يراهن قادة نقابات مستقلة في مصر على قدرتهم على حشد مظاهرة مليونية احتجاجا على قانون ينظم أوضاع العاملين في الدولة، الشهر المقبل في حديقة الفسطاط (جنوب القاهرة)، أو ما يطلق عليه «هايد بارك العاصمة المصرية»، حيث تسمح السلطات بالتظاهر هناك من دون الحصول على ترخيص مسبق، وذلك في أبرز تحد للحكومة التي أعلنت تمسكها بالقانون. ويقول قادة الاحتجاجات إنهم سيسعون إلى إسقاط الحكومة ردا على تجاهلها لمطالب ملايين المواطنين. وفي غضون ذلك نظم العشرات من أمناء الشرطة وقفة احتجاجية أمام مديرية أمن الشرقية (شرق القاهرة) للمطالبة بتحسين أوضاعهم، وأغلق المحتجون 6 أقسام للشرطة.
ورفضت السلطات الترخيص بوقفات احتجاجية ضد قانون الخدمة المدنية، الذي صدر في مارس (آذار) الماضي، ما دفع قادة النقابات للبحث عن بدائل. وبحسب قانون تنظيم الحق في التظاهر، يُسمح بتنظيم وقفات احتجاجية في مناطق حددتها السلطات التنفيذية، واختارتها في الغالب بعيدا عن المناطق الحيوية.
وباستثناء تجارب هامشية ومحدودة التأثير، تعد المظاهرة المرتقبة هي الأبرز في استخدام المناطق المتاحة للتظاهر دون ترخيص.
وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط» إن «نجاح الدعوة من شأنه أن يقلب المشهد السياسي في البلاد رأسا على عقب.. هذا تطور غاية في الأهمية والخطورة ويدخلنا إلى أفق جديد، لكن بشرط أن تأتي المظاهرة حاشدة فعلا وأن تحظى بتغطية إعلامية مناسبة».
وأشار نافعة إلى أن الحكومة في حال نجاح الحشد ستكون أمام خيارين أحلاهما مر، «فهي لا تتحمل مشهدا احتجاجيا ضخما، كما أنها لا تستطيع أن تواجهه بالعنف».
وقبل نحو أسبوعين نظمت نقابة مستقلة مظاهرة حاشدة وسط القاهرة شارك فيها قرابة 10 آلاف موظف بالضرائب على المبيعات والجمارك، وهي واحدة من بين 10 نقابات مستقلة شكلت مؤخرا تحالف تحت اسم «تضامن» لإسقاط القانون.
وقال كمال أبو عيطة، وزير العمل السابق، لـ«الشرق الأوسط» إن «قيادات النقابات المستقلة قادرون على حشد مزيد من الأنصار، لأن القانون يضر بمصالح طيف واسع من العاملين في الدولة».
ويشير آخر إحصاء رسمي لجهاز التنظيم والإدارة إلى أن عدد الوظائف المشغولة في جهاز الدولة بالكامل بلغ 5.5 مليون وظيفة.
ويسعى المجلس القومي لحقوق الإنسان للتوسط بين قيادات النقابات والحكومة للتوافق حول اللائحة التنفيذية لتجاوز الأزمة. وقال كمال عباس، مقرر لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمجلس، لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نسعى لاستمرار قنوات الاتصال بين النقابات المستقلة والحكومة فاعله.. من حقهم الدستوري التظاهر، لكننا نأمل في الوصل إلى حل سريع».
وأضاف عباس أن الحكومة أصدرت القانون دون إجراء حوار مجتمعي، لكننا سارعنا بعقد لقاءات بين الطرفين وتم التوافق في شهر يونيو (حزيران) الماضي على تعديل مسودة اللائحة التنفيذية لتتضمن ملاحظات 22 نقابة مستقلة، لكن مع الأسف لم تصدر هذه اللائحة بعد.
والتقى وفد من النقابة المستقلة للعاملين في الضرائب والجمارك رئيس الوزراء إبراهيم محلب، الأسبوع الماضي. وتعهد رئيس الوزراء بإجراء حوار مجتمعي حول اللائحة، لكن قيادات النقابات المحتجة شككوا في نيات الحكومة.
ويقول مسؤولون رسميون إن القانون الجديد يهدف إلى علاج التشوهات في نظام الأجور في مصر، والحد من التفاوتات الكبيرة التي كانت موجودة بين الجهات والوزارات المختلفة. لكنّ معارضي القانون يقولون إن الحكومة تعمل على تقليص عدد العاملين في جهاز الدولة، والحد من نصيب الأجور إلى إجمالي النفقات العامة، من دون النظر إلى المخاطر الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن القانون.
ويأتي تصاعد أزمة قانون الخدمة المدنية في وقت بدأ فيه عشرات من أفراد الشرطة بمحافظة الشرقية (شرق القاهرة)، وقفة احتجاجية أمام مديرية الأمن بمدينة الزقازيق، للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية والوظيفية.
وأغلق المحتجون 6 أقسام للشرطة في إحدى أبرز المحافظات التي تشهد عمليات إرهابية في البلاد. وطالب المحتجون بصرف الحوافز والعلاوات المتأخرة، وزيادة بدل مخاطر العمل، والوجبة الغذائية، وسرعة الموافقة على التدرج الوظيفي للخفراء، ومساواة الأفراد والخفراء بالمدنيين في حالة إحالتهم لمجالس التأديب.
وشهدت الشهور الأخير في حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي حركة احتجاجات واسعة في صفوف أفراد الشرطة، وأغلق حينها عشرات الأقسام في عدة مدن. وتعد هذه هي المرة الأولى التي تشهد احتجاجا واسعا لعناصر الشرطة المدنية خلال العامين الماضيين.
ونقلت وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية عن مصدر أمني قوله إن «مجموعة من عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي وراء تحريض عدد من أمناء الشرطة بمديرية أمن الشرقية على التظاهر ووقف العمل بعدد من أقسام ومراكز الشرطة بالمديرية مقابل مبالغ مالية تم دفعها لهم»، مضيفا أن «الوزارة ستتخذ كل الإجراءات القانونية تجاه المحرضين والمشاركين في التظاهرة». لكن خمسة من أمناء شرطة أكدوا لـ«رويترز» إن المحتجين لا صلة لهم بالإخوان، وقال أحدهم مستنكرا: «الإخوان يستهدفوننا ويغتالوننا ويهاجمون منازلنا، فكيف نتعاون معهم؟».
نقابات تراهن على حشد «مليونية» بـ«هايد بارك» القاهرة لإسقاط الحكومة
وقفة احتجاجية لأمناء الشرطة في الشرقية
نقابات تراهن على حشد «مليونية» بـ«هايد بارك» القاهرة لإسقاط الحكومة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة