لبنان يحبط محاولات تهريب 40 مليون حبة «كبتاغون» مخدرة إلى الخليج

الأزمة السورية تحول لبنان إلى ممر لتجارة المخدرات

لبنان يحبط محاولات تهريب 40 مليون حبة «كبتاغون» مخدرة إلى الخليج
TT

لبنان يحبط محاولات تهريب 40 مليون حبة «كبتاغون» مخدرة إلى الخليج

لبنان يحبط محاولات تهريب 40 مليون حبة «كبتاغون» مخدرة إلى الخليج

حدّ لبنان من نشاط تجار المخدرات السوريين الذين يتخذون من لبنان منصة لتهريب الحبوب المخدرة «كبتاغون» إلى دول الخليج العربي، وذلك بعد سلسلة عمليات ناجحة، أفضت منذ عام 2013 إلى ضبط ما يزيد على 40 مليون حبة مخدرة، كانت معدة للتهريب وتوقيف عشرات المهربين، وملاحقة آخرين، فيما تتواصل جهود مكتب مكافحة المخدرات المركزي التابع لقوى الأمن الداخلي في لبنان، لملاحقة مشتبهين وإحباط عمليات أخرى.
وبدأ نشاط السوريين المتاجرين بالحبوب المخدرة، عبر لبنان، بعد اندلاع الأزمة السورية، يقل، مما دفعهم للبحث عن بدائل، في ظل وجود «أرض خصبة» للتهريب في لبنان، تتمثل في وجود عدد كبير من الناشطين اللبنانيين في قطاع الاتجار بالمخدرات في منطقة البقاع الشمالي الحدودية مع سوريا، ودخول شركاء لبنانيين مع السوريين على خط التهريب.
ويؤكد رئيس مكتب مكافحة المخدرات المركزي في لبنان العميد غسان شمس الدين لـ«الشرق الأوسط» أن إحباط أكثر من 10 عمليات كبيرة، تعدّ كمية الحبوب المخدرة المهربة عبرها بالملايين، والاستمرار في ملاحقة الآخرين وضبط العمليات «حدّ من نشاط الاتجار بالحبوب المخدرة نحو دول الخليج»، مشيرًا إلى «أننا قوّضنا حركتهم إلى حدّ كبير، وأوقفوا العشرات منهم، مما دفع آخرين لمغادرة لبنان باتجاه تركيا وغيرها بغرض إدارة نشاطهم». وأشار إلى أن العمليات الناجحة «لا تعني أنهم توقفوا عن المحاولة، رغم أن النشاط خفّ إلى حد كبير في لبنان».
وبحسب بيانات مكتب مكافحة المخدرات المركزي، التابع لقوى الأمن الداخلي، فإن المكتب ضبط منذ مطلع العام 2015 حتى أواخر يوليو (تموز) الماضي، 2336584 حبة كبتاغون كانت معدة للتهريب، فيما سجل عام 2014 ضبط أكثر من 35 مليون حبة، فضلاً عن حبوب ومواد مخدرة أخرى، وتوقيف 80 متورطًا منذ مطلع 2014، معظمهم من السوريين واللبنانيين.
ويشرح شمس الدين، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، آليات ضبط المتورطين، مشيرًا إلى أنه «بعد الخبرة ونجاح العمليات لضبط حبوب الكبتاغون التي تُقدّر بالملايين، بات معروفًا أنه في كل عملية، هناك متورطون، يجري توقيف المتورطين، أو توقيف قسم منهم، وتتخذ إجراءات قانونية بحق الفارين حتى يتم توقيفهم في أي بلد من العالم، ونتخذ إجراءات بحقهم ونعمم تلك الأسماء».
ويضيف: «إثر تقاطع العمليات والتحقيقات التي نجريها، تبين لنا أن تجار المخدرات السوريين ناشطون في الاتجار بالكبتاغون منذ بدايات العقد الماضي»، لافتًا إلى أنه «قبل الأزمة السورية، وفي عامي 2007 و2008، تُبيّن مراسلات من دول الخليج إلى السلطات اللبنانية، أن هناك معلومات عن سوري ناشط بتهريب حبوب الكبتاغون إلى المملكة العربية السعودية أو الكويت أو الإمارات، وموجود في لبنان أو يتخذ من الأراضي اللبناني ممرًا لعبور مخدراته».
ويضيف شمس الدين: «لمسنا من الإخوة السعوديين أن حبوب الكبتاغون كانت تهرب إليهم منذ عامي 2005 و2006، مما يعني أن المتاجرين السوريين ناشطون منذ ذلك الوقت، لكنهم كانوا يهربونه من سوريا، برًا أو بحرًا عبر وسائل متعددة».
بعد اندلاع الأزمة السورية، تحوَّل نشاط الاتجار بالمخدرات السوري، نحو لبنان، بفعل الحرب التي عصفت بالبلاد. ويقول شمس الدين: «التجار السوريون يعتبرون لبنان أرضا خصبة لهم، نظرًا إلى أنه يتضمن عددًا كبيرًا من تجار المخدرات المعروفين في مناطق البقاع الشمالي والمناطق الحدودية. ناسبهم ذلك»، فضلاً عن أن «النازحين نقلوا شغلهم معهم إلى لبنان بشكل عام، وكان تجار المخدرات بينهم».
وقرر السوريون نقل عملهم إلى لبنان، على ضوء معرفتهم أن هناك مساحات شاسعة وأرضًا خصبة تساعدهم، فاستغلوا شبكات يتمتع بها تجار المخدرات اللبنانيين وطرق إمدادهم وتهريبهم، لأن التجار اللبنانيين خبراء في استيراد المخدرات وتصديرها. ويكشف شمس الدين أن السوريين «تعاونوا مع اللبنانيين ليهربوا المخدرات عبر المرافق الحدودية اللبنانية، برًا وبحرًا وجوًا».
في البدايات، رصد «مكتب مكافحة المخدرات المركزي» أن الواحد منهم كان يستأجر قطعة أرض لممارسة مهنته، سواء أكان حدادًا أم نجارًا أم صانعًا.. ذلك أنهم يتخذون من بعض المهن غطاء لشغلهم الأساس، وهو التهريب، فضلاً عن أن التهريب يستدعي منهم عملاً مشابهًا لتهريب المخدرات، بغرض البحث عن وسائل مبتكرة غير مكشوفة.
ويوضح شمس الدين: «أولى العمليات الكبيرة التي تم ضبطها في يوليو 2013، كانت عبارة عن 5 ملايين حبة كبتاغون، مخبأة في سخان (شوديير) تم تصنيعه لهذه الغاية في سوريا، ونقل إلى لبنان بغرض تصديره عبر مرفأ بيروت»، مشددًا على أن تلك العملية بحجمها «لم تكن مسبوقة». ويشير إلى أن عملية الضبط تلك «كانت الأكبر على صعيد الحبوب المخدرة، ذلك أن المضبوطات قبل تلك العملية، لم تتخطَ 150 ألف حبة، وكان بعضها تجري محاولة تهريبه عبر المطار أو غيره».
على أثر تلك العملية «تبين لنا أن هناك نشاطًا وتوجهًا لاتخاذ الأراضي اللبناني ممرًا للتهريب، فركزنا جهودنا وتوالت العمليات بعدها، فضبطنا بعد أسبوع عملية تهريب 5 ملايين حبة كانت مخبأة في هياكل الشاحنات». ويؤكد أن العمليات الكبيرة «يصل عددها إلى عشر عمليات، وأثبتت التحقيقات أنها تتوجه إلى المملكة العربية السعودية».
في هذا الإطار، يؤكد شمس الدين أن التنسيق بين السلطات السعودية واللبنانية «فعّال، وهناك تعاون مثمر ومنتج على كل المستويات وبأحسن ما يرام»، مشددًا على أن هناك «تعاونًا مهمًا من الجهتين لمكافحة الأعمال الإجرامية».
المشهد اليوم، لم يعد مشابهًا لمشهد التهريب في عامي 2013 و2014. يقول شمس الدين: «بعد نجاحنا بهذه العمليات البارزة والكبيرة التي ضبطنا في إحداها 30 مليون حبة متجهة إلى الإمارات، ومنها إلى السعودية عبر شحنتي ذرة، 15 مليون منها في مرفأ بيروت وتم التبليغ عن 15 مليون أخرى كانت قد وصلت إلى الخرطوم وأوقفت بناء على اتصالات مع مكتب مكافحة المخدرات في السودان، انكفأ بعضهم وغادر إلى تركيا وسواها»، مشيرًا إلى أن هؤلاء «يسيّرون أعمالهم عبر أتباعهم في لبنان والأردن، ويتوارون في بلدان أخرى».
والى جانب تقويض نشاط تجار الكبتاغون، يسجل لمكتب مكافحة المخدرات المركزي خلال العامين الماضيين، إنجازات على صعيد إحباط عمليات إدخال أو تهريب الكوكايين، حيث تمت مصادرة عشرات الكيلوغرامات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».