تحولت الحكومة المؤقتة التركية التي ستقود البلاد حتى موعد الانتخابات التشريعية المبكرة في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، من حكومة شراكة وطنية تتمثل فيها الكتل البرلمانية بحسب تمثيلها في البرلمان، إلى حكومة شراكة بين حزب «العدالة والتنمية» وخصمه اللدود حزب «ديمقراطية الشعوب» الكردي، المتهم بأنه الذراع السياسية لتنظيم «حزب العمال الكردستاني» المحظور.
فما أن أعلن رئيس حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء التركي المكلّف أحمد داود أوغلو، لائحة أسماء الذين ستتمّ دعوتهم لتسلم حقائب وزارية في الحكومة الانتخابية التي سيتمّ تشكيلها خلال الأيام الخمسة القادمة، حتى سارع حزبا المعارضة الأساسيان، الشعب الجمهوري والحركة القومية، إلى إعلان رفضهما المشاركة، والتهديد بطرد كل من يقبل المشاركة في هذه الحكومة، بهدف إحراج حزب العدالة والتنمية الذي يخوض حملته الانتخابية على أساس كسر شوكة الحزب الكردي واتهامه بدعم الإرهاب، لأنه العقبة الكبرى أمام عودته إلى الحكم المنفرد للبلاد.
وتضمّنت قائمة داود أوغلو أسماء من كل الأحزاب السياسية المشاركة في البرلمان التركي، حيث وجّه برقية لأحد عشر نائبًا من حزب العدالة والتنمية و5 من حزب الشعب الجمهوري، بالإضافة إلى 3 من حزب الحركة القومية و3 من حزب الشعوب الديمقراطي الكردي. ودعا أوغلو الرئيس السابق لحزب الشعب الجمهوري والنائب الحالي عن مدينة أنطاليا دينيز بايكال، والنواب إردوغان طوبراق وإلهام كسيجي وعائشة غولسون بيلغيهان وتكين بينغول عن حزب الشعب الجمهوري. أما عن الحركة القومية فقد سمى النواب كنعان طانريقولو وتوغرول توركيش وميرال أقشنار. وعن حزب ديمقراطية الشعوب الكردي، اختار داود أوغلو النواب ليفينت توزال ومسلم دوغان وعلي حيدر كونجا.
وما إن أعلنت الأسماء، حتى توالت ردود فعل البرلمانيين المعارضين، فوصف أوكطاي فورال نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحركة القومية اقتراح داود أوغلو، بأنه «رخيص». وقال: «إن هذا الاقتراح الذي لا يتناسب والقيم الأخلاقية والدستور يُظهر لنا عقلية حزب العدالة والتنمية. هذه سياسة رخيصة». وأضاف: «عندما قلنا إن عملية السلام التي أطلقوها مع الأكراد لم تسفر عن أية نتيجة سوى إراقة الدماء، بادروا إلى اتهامنا. وحينما قلنا لدينا أربعة شروط للمشاركة في حكومة ائتلافية عمدوا إلى رفضها. وكذلك عندما أعلنا أننا لن نكون في حكومة بها ديمقراطية الشعوب عاودوا اتهامنا أيضًا. لا شكّ في أن هذا الشعب سيحاسب اللصوص الذين تلقوا الرشى وعززوا من قوة منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية».
أما دنيز بايكال الزعيم السابق لحزب الشعب الجمهوري، فقال: «سأتصرف وفقًا لأخلاقيات الحزب. وسأرد على اقتراحه بخطاب مفصل. وردي على داود أوغلو سيكون بمثابة وثيقة تاريخيّة». ورفض النائب عن حزب الشعب الجمهوري إردوغان طوبراق دعوة رئيس حزب العدالة والتنمية المشاركة في الحكومة الانتخابية. وقال طوبراق في بيانٍ صدر باسمه، إنّه يتوجّه بالشكر لداود أوغلو على الدعوة، إلا أنه لا يستطيع مخالفة مبادئ حزبه الرافض لهذه الحكومة والذي يرى الكثير من الأخطاء في هذه الخطوة».
وبدورها رفضت ميرال أكشانر نائبة حزب الحركة القومية الاقتراح المقدم لها من رئاسة الوزراء. لكن الحزب تلقى صفع ةمن النائب طوغرول توركيش وهو النجل الأكبر لمؤسّس حزب الحركة القومية ألب أرسلان توركيش، إذ وافق على المشاركة في الحكومة، لكن مساعد رئيس حزب الحركة القومية سميح يالجين أعلن أنّ قيادة الحزب ستقوم بطرد النائب في حال عدم تقديم الأخير استقالته من صفوف الحزب، وذلك لقبوله دعوة داود أوغلو في المشاركة بالحكومة الانتخابية التي سيشكلها. وقال يالجين: «لقد كان قرار توركيش مفاجئًا لنا ولم نكن ننتظر منه الإقدام على مثل هذه الخطوة. والآن عليه أن يقدّم استقالته من صفوف الحزب وإلا ستضطر القيادة لاتخاذ قرار إبعاده». وفي حال امتناع نواب حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية عن إرسال جواب القبول إلى حين الساعة 18:00 بتوقيت العاصمة التركية أنقرة، من يوم غد الخميس، فإنّ داود أوغلو سيقوم بتعيين نواب مستقلّين بدلاً عنهم.
ودخل الرئيس التركي مجددا على خط الانتخابات المبكرة، متوعدا أحزاب المعارضة بـ«رد شعبي» في الانتخابات المبكرة. وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان خلال لقائه العاشر مع ممثلي المخاتير في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة، أنّ الأحزاب التي تسببت في عرقلة تشكيل الحكومة الائتلافية، سيلقون حسابهم خلال الانتخابات المبكرة التي ستجري في الأول من نوفمبر المقبل، مشيرًا إلى أن الشعب التركي مُدرك تمامًا لحقيقة الجميع ونياتهم.
وردًّا على انتقادات رئيس حزب الحركة القومية «دولت بهتشلي» الذي وجّه اتهامات بحقّه بعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة، قال إردوغان: «إنّ تصريحات بهتشلي واتهاماته لي بعرقلة تشكيل الحكومة، ما هي إلا محاولة منه لتغطية ما قام به من ممارسات من أجل عرقلة تشكيل هذه الحكومة. فلينظر هؤلاء إلى المرآة أولاً قبل إطلاق مثل هذه التصريحات».
وفيما يخصّ امتناعه عن تكليف رئيس حزب الشعب الجمهوري «كمال كليجدار أوغلو» بمهمّة تشكيل الحكومة الائتلافية بعد فشل رئيس حزب العدالة والتنمية من تشكيلها، صرّح إردوغان بأنّه لا يستطيع تكليف من لم يقم بزيارة رئاسة الجمهورية بمهمّة تشكيل الحكومة الجديدة، وأنّ الدستور التركي يخّول رئيس البلاد في اتخاذ قرار إجراء الانتخابات المبكرة بعد انتهاء مدة الـ45 يومًا المسموح لداود أوغلو بتشكيل الحكومة خلالها.
تركيا: شراكة بين «العدالة والتنمية» والأكراد.. ورفض المعارضة دخول الحكومة المؤقتة
إردوغان يتوعد المعارضين بـ«الحساب» في الانتخابات المبكرة
تركيا: شراكة بين «العدالة والتنمية» والأكراد.. ورفض المعارضة دخول الحكومة المؤقتة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة