثناء محاولتهم الوصول من تركيا إلى اليونان (أ.ب)
TT

ألمانيا تؤكد قدرتها على استقبال نصف مليون لاجئ سنويًا.. والبرازيل تبسط ذراعيها للسوريين

طفل راقد على الأرض بينما تسجل أمه لدى مركز للاجئين في ميتيلين بجزيرة ليسبوس أمس - و طفلان فلسطينيان يلعبان قرب مجسم على شاطئ غزة يرمز للطفل السوري إيلان كردي الذي قضى مع معظم أفراد عائلته في غرق قارب أثناء محاولتهم الوصول من تركيا إلى اليونان (أ.ب)
طفل راقد على الأرض بينما تسجل أمه لدى مركز للاجئين في ميتيلين بجزيرة ليسبوس أمس - و طفلان فلسطينيان يلعبان قرب مجسم على شاطئ غزة يرمز للطفل السوري إيلان كردي الذي قضى مع معظم أفراد عائلته في غرق قارب أثناء محاولتهم الوصول من تركيا إلى اليونان (أ.ب)

دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى تطبيق نظام أوروبي مشترك في التعامل مع طالبي اللجوء والاتفاق على حصص ملزمة لتوزيع اللاجئين في أنحاء القارة.
وقالت ميركل، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس وزراء السويد ستيفان لوفين، في برلين: «لا يمكن أن يكون النظام الأوروبي المشترك بخصوص طالبي اللجوء مجرد حبر على ورق. يجب أن يوضع موضع التنفيذ. أقول هذا لأنه يحدد الحد الأدنى من المعايير لاستيعاب اللاجئين ومهمة تسجيلهم»، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
من جهته، اعتبر نائب المستشارة وزير الاقتصاد سيغمار غابرييل، أن ألمانيا التي تتمتع باقتصاد قوي قادرة على استقبال نصف مليون لاجئ سنويا على المدى المتوسط. وأضاف وزير الاقتصاد مساء أول من أمس لشبكة «زد دي إف» الرسمية: «أعتقد أننا نستطيع بالتأكيد التعامل مع رقم يناهز نصف مليون (لاجئ سنويا) خلال عدة سنوات (...) وربما حتى أكثر من ذلك».. وفي المقابل «لا نستطيع أن نقبل كل سنة نحو مليون شخص وندمجهم من دون مشاكل»، فيما تتوقع ألمانيا استقبال 800 ألف طالب لجوء هذه السنة، أي أكثر بأربع مرات من العدد الذي استقبلته في 2014.
لذلك، أعرب سيغمار غابرييل عن قناعته بـ«ضرورة تغيير السياسة الأوروبية»، حيث إن الدول الأوروبية لم تتوصل إلى سياسة منسقة للتعامل مع أزمة الهجرة إلى القارة، والناجمة عن الحروب والفقر في الشرق الأوسط وأفريقيا. واعتبر أيضا أن ألمانيا تستطيع الاستمرار في استقبال أعداد من المهاجرين تفوق ما يستضيفه شركاؤها «لأننا بلد قوي اقتصاديا».
من جهته، أعلن رئيس الحزب اليميني اليوناني الذي قد يعود إلى السلطة إذا ما فاز في الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة بعد أسبوعين أنه على الحكومة تشديد مراقبة الحدود لمكافحة التدفق غير المسبوق للمهاجرين غير الشرعيين إلى سواحل هذا البلد. وقال إيفانغيلوس ميماراكيس، زعيم حزب «الديمقراطية الجديدة»، في مقابلة تلفزيونية أمس الثلاثاء، إنه «في ما يخص المهاجرين، يجب أن تكون الحدود محمية بشكل أفضل، ولا يجب أن تكون الرسالة التي ترسلها اليونان هي (هنا الوضع جيد، تعالوا)». وأضاف في مقابلته مع تلفزيون «ستار» أن «كل شخص يأتي إلى هنا يرسل هذه الرسالة إلى من ينتظرونه»، مشيرا إلى أن أكثر من مليون لاجئ ومهاجر موجودون حاليا على السواحل التركية المقابلة للجزر اليونانية في بحر إيجه.
لكن زعيم الحزب اليميني شدد على وجوب التفريق بين المهاجرين الساعين إلى رغد العيش وبين اللاجئين الفارين من هول الحرب، مؤكدا أنه في ما يخص اللاجئين فإنه يجب مساعدتهم على الوصول إلى الدولة الأوروبية التي يختارون الإقامة فيها.
إلى ذلك، أعلنت رئيسة البرازيل ديلما روسيف أن بلادها «تبسط ذراعيها» لاستضافة اللاجئين السوريين، وذلك في الوقت الذي يسعى فيه العالم إلى بذل المزيد من الجهود للمساعدة في حل أزمة السوريين الفارين من الحرب الدائرة في بلدهم. وقالت روسيف في خطاب بمناسبة العيد الوطني إن حكومتها مستعدة «لاستضافة أولئك الذين طردوا من وطنهم ويرغبون في المجيء للعيش والعمل والمساهمة في الاستقرار والسلام في البرازيل». وأضافت في خطابها الذي بث على الإنترنت ومدته ثماني دقائق أنه «في هذه الأوقات العصيبة، أوقات الأزمة التي نجتازها، نبسط ذراعينا لاستضافة اللاجئين». وتستضيف البرازيل أكثر من ألفي لاجئ سوري، مما يجعل منها المضيف الأول في أميركا اللاتينية للاجئين السوريين منذ اندلاع الأزمة في بلدهم في مطلع 2011.
ويشكل السوريون حاليا أكبر مجموعة لاجئين في البرازيل. وفي عام 2014 وحده استضاف هذا البلد 1405 لاجئين سوريين، وذلك خصوصا بفضل تخفيف السلطات منذ عامين الشروط المفروضة على السوريين للحصول على حق اللجوء. وتبحث السلطات حاليا تمديد العمل بهذه الإجراءات المخففة التي ينتهي العمل بها أصلا في نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي، بحسب ما نقلت الصحافة المحلية عن مصادر رسمية.
وأضافت روسيف أن «صورة الصغير آلان كردي، البالغ بالكاد ثلاثة أعوام، صدمتنا جميعا وهي تشكل تحديا كبيرا للعالم أجمع»، في إشارة إلى الطفل السوري الذي صدمت صورة جثته الممددة على الشاطئ في تركيا العالم بعدما قضى غرقا أثناء محاولة أسرته الأسبوع الماضي الوصول بحرا إلى أوروبا. وأصبحت صورة هذا الطفل الغريق التي لفت العالم أجمع رمزا لمأساة اللاجئين السوريين أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط.
وفي تطور آخر ذي صلة، حذر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك من أن أزمة تدفق اللاجئين على أوروبا هي بمثابة «هجرة جماعية» ستستمر لسنوات عديدة. وقال توسك في خطاب أمام «معهد بروغل»، وهو مركز أبحاث أوروبي في بروكسل، إن «موجة الهجرة الراهنة ليست حادثا ظرفيا بل بداية هجرة جماعية حقيقية، مما يعني أنه سيتعين علينا أن نعالج هذه المشكلة على مدى سنوات عديدة آتية». وأضاف: «من المهم بالتالي أن نتعلم كيفية التعايش معها (الأزمة) من دون أن يتهم واحدنا الآخر». ودعا توسك الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اعتماد البراغماتية سبيلا لتجاوز انقساماتهم ومواجهة أزمة اللاجئين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».