إيطاليا.. 48 مليون سائح سنويًا والعرب يفضلون روما

نصائح عملية للسياح من المنطقة العربية وجولة على أجمل وجهاتها

إيطاليا.. 48 مليون سائح سنويًا والعرب يفضلون روما
TT

إيطاليا.. 48 مليون سائح سنويًا والعرب يفضلون روما

إيطاليا.. 48 مليون سائح سنويًا والعرب يفضلون روما

* تمثل إيطاليا رابع أكبر دولة سياحية في العالم بعدد سياح سنوي يقارب 48 مليون سائح، أي ما يزيد على ثلثي تعدادها البالغ 60 مليون نسمة. وأعادت إيطاليا بناء صناعة سياحية قوية منذ نهاية تسعينات القرن الماضي تدر على البلاد حاليا 136 مليار يورو سنويا. وتعد روما هي الوجهة المفضلة لكثير من السياح الذين يزورون إيطاليا للمرة الأولى، ومنهم السياح العرب الذين يكتشفون الآن معالم إيطاليا سياحيا.
ويذهب السياح إلى إيطاليا للاستمتاع بفنونها ومطبخها الشهير وتاريخها وثقافتها وتصميمات الأزياء فيها. وهي أيضًا تضم بعض أجمل شواطئ البحر المتوسط. وتحتوي إيطاليا على عدد أكبر من مواقع التراث الإنساني المصنف من اليونيسكو عن أي بلد آخر في العالم.
وتجذب إيطاليا السياح إليها منذ القرن السابع عشر، حيث كان يقصدها الأثرياء من أوروبا للاستمتاع بطقسها المعتدل. وتاريخيا كانت زيارة روما من أكبر الإنجازات التي يمكن أن يحققها أي مواطن من أنحاء الإمبراطورية الرومانية المترامية الأطراف.
وتجذب روما سنويا أكثر من ستة ملايين سائح، منهم أربعة ملايين لزيارة معلم الكولسيوم، بينما تشتهر مدن إيطالية أخرى بالإقبال السياحي مثل ميلانو والبندقية وفلورنسا ونابولي. وتشتهر روما بالآثار الكلاسيكية إلى جانب معالم عصر النهضة. ويقبل عليها السياح لأسباب كثيرة، منها التسوق والتجول في أسواقها والاستمتاع بمناخها المعتدل طوال فترات العام. وهي مثل المسرح العالمي المفتوح بآثارها وسكانها وسياحها.
وبخلاف المناطق السياحية الأخرى التي تمثل فيها فصول الصيف فترة الذروة السياحية، فإن روما تشهد أكثر إقبال سياحي عليها في فترتي الربيع والخريف. ويعد أسبوع عيد الفصح هو الأكثر ازدحاما إذ يقبل كثير من سياح العالم لزيارة روما والفاتيكان في الوقت نفسه.
ويفضل البعض فصل الشتاء في روما حيث تنخفض خلاله أسعار الفنادق ويقل ازدحام المطاعم في المدينة. ولمن يعتاد على درجات الحرارة العالية فإن روما في الصيف تمثل توقيتا سياحيا مثاليا، إذ يتوجه أغلب أهل المدينة البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة إلى الشواطئ خلال شهر أغسطس (آب). أما أفضل الشهور مناخا خلال العام فهي أبريل (نيسان) ومايو (أيار) وأكتوبر (تشرين الأول).
وتتطلع إيطاليا إلى استقطاب مزيد من السياح العرب ليس فقط إلى روما، بل إلى المناطق السياحية الأخرى في أرجاء البلاد. وفي هذا الصدد أجرت هيئة السياحة الإيطالية بعض الأبحاث الخاصة بها حول ما يفضله سياح منطقة الخليج، وهي تعمل الآن على توعية المنشآت السياحية الإيطالية بهذه المطالب من أجل جذب مزيد من السياحة العربية.
وتريد هيئة السياحة الإيطالية من المنشآت السياحية، خصوصا الفنادق والمطاعم، مزيدا من الوعي بالثقافة الإسلامية واحتياجات السائح العربي. من أبرز المطالب التي أوضحتها دراسة هيئة السياحة الإيطالية أن السائح العربي الخليجي يفضل غرف فندقية واسعة الحجم أو غرف مرتبط بعضها ببعض وفقا لحجم العائلات. ويريد هذا السائح أن يرى بوضوح في غرفته وجهة القبلة وأن تراعي المطاعم الوجبات الحلال وتقدم له قوائم طعام حلال وليس نوعا واحدا فقط.
كما يرغب السائح العربي في تركيز الوعود السياحية في مواقع زيارة قليلة بدلا من التركيز على عدد كبير من المعالم السياحية بلا وقت كاف لزيارة كل منها وقضاء بعض الوقت فيها. وتحتاج بعض المواقع السياحية الإيطالية إلى توفير دليل سياحي عربي على الأقل لشرح المعالم السياحية للسياح العرب.
وفي الماضي كان السياح يقضون وقتا طويلا في زيارة كل أنحاء إيطاليا لدراسة آثارها والتعرف على ثقافتها، أما السياحة الحديثة فهي تركز الآن على مناطق بعينها في إيطاليا، ولكل منها معالمها وجمالها الخاص.

* من هذه المناطق:
- شمال غربي إيطاليا: وهي تشمل مناطق بيدمونت وليغوريا ولومبارديا، وتعرف باسم الريفييرا الإيطالية. وهي تضم عددا من المدن الإيطالية التاريخية مثل تورينو، المدينة الصناعية الشهيرة في إيطاليا منذ عصر النهضة، وميلانو مدينة الموضة والتصميم والأعمال وعاصمة الإقليم وميناء جنوا التاريخي. وتمثل هذه المناطق والمدن أهم عناصر الجذب السياحي في المنطقة.
- شمال شرقي إيطاليا: وتمثل مدينة البندقية أهم معالمها السياحية بالإضافة إلى عدد من المدن الأخرى مثل فيرونا وبادوا وترينتو وبولونيا وفيريرا وبارما. وتقع في المنطقة أيضًا جبال الألب حيث بعض منتجعات التزلج على الجليد في فصل الشتاء. كما تقع بها بعض البحيرات مثل بحيرة غاردا. وهي تشتهر بمطبخ خاص بها لوجبات إيطالية متخصصة معظمها غير معروف خارج إيطاليا.
- وسط إيطاليا: وهي تشمل مناطق توسكاني واومبريا ولازيو وابروزو، بالإضافة إلى العاصمة روما. وهي من أكثر مناطق إيطاليا في الإقبال السياحي من زوار روما الذين يفضلون تاريخ المدينة إلى سياح توسكاني، أهم مدينة سياحية في إيطاليا بعد روما. وتقع في المنطقة أيضًا مدينة بيزا التي تشتهر ببرجها المائل. وهي منطقة زاخرة بالتراث الإيطالي الذي تبرزه مدن مثل اسيسي وبيروجيا والجمال الطبيعي الذي تنعم به مدن مثل ابروزو وهي أكثر مناطق أوروبا خضرة. ويوجد في المنطقة نحو 80 محمية طبيعية يوجد فيها 75 في المائة من فصائل الحيوانات والطيور في أوروبا.
- جنوب إيطاليا: وبها تقع مدينة نابولي الأكثر شهرة بين سياح المنطقة بالإضافة إلى مدن أخرى مثل بازيلكاتا وكلابريا وكامبانيا. وهي تشمل أيضًا أشهر ساحل جبلي في إيطاليا ويسمى ساحل اميلفي. وتشتهر المنطقة بالجمال الطبيعي والمدن والقرى التي تطل على البحر المتوسط من ارتفاعات شاهقة وتبدو مرصعة في أحضان الجبال الساحلية. وتقع مدينة سورينتو في الجنوب الإيطالي وهي تشتهر بأنها أرض الليمون في إيطاليا، حيث تنتشر منتجات الليمون ومشروباته في كل مقاهي ومتاجر الهدايا. من الصابون إلى الشوكولاته ومن الليمونادة إلى مشروب محلي يسمى «ليمون تشيللو» لا يستطيع الزائر أن يهرب من الليمون ورائحته النفاذة. وحتى الهدايا التذكارية التي يفكر الزائر في شرائها قبل عودته تنتشر عليها رسومات الليمون سواء كانت من الأقمشة أو من الفخار.
- وفي الجنوب تقع أيضًا جزيرة صقلية أكبر الجزر الإيطالية التي تتميز بتراثها التاريخي الذي يشمل التأثير الفينيقي والعربي. وهي أيضًا الجزيرة التي تضم أكبر بركان في أوروبا وهو «ماونت إيتنا» وبها كثير من المنتجعات السياحية المعروفة أوروبيا مثل تاورمينا وجيارديني وسيفالو. وهي تضم كثيرا من المدن مثل عاصمة الجزيرة، باليرمو، التي يأتي الزائر إلى الجزيرة عبر مطارها الدولي. وظلت صقلية طوال تاريخها ملتقى حضارات ونقطة تبادل ثقافي وتراثي بين جانبي البحر المتوسط، وهي الموقع الإيطالي الوحيد الذي يحوي بقايا معابد إغريقية ومعالم أثرية من الحضارات التي تعاقبت عليها. وتقع الجزيرة على خطوط عرض متوازية مع بعض شواطئ شمال أفريقيا مما أكسبها مناخا أكثر اعتدالا من بقية أنحاء إيطاليا طوال أشهر العام. ويعني هذا المناخ المعتدل أن موسم السياحة فيها يمتد من شهر فبراير (شباط) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام. وأحيانا يكون البحر دافئا بدرجة كافية للاستحمام خلال شهور الشتاء أيضا.
وعلى بعد 250 ميلا غرب إيطاليا تقع جزيرة سردينيا التي تضم كثيرا من المعالم السياحية والشواطئ الخلابة والمدن التاريخية. ويمكن لكل من صقلية أو سردينيا أن توفر رحلة سياحية من الطراز الأول للسائح العربي، كما يمكن لسياح إيطاليا استكشاف مناطق غير مشهورة سياحيا مثل مدينة كلابريا ذات التاريخ العريق التي تقع في منطقة يعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف عام. وهي تتمتع بكورنيش على الساحل وصفه شاعر إيطالي اسمه غابرييل دامونزيو بأنه أجمل كيلومتر في كل إيطاليا.

* نصائح عملية للسائح العربي في إيطاليا
* تعتبر إيطاليا من الدول التي يرتفع فيها مستوى الأمان والسلامة للسياح، فيما عدا بعض الجرائم الفردية للنشل التي تقع في وسائل المواصلات المزدحمة والتي يمكن تجنبها بسهولة. كما ينتشر في بعض المدن خطف حقائب السياح. لا بد من استخدام خزانات الفنادق للاحتفاظ بالأغراض الثمينة والأموال.
وتحذر وزارة الخارجية البريطانية من المنطقة المحيطة بمحطة القطارات الرئيسية في روما والتي تسمى «ترميني» ومن خط الباص رقم 64 الذي يتوجه إلى ميدان سان بيتر الشهير سياحيا. هناك أيضًا محاولات لسرقة السياح أثناء نومهم في القطارات الليلية. من التحذيرات أيضًا عدم ترك الطعام أو الشراب دون مراقبة حيث يمكن دس مواد مخدرة فيه لسرق السياح أو الاعتداء عليهم. لا بد من الحذر أيضًا عند التوقف بالسيارات في مناطق الخدمة على الطرق السريعة، حيث وقعت عدة اعتداءات من اللصوص على أصحاب بعض السيارات المؤجرة سياحيا.
من الطرق التي يجب توخي الحذر عليها الطريق بين نابولي وساليرنو، إذ يتم ثقب إطارات السيارات عمدا ثم عرض المساعدة على تغيير الإطارات بغرض سرقة محتويات السيارة من الحقائب. ولا بد من إحكام غلق السيارة في كل الأحوال وعدم ترك متعلقات ثمينة داخلها.
وقد أصدرت الشرطة في أوروبا تحذيرات من وجود عملات يورو مزيفة في التداول، ولذلك لا بد من الحرص في كل الأحوال وفحص أوراق النقد من أي مصدر ما عدا البنوك.
ويجب استخدام سيارات الأجرة المرخصة فقط دون غيرها، والتأكد من استخدام العداد قبل بداية الرحلة. ويجب أيضًا الحرص عند عبور الطرق حيث لا تتوقف السيارات أحيانا للمشاة حتى في المناطق المخصصة للمشاة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».