لهذه الأسباب ما زال العرب يفضلون الدراسة في أوروبا وأميركا

عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية بالقاهرة أكد لـ«الشرق الأوسط» أن سبب ارتفاع معدلات البطالة بالمنطقة هو الفجوة بين سوق العمل ومهارات الخريجين

د. كريم صغير
د. كريم صغير
TT

لهذه الأسباب ما زال العرب يفضلون الدراسة في أوروبا وأميركا

د. كريم صغير
د. كريم صغير

قال الدكتور كريم صغير، عميد كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأميركية بالقاهرة، إن الطلاب العرب بشكل عام، والمصريين بشكل خاص، ما زالوا يفضلون الدراسة في أوروبا وأميركا على الرغم من أن هناك الكثير من الجامعات في المنطقة العربية التي تقدم تعليم ممتاز للطلاب، مشيرًا إلى أن السبب في ذلك هو اعتقادهم أن الدول الغربية ستوفر لهم فرص العمل ومنحًا دراسية أفضل من الفرص والمنح التي ستقدمها لهم معظم البلدان في المنطقة العربية.
وأوضح صغير، في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الجامعة الأميركية في القاهرة تتعاون مع الجامعات الأخرى في المنطقة العربية في كل المجالات البحثية والتعليمية، وأنها تكمل بعضها البعض، وتعتبر هذه الجامعات هي المفتاح الذي سيضمن مستقبل أفضل للمنطقة. مؤكدا أن السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة العربية هو عدم التطابق بين احتياجات سوق العمل ومهارات الخريجين، مما يوجب أن يكون هناك تعاون بين كليات إدارة الأعمال وقطاع الشركات لإزالة الفجوة بين النظرية والممارسة.
وفيما يلي نص أهم ما جاء في الحوار..
* في عام 2014، احتلت الجامعة الأميركية في القاهرة المركز الأول في مصر والمركز الثالث في أفريقيا، واحتلت كلية إدارة الأعمال المركز الرابع في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، في رأيك ما أكثر ما يميزها عن الجامعات المصرية؟
- خلال تاريخها الذي يمتد لـ96 عاما، شهدت الجامعة الأميركية في القاهرة الكثير من التغيرات البيئية التي شكلت فلسفتها لتلبية الاحتياجات والتحديات التعليمية المتغيرة، ولأكثر من تسعة عقود ألزمت الجامعة الأميركية نفسها بأعلى معايير التميز في التدريس والبحث العلمي، وتعتمد الجامعة الأميركية على النهج العملي في التعليم من خلال دمج كل من التجارب الحياتية والأكاديمية في السياسة التعليمية.
وتسعى كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأميركية جاهدة لتعزيز المشاريع البحثية المؤثرة على المنطقة العربية والدول النامية بشكل عام. ويعد التعليم التنفيذي نشاطا أساسيا في الكلية ويضم أكثر من 160 ألف خريج منذ عام 1977، وقد كانت لدينا عملية التعليم التنفيذي ناجحة ونامية بشكل كبير.
* لكن رغم كفاءة كلية إدارة الأعمال؛ إلا أن هناك الكثير من الشباب المصري الذي يفضل السفر لدول غربية للتعلم في جامعاتها، ففي رأيك ما السبب وراء ذلك؟
- أتفق معك تماما على أن الكثير من الطلاب في مصر والمنطقة العربية بأكملها، بل وفي مناطق أخرى مثل آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، ما زالوا يفضلون الدراسة في أوروبا والولايات المتحدة على الرغم من أن هناك الكثير من الجامعات في المنطقة العربية التي تقدم تعليمًا ممتازًا للطلاب. فهؤلاء الشباب يعتقدون أن الولايات المتحدة وأوروبا ستوفر لهم فرص العمل ومنحًا دراسية أفضل من الفرص والمنح التي ستقدمها لهم معظم البلدان في المنطقة العربية.
والسبب في ذلك، في رأيي، هو ارتفاع معدل البطالة، وانعدام تكافؤ الفرص وانخفاض الأجور في المنطقة العربية، حيث إن هذه العوامل أدت إلى سعي ما يقرب من ربع الشباب العرب إلى مغادرة المنطقة، لذا يجب على القادة العرب أن يبحثوا في كيفية تطوير عقول وإمكانيات الشباب في المنطقة العربية، فهؤلاء الشباب استطاعوا أن يفعلوا المستحيل سياسيا، ويجب تشجيعهم ليصنعوا المستحيل عمليا واقتصاديا أيضا.
* كيف ترى مستوى التعليم في الجامعة مقارنة بالجامعة الأميركية في بيروت والجامعات الأردنية والجامعة الأميركية في الإمارات؟
- كل هذه الجامعات المذكورة تعمل جاهدة على استيعاب الشباب العربي وتطوير التعليم العملي الذي يناسب سوق العمل بشكل متساوٍ، وهذه الجامعات تمهد الطريق لإنشاء المزيد من الجامعات العالمية في المنطقة.
وتتعاون الجامعة الأميركية في القاهرة مع الجامعات الأخرى في المنطقة العربية في المشاريع البحثية أيضا، وبرامج التبادل، وأنشطة التوعية وما إلى ذلك، وأعتقد أن كل هذه الجامعات تكمل بعضها البعض وهي المفتاح الذي سيضمن مستقبلاً أفضل للمنطقة.
* في رأيك ما الخطوات المطلوبة لإصلاح التعليم في مصر؟
- إن السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات البطالة في مصر والمنطقة العربية هو عدم التطابق بين احتياجات سوق العمل ومهارات الخريجين، لذا يجب على المؤسسات التعليمية في مصر الامتناع عن اعتماد النهج النظري، والتركيز فقط على المجالات العملية والوظيفية. وفي رأيي، ينبغي أن يكون هناك تعاون بين كليات إدارة الأعمال وقطاع الشركات لإزالة الفجوة بين النظرية والممارسة.
* هل ترى أن هناك اهتمامًا كافيًا بالأبحاث الأكاديمية في مصر؟
- كل الدول العربية، باستثناء تونس، تنفق أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي على البحث والتطوير مقابل 2.79% تنفقها أميركا، و3.41% تنفقها السويد، و2.26% تنفقها فرنسا. أما الصين فتنفق 10 أضعاف ما تنفقه الدول العربية على الأبحاث والتطوير.
وتبلغ حصة العرب من مقالات المجلات العلمية 0.5% فقط، فمتوسط عدد المقالات والبحوث لكل مليون نسمة في المنطقة العربية هو 41 مقالة بينما المتوسط العالمي هو 147 مقالة. بالإضافة إلى ذلك، بلغ عدد براءات الاختراع في المنطقة العربية 836 براءة اختراع حتى عام 2010، فيما بلغ عدد براءات الاختراع في كوريا الجنوبية 84.840.
وهذه الأرقام ليست مقبولة في هذه المنطقة، التي تعتبر موطنا لعدد من أعرق وأقدم الجامعات في العالم، والتي لها آلاف السنين من المساهمة في المعرفة العالمية. لذا يجب على الحكومات في المنطقة العربية أن تهتم بشكل أكبر بكثير بالبحث العلمي والتطوير.
* بعد مبادرة «إدراك»، هل ترى أن التعليم الإلكتروني سيكون هو الغالب في المستقبل؟
- على الرغم من أن هذه المبادرة توضح كيف يمكن للتكنولوجيا أن تحسن بشكل كبير من مستوى التعليم، إلا أنه للأسف في المنطقة العربية لا يوجد الاهتمام الكافي بهذا الجانب، مع العلم أن استخدام التكنولوجيا مهم جدا للجامعات الكائنة بالبلاد غير المستقرة سياسيا، لأنها قد تساعد في جذب الطلاب الأجانب كما أنها تتيح للطلاب تشكيل فرق افتراضية والعمل على مشاريع جنبا إلى جنب مع نظرائهم في أجزاء مختلفة من العالم. وتعتبر كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأميركية بالقاهرة هي أول كلية من نوعها في المنطقة العربية تستخدم هذه الأداة.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.