«التعليم»: مشروع العقد العربي لمحو الأمية بداية الفصل الدراسي الثاني

السعودية تخفض نسبة الأمية إلى 6.44 وفق إحصائيات وزارة التعليم

«التعليم»: مشروع العقد العربي لمحو الأمية بداية الفصل الدراسي الثاني
TT

«التعليم»: مشروع العقد العربي لمحو الأمية بداية الفصل الدراسي الثاني

«التعليم»: مشروع العقد العربي لمحو الأمية بداية الفصل الدراسي الثاني

لم يهتم أبو فهد بنظرات الناس أو تعليقاتهم كثيرًا، بعد أن قرر أخيرًا التخلص من أميته التي لازمته منذ مولده في إحدى القرى الجنوبية في السعودية قبل أكثر من 7 عقود، بعد أن التحق بمركز متخصص بتعليم الكبار، عله يلحق بقطار التعليم حتى ولو تأخر الموعد كثيرًا.
ويقول أبو فهد: «أملي في تعلم القراءة والكتابة حتى ولو بجزء يسير، لقد سئمت من (التبصيم) أثناء مراجعتي للدوائر الحكومية». ويشارك أبو فهد في ما ذهب إليه كثير من الأميين الذين قرروا إشباع رغباتهم في التعلم، مما ساعد على تدني نسبة الأمية، خصوصا أن البرامج المختلفة قد أسهمت بشكل كبير في تقليص آفة الأمية، وهكذا حققت للسعودية إنجازات غير مسبوقة في هذا المجال.
وتشارك السعودية دول العالم الاحتفاء باليوم العالمي لمحو الأمية الذي يصادف الثامن من سبتمبر (أيلول) من كل عام، وهو الحدث الذي ينظم لكشف الإنجازات المحققة في مجال تقليص نسب الأمية كونها أحد العوائق المزمنة في مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية للشعوب، وأيضًا حث المجتمعات لتحقيق تلك المعادلة الصعبة من خلال دعم جهود نشر المعرفة بين لأفراد المجتمع.
السعودية قطعت شوطًا كبيرًا في سعيها لخلق مجتمع بلا أمية، بعد أن بلغت نسبة الأمية وفق إحصائيات وزارة التعليم 6.44 في المائة بنهاية العام، خلافًا لما كانت عليه قبل التسعينات والبالغة 60 في المائة، إذ تمكنت السعودية من تقليص نسبة الأمية بين النساء إلى 8.27 في المائة، بينما انخفضت نسبة الأمية بين الذكور خلال ثمانية عشر عامًا لتصل إلى 3,21 في المائة عام الماضي.
وفي هذا السياق أكدت الوزارة التعليم السعودية أن السعودية تجاوزت تقليص نسبة الأمية إلى القضاء على الأمية بشكل تام، إذ أصبحت أكثر جدية وازداد الوعي الاجتماعي بأهميتها، خصوصا أن الدولة تبنت أن نشر تلك الثقافة مسؤولية الجميع، مشيرة إلى أن الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية الذي تم تحديده من قبل اليونيسكو هو مناسبة لتقويم جهود الدول والهيئات والمنظمات المبذولة في كل عام في مجال محو الأمية وتعليم الكبار، وأيضًا مناسبة لتبادل الخبرات العالمية والإقليمية والتعرف على المستجدات.
وبينت الوزارة أن الحدث العالمي فرصة جيدة للتوعية بأهمية محو الأمية ودعوة الأميين للالتحاق ببرامجها، مؤكدة أنه سيتم توظيف هذه المناسبة في جميع إدارات التعليم بإقامة فعاليات ومناشط تعليمية بمشاركة المختصين والمهتمين دون إغفال مشاركة المؤسسات الإعلامية لتحقيق أهداف المناسبة وفق الخطة المعدة لذلك.
وأشارت الوزارة إلى انطلاقة شاملة مع بدء الفصل الثاني من العام الدراسي الحالي 1436 / 1437هـ (2015م) لتنفيذ مشروع العقد العربي لمحو الأمية الذي يأتي ضمن التزاماتها الدولية وتحقيقها لاستراتيجيتها الوطنية.
واستعراضًا للجهود المبذولة لمحو أمية المرأة في السعودية بدأ تعليم النساء الأميات في قبل عام 1369هـ من خلال الحلقات التعليمية والمدارس الأهلية التي أسست بجهود تطوعية إلى أن صدرت سياسة التعليم عام 1390هـ متضمنة أهدافا رئيسية لمكافحة الأمية وتعليم الكبار للذكور والإناث، حيث افتتحت مراكز تعليم الكبيرات عام 1392هـ وكان عددها 5 مراكز واستمرت في النمو إلى أن بلغ عددها 1438 مركزًا عام 1435هـ 1436هـ التحقت بها 33890 طالبة، ولم تقتصر الجهود على محو أمية المرأة الأبجدية، بل تجاوزتها إلى محو الأمية الحضارية والتعلم مدى الحياة إيمانًا بدور المرأة الرئيسي في دفع عجلة التنمية.
وقدمت وزارة التعليم مجموعة من البرامج والمشروعات التي تعنى بتعليم الكبار، والتي يأتي أبرزها المراكز النظامية المنتهية بالحصول على الشهادة الابتدائية ومدتها 3 سنوات تدرس فيها جميع العلوم بما في ذلك اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي والمهارات الحياتية، وبلغ عدد هذه المراكز في العام 1435 / 1436هـ 1438 مركزًا، وعدد الطالبات 33890 طالبة، وبلغ عدد خريجات هذه المراكز منذ إنشاؤها 491540 طالبة.
وتم إعلان المدينة المنورة ومكة المكرمة ومحافظة شقراء مدن خالية من الأمية من خلال برنامج مدينة بلا أمية واستفادت منه 25476 أمية تم محو أميتهن وتزويدهن بمهارات حياتية متعددة. يضاف إلى ذلك حملات التوعية ومحو الأمية وتستهدف المرأة الريفية حيث تنفذ في القرى والهجر التي ترتفع بها نسبة الأمية ويوجد بها مجموعة من الأميات تتميز حياتهن بالتنقل وعدم الاستقرار وتشارك عدة جهات في تنفيذ الحملة مثل وزارات الصحة والزراعة والشؤون الاجتماعية بهدف التوعية والتثقيف والدعم، وقد استفادت من الحملات التي نفذت لمدة 6 سنوات حتى تاريخه 14295 أمية، كما نفذت وزارة التعليم برنامج وزارة بلا أمية مستهدفة العاملات في الوزارات اللاتي لم يتمكن من التعلم في الصغر ويتم تفريغهن أثناء الدوام الرسمي لمدة ساعتين يوميًا، وقد استفادت من البرنامج حتى الآن 6141 عاملة.
كما استفادت أكثر من 715 نزيلة من برامج محو الأمية التي نفذتها وزارة التعليم في الإصلاحيات التابعة لوزارة الداخلية والشؤون الاجتماعية، و318 من ذوات الاحتياجات الخاصة، من خلال برنامج دمج ذوات الاحتياجات الخاصة في مراكز تعليم الكبار، كما توسعت برامج محو الأمية لتشمل القرى والهجر التي لا توجد بها خدمات تعليمية ثابتة عن طريق المراكز الصيفية المتنقلة لمحو الأمية واستفادت من البرنامج، منها 22046 أمية وكانت نواة لافتتاح مدارس رسمية مكنت الملتحقات بها من إكمال تعليمهن ومنعهن من الارتداد للأمية، وقد تم الانتهاء من العمل بهذا المشروع بنهاية عام 1431هـ بعد أن تمت تغطية الأماكن ذات الاحتياج.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.