مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»: قائد فيلق القدس الإيراني لم يلتق السيستاني بل ممثليه

واشنطن تنضم إلى طهران في امتعاضها من انفراد العبادي بالإصلاحات

علي السيستاني  -  قاسم سليماني
علي السيستاني - قاسم سليماني
TT

مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»: قائد فيلق القدس الإيراني لم يلتق السيستاني بل ممثليه

علي السيستاني  -  قاسم سليماني
علي السيستاني - قاسم سليماني

بينما انضمت الولايات المتحدة إلى إيران في امتعاض الأخيرة من تفرد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالإصلاحات من دون إبلاغ واشنطن وطهران بها مسبقا، في حين أبلغ البريطانيين بها، أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني لم يستقبل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي خاض مواجهة مع العبادي قبل ثلاثة أيام خرج منها غاضبا، على خلفية ملاحقة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وتوجه إلى كربلاء على أمل ترتيب لقاء مع المرجع الشيعي الأعلى في النجف الذي يدعم إصلاحات رئيس الوزراء العراقي.
وأفاد مصدر رفيع المستوى في بغداد باتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» من لندن أن سليماني التقى، بدلا من السيستاني، ممثلي المرجع الشيعي عبد المهدي الكربلائي وأحمد الصافي. وكان نفس المصدر الرفيع كشف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» نشرت في عددها الصادر أمس أن لقاء عاصفا جمع سليماني والعبادي بحضور قادة التحالف الوطني الشيعي الحاكم اعترض فيه قائد فيلق القدس على ملاحقة المالكي بينما أصر العبادي على موقفه مما دفع الجنرال الإيراني إلى مغادرة الاجتماع غاضبا، متوجها إلى كربلاء على أمل ترتيب لقاء مع السيستاني في النجف.
من ناحية ثانية، ورغم التأييد الذي عبرت عنه الولايات المتحدة الأميركية بشأن حزمة الإصلاحات التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي قبل نحو أسبوعين بشأن إلغاء مناصب عليا من بينها نواب رئيسي الجمهورية والوزراء بالإضافة إلى إلغاء ودمج وزارات وتخفيض أعداد الحمايات والامتيازات الخاصة بكبار المسؤولين، وذلك استجابة لمطالب المتظاهرين ضد الفساد وسوء الخدمات، لكنه، وطبقا للمعلومات التي أفادت بها مصادر خاصة «الشرق الأوسط» فإن السفير الأميركي عبر عن امتعاضه بسبب عدم إخبار العبادي له بشأن ما ينوي عمله.
وقال مصدر مطلع، طلب عدم الكشف عن هويته أو اسمه، إن «السفير الأميركي في بغداد ستيوارت جونز أبلغ سياسيين عراقيين بأن الولايات المتحدة الأميركية لم يكن لها علم بما أقدم عليه العبادي وأنه كسفير لبلاده في بغداد والتي تربطها مع الحكومة العراقية اتفاقية شراكة استراتيجية لم يبلغ بما حصل مما أثار استغرابه لأن واشنطن في النهاية داعمة للعراق وتقف معه في كل الميادين والمجالات وفي المقدمة منها اليوم حربه ضد الإرهاب».
وكانت الولايات المتحدة الأميركية أعلنت بعد إعلان العبادي قراراته تأييدها لإصلاحاته وذلك من خلال إيجاز صحافي للمتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر قال فيه: «نحن نشيد بهذا الخطوة الشجاعة وبالتلاحم الذي أظهرته كل القوى السياسية في العراق بإقرارها ورقة الإصلاحات السياسية». وأشار إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية ستدعم جهود حكومة العبادي من أجل تعزيز دور مؤسسات الدولة واستعادة الأمن والاستقرار في كل المحافظات العراقية»، مؤكدا أن «هذه الخطوة ستعزز الجهود الرامية إلى إجراء إصلاحات شاملة وتوفير الخدمات الأساسية على الوجه الأمثل للمواطنين العراقيين».
وطبقا للمصدر المطلع فإن «العبادي أثار غضب الإيرانيين الذين لم يستشرهم أيضا الأمر الذي أدى إلى حصول شكوى جماعية منه عند زيارات عدد من القيادات السياسية والدينية الشيعية إلى طهران الأسبوع الماضي، من بينهم المالكي وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم وآخرون، وهو ما دعا طهران إلى إيفاد سليماني لفرملة إصلاحات العبادي بحيث لا تتجاوز ما يعد خطوطا حمراء والمتمثلة في إخضاع بعض القيادات ومنها المالكي تحت طائلة الحساب»، مشيرا إلى أن موقف العبادي الحاد من هذه الأمور أدى إلى حصول متغيرات داخل البيت الشيعي تمثلت بنوع من الاصطفاف غير المعلن بين الحكيم والمالكي رغم أن الحكيم، بالإضافة إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، كانا من أبرز من وقف ضد طموحات المالكي بولاية ثالثة فضلا عن دعم العبادي لكن في إطار وثيقة الاتفاق السياسي لا إصلاحات تبدو جذرية.
وأوضح المصدر المطلع أن العبادي كان أطلع البريطانيين على ما ينوي عمله وهو إجراء أغضب أقرب حليفين له وهما إيران وأميركا.
إلى ذلك، كشف نائب برلماني لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن «الجلسة البرلمانية الخاصة التي عقدت في اليوم الثاني لإعلان العبادي عن حزمة إصلاحاته الأولى والتي طلب تصويت البرلمان عليها شهدت توافد سفراء ثلاث دول كبيرة (لم يفصح عنهم) إلى البرلمان حيث كانوا يشاهدون جلسة البرلمان من خلال الجلوس عند شرفة معينة ولم يسمح لهم بالمشاركة في الجلسة لغرض الاطلاع على ما سيقوم به البرلمان». وأضاف أن «هذا الأمر يدل على مدى الاهتمام الذي أولته تلك الدول بشأن ما حصل خصوصا أن الجميع كان قد فوجئ بما أقدم عليه العبادي».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.