دول عربية نصحت عباس بإرجاء عقد اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني

الجبهتان الشعبية والديمقراطية تصران على مشاركة «الإطار المؤقت» في التحضيرات

دول عربية نصحت عباس بإرجاء عقد اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني
TT

دول عربية نصحت عباس بإرجاء عقد اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني

دول عربية نصحت عباس بإرجاء عقد اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني

قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل ابو يوسف إن مسألة انعقاد أو تأجيل اجتماع المجلس الوطني أصبحت بيد رئيس المجلس سليم الزعنون، الذي يفترض أنه سيعلن موقفا واضحا اليوم، وسط حالة من الجدل بين مؤيد لتأجيل عقد الجلسة التي كانت مقررة في 14 من الشهر الحالي، ومعارض لأي تأجيل.
وأوضح أبو يوسف لـ«الشرق الأوسط» أن «التوجه داخل التنفيذية هو لإرجاء اجتماع المجلس الوطني حتى قبل نهاية العام». وأضاف: «كان ثمة نقاشات حول مخاطر عقد الاجتماع بهذه السرعة ونقاشات حول مخاطر تأجيله، وباينت الآراء، لكن الاتجاه كان نحو التأجيل بهدف عقد جلسة جامعة للمجلس الوطني». وتابع قائلا إن «مقاطعة الجبهة الشعبية وفصائل أخرى ودعوة قطاعات أخرى للتأجيل ساهم في التوجه لذلك». وشدد أبو يوسف على أن قرارا لم يصدر بعد في هذا الشأن. وتوقع تأجيل الجلسة لإعطاء وقت أفضل من أجل التحضيرات، وإزالة الموانع، ومشاركة جميع الفصائل في جلسة الوطني. وجرت أمس نقاشات واسعة داخل اللجنة المركزية لحركة فتح، للبت في المسألة بعد خلافات داخل اللجنة حول انعقاد الجلسة من عدمها.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تلقى نصائح من دول عربية بتأجيل الجلسة، بعدما كان مصرا على عقدها في وقتها. وأضافت: «حتى وقت متأخر من اليوم، (أمس)، سيكون عباس توصل إلى اتفاق مع حركة فتح حول المسألة، ومن ثم سيبلغ الزعنون بتوجه الحركة».
وبينما تأخر موقف فتح، حسمت الجبهتان الشعبية والديمقراطية، وهما ثاني وثالث أكبر فصيلين في منظمة التحرير، أمرهما بالتأجيل. وكانت الشعبية أعلنت مقاطعة اجتماع الوطني، بعد إعلان كل من حركتي حماس والجهاد مقاطعة الجلسة.
وكان يفترض أن تعقد جلسة الوطني الشهر الحالي، بعدما قدم عباس و10 آخرون استقالتهم من اللجنة التنفيذية، لوضع بند الانتخاب على جدول أعمال المجلس.
واستبقت الجبهة الشعبية المؤتمر الصحافي للزعنون، وسلمته أمس رسالة من الأمين العام للجبهة أحمد سعدات نيابة عن لجنتها المركزية نقلها إليه، القيادي في الجبهة عمر شحادة. وجاء فيها: «نأمل من سيادتكم تأجيل عقد دورة، أو جلسة، المجلس الوطني المزمع عقدها بين 14 و15 سبتمبر (أيلول) الحالي، والدعوة فورًا إلى اجتماع لجنة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، أو حوار وطني شامل يحضره الجميع من دون استثناء في أي قطر عربي شقيق، وذلك بهدف تعزيز منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وتطويرها، وبهدف إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، من أجل استمرار النضال لتحقيق أهداف شعبنا العظيم في العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس».
وقررت الجبهة الشعبية عدم المشاركة في دورة المجلس الوطني سواء كانت عادية أو طارئة (استثنائية)، وجددت موقفها المتمسك بمنظمة التحرير كإطار وطني جامع، وممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.
ودعت الجبهة في بيان إلى إعادة بناء المنظمة ومؤسساتها وتشكيل مجلس وطني يجسّد الوحدة الوطنية ويضم جميع الفصائل والقوى، وأن يجري الإعداد له من قبل الإطار القيادي المؤقت ووفقًا للأصول المتبعة.
وشددت الجبهة أن عقد هذه الدورة المشار إليها من شأنه أن يُعمّق الأزمة، ويطيل من أمد الانقسام، ويفتح المجال صوب التفكير في خلق أطر موازية تنازع المنظمة في وحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني.
أما الجبهة الديمقراطية فأعلنت أنها مع التأجيل مطالبة أولا بتشكيل لجنة تحضيرية من جميع فصائل اللجنة القيادية العليا (الإطار المؤقت)، تحت مظلة منظمة التحرير، عملاً ببرنامج الإجماع الوطني واتفاق 4 مايو (أيار) 2011 «لإنهاء الانقسام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة، والعودة للشعب بانتخابات مجلس وطني جديد لمنظمة التحرير في الوطن والشتات بالتمثيل النسبي الكامل».
وجاء في بيان للديمقراطية: «لا لدورة مجلس وطني عادية دون تحضير شامل يشمل جميع الفصائل الفلسطينية لإسقاط الانقسام والاحتكار والمحاصصة الثنائية والإقصاء». وقالت الديمقراطية: «إن التحضير لعقد دورة المجلس الوطني العادية وفق النظام الأساسي لمنظمة التحرير، تمّ ويتم منذ عام 1969 على يد لجنة تحضيرية من الأمناء العامين لفصائل المقاومة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني».
وأكدت الديمقراطية أن «16 عضوًا من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من 18 عضوًا وقعوا على رسالة إلى رئيس المجلس الوطني الفلسطيني بتأجيل دورة المجلس الوطني المقررة في 14 - 15 سبتمبر إلى إشعار آخر». وطالبت بإنهاء الانقسام، قائلة: «كفى ثماني سنوات من الانقسام العبثي المدمّر والأزمات الداخلية الفلسطينية – الفلسطينية».
وعزز موقف الجبهتين من موقف حركة حماس، التي أعلن رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل رفضه عقد المجلس الوطني من دون حضور حماس والجهاد. وكان مشعل قد دعا في مؤتمر صحافي من قطر إلى تأجيل اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني، الذي يعقد لأول مرة منذ 20 عاما، إلى حين التوصل إلى اتفاق. وتساءل مشعل: «هل يعقل أن تغيب حماس والجهاد، الفصيلان الكبيران اللذان يمثلان الجزء الأكبر من برنامج المقاومة؟». وأكد أن القضية الفلسطينية «أكبر من حماس وفتح».
وأوضح مشعل: «حملنا (صائب) عريقات رسالة إلى (محمود عباس) أبو مازن بتأجيل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، لأنه يعمق الانقسام ويخالف ما اتفقنا عليه، والبديل رؤية وطنية نشترك فيها جميعا».
ودعا مشعل المجلس التشريعي «للانعقاد ومزاولة أعماله حسب ما تم الاتفاق عليه وتشكيل حكومة وحدة وطنية تدير شؤون الوطن، وذلك بروح من التوافق والشراكة إلى حين إجراء انتخابات حرة ونزيهة في كل مؤسساتنا السياسية في أقرب فرصة يتم التوافق عليها». وأعرب مشعل عن استعداد حماس للقاء مسؤولي حركة فتح «في أي بلد عربي».
وردت حركة فتح أمس على «مبادرة» مشعل، وقالت إنها لا تحمل أي جديد وفيها «كثير من المغالطات والتناقضات».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.