تونس: ملف مرشح سابق لانتخابات الرئاسة أمام القضاء بتهمة تلقي تمويل أجنبي

اتهام المرزوقي بالحصول على أموال خارجية.. ورئيس حملته يهدد باللجوء إلى القضاء

صورة أرشيفية لرئيس الحكومة التونسية حبيب الصيد خلال حضوره جلسة برلمانية (غيتي)
صورة أرشيفية لرئيس الحكومة التونسية حبيب الصيد خلال حضوره جلسة برلمانية (غيتي)
TT

تونس: ملف مرشح سابق لانتخابات الرئاسة أمام القضاء بتهمة تلقي تمويل أجنبي

صورة أرشيفية لرئيس الحكومة التونسية حبيب الصيد خلال حضوره جلسة برلمانية (غيتي)
صورة أرشيفية لرئيس الحكومة التونسية حبيب الصيد خلال حضوره جلسة برلمانية (غيتي)

تبادل مرشحو الانتخابات الرئاسية التونسية الأخيرة سيلا من التهم عبر وسائل الاتصال، تتعلق بشبهة تلقي تمويلات أجنبية خلال الانتخابات التي جرت نهاية السنة الماضية، حيث قام كل طرف بتبرئة نفسه من التهمة، وتوجيه أصابع الاتهام إلى مرشحين آخرين، فيما يشبه تصفية حسابات سياسية سابقة لموعد الانتخابات البلدية المتوقعة خلال سنة 2016.
وزادت دائرة المحاسبات، وهي هيكل حكومي مكلف بمراقبة تمويل الانتخابات، الأمر غموضا، حيث اكتفت باتهام مرشح واحد فقط بتلقي تمويل أجنبي، قدرته بنحو 4.6 مليون دينار تونسي (نحو 2.3 مليون دولار)، وتركت الموضوع مفتوحا على كل الاحتمالات لأنها لم تذكر اسم المرشح، واكتفت بالقول بأنها أحالت ملفه على القضاء.
وكانت دائرة المحاسبات قد أشارت في تقريرها حول نتائج مراقبة الحملة الانتخابية الرئاسية لسنة 2014، إلى أن أحد المرشحين في الدور الأول للانتخابات الرئاسية الماضية (لم تسمه)، قد تلقى مبلغ 4.6 مليون دينار تونسي خلال الفترة المتراوحة ما بين 28 و30 نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 2014، وأكدت إحالة ملفه إلى القضاء، فيما ألزمت ستة مرشحين آخرين بإرجاع أموال إلى خزينة الدولة بسبب عدم حصولهم على نسبة 3 في المائة على الأقل من أصوات الناخبين.
ووجه عدنان منصر، رئيس الحملة الانتخابية للمنصف المرزوقي، إلى ثلاثة مرشحين تهمة تلقي تمويل أجنبي، وهم سليم الرياحي، رئيس الاتحاد الوطني الحر ورئيس جمعية النادي الأفريقي، ونور الدين حشاد، رئيس مؤسسة حشاد، ومحرز بوصيان، رئيس اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية، وقال إن تقرير دائرة المحاسبات لا يهم المرزوقي من قريب أو بعيد، مشيرًا إلى أنه من المنتظر أن يرفع قضايا في التزوير والفبركة ضد بعض المواقع الإلكترونية التي اتهمت المرزوقي بالحصول على تمويلات خارجية.
ورد المكتب الإعلامي لسليم الرياحي على تصريحات عدنان منصر بالقول إن الحسابات المالية للرياحي «واضحة وجلية»، ونفت لجوء الرياحي إلى أطراف خارجية لتمويل حملة الانتخابات الرئاسية، وأكدت اعتماده على موارد ذاتية تونسية، مشيرة إلى أن الشخصية التي تحدثت عنها دائرة المحاسبات ترأس جمعية خيرية أو حقوقية.
ويعاقب القانون التونسي المرشح الذي يتقلى تمويلات أجنبية خلال حملته الانتخابية بالسجن لمدة خمس سنوات، في حال ثبوتها، وغرامة مالية تتراوح بين 10 و50 ضعف حجم التمويل الأجنبي. أما إذا كان التمويل الأجنبي قد وصل المرشح عبر إحدى الجمعيات، فإن قانون الجمعيات التونسي يمنع جمع الأموال لدعم أحزاب سياسية أو مرشحين مستقلين إلى أي انتخابات، لكنه لا يمنع الجمعيات من الحصول على تمويلات خارجية.
من جانبه، دافع حمة الهمامي، زعيم تحالف الجبهة الشعبية المعارض، عن ملف ترشحه في الانتخابات الرئاسية الماضية، ووجه سهامه إلى رئيس مركز الإسلام والديمقراطية الذي اتهمه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالحصول على مبلغ قيمته 4.6 مليون دينار تونسي (نحو 2.3 مليون دولار)، وكذب في بيان نشره أمس كل المعلومات الواردة بشأن إحالة ملف ترشحه إلى القضاء، مضيفًا أن المبلغ الذي أنفقه على حملته الانتخابية لا يمثل حتى ثمن المبلغ المذكور، وأنه حريص كل الحرص على إطلاع الرأي العام على كل النفقات ومصادر التمويل.
على صعيد متصل، ألزمت دائرة المحاسبات ستة مرشحين سابقين للانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية سنة 2014 بإرجاع الأموال العمومية التي حصلوا عليها بسبب إحرازهم خلال الدورة الأولى على نسبة ضئيلة لم تزد عن 3 في المائة من أصوات الناخبين. وشملت القائمة مصطفى بن جعفر، وأحمد نجيب الشابي، والصافي سعيد، والمختار الماجري، وسالم الشايبي، وعبد القادر اللباوي. وقدرت نفس المصادر الأموال المستحقة على المرشحين الستة بنحو 1.85 مليون دينار تونسي (نحو 900 ألف دولار). وانتقد الصافي سعيد، وهو أحد المرشحين السابقين تقرير دائرة المحاسبات، وقال في تصريح إعلامي إنه سعى إلى تشويه سمعته، وأكد إبرامه اتفاقا مع دائرة المحاسبات لإرجاع مبلغ يقدر بنحو 36 ألف دينار تونسي (نحو 18 ألف دولار)، وإنه ماض في احترام هذا الاتفاق، على حد تعبيره.
من جهته، وصف حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات التقرير المذكور بـ«السطحي والهزيل»، وقال في بيان له إن مصطفى بن جعفر، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، ماض في دفع الأموال المستوجبة عليه، وفق رزنامة متفق بشأنها مع دائرة المحاسبات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».