النظام السوري يمارس «التهجير» ويرحل 225 عائلة من الزبداني في أسبوع

المعارضة تتهمه بقصف الأحياء المسيحية في دمشق لتأليب الناس ضدها

النظام السوري يمارس «التهجير» ويرحل 225 عائلة من الزبداني في أسبوع
TT

النظام السوري يمارس «التهجير» ويرحل 225 عائلة من الزبداني في أسبوع

النظام السوري يمارس «التهجير» ويرحل 225 عائلة من الزبداني في أسبوع

تعرضت مدينة الزبداني أمس إلى أكثر من 55 ضربة جوية وصاروخية، حيث قصفت قوات النظام أحياء المدينة بـ40 صاروخًا من نوع أرض - أرض، و14 برميلاً متفجرًا ألقاها الطيران المروحي على الأماكن ذاتها، وسط استمرار الاشتباكات على كل محاور القتال، بين قوات الفرقة الرابعة و«حزب الله» اللبناني وميليشيات «الدفاع الوطني» من جهة، والفصائل الإسلامية من جهة أخرى، ما أدى إلى مقتل عنصر من الفصائل الإسلامية وآخر من «حزب الله»، كما استهدفت الفصائل عربة مدرعة لقوات النظام في محيط الزبداني، مما أدى إلى سقوط قتلى في صفوف عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
بدوره أعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن «الجيش النظامي» طرد 25 عائلة من حي الإنشاءات في الزبداني، حيث افترشت هذه العائلات الأرض، فيما بلغ عدد المهجرين من أماكن سكنهم في مناطق سيطرة النظام خلال أسبوع واحد 225 عائلة، تم تهجيرهم من بلودان والمعمورة وحي الإنشاءات في الزبداني. وتحدث ناشطون عن «إقدام القوات النظامية على تهجير العائلات من الأحياء الخاضعة لسيطرتها على أطراف الزبداني، بذريعة الخوف من اختراق المعارضة لمواقعه عبر مباني المدنيين، كما تعمل على إخراج أقارب مقاتلي المعارضة من البلدات المجاورة انتقامًا منهم، بسبب الخسائر التي يتكبدها على الأرض».
وعزا مصدر بارز في المعارضة هذا التهجير إلى «مخطط الترانسفير الذي يعدّه النظام السوري والإيرانيون تحضيرًا لمرحلة تقسيم سوريا».
المصدر أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الزبداني هي محور أساسي بالنسبة للنظام و«حزب الله» لأنها الممر الاستراتيجي وآخر خطوط ربط دمشق بالبقاع اللبناني، وهي استكمال لتأمين برزة وبلودان ووادي بردى. مضيفا أن «النظام لا يستطيع أن يجاهر بعملية التهجير المذهبي كي لا يتعرض لانتقادات دولية، لكنه يلعب هذه الورقة من تحت الطاولة، والدليل أن الإيرانيين فاوضوا أحرار الشام على الخروج من الزبداني وإخراج سكانها السنة منها، في مقابل إخلاء بلدتي الفوعة وكفريا من سكانهما الشيعة».
إلى ذلك، أفاد ناشطون أن «القوات النظامية تجبر من بقي من الشبان النازحين في بلدة بلودان الخاضعة لسيطرتها شرق الزبداني، على الانضمام إلى الجيش النظامي لمحاربة ذويهم في الزبداني تحت تهديد الاعتقال، كما تعاني النساء من المعاملة السيئة والتهكم والشتم عند مرورهم على الحواجز النظامية».
في الغوطة الشرقية رفع النظام السوري منسوب التصعيد العسكري، خصوصًا في مدينتي دوما وسقبا وبلدات حمورية وكفربطنا وجسري، وأدى القصف الجوي على هذه المناطق، أمس، إلى سقوط 31 قتيلاً مدنيًا بينهم ثمانية أطفال دون سن الـ18 وسبع نساء. كما قصف الطيران المروحي بعد منتصف ليل الأحد - الاثنين مدينة داريا بـ16 برميلاً متفجرًا، ترافق مع سقوط صواريخ أرض - أرض على مناطق في المدينة. فيما شهد محيط إدارة المركبات قرب مدينة حرستا اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، ما أدى إلى مقتل عنصر من قوات النظام في تجدد القصف الذي طاول ضاحية الأسد القريبة من مدينة حرستا. وفتحت قوات النظام نيران قناصاتها ورشاشاتها على مناطق في قرية كفر العواميد وقرية هريرة وسوق وادي بردى وبرهليا بوادي بردى. كما منع النظام لليوم العاشر على التوالي دخول الأغذية والمواد التموينية والطبية إلى قرى وادي بردى، ما أدى إلى إغلاق المحال التجارية بعد خلوها من البضائع، وتوقف الأفران عن العمل بسبب نفاد مادتي الطحين والمحروقات.
أما في العاصمة دمشق، وبالتزامن مع اعتصامات نفذها مواطنون في منطقة الروضة طالبوا فيها بـ«تحرك دولي عاجل من أجل فكّ الحصار الذي تفرضه فصائل المعارضة على بلدات كفريا والفوعة ونبل والزهراء (التي يقطنها سوريون من الطائفة الشيعية)، وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى المنطقة». فتحت قوات النظام نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في حي جوبر، في حين سقطت نحو 22 قذيفة استهدفت أحياء القصاع وباب توما والتجارة وأبو رمانة والصالحية والزبلطاني وشارع بغداد ومحيط ساحة الأمويين ومناطق أخرى في حي ركن الدين، وحي عش الورور عند أطراف العاصمة، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى وأضرار مادية في الممتلكات.
في هذا الوقت اتهمت المعارضة السورية النظام بقصف أحياء محددة داخل دمشق بهدف إثارة نعرات طائفية. ونفى عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني «أي علاقة للجيش السوري الحرّ أو أي فصيل في المعارضة السورية بالقصف الذي طاول بعض الأحياء في دمشق». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام هو من يتعمّد قصف هذه الأحياء وهو يختار مناطق ذات غالبية مسيحية مثل باب توما وشارع بغداد ويتهم المعارضة بذلك، بهدف تأليب الرأي العام السوري والمجتمع الدولي ضدها، وهو بذلك يستبق الأحداث، أي في حال قرر الجيش الحر قصف مواقع النظام في دمشق يقول للناس إن الجيش الحر يقتل المدنيين». وقال الداراني «نحن نتعامل مع نظام مجرم ولدينا كل الأدلة والوقائع التي تثبت أن هذا النظام هو من يرتكب كل هذا الإجرام، والدليل أنه يرد على تقدم المعارضة في دوما وحرستا بارتكاب المجازر بحق الأطفال أمام أعين العالم الذي لا يحرك ساكنا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.