احتدام المعارك داخل دمشق ومحيطها ومقاتلو الزبداني يتوعدون حزب الله باستنزاف طويل

سلاح جو النظام يكثف غاراته على سهل الغاب والمعارضة تأسر ضابطًا للنظام

صورة نشرها تنظيم داعش المتطرف يبدو فيها أفراد من التنظيم وهم يهدمون ويخربون دير مار اليان للسريان الكاثوليك في بلدة القريتين بجنوب شرقي محافظة حمص السورية (أ.ف.ب)
صورة نشرها تنظيم داعش المتطرف يبدو فيها أفراد من التنظيم وهم يهدمون ويخربون دير مار اليان للسريان الكاثوليك في بلدة القريتين بجنوب شرقي محافظة حمص السورية (أ.ف.ب)
TT

احتدام المعارك داخل دمشق ومحيطها ومقاتلو الزبداني يتوعدون حزب الله باستنزاف طويل

صورة نشرها تنظيم داعش المتطرف يبدو فيها أفراد من التنظيم وهم يهدمون ويخربون دير مار اليان للسريان الكاثوليك في بلدة القريتين بجنوب شرقي محافظة حمص السورية (أ.ف.ب)
صورة نشرها تنظيم داعش المتطرف يبدو فيها أفراد من التنظيم وهم يهدمون ويخربون دير مار اليان للسريان الكاثوليك في بلدة القريتين بجنوب شرقي محافظة حمص السورية (أ.ف.ب)

فيما لا تزال الجبهات مشتعلة في محيط دمشق، خصوصًا الغوطة وحرستا وصولاً إلى الزبداني، كان قلب العاصمة السورية، لا سيما حي جوبر مسرحًا لاشتباكات عنيفة دارت أمس بين قوات النظام و«حزب الله» اللبناني وميليشيات الدفاع الوطني من جهة، والفصائل الإسلامية من جهة أخرى، ترافق ذلك مع قصف قوات النظام لمناطق الاشتباك. ولقد أفادت مصادر ميدانية بأن هذه المواجهات أدت إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.
المشهد الساخن في العاصمة، انسحب أمس على الغوطة الشرقية في ريف دمشق، حيث دارت اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها، والفصائل الإسلامية المقاتلة لا سيما في محيط إدارة المركبات قرب مدينة حرستا، ترافق ذلك مع قصف قوات النظام لمناطق الاشتباك. وتكرر هذا المشهد في الغوطة الغربية، فدارت اشتباكات في محيط خان الشيح بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها والفصائل المعارضة والإسلامية، وعمد النظام إلى مساندة قواته بقصف مناطق الاشتباكات بالبراميل المتفجرة.
هذا التصعيد في العاصمة وعلى أطرافها الآخذ في التزايد، يضعه مصدر عسكري في المعارضة السورية، في إطار الردّ على مجزرة دوما، ومحاولة كسر الحصار المفروض عليها وعلى الزبداني. ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام بدأ يفقد شيئا من قوته التي جنّدها لتأمين العاصمة مركز نفوذه وتأمين منطقة الساحل التي تبقى امتداده الاجتماعي». ويرى المصدر أن «وتيرة العمليات داخل العاصمة وفي الغوطتين هي الخط الموازي لعمليات التفاوض ومحاولات القوى الإقليمية فرض تسوية معينة، وهي محاولة ضغط على أطراف التفاوض ليحقق كل فريق مكسبًا ما»، مشددًا على أن «المعارضة تخوض الآن معركة كسر الإرادات، ولتقول للعالم إذا لم تحسم الأزمة السورية بالسياسة فسنحسمها بالقوة ومهما حاولتم تزويد النظام السوري بجرعات دعم تبقيه لأيام إضافية فإننا سنسقطه لا محالة».
هذا، ولم تكن جبهة الزبداني أقلّ حدة، فهي كانت مسرحًا لمواجهات وعمليات كرّ وفرّ بين مقاتلي «حزب الله» اللبناني والفرقة الرابعة في الحرس الجمهوري وميليشيات الدفاع الوطني من جهة، والفصائل الإسلامية ومسلحين معارضين محليين في المدينة. وفي وقت أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «حزب الله سجّل بعض التقدم في الزبداني»، أكد ناشطون لـ«الشرق الأوسط»، أن «ستة من مقاتلي حزب الله قضوا خلال الـ24 ساعة الماضية في معارك الزبداني، في مقابل استشهاد عنصرين من الفصائل الإسلامية المسلّحة». وقالوا: إن «النظام يعوض إخفاقاته الميدانية بالقصف الجوي والبراميل المتفجرة التي يلقيها طيرانه المروحي على أحياء الزبداني من أجل إضعاف قدرة مسلحي المعارضة، في شنّ هجمات مباغتة على نقاط تواجد مقاتليه ومقاتلي حزب الله». وإذ أقر الناشطون بأن «الميزان على الأرض يميل لصالح النظام والميليشيات الداعمة له، بفعل التفوق الناري والحصار المطبق على الزبداني»، شددوا على أن «معركة استنزاف النظام وحزب الله لن تكون قصيرة، وأن الفصائل المقاتلة ما زالت تحتفظ فيها بكثير من المفاجآت».
أما في الشمال السوري فلم يختلف المشهد، إذ استمرت الاشتباكات العنيفة أمس في محيط بلدة القرقور في ريف مدينة جسر الشغور، بمحافظة إدلب، عند الحدود الإدارية للمحافظة مع محافظة حماه، وفي محيط بلدة الزيارة وقرى المشيك والمنصورة والحاكورة في سهل الغاب بريف حماه الشمالي الغربي، بين القوات النظامية مدعومة من «حزب الله» من جهة، والفصائل المعارضة والإسلامية من جهة ثانية، وسط قصف متبادل بين الطرفين، وتمكنت خلالها الفصائل من أسر ضابط في قوات النظام، بينما نفذ الطيران الحربي عدة غارات استهدفت قرية القاهرة بسهل الغاب ومنطقة القرقور بأطراف ريف إدلب. كذلك تمكنت الفصائل المعارضة أيضًا من إعطاب عربة لقوات النظام في حاجز المشيك في سهل الغاب إثر استهدافها بصاروخ موجه، أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام، بينما نفذ طيران النظام غارات على مناطق في بلدة قسطون في سهل الغاب. وفي محافظة إدلب أيضًا، أدى قصف الطيران المروحي النظامي بالبراميل المتفجرة على مدينة إدلب إلى مقتل خمسة أشخاص من عائلة واحدة، هم امرأة وأولادها الأربعة، كما ألقى الطيران المروحي النظامي سلالاً على مناطق في بلدتي الفوعة وكفريا اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية والمحاصرتين من قبل «جبهة النصرة».
وفي محافظة حلب قصفت الفصائل المعارضة مواقع عسكرية للنظام السوري في حي الأعظمية داخل مدينة حلب، بينما قصف تنظيم داعش بقذائف الهاون مناطق في بلدة مارع بريف حلب الشمالي، ما أدى لسقوط جرحى، كما دارت اشتباكات بين التنظيم وقوات النظام في محيط قريتي تل ريمان والصالحية في ريف حلب الشرقي، أوقعت خسائر بشرية في صفوف الطرفين. بينما جدد النظام قصفه لمناطق في بلدة سلمى بجبل الأكراد في ريف محافظة اللاذقية الشمالي، كما قصف منطقتي كتف الغدر وكتف الغنمة بريف اللاذقية الشمالي الخاضعتين لسيطرة «داعش».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».