طلاب الشرق الأوسط يقصدون الهند لدراسة الموضة

نحو 75 معهدًا توفر دورات تدريبية في كل المجالات ذات الصلة

دارسون بالمعهد الوطني لتكنولوجيا الأزياء في دلهي خلال العمل («الشرق الأوسط»)
دارسون بالمعهد الوطني لتكنولوجيا الأزياء في دلهي خلال العمل («الشرق الأوسط»)
TT

طلاب الشرق الأوسط يقصدون الهند لدراسة الموضة

دارسون بالمعهد الوطني لتكنولوجيا الأزياء في دلهي خلال العمل («الشرق الأوسط»)
دارسون بالمعهد الوطني لتكنولوجيا الأزياء في دلهي خلال العمل («الشرق الأوسط»)

عند التفكير في اتخاذ الموضة مهنة، فإن أكثر المواقع المفضلة للدراسة تكون عواصم الموضة العالمية مثل نيويورك، أو لوس أنجليس، أو باريس، أو لندن، وربما ميلانو.
ولكن الكثير من الطلاب القادمين من إيران وسلطنة عمان وأفغانستان وأجزاء أخرى من أفريقيا تخيروا الذهاب إلى الهند وفضلوها على مقاصد الموضة العالمية الأخرى. وهم يدرسون هناك تصميم الأزياء، وتصميم الجواهر، والتصوير الفوتوغرافي للأزياء، وتصميم ملابس الحياكة اليدوية.
تخيرت الطالبة باريزاد من إيران الذهاب إلى الهند، بعد حصولها على الدرجة الجامعية المطلوبة في فنون الموضة في موطنها، سعيا للمزيد من الدراسة والتخصص من أجل حقيقة مفادها أن كلا البلدين يشترك في التاريخ الثقافي العميق والرائع، حيث يؤثر كل جزء من العالم في الآخر. وتقيم باريزاد في الهند لأجل التخصص في المنسوجات والتصميمات الهندية القديمة.
وهي تقول عن ذلك: «قد يعتقد بعض الناس أن طلاب الموضة لا بد أن يسافروا للتدريب في الخارج لدى الدول الأوروبية حيث توجد بيوت للموضة والأزياء على شاكلة شانيل أو دولتشي آند غابانا. ولكن، ومنذ البداية، كان الأمر واضحا أمامي من حيث السفر إلى الهند، فلقد تعرفت على الهند منذ نعومة أظفاري، حيث كان والدي يعمل هنا منذ عشر سنوات ونيف، ودائما ما عشقت الألوان والفنون في الملابس الهندية». وأضافت أن غالبية النساء الهنديات والإيرانيات لن يقمن بعروض للأزياء ويرتدين الملابس التقليدية مثلما يرتدين الحديثة منها.
خلال السنوات الأخيرة، شرع الكثير من المصممين الإيرانيين في العمل بفعالية وعلانية ونشاط.. على العكس من الوضع قبل عدة سنوات، والآن تنتشر العلامات التجارية المحلية وتجتذب الأفضلية بين المواطنين على العلامات التجارية الأجنبية. وتقول باريزاد حول ذلك: «أسعى لمزيج ومقاربة المطرزات الهندية، ومقارنة الأعمال والألوان بتصاميمي الخاصة، ولسوف يكون أمرا مدهشا من حيث ربط الأعمال الهندية وأساليب الربط والصباغة في المعاطف، والشادور، أو الحجاب».

* دورات دراسية للموضة
كانت الهند، ومنذ فترة طويلة، مركزا من مراكز تجارة المنسوجات والملابس الجاهزة. وهناك نحو 75 معهدا في الهند توفر دورات تدريبية في تكنولوجيا التصميم، والموضة والأزياء، والمجالات ذات الصلة. وتشمل مجالات التخصص المختلفة في تصميم الأزياء تصميم الملابس، والأحذية، والمجوهرات، والأمتعة. كما يمكن أيضا دراسة التصميم، ومفهوم الإدارة، وإدارة إنتاج التصميمات، ومراقبة الجودة، والتخطيط، وتصميم المنسوجات، والطباعة، وتصميم إكسسوارات الأزياء، وتجارة الأزياء، وعلوم المنسوجات، وخلط الألوان، والتسويق.
وأعطت نشأة سوق الموضة الدولية في الهند قوة دافعة لصناعة الأزياء التي برزت كصناعة مزدهرة ومسارا مهنيا لمصممي الأزياء، وبدت مصدرا من مصادر الثراء السريع. ولذلك، ينجذب الكثيرون لتلك المزايا ويقررون، وفقا لها، دراسة الأزياء هنا بصورة رسمية.

* المعايير والأهلية
في حين أن المتطلبات الأكاديمية ليست صعبة للغاية، إلا أن الطالب يحتاج إلى قدر معقول من الكفاءة والموهبة. وتعتبر الوظيفة أو المسار المهني في مجال الموضة والأزياء مثاليا لأولئك الذين يمتلكون الحس الإبداعي بدرجة تمكنهم من مزج الألوان، والظلال، والمنسوجات، والتعبير عن الأفكار من خلال الرسوم وابتكار التصميمات الجديدة، والأنماط، والملابس، والإكسسوارات، والاستمتاع بالعمل مع الأقمشة والإكسسوارات.
والحد الأدنى من معايير الأهلية للدورة من المستوى الجامعي في هذا المجال هو «10+2» مع درجات لا تقل عن 50 في المائة. ويمكن للطلاب الخريجين الانتقال إلى الدراسات العليا في تصميم الأزياء. وكجزء من عملية الاختيار، تقوم بعض المعاهد بإجراء اختبارات تحريرية، واختبارات مواقف، ومناقشات جماعية، ومقابلات شخصية. ويتعين على مصممي الأزياء أن تكون لهم نزعة فنية وإبداعية، فضلا عن امتلاك القدرة على ترجمة الأفكار إلى رسوم. ويجب أن يتمتعوا بحس وشعور قوي تجاه الألوان، وتصور المهارات، ومعرفة بتوجهات سوق الموضة والأزياء.

* أفضل 10 معاهد للأزياء في الهند
وفقا لاستبيان «ويك - هانسا» البحثي لعام 2015، فإن أفضل 10 كليات لتكنولوجيا الأزياء في الهند، بناء على جمع البيانات الإدراكية، والمعلومات الواقعية، ومنهجية الترتيب، تشمل: المعهد الوطني لتكنولوجيا الأزياء في دلهي ويأتي في المقام الأول، ثم المعهد الوطني للتصميم في أحمد آباد، والمعهد الوطني لتكنولوجيا الأزياء في مومباي، وأكاديمية بيرل في دلهي، وكلية أميتي لتكنولوجيا الأزياء في نويدا، ومعهد إدارة الملابس في غورغاون، ومعهد شمال الهند لتكنولوجيا الأزياء في موهالي، ومعهد تكنولوجيا الأزياء في بنغالور، وخلافه.
تأسس المعهد الوطني لتكنولوجيا الأزياء في عام 1986 كعلامة مميزة لصناعة الأزياء الهندية في جميع أنحاء البلاد. ويتلقى المعهد سنويا 30 ألف طلب التحاق لمقاعده التي لا تتجاوز ألفي مقعد فقط، ويقدم دورات دراسية لمستوى الخريجين والدراسات العليا. ويمكن للطلاب الجامعيين المتقدمين لنيل درجة بكالوريوس التقنية لمدة أربع سنوات (برنامج البكالوريوس في تكنولوجيا الأزياء) التخصص بعد ذلك في التصميم أو التكنولوجيا. وفي مجال التصميم، تتضمن الدورات المقدمة على التدريب في تصميمات الأزياء، والجلد، الإكسسوارات، والنسيج، والحياكة اليدوية، فضلا عن الاتصالات في عالم الموضة، بينما ينصب التركيز الرئيسي بالنسبة لطلاب التكنولوجيا على إنتاج الملابس.
إلى جانب التدريب على مهارات وأساليب التصميم الأساسية، يتعين على الطلاب الجامعيين دراسة مقررات أساسية في التكنولوجيا تشتمل على عمليات الإنتاج، وعلوم المواد، وكذلك تلقي دورات في مجال التسويق، والترويج، والتجارة، وتلقي المعلومات الأساسية حول التاريخ الاجتماعي والثقافي للأزياء والموضة والفن والتصميم. كما ينطوي العنصر النهائي على التدريب العملي من خلال دورات التدريب المهني والدراسات الميدانية.
وخلال الفصل الأخير من السنة النهائية، يشارك الطلاب في مشروع للتخرج الذي، في حالة أولئك المتخصصين في تصميمات الموضة والأزياء، يعني تصميم مجموعة كاملة من الأزياء باستخدام المهارات التي اكتسبوها ومن بينها التعهيد، ووضع الأنماط، والقص والخياطة.
ويتوقف القبول في برامج البكالوريوس والدراسات العليا في المعهد الوطني لتكنولوجيا الأزياء على الدرجات المكتسبة من جانب المرشحين في اختبار القبول التحريري (اختبار القدرات العامة، اختبار القدرات الإبداعية، واختبار القدرات الإدارية)، والمناقشات الجماعية، والمقابلات الشخصية.
تبلغ الرسوم الدراسية بالنسبة للطلاب الهنود نحو 1070 دولارا بسعر صرف الدولار الحالي، وتبلغ 8130 دولارا للطلاب الدوليين والمقيمين من غير الهنود. ولا يمكن للطالب التقدم لبرنامج الطالب الجامعي إذا كان عمره يجاوز 23 عاما.
وبالإضافة إلى 15 مركزا هنديا محليا، فإن المعهد الوطني لتكنولوجيا الأزياء يعمل على افتتاح مراكز جديدة في موريشيوس، والإمارات العربية المتحدة، وماليزيا بحلول العام المقبل. ولوجود أسماء شهيرة مثل مانيش أرورا، وراجيش براتاب سينغ، وريتو بيري، وجي جي فالايا من بين الطلاب الخريجين، فليس مستغربا أن المعهد الوطني لتكنولوجيا الأزياء في دلهي هو أكثر معاهد دراسات الموضة والأزياء رواجا بين الطلاب الطامحين.
ويقول فيصل من أفغانستان، وهو طالب في السنة الثالثة يتخصص في تصميم الأزياء: «أردت دوما أن أكون جزءا من رابطة الأزياء. ولكن في بلدي لا تعتبر الظروف ملائمة للحصول على التدريب المهني. أود دمج الأقمشة والمنسوجات والتصميمات التقليدية الأفغانية في الموضة الحديثة. واليوم، هناك الكثير من مراكز التسوق في كابل تعرض ماركات الملابس الغربية للرجال والنساء، الذين يجربون ارتداء الملابس الحديثة في الحفلات الخاصة فقط، وفي مراسم الزفاف التي لا تضم إلا الإناث فحسب. وعلى الرغم من التغييرات، فإنه لا تزال التقاليد المحافظة تفرض قيودها الصارمة على الملابس في الشارع الأفغاني، ولذلك أود أن أضيف لمسة حديثة على ملابسنا التقليدية بالنسبة لملابس الشارع».
وانجذب الكثير من الطلاب إلى الهند وجاءوا إلى هنا لتلقي كل ما هو هندي بالأساس. وأتى الطالب زوبين من سلطنة عمان، الذي نشأ على أفلام بوليوود الهندية، خصيصا لدراسة تصميم الأزياء، ويقول إن «هناك تأثيرا هنديا كبيرا على عمان، ونعلم الكثير عن الموضة والأزياء الهندية من خلال بوليوود. وعلاوة على ذلك، هناك الكثير من المصممين الهنود يعملون هناك أيضا؛ لذلك قررت المجيء إلى الهند لدراسة الأزياء في معهد جي دي لتكنولوجيا الأزياء، الذي وقع أخيرا مذكرة للتفاهم مع معرض (إنديا فاشون ويك لندن) والمقرر انعقاده في أكتوبر (تشرين الأول) للاحتفال بالموضة الآسيوية والمصممين المشهورين. وهي المرة الأولى على الإطلاق التي يظهر فيها معهد جي دي لتكنولوجيا الأزياء كشريك مؤسسي رسمي في معرض (إنديا فاشون ويك لندن)».
وبدوره، يدرس أسامة عبد الله للحصول على درجة جامعية لدى المعهد الهندي للفنون والتصميم.
ويقدم المعهد، بالتعاون مع جامعة كينغستون في لندن، برامج درجة البكالوريوس في تصميم الأزياء، والديكورات الداخلية، والتصميمات، وتصميم الاتصالات، في مقر المعهد بنيودلهي. وتشتمل إجراءات القبول على اختبار القدرات في التصميم، وتقييم لحافظة الأعمال، ومقابلة شخصية. كما تقدم 30 منحة دراسية للطلاب على أساس الجدارة. ويقول الطالب عبد الله: «أوافق أن دولا مثل فرنسا أو إيطاليا تعتبر من الأماكن المثالية لدراسة التصميمات، أو الحياكة، أو تصاميم الأزياء الراقية، ولكن الكثير من بيوت الأزياء الرائدة، مثل أرماني، وفالانتينو، وإيلي صعب، وزهير مراد، ولوي فيتون، تتعاهد بمصادرها إلى الهند، وبالتالي تخيرت الهند لدراسة الأزياء». كما أقر بصراحة أن تكاليف الدراسة في الهند أقل بكثير عن مثيلاتها في الغرب.

* مدارس الموضة العالمية في الهند
تشير التقديرات إلى أن صناعة الموضة والأزياء الهندية تبلغ قيمتها 4 مليارات دولار، مع تقارير أخرى تفيد بنمو الصناعة بمعدل سنوي يبلغ 15 في المائة، كما أقام مقدمو الدراسات الدولية في مجال الموضة والأزياء برفقة المصممين الهنود المشهورين وجودا محليا لهم في الهند. ويشمل ذلك مدرسة ليسا الفرنسية للتصاميم واستوديو مارانغوني الإيطالي الشهير، والذين يعقدون الكثير من حلقات دراسة الموضة والأزياء الهندية.
وتقدم مدرسة ليسا حاليا دورات في تصميم الأزياء، وتصميم المنسوجات، والتصميم الغرافيكي، والديكورات الداخلية، إلى الطلاب من مراكزها في بنغالور وغورغاون، كما تقدم أيضا برنامجا للتبادل، وخيارا للطلاب لاستكمال سنة الدراسة النهائية أو تنفيذ مشروع التخرج في فرنسا. ويقول سارابجيت سينغ، المدير التنفيذي لمدرسة ليسا للتصميمات، فرع الهند: «المشهد الفني والتصاميم في أوروبا، وخصوصا فرنسا، عميق في ثقافته وأصوله. ولا يمكننا فصل ليسا عن جوهر الفن والتصميم الفرنسي، وهو بالضبط نفس المذاق الذي نريد للطلاب الهنود تجربته».
أما نيتا لولا، صاحبة شركة «آيس للتصميم»، التي ارتدت ملابس نجمة بوليوود الهندية إيشواريا راي باتسان في الكثير من المحافل الدولية، تعمل كذلك على تأسيس مدرسة ويستلينغ وودز نيتا لولا للأزياء في مومباي. بالإضافة إلى ذلك، أسست شركة فوغ، وهو الاسم المرتبط بالموضة والأزياء، معهدا لتكنولوجيا الأزياء في مدينة بنغالور الهندية. لذلك، يمكن للطلاب الاختيار بين المعاهد الهندية والدولية، مع أن المصروفات الدراسية للمعاهد الدولية يمكن أن تصل إلى 12 - 15 ألف دولار وفقا لكل معهد منها. وتعين شركات التجزئة، وبيوت الأزياء، ومصممو الأزياء، الموظفين من خريجي تلك المعاهد، مما يساعد الطلاب كذلك في تسجيل العلامات التجارية الخاصة بهم.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.