لبنان: إجراءات أمنية مشددة تواكب طاولة الحوار غدًا وناشطون مدنيون يعدون لمظاهرة حاشدة

عون وحزب الله سيخيران الحاضرين بين انتخاب الأول رئيسًا وإجراء انتخابات نيابية

لبنان: إجراءات أمنية مشددة تواكب طاولة الحوار غدًا وناشطون مدنيون يعدون لمظاهرة حاشدة
TT

لبنان: إجراءات أمنية مشددة تواكب طاولة الحوار غدًا وناشطون مدنيون يعدون لمظاهرة حاشدة

لبنان: إجراءات أمنية مشددة تواكب طاولة الحوار غدًا وناشطون مدنيون يعدون لمظاهرة حاشدة

أوشك فريق عمل رئيس المجلس النيابي نبيه بري على إتمام التحضيرات النهائية لانعقاد طاولة الحوار صباح يوم غد الأربعاء على أن تضم 16 عضوا بعد إعلان رئيس حزب «القوات» سمير جعجع رفضه المشاركة فيها، في وقت ينكب فيه ناشطو المجتمع المدني على الإعداد لمظاهرة حاشدة جديدة مساء الأربعاء على أن يسبقها اعتصام صباحي محدود أثناء انعقاد الجلسة الحوارية.
ومن المتوقع بحسب مصادر أمنية، أن يشهد وسط العاصمة بيروت في الساعات القليلة المقبلة إجراءات أمنية مشددة تسبق طاولة الحوار والمظاهرة على حد سواء، على أن يتم إقفال عدد كبير من الطرقات المحيطة بمبنى البرلمان حيث سيجتمع قادة الكتل النيابية تحسبا لأي محاولة من قبل المتظاهرين للتعرض لهم بعدما كان عدد منهم اقتحموا الأسبوع الماضي وزارة البيئة ونفذوا اعتصاما سلميا طالبوا خلاله باستقالة الوزير الذي حمّلوه مسؤولية فشل الحكومة بحل أزمة النفايات المستمرة.
ولا يزال وزير الزراعة أكرم شهيب الذي وكّله رئيس الحكومة تمام سلام بوضع خطة عمل لحل الأزمة، يقوم بالاتصالات اللازمة مع الفرقاء السياسيين لأخذ موافقة مبدئية منهم على مضمون الخطة التي أعدها ليتم عرضها في وقت لاحق على مجلس الوزراء لإقرارها والسير بها.
وقالت مصادر رئاسة الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن الوزير شهيب «ماض بمهامه ونحن بانتظار ما ستؤول إليه اتصالاته، فإذا تمكن من الحصول على ضوء أخضر سياسي للسير بالخطة التي وضعها تتم دعوة الحكومة لإقرارها، أما في حال العكس فلا شك أن الرئيس سلام قد يثير الملف على طاولة الحوار باعتباره بندا ملحا ويستوجب حلا سريعا».
وأعلن شهيب خلال حفل تكريمي أنّه توصل لوضع «خريطة طريق للحل، وكلنا أمل ألا تعرقل في السياسة ولا يعرقلها أصحاب المصالح السياسية»، لافتا إلى أن هذه الخطة ترتكز على «اللامركزية بعدما كانت ممسوكة بقرار مركزي، وعلى إعطاء البلديات الدور والحق والمال وإعفائها من ديون قدرت بمئات الملايين أو بالمليارات».
وردا على بعض التلميحات لإمكانية طرح ملف النفايات على طاولة الحوار المرتقبة، أكّدت مصادر الرئيس بري على أن الموضوع «غير مطروح على جدول الأعمال والمكان الطبيعي لحله هو طاولة مجلس الوزراء»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «بند الرئاسة يبقى بندا أول للبحث وهو يتصدر النقاشات المرتقبة». وأضافت: «التحضيرات لانعقاد طاولة الحوار ماضية على قدم وساق، ولم نتبلغ إلا اعتذار جعجع عن المشاركة».
ويبحث الحوار المرتقب بـ7 ملفات حصرا، هي رئاسة الجمهورية، عمل مجلس النواب، عمل الحكومة، اللامركزية الإدارية، قانون الانتخابات النيابية، قانون استعادة الجنسية للمغتربين، دعم الجيش والقوى الأمنية.
وأعلن جعجع يوم السبت الماضي رفضه المشاركة في الحوار واصفا إياه بـ«المضيعة للوقت»، معتبرًا أن «الخطوة الأولى والوحيدة التي تخرجنا من الوضع الحالي تكمن في انتخاب رئيس للجمهورية». وأعرب جعجع عن استعداده لإعادة النظر في موقفه شرط أن ينحصر جدول أعمال الجلسة بانتخاب رئيس وأن يشارك حزب الله في جلسات انتخاب الرئيس.
ولا يبدو أن مهمة رئيس المجلس النيابي الذي سيدير جلسة الحوار ستكون سهلة خاصة أن الخلافات الكبرى حول البند الأول المطروح على جدول الأعمال، أي بند الرئاسة، تهدد بالإطاحة بباقي البنود وبالتالي بالطاولة ككل.
وبحسب مصادر مطلعة في قوى 8 آذار، فإن حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه النائب ميشال عون يتجهان بـ«رؤية موحدة» إلى الطاولة لحل الأزمة، تضم خيارين: «إما التوافق على انتخاب عون رئيسا للبلاد باعتباره صاحب أكبر كتلة نيابية مسيحية، أو إجراء انتخابات نيابية تسبق تلك الرئاسية فينتخب المجلس النيابي الجديد رئيسا للجمهورية». وأكّدت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أي حديث عن مرشح توافقي للرئاسة وأيا كان هذا المرشح لن يكون مقبولا من قبل الحزب والتيار على حد سواء».
وقد عكست مواقف نواب ووزراء حزب الله يوم أمس هذا التوجه، إذ أعرب وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش في تصريح عن أمله في أن يكون الحوار «فرصة جدية بإرادة صادقة من أجل إيجاد الحلول والمخارج لانتخاب رئيس للجمهورية وإعادة إحياء المجلس النيابي وتفعيل عمل الحكومة لتؤدي دورها».
وقال عضو كتلة حزب الله النيابية نواف الموسوي «نريد رئيسا حقيقيا للبنان قادرا على الدفاع عن التوازن والشراكة والصيغة اللبنانية، هو بلا عبارتين بل عبارة واحدة، الجنرال عون بوصفه الرئيس الماروني القوي».
وبالتزامن مع الحراك السياسي المستجد، كثّف ناشطو المجتمع المدني من اجتماعاتهم التحضيرية للتحركات المرتقبة يوم الأربعاء.
وعممت حملة «طلعت ريحتكم» دعوة عامة على صفحتها على موقع «فيسبوك» للمشاركة باعتصام يوم غد الساعة العاشرة بالتزامن مع انعقاد جلسة الحوار على أن يكون هناك مظاهرة كبيرة الساعة السادسة في ساحة الشهداء استكمالا للحراك المستمر على خلفية أزمة النفايات.
وأقر الناشط البارز في حملة «طلعت ريحتكم» عماد بزي بأنّهم يتوقعون تراجعا في أعداد المشاركين بمظاهرة يوم الأربعاء مقارنة بأعداد الذين شاركوا بالتجمع الشعبي الكبير الذي شهده وسط بيروت في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، باعتبار أن الموعد المحدد هو في منتصف الأسبوع. وأكّد بزي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» تمسكهم بـ4 مطالب أساسية هي: استقالة وزير البيئة على خلفية أزمة النفايات، إقرار سياسة سليمة لإدارة الملف، متابعة الموضوع قضائيا والدفع باتجاه إجراء انتخابات نيابية تسبق الانتخابات الرئاسية باعتبار أن المجلس النيابي الحالي غير شرعي كونه مدد لنفسه مرتين.
ويتعاطى ناشطو المجتمع المدني مع طاولة الحوار المرتقبة على أنّها «بدعة من خارج الدستور لن تُثمر شيئا كما سابقاتها». ويقول بزي في هذا السياق: «لدينا مؤسسات دستورية يتوجب العودة إليها لحل الأزمات وليس اختراع بدع لا تمت للدستور بصلة».
ولا يتخوف بزي من تراجع الحراك وانطفائه: «فالموضوع لم يعد محصورا بالنفايات بل تعداه ليشمل كل الملفات الحياتية، وقد نزل اللبنانيون إلى الشارع وهم لن يستكينوا قبل تأمين حد أدنى من مقومات العيش الكريم».
ويركّز الناشطون بعد ملف النفايات على ملف الكهرباء باعتبار أن لبنان يعاني من أزمة كبيرة في هذا القطاع منذ سنوات طويلة. وقد دعت حملة «بدنا نحاسب» إلى «وقفة احتجاجية أمام مؤسسة كهرباء لبنان اعتبارا من الساعة السادسة من مساء اليوم الثلاثاء»، وشددت الحملة في مؤتمر صحافي على أن هدفها «بناء دولة على أسس سليمة ترتكز على المواطنة والعدل وتكافؤ الفرص»، لافتة إلى أن «هذا لا يتحقق إلا عبر وضع قانون انتخابات نسبي خارج القيد الطائفي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».