لا يروق للصحف الكبرى الحديث عن نفسها، تقول رئيسة تحرير «الإيكونوميست» البريطانية زاني منتون بيدوس: «نحن نفخر بتراثنا على صعيد الاستقلالية التحريرية والتجارية، ذلك أننا لا نخدم أي سيد سوى الفكر الليبرالي القائم على الأسواق المفتوحة والحرية الفردية. إلا أننا لا ننشر بيانات إدارية عن فريق العمل لدينا، ولا عناوين جانبية لصحافيينا - وفي طبعتنا الأسبوعية لا ننشر خطابًا من المحرر».
وتضيف: «إننا نعتبر عدد هذا الأسبوع استثناءً، وذلك لأنها لحظة فريدة في تاريخ «ذي إيكونوميست» ففي 12 أغسطس (آب)، أعلنا عن أهم تغيير في هيكل ملكية إصدارنا منذ قرابة 90 يومًا. يذكر أن مؤسسة «بيرسون»، مالكة «فايننشيال تايمز»، تملك حصة غير مسيطرة تعادل 50 في المائة من أسهم الإصدار منذ عام 1928، لكنها تبيع حصتها حاليًا. ومن المقرر أن تنتقل ملكية ثلثي هذه الأسهم لأحد المشاركين الحاليين - «إكسور»، وهي شركة قابضة تملكها عائلة أغنيلي. أما باقي الأسهم، فسيجري شراؤها مجددًا من قبل شركتنا الأم، «ذي إيكونوميست غروب».
وتقول بيدوس المؤكد أن تغيير الملكية حدث مهم بالنسبة لأي صحيفة، حتى ولو كانت «إيكونوميست»، التي تتمسك باستقلالية تحريرية مطلقة وتحرص بجد على حماية ذلك من خلال أربعاء أمناء مستقلين. وتوضح: «إننا على ثقة من أن هذه الصفقة، والتي ستخضع لموافقة المشاركين في ملكية الإصدار وتمثل ثاني أهم تغيير في ملكيته على امتداد تاريخه الممتد طوال 172 عامًا. ونرى أن هذا التغيير سيخدم الصحيفة وقراءها كثيرًا».
ومن المقرر أن تزيد حصة حاملي الأسهم الذين يشكلون الأقلية ويتحلون بالشعور بالمسؤولية، وقد حرصت «إيكونوميست غروب» على استغلال موازنتها القوية بهدف تعزيز الاستقلال المالي للمؤسسة. وتجري حاليًا صياغة ضمانات جديدة لتحل محل القيود الإضافية المفروضة على تأثير أي فرد حامل أسهم والسماح لنا بجمع مزيد من رأس المال السهمي حال رغبتنا في ذلك. وفي وقت ندرت فيه الصحافة المستقلة الحقيقية، وغالبًا ما تكون عرضة لتهديدات، فإننا نعمل على تدعيم صحافتنا المستقلة - وفي خلال ذلك، تحسين قدرتنا على خدمة قرائنا في المستقبل.
ويجري هذا التغيير في الملكية على خلفية تحول رقمي يطرأ على صناعة الصحف. والواضح أن تقنيات الهواتف الجوالة وصعود شبكات التواصل الاجتماعي تطرح فرصًا غير مسبوقة للتوصل إلى جماهير جديدة عبر سبل جديدة، لكنها في الوقت ذاته تسبب اضطرابًا في النماذج التجارية ويفرز متنافسين رقميين جدد.
إننا في طريقنا نحو الازدهار، وخاصة أن المزيد من الأفراد أصبحوا متعلمين ويتملكهم الفضول حيال العالم من حولهم. ويتشارك الملايين في القيم الليبرالية التي نتزعمها، ويسعون للاطلاع على أفكار جديدة وتحليل قوي، وهو ما نسعى لتحقيقه - بجانب رغبتهم في قراءة إنجليزية سلسة. وتشير الأرقام إلى أن معدلات مبيعاتنا تبلغ 1.6 مليون نسخة، ويدفع 75 في المائة من المشتركين الجدد والذين يجددون اشتراكاتهم مقابل الاطلاع على النسخة الرقمية.
وتفيد: «كما أن لدينا قرابة 10 ملايين متابع عبر (تويتر) و5.6 مليون معجب عبر موقع (فيسبوك).. وخلال العام الماضي، أطلقنا (إسبريسو)، والتي تطرح نظرة سريعة على التحليلات الواردة بـ(إيكونوميست)، وكذلك (غلوبال بيزنس ريفيو)، وهو تطبيق يعرض مجموعة مختارة من المقالات المنشورة لدينا باللغتين الإنجليزية والصينية، وكذلك (إيكونوميست فيلمز) والذي يعيد طرح المواد الصحافية الخاصة في صورة أفلام فيديو وثائقية قصيرة».
ومع أن تلك تمثل بداية قوية، فإنه لا يزال علينا بذل جهود أكبر بكثير، ذلك أن النجاح خلال العقود القادمة لا يتطلب تفوقًا تحريريًا فحسب، وإنما أيضًا الالتزام بالاستثمار والإبداع. وقد اختارت «بيرسون»، وهي مؤسسة شجاعة شريكة لنا منذ عقود، التحرك بعيدًا عن مجال الإعلام وباتجاه صناعة التعليم. أما «إكسور» التي تحولت لأكبر حامل أسهم لدينا، فإنها تدعم بكل قوة مشروع التحديث.
في تلك الأثناء، فإن شراءنا مجددًا لأسهمنا يعزز استقلاليتنا التجارية وسيجري سداد تكاليف من خلال بيع أحد الأصول - وهو المبنى الذي نملكه غي شارع سانت جيمس بوسط لندن - وهو من المعالم القيمة بالمدينة، ومع ذلك فإنه لم يعد مناسبًا لمؤسسة إعلامية آخذة في النمو في القرن الـ21.
كل هذا يضع «إيكونوميست» في وضع يهيئها للازدهار. وقد وافق الأمناء، الذي تتوجب موافقتهم قبل بيع جزء من حصة «فايننشيال تايمز»، على الصفقة بالإجماع، شريطة موافقة حاملي الأسهم على الضمانات الجديدة الرامية لتعزيز استقلاليتنا. وقد رحب جميع رؤساء تحريرنا السابقين الأحياء بهذا التغيير، وخاصة أنه يوفر أداة للأجيال القادمة كي يمضوا في العمل كصوت ليبرالي في عالم بحاجة إلى الإنصات لرؤى ليبرالية. منذ عام 1843، شاركت صحيفتنا فيما وصفه جيمس ويلسون، رئيس التحرير المؤسس لها بـ«سباق محموم بين الذكاء، الضاغط نحو الأمام، وجهل وضيع جبان يعوق تقدمنا». ونحن نتطلع قدمًا باتجاه الجولة القادمة من هذا السباق.
خطاب من رئيسة التحرير.. فصل جديد في «ذي إيكونوميست»
https://aawsat.com/home/article/446751/%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%81%D8%B5%D9%84-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%C2%AB%D8%B0%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D9%83%D9%88%D9%86%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%B3%D8%AA%C2%BB
خطاب من رئيسة التحرير.. فصل جديد في «ذي إيكونوميست»
للمرة الثانية تتبدل ملكية الإصدار
خطاب من رئيسة التحرير.. فصل جديد في «ذي إيكونوميست»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة