لا تزال الحرب الكلامية في إيران مستمرة بين خامنئي وروحاني، حيث بدأت عندما وجه رئيس الجمهورية، الاثنين الماضي، سهاما جديدة في اتجاه المرشد الأعلى عند تدشينه فعاليات «أسبوع الحكومة» في إيران بزيارة قبر الخميني.
وقال روحاني إن الخمیني «لم يكن یتدخل فی شؤون الحكومة، وكان يسعى لإرشادها فقط، تماما مثل المرشد الأعلى الذي يرشدنا اليوم»، موضحا أن الخمیني كان رافضا للتطرف، وكان يفرق بين الثوري والمتطرف، وشدد على أهمية ثنائية الجمهورية والإسلامية في تكوين النظام الإيراني، حيث لا يطغى أحدهما على حساب الآخر.
يذكر أن خامنئي كان قد حذر في الرابع من يونيو (حزيران) الماضي من تحريف سيرة وأقوال الخميني في ذكراه السنوية، من دون أن يذكر اسم رفسنجاني أو روحاني مباشرة، كما حذر من رسم صورة «ليبرالية» للخميني، خاصة في الآونة الأخيرة التي ارتفعت فيها حدة المزايدة بشأن التقرب والتمسك بمبادئ الخميني بين التيارات السياسية، وفي هذا الإطار نجح المرشد الأعلى في إقصاء وتهميش منافسيه، حسب بعض المراقبين.
وواصل حسن روحاني، من محافظة همدان، توجيه الرسائل المشفرة إلى منتقديه، وعلى رأسهم خامنئي، بالقول إنه «يجب ألا يغضب أحد من الكلام الذي يدعو إلى العمل بالقانون، لأنه لا يوجد شخص أو جهاز أعلى من القانون في إيران، وفخرنا هو أن نلتزم بالقانون وأن نستعد للمستقبل والانتخابات. وكل الأجهزة من برلمان وسلطة قضائية ومجلس صيانة الدستور والحكومة والقوات الأمنية يجب أن تتعاون من أجل انتخابات ناجحة (فبراير/ شباط، المقبل)».
يأتي هذا بعد أيام من هجوم روحاني على مجلس صيانة الدستور المكلف بمراجعة أهلية المرشحين، إذ قال روحاني الأسبوع الماضي إن تنفيذ الانتخابات والبت بأهلية المرشحين من مهام الحكومة، وليس من صلاحيات مجلس صيانة الدستور، الذي يختار خامنئي نصف أعضائه.
وقبل ذلك بأيام، انتقد روحاني هجوم المرشد الأعلى على أميركا، بقوله إنه «يجب ألا نتصور أن بإمكاننا أن نقول ونفعل كل شيء بعد التوافق النووي». لكن بالمقابل، فإن ردود أفعال كبار المسؤولين المعارضين لسياسة روحاني لم تتوقف منذ أسبوع، حيث وجه برلمانيون وعدد من الأئمة رسالة مفتوحة إلى روحاني. فيما اعتبر كثيرون أن ما قاله هذا الأخير بشأن عدم تدخل الخميني في الحكومة، واقتصار تدخل خامنئي على إرشاد الحكومة، كذبة ناعمة لحماية نفسه من خامنئي، بينما ذكر عدد من المواقع سلسلة من تدخلات الخميني منذ تقلده منصب المرشد الأعلى حتى وفاته، كما سخر الموقع من روحاني لأنه تجاهل تدخلات خامنئي وضغوطه على من سبقه في منصب رئيس الجمهورية.
بدوره، وصف صادق لاريجاني، رئيس السلطة القضائية في إيران، التصريحات بشأن مجلس صيانة الدستور بأنها «سطحية»، من دون أن يذكر اسم روحاني، كما حذر التيارات السياسية ووسائل الإعلام من الدعاية وتوتر الأجواء قبل الانتخابات المقررة في فبراير المقبل، مؤكدا أهمية مجلس صيانة الدستور الذي يشارك في انتخاب نصف أعضائه.
على صعيد آخر، وجه علي مطهري، النائب البرلماني، رسالة مفتوحة إلى محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري، انتقد فيها الهجوم على روحاني، مطالبا الحرس الثوري بعدم التدخل في السياسة. وقال بهذا الخصوص إن «دخول الحرس الثوري إلى عالم السياسة وأدواته مثل الانتخابات، ليس في صالح البلد والقوات المسلحة والثورة الإسلامية، لأنه يسبب الانقسام والاختلاف في الحرس الثوري».
واستشهد مطهري في رسالته بأقوال الخميني، التي تمنع تدخل الحرس الثوري في الانتخابات والنزاع بين التيارات السياسية، منتقدا رد قائد الحرس الثوري على تصريحات روحاني بشأن مجلس صيانة الدستور قبل أيام، كما أوضح في رسالته أنه كلما كان التشدد في ما يخص البت بأهلية المرشحين، كان البرلمان أضعف. وأضاف مطهري متسائلا «كأن روحاني الذي حصد 18 مليون صوت مدين إلى مجلس صيانة الدستور في انتخابه للرئاسة».
من جهته، انتقد قائد الحرس الثوري قبل أيام روحاني بشدة، واعتبر سلوك إدارته «بداية تآكل استقلال وكرامة النظام»، محذرا روحاني من محاولة إضعاف مجلس صيانة الدستور بالقول إنه «يجب على بعض من وصلوا إلى مناصب رفيعة عبر مجلس صيانة الدستور أن يكون خطابهم أكثر توازنا».
بدوره، اعتبر مطهري تصريحات قائد الحرس الثوري إضعافا لدور مجلس صيانة الدستور، مطالبا قائد الحرس الثوري بالالتزام بتعاليم الخميني في عدم التدخل في السياسة.
بالمقابل، ردت صحيفة «جوان» التابعة للحرس الثوري على النائب علي مطهري، مشيرة إلى أن تحذير قائد الحرس الثوري لرئيس الجمهورية «ليس دخولا في الانقسامات السياسية، ولا يعتبر مجلس صيانة الدستور أو رئاسة الجمهورية من الأحزاب السياسية». وشددت على أنها ليست أحزابا حتى يكون الحرس الثوري الجهة المقابلة لها. كما تساءلت صحيفة «جوان»: «هل تجري الآن انتخابات حتى يتدخل فيها الحرس الثوري؟.. هل استخدم الحرس الثوري قوته العسكرية للتأثير على الانتخابات؟».
وبعد إعلان الاتفاق النووي تحرك روحاني لتنفيذ وعوده الداخلية، ومع بدء التحضيرات للانتخابات المقررة في فبراير يسعى روحاني وتياره إلى تغيير تركيبة البرلمان ومجلس خبراء القيادة، لكن يبقى ذلك رهن إفلات مرشحي التيارات المعتدلة من مقصلة مجلس صيانة الدستور. لكن هل يملك روحاني القوة اللازمة من أجل الارتقاء لمواجهة المرشد الأعلى والحرس الثوري والمؤسسات التابعة من أجل تكرار نجاحه النووي في السياسة الداخلية؟
إيران: الحرب الباردة تشتعل بين المرشد الأعلى ورئيس الجمهورية
روحاني يوجه في خطاباته رسائل مشفرة إلى منتقديه.. وعلى رأسهم خامنئي
إيران: الحرب الباردة تشتعل بين المرشد الأعلى ورئيس الجمهورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة