التفاتة روسيا إلى الصين: الفجوة بين الكلام والواقع

العلاقات بين موسكو وبكين ربما وصلت الآن إلى ذروتها على مر التاريخ ولا تزال تتطور

الرئيس بوتين يشارك نظيره الصيني تشي احتفاله بهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية في العاصمة بكين (واشنطن بوست)
الرئيس بوتين يشارك نظيره الصيني تشي احتفاله بهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية في العاصمة بكين (واشنطن بوست)
TT

التفاتة روسيا إلى الصين: الفجوة بين الكلام والواقع

الرئيس بوتين يشارك نظيره الصيني تشي احتفاله بهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية في العاصمة بكين (واشنطن بوست)
الرئيس بوتين يشارك نظيره الصيني تشي احتفاله بهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية في العاصمة بكين (واشنطن بوست)

يستمتع الرئيسان الروسي والصيني بالمعنى الرمزي لمشهد استعراض الدبابات والصواريخ تدور أمامهم، والجنود تسير في خطى عسكرية منتظمة في الميادين، ليظهرا لجماهير المشاهدين في بلديهما وفى مختلف بقاع العالم بمظهر القوي الممسك بزمام الأمور وليبرهنا على أن بلادهم قوى عظمى. قام بوتين بزيارة إلى بكين الخميس الماضي ليشارك الرئيس تشي احتفاله بهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، حيث شاهد الجنود الروس يسيرون جنبا إلى جنب مع الجنود الصينيين، غير أن روسيا أجرت استعراضا عسكريا مستقلا أقل حجما لقواتها في نفس اليوم في مدينة ينزو - ساخالنسك، أقصى شرقي البلاد.
تعتبر زيارة بوتين للصين رمزية، حيث تأتي في إطار دعم محورها المعلن في آسيا عقب خلافها الأخير مع الغرب حول أوكرانيا وما ترتب عليها من عقوبات دولية. شجعت العقوبات على تنمية العلاقات التجارية المستدامة مع الصين، حسب بوتين في لقائه مع محطات تلفزيونية صينية وروسية قبيل الزيارة، مضيفا أن «العلاقات الروسية – الصينية ربما وصلت الآن ذروتها على مر التاريخ ولا تزال تتطور».
اصطحب بوتين الكثير من المسؤولين ورجال الأعمال إلى بكين لتوقيع عقود مع الشركات الصينية. وصرح أيغور سيشين، مدير شركة «روزنيفت»، أكبر شركة نفط روسية مملوكة للدولة، أن شركته وقعت عقودا مع الصين بقيمة 30 مليار دولار. وشملت العقود الاتفاق مع شركة «تشينا بتروكيميكال كورب» على التنمية المشتركة لحقلي نفط. كذلك اتفقت شركة «ساينوبيك» على شراء حصة ثانوية في شركة البتروكيماويات الروسية «سيبور».
تتطلع روسيا إلى حلفاء جدد في المجالين السياسي والاقتصادي من خارج أوروبا. تعاملت روسيا مع الصين كأهم شريك استراتيجي لأكثر من عام على أمل أن تساعد الاستثمارات الصينية والواردات من السلع الروسية الاقتصاد الروسي على الصمود أمام العقوبات.
«آمال موسكو مفرطة»، حسب تصريح أليكساندر غابيف، الخبير الروسي في الشؤون الصينية بمركز كارنيغي موسكو، لصحيفة «واشنطن بوست». وأضاف «لقد اعتقدوا أن المستثمرين الصينيين سوف يتدفقون إلى روسيا ليغمروها بالمال، غير أن البيانات الاقتصادية تظهر أن تلك الآمال لم تتحقق».
في الحقيقة، حجم التجارة بين البلدين تراجع بواقع 31.4 في المائة في النصف الأول من عام 2015 بسبب انخفاض أسعار النفط، والكساد الاقتصادي في روسيا، وتراجع الطلب الصيني على السلع الروسية.
تراجعت الاستثمارات الصينية بواقع 20 في المائة خلال نفس الفترة، حسب غابيف. وبالنظر إلى الكساد الاقتصادي في الصين، لا يبدو المستقبل ورديا، إذ إن الاعتماد الزائد على الصادرات إلى الصين قد يعرض الاقتصاد للمخاطر، كما يبين لنا نموذج البرازيل.
في شهر مايو (أيار) الماضي، وقعت الصين وروسيا اتفاق تعاون في مجال استخراج الغاز من شرق سيبريا كي يتم تصديره إلى الصين بدءا من عام 2019. وحسب السلطات الروسية، بلغت قيمة الصفقة 400 مليار دولار أميركي، غير أن السعر كان مرتبطا بسعر النفط، الذي انهار بشكل كبير منذ مايو 2014. لم ينته بعد العمل في مد أنبوب الغاز، غير أن روسيا لم تتفق مع الصين على نظام السداد مقدما الذي تتطلع إليه روسيا لتنفيذ المنشآت.
وفى نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وقعت روسيا والصين مذكرة تفاهم لصفقة غاز ثانية من غرب سيبيريا. كان من المفترض توقيع العقد أثناء زيارة بوتين لبكين، غير أن ذلك لم يحدث. «لم يكن الوقت مناسبا لتوقيع صفقة غاز أخرى مع الصين»، حسب تصريح كيون ووك بيك، زميل معهد أكسفورد لدراسات الطاقة بلندن لوكالة بلومبيرغ في أغسطس (آب) الماضي.
تعتبر العقوبات الاقتصادية من العوامل التي سببت مشكلات للتعاون بين روسيا والصين. بخلاف ما تتسبب فيه العقوبات من حالة التباطؤ في الاقتصاد الروسي، أدت العقوبات كذلك إلى حالة الحذر التي يبديها المستثمرون الصينيون.
حتى وإن لم تكن رغبة الصينيين في الاستثمار على قدر طموحات موسكو، إلا أن التعاون لا يزال قائما في بعض مشاريع البنية التحتية، فعلى سبيل المثال اتفقت روسيا والصين على تشييد خط سكة حديد سريع يربط بين موسكو وكازان في يونيه الماضي.
بعد انتهاء زيارته لبكين، توجه بوتين لحضور المنتدى الاقتصادي الشرقي بفالديفوستوك، حيث تسعى السلطات والشركات الروسية لجذب مستثمرين آسيويين للعمل في أقصى شرق روسيا. لم تستثمر الصين حتى الآن في تلك المنطقة قليلة السكان في روسيا. وفى عام 2013، استثمرت الصين في منطقة بريمورسكي كراي، وعاصمتها فلاديفوستوك، بما قيمته 31 مليون دولار فقط، وهو مبلغ يقل عن استثمارات اليابان وألمانيا هناك. تحدثت الكثير من وسائل الإعلام عن الفوضى خلال الأيام الأولى للمنتدى الاقتصادي فيما يخص تنظيم الانتقالات وتسجيل الإعلاميين الموجودين وتوزيع الشارات عليهم. أرسلت الصين نائب رئيس الوزراء، وانغ يانغ، غير أن كبار المستثمرين الآسيويين كانوا ندرة في منتدى فلاديفوستوك.
وكان غابيف قد اشترى تذكرة طيران إلى فلاديفوستوك، غير أنه باعها بعدما تحدث مع أصدقاء آسويين أبلغوه عدم نيتهم في الحضور بعد أن شرحوا له الأسباب. سوف يكون تجمعا يخاطب فيه المسؤولون الروس غيرهم من المسؤولين، حسب غابويف، مضيفا «لا أود الذهاب إلى فلاديفوستوك لمجرد التحدث إليهم».
*«واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.