سنوات وأموال ضخمة بذلها الحوثيون مقابل الاستيلاء على صعدة

إيران أمدتهم في مطلع الألفية بالمال لشراء الأراضي والفنادق في المدن الساحلية تمهيدًا للسيطرةعليها

عناصر من المقاومة اليمنية الموالية للرئيس هادي في صعدة أمس (أ.ف.ب)
عناصر من المقاومة اليمنية الموالية للرئيس هادي في صعدة أمس (أ.ف.ب)
TT

سنوات وأموال ضخمة بذلها الحوثيون مقابل الاستيلاء على صعدة

عناصر من المقاومة اليمنية الموالية للرئيس هادي في صعدة أمس (أ.ف.ب)
عناصر من المقاومة اليمنية الموالية للرئيس هادي في صعدة أمس (أ.ف.ب)

قبل نحو 15 عاما، وتحديدا في مطلع عام 2000، انطلق «أنصار الله»، أو ما يعرف بجماعة الحوثيين، في تنفيذ ما ورد لهم من تعليمات عسكرية ومدنية من العاصمة الإيرانية طهران، في تغيير المشاهد العام وخارطة اليمن، وفرض واقع جديد في منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال شراء مساحات شاسعة من الأراضي والممتلكات في كل المدن وتحديدا إقليم تهامة، نقطة الانطلاق ومنفذ الجماعة الرئيسي على البحر الأحمر.
وسارعت جماعة الحوثي فور تلقيها دعما ماليا، لم يفصح عنه (إلا أن مصادر عسكرية أكدت أنها تلقت في تلك الفترة ما يزيد على مليار دولار) إلى شراء أراض وفنادق في عدد من محافظات الإقليم، وذلك بعد أن حددت العاصمة طهران نوعية وآلية الشراء، مع ضرورة دمج أفراد الميليشيا وتوطينهم في الإقليم بشكل كبير، تمهيدا للسيطرة على القوة الاقتصادية ومن ثم العسكرية في وقت لاحق بحسب الخطة التي تلقتها الجماعة.
ونجحت جماعة الحوثيين، بحسب اعترافات أعيان إقليم تهامة، في الاندماج بين المجتمع، وغيرت ديموغرافيا الإقليم تدريجيا للوصول إلى الذروة في مطلع 2010 بشراء أكبر الفنادق ومساحات كبيرة على امتداد الشاطئ من «ميدي» إلى «الخوخة» ومن ثم إلى المخا، للوصول السهل إلى تعز، وتمكينهم لحظة الانقلاب على الشرعية من السيطرة على الموانئ البحرية في إقليم تهامة والتحكم في الملاحة البحرية من خلال سيطرتهم على باب المندب.
وسبقت هذه المحاولات، بحسب مختصين في السياسة، محاولات عديدة من إيران للسيطرة على باب المندب، منذ عام 1994، والتي كانت تسعى لأن تكون حاضرة في المجتمع الدولي وتضغط على صناع القرار بتهديدهم للأمن القومي من خلال باب المندب، عندما استقبلت «بدر الدين الحوثي وابنه حسين»، وهو ما أسهم وبشكل كبير في انتشار بعض الأفكار الغريبة بين أتباع الحوثي، وتلا ذلك إيفاد الطلاب من اليمن إلى إيران بحجة الدراسة، وهو ما جعل إيران تسارع في توسيع هذه الدائرة، من خلال فتح قناة اتصال كي تعمل على إيفاد الطلاب اليمنيين إليها.
ويبدو أن خسارة الحوثيين في المعاركة المباشرة مع الجيش دفعت طهران إلى تغيير المسارات وتحييد الأوليات من خلال التمكين في الإقليم والشراء للأرضي، تلا ذلك تدريب أفراد الميليشيا على المواجهات العسكرية، مع تقديم الدعم المالي، ليخرج الحوثيون من نطاق التملك والشراء إلى التنظيم المسلح في 2004، ليكونوا جاهزين لحظة الهجوم على مقدرات الدولة العسكرية، خاصة بعد أن تقلد الأخ الأصغر عبد الملك الحوثي قيادة الميليشيات خلفا لأخيه الذي قتل في فترات الحرب.
وهنا يقول مفضل غالب، الناطق الإعلامي للمقاومة الشعبية في إقليم تهامة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثيين عمدوا لشراء الأراضي في تهامة وتحديدا المدن الساحلية من «رأس المعوج إلى الخوخة» في وقت مبكر من عام 2000، حيث بدأوا في شراء الأراضي والمزارع والفنادق التي تطلق على البحر الأحمر بكميات كبيرة ومساحات شاسعة، دون لفت لأنظار القوى الاقتصادية في البلاد، وبطرق غير مباشرة في كثير من عمليات الشراء، موضحا أن سكان تهامة الأصليين من أبناء القبائل لم يتخذوا أي خطوات لحسن النية في ما ذهب إليه الحوثيون من شراء المزارع وبأسعار مغرية.
وأضاف مفضل أنه تدريجيا وبعد مرور سنوات من تملك الحوثيين وجماعة «أنصار الله» عقارات كبيرة في الإقليم، استطاعوا مع انطلاق الثورة فرض سيطرتهم بعيدا عن الأضواء على موانئ مهمة منها «ميدي، ورأس عيسى، والحديدة»، واتضحت الرؤية لسكان الإقليم والأهداف من وراء شراء الأراضي بكميات كبيرة ونزوح أعداد كبيرة من الحوثيين للإقليم للإقامة فيه بشكل دائم، لافتا إلى أن كثيرا من اتباع علي صالح وفي سنوات سابقة قاموا بتسهيل عمليات البيع للحوثيين مقابل عمولات «نسب من القيمة الإجمالية»، إضافة إلى الرشاوى في بعض المواقع التي لا تكون معروضة للبيع.
ولفت الناطق الإعلامي للمقاومة الشعبية إلى أن هذا التوسع والتملك في إقليم تهامة لم يكن ليحدث لولا الدعم المالي الكبير من إيران للحوثيين بشكل غير مباشر، خاصة أن هذا الفصيل لم يكن يشكل رقما في مرحلة سابقة، وفجأة أصبح يمتلك الأراضي في إقليم تهامة الذي يعد المنفذ الرئيسي لهم للسيطرة على البحر الأحمر والتقدم إلى صنعاء في وقات سابق من هذه العمليات.
ومع الانقلاب على الشرعية ودخول الحوثيين لصنعاء والسيطرة على مقدرات وأجهزة الدولة المدنية، صدرت في هذه اللحظات توجيهات من الرئيس المخلوع علي صالح للمعسكرات في الحديدة والتي تزيد على 11 معسكرا، بتسليمها مباشرة إلى أفراد قادمين من صنعاء تابعين للحوثيين، وفقا لمفضل، الذي قال إن الأعداد التي وصلت إلى الحديدة كان يمكن صدها من كتيبة واحدة إلا أن معظم القيادات انصاعت لأوامر الرئيس المخلوع في تسليم المواقع العسكرية دون مواجهات.
وأشار الناطق الإعلامي للمقاومة في تهامة إلى أنه ومن خلال هذا المخطط تمكنت ميليشيا الحوثي من فرض قوتها العسكرية، وقبل ذلك الاقتصادية على الإقليم، وبدأت في اتخاذ إجراءات استفزازية ضد شيوخ القبائل الذين حوصروا في تلك الفترة قبل تكوين المقاومة الشعبية، لمواجهة الحوثيين وإفشال مخططهم في السيطرة على الإقليم.
وطيلة هذه السنوات كانت إيران المحور الرئيسي في دعم هذه الميليشيات، لإتمام مخططها في المنطقة العربية، بعد سقوط بغداد ودمشق، وقبل ذلك لبنان، بدءا من حزب الله الذي يعد السبب الرئيسي في بقاء البلاد من غير حكومة، لتعنته بقوة ما يمتلك من سلاح جاء بشكل كبير ومباشر من الإيرانيين في الوصول بعيدا بحلمهم في إيجاد أرض صالحة لإكمال مسيرتهم في تطويق العرب وتحديدا السعودية من خلال اليمن الأقرب للمملكة، إلا أن هذا التوجه والتفكير تراه إيران اليوم ينهار بعد أن قدمت كل ما لديها، ووفرت الإمكانات لسقوط اليمن.
واستبعد مختصون في السياسة أن تكف إيران في المرحلة المقبلة، خاصة بعد توقيع الاتفاق النووي، عن تهييج الشعوب من خلال الضرب على وتيرة سنة وشيعة، وسوف تستمر في الفترة المقبلة في إيجاد مواقع أخرى ودول يمكن زعزعة النظام فيها، وذلك بهدف إعادة الإمبراطورية الفارسية، وهي في هذه المرحلة تحارب من أجل عدم سقوط الحوثيين.
ويعول سكان تهامة على الألوية الثلاثة التي بدأت في التكوين لتصبح النواة الرئيسية للجيش الوطني، لمواجهة ميليشيا الحوثي وحليفها علي صالح، والتي ستكون خاضعة لقيادة عسكرية موحدة وتحت إشراف عام من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي، والتي سيصل قوامها إلى قرابة 10 آلاف مقاتل، مدعومة من قوات التحالف العربي، في إفشال هذا المخطط وزحف إيران في السيطرة على الموانئ الرئيسية في اليمن.



وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
TT

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء، وبحث معه مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب، والأوضاع السياسية، والميدانية.

وذكرت «حماس» في بيان أن الحية أكد لوزير الخارجية التركي التزام الحركة ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، محذراً من استمرار «الاستهدافات، والخروقات» الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة، والتي قال إنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وتقويض التفاهمات القائمة».

وفيما يتعلق بالأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، أشار الحية إلى أن المساعدات الإغاثية التي تدخل القطاع «لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات»، موضحاً أن 60 في المائة من الشاحنات التي تسمح إسرائيل بدخولها هي شاحنات لبضائع تجارية، وليست مساعدات إنسانية.

وأكد الحية أن ذلك «يحرم الشريحة الكبرى من أبناء شعبنا من الحصول على احتياجاتهم الأساسية من غذاء، ودواء، وخيام بشكل إغاثي عاجل».

وتناول اللقاء أيضاً التطورات في الضفة الغربية، والقدس، حيث أكد وفد «حماس» على خطورة الممارسات «الإجرامية» الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، والمقدسات الإسلامية، والمسيحية.

كما ناقش الجانبان مسار تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة «المخططات» التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، بحسب بيان «حماس».


العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
TT

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد العليمي، على رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة في بلاده، أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، مؤكداً أن حماية المركز القانوني للدولة، ووحدة القرار السياسي تمثلان أولوية وطنية لا تقبل المساومة.

وفي إشارة إلى تصعيد مجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة، حذّر العليمي من أن أي مساس بوحدة الدولة سيقود إلى فراغات أمنية خطيرة، ويقوض جهود الاستقرار، ليس في اليمن فحسب، بل على أحد أهم خطوط الملاحة الدولية.

جاءت تصريحات العليمي خلال استقباله في الرياض، الأربعاء، سفيرة فرنسا لدى اليمن كاترين قرم كمون، حيث جرى بحث مستجدات الأوضاع المحلية، وفي المقدمة التطورات في المحافظات الشرقية، والدور المعول على المجتمع الدولي في دعم جهود التهدئة التي تقودها السعودية، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة.

وأشاد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - بالدور الفرنسي الداعم لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، وبموقف باريس الثابت إلى جانب وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، على النحو الوارد في بيان مجلس الأمن الدولي الصادر، الثلاثاء. كما جدّد تقديره للعلاقات التاريخية بين البلدين، معرباً عن ثقته باستمرار الدعم الفرنسي المتسق مع مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وتطرق اللقاء - وفق ما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية - إلى التحديات المتشابكة التي تواجهها القوى الوطنية في مسار استعادة الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، في ظل الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج الأطر الدستورية ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

تحذير من المخاطر

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الدولة ستقوم بواجباتها كاملة في حماية مركزها القانوني، مشدداً على أن هذا المسار يتطلب موقفاً دولياً أكثر وضوحاً لدعم الإجراءات الدستورية والقانونية التي تتخذها مؤسسات الشرعية. وأشاد في هذا السياق بالتوصيف المُقدَّم للأزمة اليمنية الوارد في إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وحذّر العليمي من أن أي تفكك داخلي سيعزز نفوذ الجماعات المتطرفة، ويخلق بيئات رخوة للجريمة المنظمة، مؤكداً أن أمن البحر الأحمر وخليج عدن يبدأ من استقرار الدولة اليمنية، وليس من شرعنة كيانات موازية أو مكافأة أطراف منقلبة على التوافق الوطني.

حشد في عدن من مؤيدي المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي إلى الانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

وأوضح أن ضبط النفس الذي مارسته القيادة خلال السنوات الماضية لم يكن تعبيراً عن ضعف، بل كان التزاماً وطنياً ومسؤولية سياسية لتجنُّب مزيد من العنف، وعدم مضاعفة معاناة الشعب اليمني، واحتراماً لجهود الأشقاء والأصدقاء الرامية إلى خفض التصعيد.

وجدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي التزام المجلس بحل عادل للقضية الجنوبية، يستند إلى الإرادة الشعبية، والانفتاح على الشراكات السياسية، وخيارات السلام، مع التأكيد على الرفض القاطع لتفكيك الدولة أو فرض الأمر الواقع بالقوة.

وفي سياق متصل، جدّد الاتحاد الأوروبي التزامه القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، ودعمه لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية. وأعلن الاتحاد، في بيان، الأربعاء، تأييده للبيان الصادر عن أعضاء مجلس الأمن، مؤكداً دعمه لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن، والعمل من أجل سلام مستدام وازدهار دائم للشعب اليمني.

ودعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى خفض التصعيد، وتعزيز الجهود الدبلوماسية، مرحباً بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في مسقط بشأن مرحلة جديدة لإطلاق سراح المحتجزين.

كما أدان الاتحاد الأوروبي بشدة استمرار احتجاز الحوثيين لموظفين أمميين وعاملين في منظمات إنسانية ودبلوماسية، مطالباً بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.


«اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)
نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)
TT

«اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)
نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الجماعة الحوثية لتبادل نحو 2900 أسير ومحتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق أحد أكثر الملفات الإنسانية تعقيداً، بعد سنوات من التعثر والفشل.

فعلى الرغم من الترحيب الواسع بالاتفاق محلياً ودولياً، فإنه لا تزال الشكوك تحيط بآليات التنفيذ، في ظل غياب القوائم النهائية، واستمرار الغموض حول مصير القيادي في حزب «الإصلاح» محمد قحطان، المختطف منذ قرابة عشرة أعوام.

وحسب مصادر قريبة من المحادثات، فإن الاتفاق الذي رعاه مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، وبمساندة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لا يتجاوز في هذه المرحلة كونه اتفاقاً مبدئياً، يفترض تنفيذه خلال فترة لا تتجاوز شهراً.

العبء الأكبر يقع على الوسطاء لإنجاح الصفقة اليمنية لتبادل الأسرى (إعلام حكومي)

وأوضحت جهات مطلعة على مسار التفاوض لـ«الشرق الأوسط» أن البند الأول من الاتفاق يقتصر على إطلاق سراح أسرى تابعين لتحالف دعم الشرعية، إضافة إلى القيادي محمد قحطان، فيما لا تزال بقية تفاصيل الصفقة، وأسماء المشمولين بها، خاضعة لمقايضات ومفاوضات لاحقة بين الأطراف والوسطاء.

وأشارت المعطيات ذاتها إلى أن ما تم التوصل إليه حتى الآن لا يعني حسم الملف، إذ لطالما ارتبطت جولات التفاوض السابقة بمطالب حوثية معقدة، شملت إدراج أسماء مقاتلين مفقودين في الجبهات، تزعم الجماعة أنهم أسرى لدى الحكومة، من دون تقديم أدلة على ذلك، فضلاً عن رفضها المتكرر إدراج أسماء مختطفين مدنيين بحجة أنهم «قيد القضاء».

تغيّر المفاوضين

رأت الأوساط القريبة من المفاوضات أن ترؤس ممثل الحوثيين في اللجنة العسكرية، يحيى الرزامي، لفريق المفاوضين عن الجماعة، بدلاً من عبد القادر المرتضى، أسهم في تهيئة الأجواء للتوصل إلى هذا الاتفاق المبدئي.

وذكرت أن المرتضى، المتهم بالتورط في تعذيب بعض المعتقلين، كان سبباً رئيسياً في إفشال عدة جولات تفاوض سابقة، بسبب تشدده وإصراره على شروط وصفت بغير الواقعية.

مخاوف حكومية يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

وأضافت تلك الأوساط أن وجود الرزامي على رأس فريق الحوثيين سهّل النقاشات، ومهّد للاتفاق على مبدأ تبادل شامل للأسرى والمعتقلين من الطرفين، وإن كان ذلك لا يزال مشروطاً بمدى التزام الحوثيين بتعهداتهم، وصدق نواياهم في تقديم معلومات دقيقة وموثوقة حول المحتجزين.

في المقابل، أبدت الحكومة اليمنية، وفق التقديرات نفسها، مخاوف جدية من سعي الحوثيين إلى إفراغ الاتفاق من مضمونه الإنساني، عبر المماطلة، أو إعادة طرح الشروط ذاتها التي أفشلت محاولات سابقة.

وتؤكد هذه المعطيات أن نجاح الصفقة مرهون بجدية الحوثيين في الوفاء بالتزاماتهم، والكشف الكامل عن مصير جميع المختطفين، وفي مقدمتهم محمد قحطان.

قحطان وعقدة الثقة

يظل مصير القيادي في حزب «الإصلاح» محمد قحطان من أبرز العوائق أمام المضي قدماً في تنفيذ الاتفاق. فعلى الرغم من إدراج اسمه ضمن المرحلة الأولى من الصفقة، فإن مصيره لا يزال مجهولاً منذ اعتقاله في عام 2015 من إحدى النقاط الأمنية عند مدخل مدينة إب. وحتى اليوم، لم يفصح الحوثيون عما إذا كان الرجل لا يزال على قيد الحياة أم لا.

وحسب المصادر، فإن هذا الغموض قوض تفاهمات سابقة، وأدى إلى إفشال جولات تفاوض سابقة، بعد أن اشترط الحوثيون الحصول على ثلاثين أسيراً في حال كان قحطان حياً، أو ثلاثين جثة إذا ثبت مقتله.

وترى الجهات المعنية بالملف أن هذا السلوك يثير شكوكاً كبيرة حول مصير الرجل، بعد أكثر من عشر سنوات وثمانية أشهر على إخفائه قسراً، ويضعف فرص بناء الثقة اللازمة لإنجاح بقية مراحل اتفاق التبادل.

وتؤكد المصادر أن نجاح أي صفقة تبادل لا يمكن أن يتحقق دون معالجة ملف قحطان بوضوح وشفافية، بوصفه قضية إنسانية وسياسية في آن واحد، واختباراً حقيقياً لمدى التزام الحوثيين بالقانون الدولي الإنساني.

مراحل التنفيذ

وفقاً للتفاهمات المعلنة، فقد جرى الاتفاق على تنفيذ الصفقة عبر ثلاث مراحل رئيسية. المرحلة الأولى تشمل إطلاق سراح أسرى تحالف دعم الشرعية، إضافة إلى القيادي محمد قحطان. وفي المرحلة الثانية، التي تبدأ بعد نحو أسبوع، سيتم تشكيل لجنة مشتركة للقيام بزيارات ميدانية إلى أماكن الاحتجاز، وتوثيق أسماء جميع المحتجزين على ذمة الصراع.

وبعد ذلك، ترفع اللجنة القوائم التي تم التحقق منها إلى مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ليجري اعتمادها رسمياً والشروع في تنفيذ عملية التبادل. أما المرحلة الثالثة، فستُخصص لملف «الجثامين»، وتشمل تبادل جثامين القتلى، والبحث عن رفات المفقودين في مناطق المواجهات، وصولاً إلى إغلاق هذا الملف المؤلم.

وتشير المصادر إلى أنه تم الاتفاق على عدد المشمولين بالصفقة من الطرفين، على أن يتم التوافق على أسمائهم خلال شهر، إضافة إلى انتشال جميع الجثامين من مختلف الجبهات وتسليمها عبر الصليب الأحمر. كما اتُفق على تشكيل لجان لزيارة السجون بعد تنفيذ الصفقة، وحصر من تبقى من الأسرى، تمهيداً لإطلاقهم.

وسيكون العبء الأكبر، حسب المصادر، على الوسطاء الدوليين، وفي مقدمتهم مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لضمان تنفيذ الاتفاق، ومنع أي طرف من الالتفاف عليه، ووضع آلية زمنية واضحة تبدأ بتجميع الأسرى والمختطفين في نقاط محددة، ومطابقة القوائم، وتحديد يوم البدء بعملية التبادل.