اشتعلت الحملة الانتخابية في المغرب بشكل غير مسبوق في شبكات التواصل الاجتماعي، ولجأ عشرات الآلاف من المرشحين للانتخابات البلدية والجهوية المرتقبة في 4 سبتمبر (أيلول) إلى إنشاء حسابات على «فيسبوك» و«تويتر» لأغراض الدعاية الانتخابية.
واختار بعض رؤساء الأحزاب المغربية موعد إطلاق الحملات الانتخابية لإنشاء حساباتهم الخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي. وكتب مصطفى الباكوري، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، في أول تغريدة له السبت الماضي «منذ مدة وأنا أرغب في الانضمام إلى (تويتر)، إلا أن الانتخابات فرضت هذا الموعد». وأضاف الباكوري في تغريذته التالية «أريد تفاعلا مثمرا مع المتابعين والذي سيتواصل بعد الانتخابات». وفي ظرف 48 ساعة الأولى بلغ عدد المشتركين في حساب الباكوري 430 متابعا.
وفي أول تغريدة له على «تويتر»، كتب صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية أمين عام حزب التجمع الوطني للأحرار، قائلا: «للتواصل معكم، وكمبتدئ في المواقع الاجتماعية، اخترت (تويتر). وهذا حسابي الوحيد، الآن ومستقبلا إن شاء الله». واستقطب مزوار 380 متابعا في الساعات الأولى من إطلاق حسابه في شبكة «تويتر».
بخلاف مزوار والباكوري قام الكثير من القادة السياسيين المغاربة بالتغريد باكرا على «تويتر»، لكنهم لم يستطيعوا الحضور باستمرار على الشبكة. فعبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة أمين عام حزب العدالة والتنمية بدأ تغريداته في أغسطس (آب) 2012 بخبر حول ترؤسه افتتاح ملتقى في الرباط بمناسبة اليوم الوطني للجالية المغربية المقيمة بالخارج. غير أن حسابه متوقف مند فبراير (شباط) الماضي بعد استقطابه 17 ألف مشترك. أما غريمه السياسي حميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال المعارض، فكانت أولى تغريداته على «تويتر» في يوليو (تموز) 2009 بخبر حول مشاركته في مهرجان الثقافة الأمازيغية، والذي كان خبرا مثيرا خصوصا أن شباط يرأس حزبا معروفا بدفاعه عن التعريب ومعارضته تاريخيا للمطالب الأمازيغية. غير أن حساب شباط متوقف أيضا منذ مارس (آذار) الماضي بعد بلوغه 1810 مشتركين.
لكن يبدو أن القادة السياسيين المغاربة أعطوا أفضلية في نشاطهم على شبكات التواصل الاجتماعي لـ«فيسبوك» و«يوتيوب». وتعرف هاتان الشبكتان منافسة قوية وصراعا مريرا، خصوصا بين شباط وابن كيران. ويتصدر شباط الزعماء السياسيين من حيث عدد المعجبين في «فيسبوك» بحصوله على 224 ألف لايك، مقابل 179 ألف لايك لابن كيران. غير أن ترتيب الزعيمين ينقلب عندما يتعلق الأمر بالحضور على «يوتيوب». ففي هذا المجال يتصدر عبد الإله ابن كيران بفارق كبير جدا، إذ بلغ عدد المشتركين في قناته 3514 مشتركا منذ إطلاقها نهاية 2013. مقابل 377 مشتركا فقط بالنسبة لقناة شباط التي أطلقها في 2009. ويعزى هذا التفوق الكبير لابن كيران إلى الميزة التي يتمتع بها كرئيس للحكومة من حيث كثافة التغطيات المصورة لأنشطته المختلفة، وهو ما نتج عنه توفر رصيد هائل من مقاطع الفيديو المتداولة في «يوتيوب»، والذي يقدر بنحو 150 ألف مقطع.
وبدوره أطلق محند العنصر، أمين عام حزب الحركة الشعبية وزير الشباب والرياضة في الحكومة الحالية، قناة خاصة به على «يوتيوب»، والتي استقطبت 111 مشتركا منذ فبراير 2014.
وإلى جانب الحسابات الخاصة بالزعماء السياسيين اهتمت الأحزاب بدورها بشبكات التواصل الاجتماعي، خصوصا عقب أحداث الربيع العربي والدور الكبير الذي لعبته هذه الشبكات في تلك الأحداث، والذي أثار انتباه القيادات السياسية لأهمية الحضور على مواقع التواصل الاجتماعي، وأبرز دورها في الوصول إلى شريحة الشباب التي تشكل أغلبية سكان البلاد، والتي تتميز بكونها تمضي في العالم الافتراضي أكثر مما تقضي من الوقت في عالم الواقع. ويبدو أن القيادات السياسية استخلصت الدرس من أحداث الربيع العربي بأن الأنجع للوصول إلى الشباب واستمالتهم هي شبكات التواصل الاجتماعي.
ومن أبرز الأحزاب التي ركبت موجة شبكات التواصل الاجتماعي مبكرا وبقوة حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، والذي يتصدر باقي الأحزاب المغربية على «فيسبوك» بنيله 446 ألف إعجاب (لايك)، متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة بنحو 168 ألف لايك، فحزب الاستقلال بزهاء 32 ألف لايك، ثم الاتحاد الاشتراكي 13 ألف لايك.
ولم تغفل الأحزاب بدورها ما يتيحه «يوتيوب» من فرص كوسيلة تواصل جماهيرية بديلة عن القنوات التلفزيونية. وهنا أيضا تصدرت قناة «العدالة والتنمية» على «يوتيوب» باستقطابها نحو 16 ألف مشترك وأزيد من 12 مليون مشاهدة منذ إطلاقها في أكتوبر (تشرين الأول) 2011. تليها قناة حزب الاستقلال التي عرفت نحو مليون مشاهدة منذ إطلاقها في يناير (كانون الثاني) 2013، ثم الأصالة والمعاصرة بـ858 ألف مشاهدة منذ 2012.
غير أن الحملة الانتخابية الأخيرة، التي انطلقت السبت الماضي، أعطت نفسا جديدا للحضور السياسي المغربي على شبكات التواصل الاجتماعي. ففي ظرف خمسة أيام أنشئت آلاف الحسابات على «تويتر» و«فيسبوك» من طرف المرشحين للانتخابات البلدية والجهوية المقررة في 4 سبتمبر. وتفننت فروع الأحزاب ومرشحوها في طرح مواد الحملات الانتخابية من صور وفيديوهات ووثائق على هذه الصفحات. وسمح بعضها للخصوم بإبداء رأيهم وانتقاداتهم التي تصل أحيانا حدود الاتهام بالفساد ونهب المال العام وغير ذلك، فيما فضل آخرون حصر التعليقات المنشورة على الآراء الموالية فقط. كما تطوع المئات من المتعاطفين لفتح حسابات فيسبوكية لدعم الأحزاب التي يتعاطفون معها. ويبدو أن الانتخابات المرتقبة لن تكون فقط أول انتخابات بلدية ما بعد الربيع العربي، ولكن أيضا أول انتخابات تلعب فيها قوة وسائل التواصل الاجتماعي دورا أساسيا.
الحملة الانتخابية في المغرب تتوهج على شبكات التواصل الاجتماعي
الموجة الجديدة فرضت على رؤساء أحزاب سياسية بدء خطواتهم الأولى على «تويتر»
الحملة الانتخابية في المغرب تتوهج على شبكات التواصل الاجتماعي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة