بعد نحو ثلاثة أسابيع من الحملة العسكرية التي بدأها تنظيم داعش على منطقة مارع في ريف حلب الشمالي، لا تزال فصائل المعارضة تخوض حربا مزدوجة في هذه المنطقة، ضد «داعش» من جهة، والنظام الذي يعمد إلى قصف مواقعها بشكل شبه يومي من جهة أخرى.
وفي حين تتهم المعارضة النظام بمساندة التنظيم من خلال تجنب مواقعه وتركيزه على ضرب مراكزها، طرح الائتلاف الوطني السوري يوم أمس تساؤلات حول عدم اهتمام المجتمع الدولي بهذه المنطقة على غرار ما حصل في منطقة كوباني (عين العرب) الكردية، واصفا الوضع الإنساني بـ«المأساة» في ظل غياب أي مقومات للحياة. وهو ما أشار إليه القائد العسكري، في الجبهة الشامية، أبو تميم، لافتا إلى أن ضربات التحالف كانت «معدودة ومحدودة»، وهي لم ترق إلى المساعدة التي قدّمت للأكراد، بينما يعمد النظام إلى قصف المنطقة بالغازات السامة، وسجّل سقوط العديد من الإصابات، كانت آخرها وفاة طفلة.
وقال أبو تميم، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «ينفذ التنظيم حصارا مطبقا على مارع من ثلاثة محاور، حيث عمد إلى زرعها كذلك بالعبوات الناسفة، فيما بقي المنفذ الوحيد للفصائل المعارضة للحصول على الإمدادات في الجهة الغربية باتجاه تل رفعت، وهي الهدف الذي يعمل عليه اليوم بهدف إسقاط المنطقة والسيطرة عليها بمن فيها من مقاتلي المعارضة». وأشار أبو تميم إلى أن المعارضة نجحت يوم أول من أمس في اقتحام حربل من الجهة الجنوبية، لكنها عادت وتراجعت أدراجها على وقع قصف النظام المستمر.
وفي هذا الإطار، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تنظيم داعش تمكّن من صد الهجوم الذي نفذته فصائل المعارضة على قرية حربل قرب مدينة مارع بريف حلب الشمالي، حيث حاول مقاتلو الفصائل استعادة السيطرة على القرية التي اقتحمها التنظيم قبل أيام. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل ما لا يقل عن 14 عنصرا من المعارضة، جثث بعضهم لا تزال لدى التنظيم. وأوضح المرصد أن معظم قتلى فصائل المعارضة قضوا في انفجار لغم بآلية كانوا يستقلونها بمحيط القرية، مشيرا كذلك إلى سقوط قتلى في صفوف «داعش».
وبعدما كان مجلس محافظة حلب قد أعلن مدينة مارع الخاضعة لسيطرة المعارضة وما حولها بالريف الشمالي «منطقة منكوبة»، أكّد أبو تميم خلو المنطقة من المدنيين بحيث لم يعد يوجد فيها إلا المقاتلون، مشيرا إلى أنّ العائلات الهاربة من القتال لا تزال مشرّدة في البساتين وتحت الأشجار لا سيما في المناطق الواقعة بين أعزاز والحدود التركية. وأشار أبو تميم إلى خلافات حالت كذلك دون توحيد وجهة بندقية فصائل المعارضة في مارع، لا سيما بعد دخول «الفرقة 30» على خط المعركة. وأوضح أن «هذه الفرقة تقاتل بشكل فردي ضد تنظيم داعش، وذلك بعدما نشأت خلافات بينها وبين المعارضة على خلفية حصر الأولى معركتها بالتنظيم وتجاهل النظام السوري».
وكانت «الفرقة 30» المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية قد أعلنت عن إطلاق أولى عملياتها ضد «داعش» قرب مارع إلى جانب الفصائل العسكرية التابعة للجيش السوري الحر الأسبوع الماضي. وأشارت معلومات إلى أن دور أعضائها الذين يبلغ عددهم 25 مقاتلا سيقتصر على التواصل مع طائرات التحالف وغرف العمليات التابعة لهم بهدف تحديد مواقع تنظيم داعش والإبلاغ عنها، على غرار ما كانت عليه مهمة وحدات حماية الشعب الكردي في كوباني.
ويوم أمس، أسف الائتلاف الوطني لعدم الاهتمام الدولي بالوضع الإنساني في ريف حلب الشمالي مقارنة بما جرى في هجوم «داعش» على كوباني (عين العرب)، رغم عظم المأساة وكثرة النزوح من جحيم النظام والتنظيم. وفي مؤتمر صحافي له في مدينة غازي عنتاب التركية حول الأوضاع الميدانية في الريف الشمالي لحلب بشكل عام، ومدينة مارع بشكل خاص، أعلن الائتلاف أن «المعارك مع (داعش) على أشدها، وقد تعرضت مدينة مارع وحدها لـ23 مفخخة، واستخدمت فيها الغازات السامة مرتين، إحداهما في التاريخ نفسه الذي استخدمه نظام الأسد في غوطة دمشق قبل سنتين».
وفي بيان له، اعتبر الائتلاف أن أهمية المعركة في الريف الشمالي تكمن في أنه هو «خزان الثورة، ومنه انطلقت شرارتها الأولى بحلب، كما يمثل خط الإمداد الأهم للثورة السورية». ولفت الائتلاف إلى أن «المعركة القائمة الآن مع تنظيم داعش الإرهابي جاءت بعدما عجز نظام الأسد والميليشيات الطائفية المقاتلة معه عن السيطرة على المنطقة رغم استخدامه كل أنواع الأسلحة حتى المحرمة منها دوليا».
ووصف الائتلاف الوضع الإنساني الذي يعيشه المدنيون بـ«المأساة الحقيقية»، مشيرا إلى أن «المدنيين يقيمون الآن في العراء وبين الأشجار، فالحدود مغلقة تماما، ولا يوجد أي مقوم من مقومات الحياة من الغذاء والدواء وخيم للنازحين حتى الكمامات ومضادات الكيماوي معدومة».
المعارضة تخوض حربًا مزدوجة في «مارع».. وتجاهل المجتمع الدولي لمأساتها يثير مخاوف الائتلاف
خلافات بين الفصائل بعد دخول «الفرقة 30» على خط المعركة
المعارضة تخوض حربًا مزدوجة في «مارع».. وتجاهل المجتمع الدولي لمأساتها يثير مخاوف الائتلاف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة