إلغاء مؤتمر مجلس السلم والأمن الأفريقي في الخرطوم يطرح الكثير من علامات الاستفهام

الأمم المتحدة تحذر من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في دارفور

إلغاء مؤتمر مجلس السلم والأمن الأفريقي في الخرطوم يطرح الكثير من علامات الاستفهام
TT

إلغاء مؤتمر مجلس السلم والأمن الأفريقي في الخرطوم يطرح الكثير من علامات الاستفهام

إلغاء مؤتمر مجلس السلم والأمن الأفريقي في الخرطوم يطرح الكثير من علامات الاستفهام

أثار إلغاء لقاء صحافي لوفد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، الذي أنهى أمس زيارة للسودان تهدف إلى تقصي الأوضاع في دارفور على الأرض، الكثير من التساؤلات والتكهنات حول الأوضاع الأمنية والإنسانية في الإقليم المضطرب، والتي تصفها الخرطوم بـ«المستقرة»، في الوقت الذي ذكر فيه مكتب حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، في تقرير حديث أن انتهاكات جسيمة تحدث دون تحقيق أو محاسبة.
وأبلغ إعلام البعثة المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد)، الصحافيين في رسالة مقتضبة، بأن اللقاء المبرمج والمعلن عنه مسبقا «ألغي لظروف غير متوقعة»، وجاء في الرسالة: «يؤسفنا أن نبلغكم بأنه، نظرا لظروف غير متوقعة، تم إلغاء اللقاء الصحافي الذي كان مقررا عقده يوم 22 أغسطس (آب) 2015 في الخرطوم مع وفد مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي، ونعتذر لأي إزعاج بسبب الإلغاء».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن فريقا إعلاميا متكاملا وصل إلى الخرطوم للإعداد للقاء الصحافي مع رئيسة الوفد نايمي عزيزي، بيد أن تعليمات من رئاسة «يوناميد» أبلغتهم بإلغائه دون تقديم تفسير، فيما ذكرت رئيسة الوفد أنها ستقدم تقريرها بعيد عودة الوفد.
ووصل وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي، الأربعاء الماضي، إلى الخرطوم في زيارة استغرقت ثلاثة أيام، بهدف تقييم الأوضاع في دارفور على الأرض، وأجرى خلالها لقاءات مع مسؤولين حكوميين تتعلق بالأوضاع في الإقليم، والجهود المبذولة لإحلال السلام، كما سجل زيارة لولاية شمال دارفور للوقوف على الأوضاع ميدانيا.
من جهته، دعا مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإنهاء ما سماه حالة «الإفلات من العقاب» في إقليم دارفور، وقال إن أكثر من 400 انتهاك خطير لحقوق الإنسان حدث العام الماضي مرت معظمها من دون تحقيق أو محاسبة.
وحسب بيان صحافي اطلعت عليه الصحيفة، فإن المجلس استند إلى معلومات صادرة عن «يوناميد»، تتضمن تفاصيل عن جرائم يشتبه في ضلوع قوات أمن وشرطة فيها، تشمل اعتداءات جسدية ضد مدنيين، وإطلاق نار وقتلا، إضافة لعمليات سطو وخطف وابتزاز، لم يتم التبليغ عنها خشية الانتقام أو عدم الثقة في السلطات.
وطلب المجلس من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وحكومة السودان القيام بمشاورات سياسية لوضع ترتيبات مناسبة لصياغة استراتيجية خروج «يوناميد» من الإقليم وفقا لمعاييره ومعايير مجلس الأمن الدولي. ورغم «إلغاء» لقاء الوفد بالصحافيين بسبب ظروف غير متوقعة، فإن وكالة الأنباء الرسمية «سونا» نقلت عن رئيسة الوفد نايمي عزيزي، عقب لقائها بالنائب الأول للرئيس بكري حسن صالح، أمس، أن الوضع الأمني في الإقليم عامة «تحسن»، وأن زيارتها بحثت الوضع الإنساني والأمني والسياسي واستراتيجية خروج اليوناميد. ووفقا لـ«سونا» فإن الوفد الذي تقوده عزيزي سيقدم تقريرا بما شاهده بعيد عودته لمقره بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وقال إنه أبدى استعداده لمساعدة حكومة السودان في الحوار الوطني، وموضوعات تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد. وقالت عزيزي إن وفدها أجرى لقاءات مع رئيس السلطة الانتقالية لإقليم دارفور التجاني السيسي، ومسؤول مكتب متابعة سلام دارفور أمين حسن عمر، ووزيري الخارجية والدفاع السودانيين، وسفراء أفارقة. وزار الوفد، وفقا لـ«سونا»، ولاية شمال دارفور وأحد معسكرات اللاجئين، والتقى حاكم الولاية وبعثة «يوناميد».
وأدى تأخر اجتماع الفريق الزائر بحاكم ولاية شمال دارفور، وزيارته أحد مخيمات اللاجئين دون إخطار السلطات، إلى توتر بين الطرفين، بيد أن الوفد أقر بتحسن الأوضاع الأمنية، مع التسليم بوجود تحديات أمنية تتطلب ما سمته عزيزي «تضافر الجهود لتعزيز السلم والأمن في الإقليم». وأضافت عزيزي أن وفدها، المكون من 14 عضوا من جملة 15 هم أعضاء المجلس، جاء إلى السودان لتقصي المعلومات الحقيقية حول الأوضاع في دارفور، ودراسة استراتيجية خروج «يوناميد» التي تطالب الخرطوم بالشروع فيها، ويعترض عليها المجتمع الدولي ونشطاء حقوق الإنسان والمعارضون.
من جهته، تمسك والي شمال دارفور عبد الواحد يوسف بموقف حكومته القائل باستقرار الأوضاع الأمنية، نافيا أي وجود جدي للحركات المسلحة يهدد العملية السلمية، بيد أنه اتهم «يوناميد» بما سماه عرقلة برنامج الوفد، وقال إنها «تريد إسماع صوتها فقط حول الأوضاع في دارفور دون سماع الأصوات الأخرى». وكان مجلس السلم والأمن الأفريقي قد قضى في جلسته المرقمة 529 بوقف استمرار القتال المتقطع بين الخرطوم والحركات المسلحة، خصوصا في وسط دارفور، مبديا قلقه مما سماه «الوضع الإنساني السائد»، والناتج عن استمرار القتال، وتزايد حالات نزوح المدنيين. وطلب من الأطراف تسهيل عمل الوكالات الإنسانية وضمان أمنها ووصولها للمدنيين. كما حذر أطراف النزاع الدارفوري من مواصلة القتال، ودعاهم لوقفه فورا واستئناف محادثات السلام، مشيدا بجهود وساطة الآلية الأفريقية رفيعة المستوى لاستئناف المحادثات المباشرة بين حكومة السودان والحركات المسلحة من دون شروط.
ودعا المجلس لإجراء تحقيق مستقل بشأن الهجمات التي تشنها الأطراف ضد حفظة السلام والعاملين في المجال الإنساني، وطلب من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وحكومة السودان إجراء المزيد من المشاورات السياسية لصياغة استراتيجية خروج مناسبة لـ«اليوناميد» على أساس معايير مجلس السلم والأمن ومجلس الأمن الدولي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.