حملة جديدة على خطى «تمرد» تطالب بحل «الأحزاب الإسلامية» في مصر

تستهدف 14 حزبًا في مقدمتها «النور» و«البناء والتنمية» و«الوطن»

حملة جديدة على خطى «تمرد» تطالب بحل «الأحزاب الإسلامية» في مصر
TT

حملة جديدة على خطى «تمرد» تطالب بحل «الأحزاب الإسلامية» في مصر

حملة جديدة على خطى «تمرد» تطالب بحل «الأحزاب الإسلامية» في مصر

لى خطى حملة «تمرد» التي كانت الشرارة الأولى لثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، وأطاحت بنظام حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي بعد عام من توليه السلطة، تشكلت حملة «لا للأحزاب الدينية»، والتي تطالب بحل جميع الأحزاب الدينية في مصر وفي مقدمتها «النور»، و«البناء والتنمية» حزب «الجماعة الإسلامية»، و12 حزبا آخر.
وبينما قال مدير الحملة، محمد الحوتي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هدفنا عدم تكرار تجربة حزب الإخوان الذي استحوذ على أغلبية مقاعد آخر برلمان»، مضيفا: «قاربنا على جمع مليون توقيع لرفض الأحزاب الدينية، ونهدف الوصول إلى 25 مليون توقيع»، أكدت مصادر مسؤولة في الأزهر، أن «المشيخة موقفها ثابت وهو عدم إقحام الدين في السياسة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»، أنها «مع فكرة عدم وجود أحزاب ذات صبغة دينية وفقا لما يقره الدستور المصري».
من جهته، قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، الدكتور محيي الدين عفيفي في تصريحات له، إنه «لا يصح إقامة حزب على أساس ديني يستقطب الجمهور ويلعب على وتر العاطفة الدينية لدى المصريين ولا يعتمد على برامج وأفكار»، وتابع بقوله: «تكفينا تجارب الأحزاب الدينية الفاشلة من الحرية والعدالة والنور التي أساءت للدين في الفترات السابقة».
وأثارت الحملة الوليدة جدلا داخل أحزاب تيار «الإسلام السياسي»، وأبدت مصادر داخل عدد من الأحزاب الدينية تخوفها من مصير «حزب الإخوان» الذي جرى حله مؤخرا. لكن محمد صلاح، المتحدث الإعلامي باسم حزب النور، قال إن حزبه «وضعه القانوني والدستوري سليم ولا تشغله تلك الدعاوى لحل حزبه».
وتأسست الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، والتي أنهت ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتشكلت معظم «الأحزاب الإسلامية» بموجب قانون الأحزاب الذي عدل منتصف عام 2011. ولا توجد إحصائيات محددة لعدد هذه الأحزاب لأن أغلبها تحت التأسيس؛ لكن أشهرها «النور، والأصالة، والوطن، والفضيلة، والإصلاح، والنهضة، والراية»، بجانب «مصر القوية، والعمل الجديد، والوسط، والثورة المصرية، والحضارة، والتوحيد العربي، والبناء والتنمية (ذراع الجماعة الإسلامية)، والحزب الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الجهاد)».. وهناك أحزاب صوفية. ويقول مراقبون إن «تلك الأحزاب استغلت نزعة المصريين الدينية واكتسبت شعبية كبيرة خلال حكم (الإخوان) لخدمة مصالحها السياسية».
وأعلنت الحملة الشعبية «لا للأحزاب الدينية» أنها تقدمت بالتماس للجنة شؤون الأحزاب لنظر المذكرات المقدمة لحل الأحزاب الدينية. وقال الحوتي إن «لجنة شؤون الأحزاب لم ترد على المذكرات، وإنه حال استمرار تجاهل مطلب الحملة فسيتم رفع دعوى قضائية مباشرة».
ولجنة شؤون الأحزاب هي المنوط بها دستوريا حق تحريك دعوى قضائية أمام مجلس الدولة لحل الأحزاب. وقضت المحكمة الإدارية العليا في يوليو (تموز) الماضي برفض حل حزب النور وتجميد نشاطه، وقال محمد الحوتي، إن «جميع القضايا التي تم رفعها لحل النور رفضت من حيث الشكل وليس المضمون، بسبب أن من تقدموا بها ليسوا ذوي صفة أو تقدموا بها لمحكمة غير مختصة، بينما يشترط القانون أن تقوم لجنة الأحزاب بنفسها بتحريك الدعوى لحل أي حزب».
وأضاف الحوتي «لدينا إلى الآن في الحملة 1430 متطوعا في المحافظات، وجمعنا في أسبوع واحد 580 ألف استمارة، ونوشك خلال يومين على تكملة المليون استمارة، فضلا عن جمع توقيعات المصريين بالخارج»، قائلا: «سوف نعمل على جمع 25 مليون استمارة تأييد لحل هذه الأحزاب (وهو العدد الذي صوت على دستور يناير عام 2014)، لتقديمها إلى لجنة شؤون الأحزاب».
وتؤكد قيادات مسؤولة داخل أحزاب تيار الإسلام السياسي أنها «لم تؤسس على أساس ديني، وإنما هي أحزاب مدنية لها تطلعات سياسية ومجتمعية؛ ولا تنص في لائحتها الداخلية على أنها مؤسسة على مرجعية دينية». لكن السلطات المصرية تنظر إليها على أنها أحزاب تستغل الدين لأغراض حزبية وانتخابية. وتنص المادة 74 من دستور البلاد على أنه «لا يجوز تكوين الأحزاب السياسية أو مباشرتها لأي نشاط على أساس ديني».
كما ينص الدستور في مادة حل الأحزاب القائمة على أساس ديني، على أنها «تطبق على الأحزاب التي يكون في برنامجها أو ممارساتها ما يقول إنها تمثل الدين، أو تستخدم الشعارات الدينية في الانتخابات أو الاستفتاءات، أو أن تستند في تعاملاتها مع الشارع إلى أساس ديني».
وشارك حزب النور في صياغة خارطة المستقبل المصرية، عقب عزل مرسي في 3 يوليو من العام قبل الماضي الماضي. وأكد الحوتي، مدير الحملة، أن حملته «ليس لها خلاف مع (النور)؛ لكن الخلاف في الفكر»، لافتا إلى أن «(النور) أعلن عن بعض التنازلات خلال الفترة الماضية ومنها أنه يحترم السلام الوطني، الذي اعتبر نوابه في برلمان (الإخوان) أن الوقوف له حرام شرعا».
وحل النور ثانيا في الانتخابات البرلمانية التي جرت أواخر عام 2011. ويسعي للمشاركة بنسبة متوازنة في البرلمان المقبل قدرها بنحو 20 في المائة، وهي تقارب النسبة التي حصل عليها في آخر انتخابات برلمانية، بحسب القيادي بالنور.
في السياق ذاته، دخل الأزهر على خطى مطالبات حل الأحزاب الدينية، وبينما «تؤكد مصادر في المشيخة أن «الأزهر يرفض خلط الدين بالسياسة»، قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، في تصريحات له: «عانينا معاناة شديدة وما زلنا نعاني من توظيف الدين لأغراض حزبية وانتخابية، لأن بعض الأحزاب السياسية لا تزال تتخذ من بعض الجمعيات الدينية أجنحة دعائية لها، تخدم أهدافها السياسية».
بينما قال الدكتور سعد الدين الهلالي، أحد ممثلي الأزهر في لجنة الخمسين التي عدلت دستور عام 2012، لـ«الشرق الأوسط»، إن «بعض الأحزاب تجهر بممارساتها السياسية على أساس ديني وتحتمي بالدين»، لافتا إلى أنه «من المفروض حل الأحزاب القائمة التي تعمل على أساس ديني».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».