تضامن عالمي مع قضية المهاجرين.. وجهات رياضية ومدنية تضع برامج للفت الانتباه

موجة اللامبالاة في أوروبا تنحسر.. وتبرعات بمئات الآلاف.. ورجل أعمال مصري يقترح شراء جزيرة يونانية لإيوائهم

مهاجر يحمل صورة المستشارة الألمانية ميركل خلال عبوره شوارع بودابست بهنغاريا أمس (إ.ب.أ)
مهاجر يحمل صورة المستشارة الألمانية ميركل خلال عبوره شوارع بودابست بهنغاريا أمس (إ.ب.أ)
TT

تضامن عالمي مع قضية المهاجرين.. وجهات رياضية ومدنية تضع برامج للفت الانتباه

مهاجر يحمل صورة المستشارة الألمانية ميركل خلال عبوره شوارع بودابست بهنغاريا أمس (إ.ب.أ)
مهاجر يحمل صورة المستشارة الألمانية ميركل خلال عبوره شوارع بودابست بهنغاريا أمس (إ.ب.أ)

أثارت صورة الطفل السوري الغريق إيلان ممددًا على شاطئ تركي موجة تضامن هائلة مع المهاجرين لم تشهد أوروبا مثلها من قبل مع توارد هبات قياسية وتشكيل صناديق طارئة وتعبئة شعبية.
وفي هولندا، حيث لم يبد الناس حتى الآن الكثير من الاكتراث حيال أزمة المهاجرين، شكلت الصورة «محركا هائلا» لتقديم الهبات، على ما أفاد موظف في مجلس اللاجئين لوكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف الموظف طالبا عدم كشف اسمه: «كان الناس من قبل يخافون قليلا من وصول اللاجئين والآن بدأوا يدركون أن علينا بذل المزيد بإزائهم». ووصل التضامن إلى الأوساط الرياضية، حيث أنشأت اللجنة الأولمبية صندوقا طارئا بقيمة مليوني يورو لتمويل برامج مساعدة للاجئين فيما أعلن نادي بايرن لكرة القدم في ميونيخ الخميس منح مليون يورو.
كما يعتزم النادي الأبرز في ألمانيا جمع مليون يورو من خلال مباراة ودية تنظم خصيصا لمساعدة اللاجئين. وسيدخل لاعبو الفريق لدى ملعب اليانز إرينا وهم يمسكون طفلا ألمانيا بيد ولاجئا شابا باليد الأخرى خلال مباراة البطولة المقبلة في 12 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وتلقت المنظمة غير الحكومية المالطية «مايغرانتس أوفشور إيد ستيشن» (مركز مساعدة المهاجرين) منذ نشر الصورة تدفقا قياسيا من الأموال بلغ 600 ألف يورو. وقال كريستيان بيريغرين المتحدث باسم المنظمة «إن موجة اللامبالاة تنحسر». وتقدم أكثر من عشرة آلاف مانح خلال الساعات الـ48 الأخيرة وخصوصا من الولايات المتحدة وبريطانيا وكذلك من تركيا وألمانيا وحتى البرازيل، بحسب المنظمة المالطية.
وفي سويسرا تلقت المنظمة غير الحكومية «لا شين دو بونور» (سلسلة السعادة) 600 ألف فرنك سويسري (550 ألف يورو) بين الاثنين والأربعاء وتلقت منذ الخميس 1.2 مليون فرنك سويسري (1.1 مليون يورو).
واضطرت الهيئة الهولندية لطالبي اللجوء إلى توظيف 6 أشخاص إضافيين أول من أمس للرد على الاتصالات الهاتفية بعدما واجهت «سيلا» من الاتصالات من مانحين ومتطوعين. وفي السويد أقنع يوناس الغكويست رئيس شركة «بي 3 آي تي» المعلوماتية زملاءه بتخصيص الميزانية التي رصدتها الشركة لقضاء عطلة نهاية أسبوع في روما وقدرها 400 ألف كورون (42500 يورو) لمساعدة اللاجئين. وروى لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنت متوجها إلى اجتماع حين شاهدت صورة الولد الصغير. تأثرت كثيرا وقررنا إلغاء الرحلة إلى روما».
وذكرت منظمة «راديويالبن» السويدية التي تجمع طوال العام أموالا لمشاريع إنسانية على موقعها الإلكتروني أنها تلقت أكثر من ستة ملايين كورون (نحو 630 ألف يورو) من الهبات خلال أيام قليلة. وأكد مالين لاجيه المتحدث باسم منظمة أطباء بلا حدود أن صورة الطفل الآن «سرعت حقا الالتزام» الشعبي مضيفًا: «سجلنا الخميس عددا من طلبات الانتساب كمانحين منتظمين يفوق بعشرة أضعاف ما نسجله في يوم عادي». كذلك أفادت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة عن «زيادة هائلة» في الهبات، على ما أكدت المتحدثة باسمها ميليسا فليمينغ، مشيرة إلى «مئات آلاف الدولارات». لكنها لفتت إلى أن المفوضية العليا وشركاءها «ما زالوا يعانون سوء تمويل فعليا» مؤكدة: «لم نتلق سوى 35 في المائة من التمويل الضروري للاجئين الذين هم بحاجة إلى مساعدات أساسية في الدول المحاذية لسوريا».
من جهته، اقترح رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، شراء جزيرة يونانية غيرة مأهولة لإيواء المهاجرين. وقال ساويرس عبر تغريدة على حسابه بـ«تويتر»، لـ«اليونان أو إيطاليا، بيعوني إحدى الجزر، وسأعلن استقلالها، وأستقبل اللاجئين فيها، أوفر لهم فرص عمل، ليبنوا وطنهم الجديد»، وأضاف: «فكرة مجنونة؟ لكنها على الأقل حل مؤقت إلى حين عودتهم إلى بلدانهم». وأشار ساويرس إلى أن اليونان تمر بضائقة مالية وتملك جزرا مهجورة ذات مساحات واسعة ترغب في بيعها وهو ما يعد حلا «إنسانيا» للمهاجرين السوريين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».