خلفت زيارة محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني إلى تونس جدلا سياسيا حول الأهمية الاستراتيجية لتونس وجدولتها على رأس الزيارات الإيرانية التي شملت دولا عدة من بينها دول عربية، وأعادت هذه الزيارة إلى الواجهة أصول علاقة حركة النهضة مع الثورة الإيرانية وتباينت بشأن تقييم الزيارة من عدة أوجه، وهو تقييم قد يحرج آيديولوجيا بعض الأطراف السياسية التي ارتبطت في مرحلة من تاريخها مع الثورة في إيران.
وفي هذا الشأن، قال المنذر ثابت المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن التقارب بين إيران والولايات المتحدة الأميركية والتوجه نحو المصالحة بدل الصراع والمنافسة هو الذي فتح أبواب الزيارة الإيرانية إلى تونس التي تربطها بالولايات المتحدة اتفاقية الحليف الأساسي من خارج الحلف الأطلسي.
وأشار ثابت إلى وجود أهداف استراتيجية كبرى تخطط لها الإدارة الإيرانية في عموم المنطقة العربية، وهي قد تحرج أطرفا تونسية مشاركة في الحكم. وأكد على ضرورة الحفاظ على الأمن القومي التونسي من خلال إحداث شكل من أشكال التوازن بين شركاء تونس الاقتصاديين وعدم خلق ارتباك على علاقات تونس مع دول عربية في المنطقة، إذ لا يخفى على حد تعبير ثابت الإشكال السني الشيعي الذي قد لا يفيد تونس خلال هذه المرحلة، وقال إن توجه السلطات التونسية بعد ثورة 2011 كان حاسما، إذ إن نور الدين الخادمي وزير الشؤون الدينية السابق قالها بعبارة صريحة: «تونس ستبقى مالكية سنية بعيدة عن التشيع»، على حد تعبيره.
وتاريخيا استلهمت حركة الاتجاه الإسلامي عند تأسيسها بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي، المنزع الثوري الإيراني بعد نجاح ثورة 1979 التي قادها الإمام الخميني، قبل أن تغير الحركة الإسلامية اسمها إلى حركة النهضة وتسعى بقيادة رئيسها الشيخ راشد الغنوشي إلى تعديل مواقفها الآيديولوجية لتتماشى مع الواقع التونسي.
ومن المتوقع وفق مصادر سياسية على اطلاع على الشأن الداخلي التونسي أن يثير اللقاء الذي جمع أمس بين راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ومحمد جواد ظريف وزير خارجية إيران الأحزاب ذات التوجهات اليسارية التي تبدي شكوكا تجاه «تونسة» حركة النهضة التونسية وابتعادها عن المصادر الآيديولوجية الأخرى الوافدة عليها من الخارج على غرار حركة الإخوان في مصر وثورة الخميني الإيرانية.
وكان الطيب البكوش وزير الخارجية التونسية خلال لقائه أول من أمس وزير الخارجية الإيرانية قد أشار إلى أن الأزمات الموجودة في المنطقة العربية هي بين المتطرفين والمعتدلين وليست صراعا دينيا كما يتبادر إلى الأذهان، وعده صراعا بين التطرف الذي يمثله تنظيم داعش وأمثاله، وبين الاعتدال الذي يقود إلى إيجاد حلول سلمية للخلافات السياسية.
ويرى مراقبون أن التطورات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط ومكافحة ظاهرة الإرهاب احتلت صدارة الملفات التي ناقشها وزير الخارجية الإيرانية في زيارته إلى تونس، وهي نقاشات عكست رغبة إيران الجامحة في تدعيم توغلها في الدول العربية والإسلامية، خصوصا بعد الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، وتطوير العلاقات الثنائية اقتصاديا وسياسيا مع مجموعة من الدول من بينها تونس.
زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى تونس تثير جدلاً سياسيًا واسعًا
التقارب بين إيران وأميركا فتح الأبواب لطهران
زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى تونس تثير جدلاً سياسيًا واسعًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة