«ليلة في حب الأستاذ».. مثقفون يستعيدون نجيب محفوظ في ذكرى رحيله التاسعة

وزير الثقافة: افتتاح متحفه في ذكرى ميلاده ديسمبر المقبل

بعض مؤلفاته المعروضة في الاحتفالية وفي الإطار الممثل عزت العلايلي يتحدث في الندوة
بعض مؤلفاته المعروضة في الاحتفالية وفي الإطار الممثل عزت العلايلي يتحدث في الندوة
TT

«ليلة في حب الأستاذ».. مثقفون يستعيدون نجيب محفوظ في ذكرى رحيله التاسعة

بعض مؤلفاته المعروضة في الاحتفالية وفي الإطار الممثل عزت العلايلي يتحدث في الندوة
بعض مؤلفاته المعروضة في الاحتفالية وفي الإطار الممثل عزت العلايلي يتحدث في الندوة

أمسية مفعمة بحب «الأستاذ» نجيب محفوظ احتضنها المجلس الأعلى للثقافة التابع لوزارة الثقافة المصرية، بحضور ابنته هدى ونخبة من الأدباء والمثقفين والمسرحيين من مصر والدول العربية ومريدي الأديب العالمي.
بدأت الاحتفالية بافتتاح وزير الثقافة المصري عبد الواحد النبوي معرضا لأفيشات أفلام مأخوذة عن رواياته، وآخر لكتبه، يضم رواياته وكتبا تناولت أعماله.
وقالت كريمته هدى، لـ«الشرق الأوسط»: «أشكر الجميع لاهتمامهم بأبي، وأشعر بسعادة غامرة وبحب من الجميع، وقريبا سوف تصدر أجزاء تنشر لأول مرة من (أحلام فترة النقاهة)، مما يجعلنا نشعر دوما بأنه حاضر بيننا».
وأعلن وزير الثقافة عن افتتاح متحف للأديب العالمي في ذكرى ميلاده التي تحل في 11 ديسمبر المقبل، بقصر الأمير بشتاك بحي الجمالية الذي ولد فيه محفوظ، مشيرا إلى أن «فكرة إنشاء المتحف كانت مرتبطة منذ سنوات بوكالة محمد بك أبو الدهب الأثرية، إلا أنها تعطلت فقررنا نقل تنفيذ المتحف إلى قصر بشتاك الذي تقام فيه أنشطة وزارة الثقافة». وأضاف أن «حياة نجيب محفوظ ومسيرته الإبداعية كانت بمثابة رسالة لنا لكي نتعلم حب الوطن الذي لا يكتمل إلا بالعطاء، فمن أحب أعطى لوطنه من العمل والإنتاج والإبداع قدر استطاعته»، مشيرا إلى أنه لا يستبعد ظهور نجيب محفوظ آخر من بين أدباء الجيل الجديد.
ونبه الأديب يوسف القعيد، الذي أدار الاحتفالية، إلى ضرورة الاستعداد لذكرى رحيل محفوظ العاشرة بالشكل الذي يليق به، وقال: «منذ رحيله ونحن نجتمع سنويا هنا في هذه القاعة لنستعيد ذكرياتنا معه، لكن ذلك لن يوفيه حقه أبدا، فلولا ندواته ما كان كتاب وأدباء جيلنا تعارفوا وتواصلوا على المستوى الإنساني، أما على المستوى الأدبي فقد كان يوجهنا بكل حب، نعرض عليه أعمالنا فيراجعها ويكتب رأيه فيها. لا أحد يستطيع أن ينكر فضله على الحركة الأدبية المصرية». وقال بحزن عميق: «نفتقد محفوظ ونفتقد أيضًا رفيقه الأديب الكبير جمال الغيطاني الذي نتمنى من الله شفاءه العاجل لكي يعود لقرائه ومحبيه».
«مبدع ومفكر عبقري.. وأرى كلا من برنارد شو وشكسبير ومارلو كلها مجسدة في شخص نجيب محفوظ»، هكذا استهل الفنان الكبير عزت العلايلي حديثه عن ذكرياته مع نجيب محفوظ، قائلا: «اقتربت منه جدا ولا أجد مبالغة في رأيي، فمحفوظ هو أحد أعمدة الأدب العالمي والعربي». وعن بداية علاقته بمحفوظ، روى: «هو تركيبة فنية وأدبية وإنسانية نادرة، اقتربت منه في الستينات وكانت بداية علاقتي به عقب نكسة 67 التي أثرت فينا كفنانين وأصابتنا بحالة (إغماء فكري) لدرجة أننا كنا نهذي في الطرقات. وكنت أنا ويوسف شاهين نحاول أن نفهم لماذا حدثت تلك النكسة. واتفقت مع شاهين على أن التقي بمحفوظ في مقهى (بترو) بالإسكندرية لكي يخرجنا مما نحن فيه، وطلبت منه أن يكتب عما نمر به، فطلب مهلة 10 أيام، ثم ذهبت إليه بعد 3 أيام فوجدته بالفعل كتب ملخصا وطلب مني كتابة سيناريو له فكان فيلم (الاختيار) عن الإنسان الممزق بين شخصيتين».
وأضاف بزهو: «لي 3 أفلام من أعمال محفوظ، ضمن 10 أفلام مثلتها، دخلت قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وقدمت 12 عملا من أعمال وروايات نجيب محفوظ، ومنها في السينما أفلام (الاختيار)، و(أهل القمة)، و(بين القصرين)، و(التوت والنبوت)، و(ذات الوجهين)، كما شاركت في أعمال تلفزيونية ومسرحية، منها (اللص والكلاب»، و(ميرامار)، و(عبث الأقدار)، و(باقي من الزمن ساعة)، و(نور القمر). وفي المسرح مثلت (كفاح طيبة) التي أخرجها آنذاك الراحل نور الشريف، كما شاركت في أعمال إذاعية كتبها الأديب العالمي».
الأديب سعيد الكفراوي اعتبر محفوظ «أحد الكهنة الكبار في تاريخ مصر»، وقال: «نحن جيل تربى حول هذا الأديب الكبير.. تعلمنا منه الحكمة والتأني والصبر وحب الوطن، علمنا كيف نحافظ على كبريائنا والكتابة من أجل الناس». وأضاف: «أعتبره المؤسس الأول للرواية العربية الحديثة، فهو معلمنا فن القص، وتكوين الرؤية وتجديد الأساليب، وأستنكر عدم وجود متحف يحمل اسمه حتى الآن».
وانتقدت الكاتبة ماجدة موريس تجاهل أعمال قامة أدبية كبرى كنجيب محفوظ من قبل وزارة التربية والتعليم المصرية، وعدم تدريسها للطلاب كنصوص أدبية جديرة بالدراسة.
أما نجيب محفوظ مسرحيا؛ فقد كشف الدكتور محمود كحيلة، المتخصص في النقد التكويني، عن 8 نصوص مسرحية نشر 5 منها في مجموعة «تحت المظلة»، وتدور القصة الرئيسية حول رجل ترك تركة لابنه لكنه أوصاه بالكتب وقراءتها، وأنه لن يحصل على الثروة دون قراءة كل الكتب التي تركها له. ومسرحيات «مشروع للمناقشة» و«يميت ويحيي» و«المهمة» و«النجاة». وقد صنفت هذه النصوص المسرحية الخمسة بأنها نصوص عبثية، ويعود ذلك لأنه كتب تلك النصوص عقب النكسة ونشرت عام 1969، ولم تقابل تلك النصوص بنقد إيجابي مما جعله يبتعد 6 سنوات عن الكتابة المسرحية. أما النصوص الأخرى فنشرت عام 1973، ونشرت تحت اسم «الجريمة» وهي نصوص فلسفية رائعة احتار فيها النقاد، وبقيتها نشرت ضمن مجموعة «الشيطان يعظ».
وانتقد كحيلة تسمية نصوص محفوظ بأنها «حواريات»، قائلا: «للأسف لم تقرأ نصوصه جيدا، وهي نصوص مسرحية عميقة مليئة بالحكمة».
وشارك في الاحتفالية أيضا الكاتب يوسف الشاروني، والأديبة سلوى بكر، والكاتبة إقبال بركة، والأديب الليبي أحمد إبراهيم الفقيه، والأديب نبيل عبد الحميد، والأديب محمد قطب، والدكتور يوسف نوفل، الذي صدرت في هذه المناسبة طبعة جديدة من كتابه «الفن القصصي بين جيلي طه حسين ونجيب محفوظ»، والناقد السكندري شوقي بدر، صاحب «ببليوغرافيا نجيب محفوظ»، والأديب وكاتب السيناريو والمسرحي البارز محمد أبو العلا السلاموني، الذي تحدث عن تجربته لتحويل رواية «اللص والكلاب» لعمل تلفزيوني عقب الأحداث الإرهابية التي ضربت مصر في منتصف التسعينات. ود.سامية الساعاتي، أستاذة علم الاجتماع السياسي، التي قالت إن «نجيب محفوظ مؤرخ مصر الاجتماعي».
وقال د.محمد أبو الفضل بدران، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة: «إن العالم يقدر قيمة وأدب نجيب محفوظ، وما زال الباحثون يدرسون أعماله ويكتبون دراسات حولها»، مشيرا إلى أنه أرخ في رواياته وأعماله للحياة الاجتماعية في مصر، فيمكن للقارئ أن يرى عبر رواياته الحياة صورا مكتوبة وموصفة بدقة وكأن من يقرأها يعيش بداخل أحداثها. وذكر أن وزير خارجية ألمانيا الأسبق حينما علم بأنه مصري قال له «أنت أيها المصري.. أنت لا تعلم أنني أعيش حاليا في (زقاق المدق)»، وكان ذلك عقب فوز محفوظ بنوبل، مضيفا: «استطاع محفوظ بجمال لغته وتعبيراته المصرية رفع اسم مصر عاليا».
من ناحية أخرى، أعلنت الهيئة العامة لقصور الثقافة عن إقامة 140 ندوة عن أديب نوبل بكل أندية الأدب في مصر، فضلا عن تخصيص أسبوع لأفلام محفوظ ومحاضرات لنقاد سينمائيين حول تحول رواياته إلى أعمال سينمائية. كما اهتمت الصحف المصرية بإعداد ملف خاص عن محفوظ في أعدادها الصادرة خلال اليومين الماضيين، كما خصصت الصحف الأدبية عددها الصادر هذا الأسبوع لـ«الأستاذ»، ومنها: جريدة «القاهرة» التي خصصت صفحة لتدوينات محبي نجيب محفوظ، واستكتبت أبرز من عاصروه، وجريدة «مسرحنا» التي أبرزت إبداع نجيب محفوظ المسرحي وقدمت دراسات نقدية حول هذه الأعمال.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.