تساؤلات حول طبيعة وتوقيت مغادرة السفير الإيراني لصنعاء

طهران بررت الخطوة بقضاء إجازة.. ومصادر عدتها عملاً استباقيًا لتحرك دبلوماسي يمني

تساؤلات حول طبيعة وتوقيت مغادرة السفير الإيراني لصنعاء
TT

تساؤلات حول طبيعة وتوقيت مغادرة السفير الإيراني لصنعاء

تساؤلات حول طبيعة وتوقيت مغادرة السفير الإيراني لصنعاء

عززت مغادرة السفير الإيراني لدى اليمن ونائبه، للعاصمة صنعاء، مساء أول من أمس، التكهنات حول مغزى هذه الخطوة التي جاءت تزامنا مع تحشيدات عسكرية كبيرة لقوات التحالف العربي استعدادا لعملية تحرير صنعاء، وأيضا بعد تصريحات لوزير الخارجية اليمني رياض ياسين كان أدلى بها لـ«الشرق الأوسط»، واعتبر فيها أن السفارة الإيرانية قد تحولت إلى مركز عمليات حربية للحوثيين وإلى مصدر للدعم المالي والاستشاري.
وبدورها، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، أن السفير الإيراني لدى اليمن سيد حسين نيكنام قد غادر العاصمة صنعاء إلى طهران، مبررة ذهابه هذا بقضاء إجازته الصيفية. وأشارت إلى أن السفارة «تواصل أنشطتها بصورة طبيعة».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر يمنية أن الحكومة الشرعية تدرس مجددا قطع العلاقات مع إيران، وأن هذا الملف مطروح على طاولة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، منذ أن اقتحم مجهولون مقر السفارة اليمنية في طهران، وكذلك محاولة هبوط طائرة إيرانية في مطار صنعاء. إلا أن أحد القيادات بالحكومة الشرعية طالب بالتريث في اتخاذ القرار، لا سيما أن اليمن رصد أدلة ووثائق تدين الدعم الإيراني بالأسلحة الثقيلة للحوثيين، وكذلك بكوادر بشرية لتدريب آخرين على الطيران.
وأوضح الدكتور محمد القباطي، المستشار السابق لرئيس الوزراء اليمني، أن السفارة الإيرانية في صنعاء هي همزة الوصل بين الحكومة الإيرانية والميليشيات الحوثية، إذ تستقبل السفارة التوجيهات والبرقيات التي يتم من خلالها التحرك داخل الأراضي اليمنية، ولا تزال تحمل صفة الوسيط بين طهران والحوثي في صنعاء. وقال الدكتور القباطي إن سفارة طهران باتت «بمثابة وكر يضم قادة إيرانيين ومركز معلومات عسكرية واستخباراتية، فهم يتصرفون حسب توجيهاتهم، داخل المناطق الذي يسيطر عليها الحوثيون، ولدى طاقم السفارة الإيرانية في صنعاء صلاحيات تفوق صلاحيات أي شخصية دبلوماسية».
من جانبه، أشار الدكتور محمد صقر السلمي، الخبير في الشؤون الإيرانية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن اللقاء الذي تم قبل أسبوع في وزارة الخارجية الإيرانية، ودعي إليه جميع السفراء الإيرانيين حول العالم، كان من الطبيعي أن يحضره السفير الإيراني في صنعاء، لكنه لم يحضر لانشغاله في العمليات الجارية في اليمن.
وأضاف السلمي أن مغادرة السفير الإيراني تأتي كـ«خطوة استباقية لإيران قبل قطع العلاقات الدبلوماسية، التي لو تمت ستؤدي إلى اتخاذ إجراءات مختلفة»، مؤكدا أن السفارة الإيرانية التي تمثل مركز عمليات للحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، مما أدى إلى تفضيل القيادة الإيرانية مغادرة الدبلوماسيين، خصوصا بعد أن تم القبض على مستشارين إيرانيين في اليمن يحملون معلومات مهمة تختص بدور السفارة بشكل عام والسفير بشكل خاص، في دفع التمرد الحوثي نحو الاستيلاء على السلطة.
يذكر أن وزير الخارجية اليمني ياسين كان قد اتهم، عبر تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط» الاثنين الماضي، السفارة الإيرانية في صنعاء بتقديم الدعم المالي، والعمل الاستخباراتي والاستشارات العسكرية والعتاد الحربي، للمتمردين على الشرعية اليمنية، مؤكدا أنه رغم الحصار الجوي والبحري، فإن غرفة العمليات الحوثية داخل السفارة الإيرانية لديها مميزات كثيرة تتجاوز قدرات الحكومة اليمنية نفسها، وأن الكثير من العمليات الحربية والاستخباراتية تدار داخل تلك السفارة، التي تعتبر مركزا لتوزيع الأموال على الميليشيات الحوثية.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».