سياسيون وإعلاميون عراقيون يدينون ما تعرضت له «الشرق الأوسط» من انتهاكات في بغداد

عدوا قرارها بإيقاف طبعتها العراقية «خسارة كبيرة».. ودعوا الحكومة إلى ملاحقة من عبثوا بها

عراقي يطالع الصفحة الأولى من «الشرق الأوسط» في بغداد (غيتي)
عراقي يطالع الصفحة الأولى من «الشرق الأوسط» في بغداد (غيتي)
TT

سياسيون وإعلاميون عراقيون يدينون ما تعرضت له «الشرق الأوسط» من انتهاكات في بغداد

عراقي يطالع الصفحة الأولى من «الشرق الأوسط» في بغداد (غيتي)
عراقي يطالع الصفحة الأولى من «الشرق الأوسط» في بغداد (غيتي)

عبر سياسيون وإعلاميون عراقيون أمس عن غضبهم وانزعاجهم مما تعرضت له الطبعة العراقية من «الشرق الأوسط» السبت الماضي على يد جهات خارجة عن القانون، الأمر الذي أدى إلى إيقاف الطبعة العراقية بعد 12 عاما من الصدور.
وقال سعد الحديثي، المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الدستور العراقي كفل حرية الرأي والتعبير والنشر وهي من الأمور الأساسية التي تحرص الحكومة على إدامتها وتعزيزها، وبالتالي فإننا نرفض ونشجب بشدة أي محاولة لحرف حرية الإعلام عن المسار الصحيح ونعده أمرًا مرفوضًا تمامًا»، مشيرًا إلى أنه «يتوجب على الأجهزة الأمنية المعنية توفير الحماية الكافية والبيئة الآمنة لحرية الإعلام دون مضايقات من أحد لا سيما أن نهج الحكومة الحالية يقوم على الانفتاح وعدم مضايقة أية وسيلة إعلامية حتى لو كان لديها رأي مختلف كما أن رئيس الوزراء قام بحسم دعاوى قضائية ضد إعلاميين من قبل الحكومة السابقة وإنه يعتبر الإعلام شريكا أساسيا في العملية الديمقراطية وأن الملاحظات والآراء إنما هي عامل مساعد للعمل الحكومي من أجل تلافي الأخطاء وتصحيحها وبالتالي فإنه لا يمكن القبول بأي تجاوز من أي نوع».
من جهته، أكد القيادي في تحالف القوى العراقية عصام العبيدي لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه ليست هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الإعلام الحر والنزيه إلى انتكاسة في العراق، حيث إنه في الوقت الذي يكفل الدستور حرية الرأي والتعبير لكن يبدو أن من يتولى تطبيق هذه الحرية جماعات خارجة على القانون»، مشيرًا إلى أنه «لا يكفي الإدانة والشجب لمثل هذه الممارسات، بل يتوجب على الحكومة اتخاذ الإجراءات المناسبة والقوية من أجل وضع حد لمثل هذه الجماعات والميليشيات التي تعبث بأمن البلد بحجة أنها خارجة عن القانون وإلا فما فائدة جهات رسمية لا تستطيع حماية الناس وإخضاع الجميع لسلطة القانون».
أما رئيس تحرير جريدة «الصباح» شبه الرسمية، عبد المنعم الأعسم، فقد أكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أقول باسمي وباسم العاملين في صحيفة الصباح إننا لا ننظر بارتياح لغلق أي منفذ إعلامي تحت أية ذريعة خاصة لجريدة لها ثقلها وتأثيرها مثل (الشرق الأوسط)، حيث إنه بصرف النظر عن اختلاف وجهات النظر فإن المطلوب تذليل كل الصعوبات أمامها من قبل الجهات الرسمية العراقية».
في السياق نفسه، أكد رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج، وهو قيادي في ائتلاف دولة القانون في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك بلا شك جهات لا يروق لها كشف الحقائق وتبادل الأفكار حتى لو كانت مختلفة وبالتالي تسعى إلى تكميم الأفواه وتشويه صورة العراق الذي يريد أن يقدم صورة جادة له في مجال حرية التعبير والرأي»، مشيرًا إلى أن «الشرق الأوسط» هي «جريدة مرموقة ولها ثقلها الكبير في ساحة الإعلام العربي دوليًا ولذلك فإنني أرى أن ما حصل لهذه الصحيفة الكبيرة إنما هو جرس إنذار لما يمكن أن يحصل في المستقبل، وبالتالي فإننا نحذر من مغبة أن يخضع العمل الإعلامي إلى أمزجة هذا الطرف أو ذاك أو لأحزاب وكتل». وأوضح السراج أن «الشرق الأوسط» ساهمت «بشكل كبير وفاعل في استقطاب كل الجهات العراقية ومن مختلف الكتل والتوجهات وبالتالي فإنه لا ينبغي أن يمر هذا الموضوع مرور الكرام والمطلوب هو إجراء تحقيق عالي المستوى في هذه الحادثة».
وفي السياق نفسه، عبر جاسم الحلفي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي وأحد أبرز منظمي التظاهرات في العراق، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «حديثي عن (الشرق الأوسط) ستختلط فيه المشاعر الخاصة بالعامة فمن حيث الخاص فإن (الشرق الأوسط) كانت وعلى مدى السنوات الماضية بمثابة زادنا اليومي من حيث الأخبار والمعلومات والتحليلات لا سيما أنها مدرسة متكاملة على صعيد ما هو مهني وبالتالي فإن غلق طبعتها على خلفية مثل هذه الانتهاكات تعد خسارة كبيرة»، مشيرًا إلى أن «الشرق الأوسط» كان لها «دور كبير في نقل الحقيقة وفي متابعة الحراك الجماهيري وإن هذه الجهات الخارجة عن القانون والمنفلتة لا يروق لها ما تقدمه هذه الجريدة من خدمة إعلامية تعد بحق رافدا مهما لنا وبالتالي فإنهم وكجزء من التفافهم على التظاهرات يحاولون إسكات الأصوات الشريفة التي لها ثقلها وتأثيرها ولا تخضع للابتزاز».
أما المركز العراقي للحريات الصحافية فقد دعا من خلال رئيسه هادي جلو مرعي في حديث لـ«الشرق الأوسط» رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى أن «يفتح تحقيقًا عادلاً ونزيهًا فيما حصل وأن يصدر بيانا يشجب فيه مثل هذا السلوك الشائن للجهات الخارجة عن القانون». وعد مرعي غلق «الشرق الأوسط» طبعتها العراقية «خسارة كبيرة لأنها هي مفتاح الصحافة العراقية إلى الخارج من خلال كونها صحيفة عربية مشهورة لها مكانتها الكبيرة في الإعلام الحديث ولها مكاتبها في معظم بلدان العالم، وبالتالي فإن خسارتنا بغلقها أكبر من خسارة الجريدة»، مشيرًا إلى «أننا كنا نأمل أن تفتح صحف عربية أخرى مكاتب لها في العراق وتصدر طبعات عراقية لا أن تغادرنا صحيفة بوزن (الشرق الأوسط) لأن هناك من يريد أن يعبث لأغراضه الخاصة». ودعا مرعي الحكومة العراقية «إلى توفير الحماية الكاملة للجريدة والعاملين فيها وإنهاء كل مظاهر الضغط من أي نوع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».